تكريم الأديب الناقد عبد الله الطنطاوي(2)

ملف تكريم الأستاذ الأديب

عبد الله الطنطاوي  (2)

تكريم الأستاذ عبد الله الطنطاوي أديباً ومربياً وداعية (د. عثمان مكانسي)

رابطة الأدب الإسلامي تكرّم الأديب الكبير عبدالله الطنطاوي (جريدة السبيل)

الأخ الأستاذ عبد الله الطنطاوي إنساناً (م. محمد فارس)

وسام مبارك (د. أسامة الأحمد)

تهنئة (عبد الحكيم الزبيدي)

تكريم الأستاذ عبد الله الطنطاوي أديباً ومربياً وداعية

بقلم: د. عثمان قدري مكانسي

أقامت رابطة الأدب الإسلامي في عمان –الأردن مساء يوم السبت 13/12/2003 حفل تكريم للأخ الأستاذ الحبيب والأديب الأريب عبد الله محمود الطنطاوي أبي أسامة حفظه الله تعالى رئيس تحرير موقع أدباء الشام حضره عدد من الأدباء والشعراء، وكان حفلاً بهيجاً غمره الحب والودّ وطوّف عليه الأنس والحبور. تحدث فيه أولاً:

الدكتور عثمان قدري مكانسي فأشار إلى قدوم أجداده من مصر في حملة إبراهيم باشا وأنهم استوطنوا بلدة (إعزاز) شمال سورية. وكان مما قاله:

 أن الأديب حفظه الله تعالى درس العلوم الشرعية في دمشق والثانوية العامة نالها دراسة حرّة، نالهما معاً في عام 1956 وتخرج في كلية الآداب –قسم اللغة العربية- في دمشق عام 1964.

وظهرت ملكة الأدب مبكرة في عمره المديد إن شاء الله، فهو من مواليد 1937 وكانت بداية آثاره الأدبية والفكرية عام 1954.

كتب في فنون الأدب كلها: القصة القصيرة، والرواية، وكتب في الصحافة، ومارس الإعلام، والنقد، والتحقيق، وكتب عدداً من التراجم، وكتب للكبار والصغار، وبالعربية والعامية الحلبية، وراجع وصوّب مؤلفات كثيرة، وقدم لكثير من الأدباء والشعراء.

لم يكتب الشعر إلا أن أسلوبه النثري كان رياضاً شاعرية، ودفقاً موسيقياً.

- أما في القصة، فله ثلاث مجموعات مطبوعة هي: ذرية بعضها من بعض، أصوات (بالاشتراك)، رماد السنين.

وأما في الصحافة فقد كتب لعدد ضخم من الصحف والمجلات في العالم العربي والإسلامي منذ أن كان صغيراً. فقد كتب في أغلب الصحف السورية كالنذير، والجماهير، والأيام، والثورة، والفداء. والصحف العراقية: كالثورة والقادسية، والمزمار..

وفي الصحف الأردنية: كجريدة الكفاح الإسلامي التي كانت تصدر في عمان أواسط الخمسينيات، واللواء، والسبيل، والرباط.

وكتب في عدد من المجلات العربية في كثير من البلدان منها:

في سورية: حضارة الإسلام، الثقافة الدمشقية الأسبوعية والشهرية، المسلمون، مجلة المعرفة، ومجلة التمدّن الإسلامي ومجلة الإصلاح الاجتماعي، والدنيا، والرقيب، والسنا، والغد.

وفي لبنان: الآداب، والأديب، والمجتمع، والشهاب،.

وفي لندن: مجلة الدعوة، والبيان، وفلسطين المسلمة.

وفي ألمانيا: مجلة الرائد.

وفي الكويت: المجتمع، البلاغ، النور، الوعي الإسلامي.

وفي باكستان: مجلة المسلم، ومجلة قضايا دولية.

وفي مصر: جريدة الشعب، ومجلة الدعوة.

ورأس تحرير عدد من مجلات الأطفال مثل: مجلة فراس، ومجلة الرواد، ومجلة سلام.

وكتب في العديد من مجلات الأطفال الورقية والإلكترونية.

وأما في المقدمات، فقد كتب منها العشرات لدواوين وكتب للكبار والصغار، لأدباء ولشعراء وكتّاب من الأردن والسعودية، وسورية والعراق وسواها..

وأما في المراجعات، فقد راجع عشرات الكتب التراثية والأدبية الحديثة بلغ بعض تلك الكتب بضعة مجلدات بأجر وبغير أجر، ودون أن يذكر عليها اسمه، وهو يحتسبها عند الله تعالى.

وأما في الرواية فله: القسّام، وعينان مطفأتان وقلب بصير.

وشارك بعض الأدباء في كتابة عشر روايات لأطفال الحجارة منها: البركان الإسلامي، الأصدقاء الثلاثة، منصور لم يمت، وكتب للأطفال والفتيان ثمانياً وعشرين رواية، كل رواية تتحدث عن شخصية من مشروعه الكبير "من نجوم الإسلام" الذي ينوي أن يكون في مئة رواية.

وله عشرة كتب بعنوان: حكايات الآنسة إعراب، بالاشتراك مع الأديب الراحل: شريف الراس.

وكتب "يوميات عبد الرحمن.. في عشرة أجزاء، وستة كتب بعنوان: أكل وشرب على مائدة القرآن الكريم (بالاشتراك مع الأستاذ شريف الراس).

وأما في الترجمة فقد كتب للكبار تراجم شخصيات إسلامية عدة منهم: الشيخ مصطفى السباعي، اللواء محمود شيت خطاب، الشيخ بديع الزمان النورسي، الشاعر محمد منلا غزيل في ظلال الدعوة.

وكتب للأطفال تراجم شخصيات إسلامية ثمانية هي:

1- الإمام الشهيد حسن البنا.

2- الشهيد الحي سيد قطب.

3- الإمام أبو الأعلى المودودي.

4- العالم المفكر محمد المبارك.

5-الإمام حسن الهضيبي.

6- الشيخ محمد الحامد.

7- المجاهد الشهيد مروان حديد.

8-الشيخ مصطفى السباعي.

وأما في التحقيق فقد تناول كتابين:

أولهما: عظماؤنا في التاريخ للدكتور مصطفى السباعي، جمع وتحقيق وتقديم.

ثانيهما: هكذا يربي اليهود أطفالهم للدكتورة سناء عبد اللطيف، وهو في الأصل رسالة دكتوراه كبيرة، حوالي ست مئة صفحة، لخصها وقدّمها في 228 صفحة.

وأما في النقد فله دراسات عدة منها:

1 – فلسطين واليهود في مسرح باكثير.

2 - تذوق النص الأدبي.

3- وشاعر وما شعر.

4- وكاتب وما كتب.

وألمح المحاضر: إن الأستاذ الأديب أبا أسامة الطنطاوي كان رائداً في العمل المؤسسي الأدبي، فقد أسس رابطة الوعي الإسلامي عام 1955 مع الشاعرين محمود كلزي ومحمد منلا غزيل، وكان أمينها العام، ولعلها أول رابطة أدبية تدعو إلى الأدب الإسلامي في الوطن العربي، وقد انضم إليها عدد من الأدباء والشعراء العرب.

وكان رئيس الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون بحلب، التي أقامت العديد من المهرجانات الشعرية والقصصية والمحاضرات والندوات والمسرحيات، وكان لها نشاط ملحوظ ومميز بحلب.

أسس مع إخوانه: محمد الحسناوي، وزهير سالم، وعثمان مكانسي، ومحمد صالح حمزة رابطة أدباء الشام، واختاره إخوانه رئيساً لها عام (2000) وقد أطلقت هذه الرابطة موقعها على الإنترنت في 1/8/2003. وتولّى الأستاذ الطنطاوي رئاسة تحرير الموقع.

وقال المحاضر: إن الأستاذ محمد صالح حمزة سيتحدث عن المسرح والعمل الإعلامي في نشاط الأستاذ الفاضل المكرّم.

وألمح الدكتور عثمان مكانسي إلى صلته العميقة بالأستاذ الحبيب أبي أسامة القديمة منذ ثلاثين سنة أو يزيد، وأن هذه الأخوة تعمّقت وتأصلت على مرّ الأيام.

وذكر بعض شمائله الكثيرة فعدّد منها:

1- التواضع والأدب الجمّ.

2- اللطف والتودد.

3- حسن الاستماع إلى الحديث.

4- العلاقة الإسلامية المتميزة مع كل من يعرف ولا يعرف.

5- الذاكرة العجيبة التي وهبه الله تعالى إياها.

وأشار المحاضر إلى أن الأخ الأستاذ أبا أسامة له أنشطة أخرى أدبية ودعوية لا تقل أثراً عن الكتابة. منها:

- المؤتمرات والندوات التي أسهم فيها، في سورية والعراق والأردن وباريس وجنيف وألمانيا وإيطاليا، وتركيا وأوكرانيا حيث كان يلقي المحاضرات ويشارك في إبداء الآراء والأفكار والمناقشات.

ونشأ عن هذه الرحلات مذكرات كتبها المكرّم في أدب الرحلات.

ثم تحدّث الأستاذ محمد صالح حمزة عن الباع الطويل في العمل الإعلامي والمسرحي للأستاذ عبد الله الطنطاوي فذكر:

1– أنه كان مسؤولاً عدة سنوات عن إذاعة سورية العربية، وأنه كان يكتب المقالات السياسية والفكرية والأدبية فيها.

2– كان له نشاط في إذاعة حلب.

3– كتب عشرات السيناريوهات والقصص والموضوعات للإذاعة العراقية، وإذاعة قطر وسواهما، وتلفزيونات العراق ولبنان والسعودية واليمن والمغرب. مثل: أكل وشرب على مائدة القرآن الكريم (30) حلقة. سمع وأطاع (30) حلقة. نادي العروبة، ومحكمة النجو (30 حلقة).

4– كان له مسرحيات مُثلت في حلب مثل:

1– دبابيس، وهي عدة تمثيليات قصيرة كوميديا ناقدة هادفة مُثّلت تباعاً على مسرح سوق الإنتاج في حلب.

2– ما في حدا أحسن من حدا، وهي فصول ثلاثة بالعامية الحلبية مُثّلت على مسرح سينما نقابة الفنانين.

3– قبل أن يذوب الثلج: تأليف الكاتب المسرحي التركي جواد فهمي باشكوت مترجمة عن التركية بالعامية، أعاد أبو أسامة صياغتها بالعربية الفصيحة، ومُثّلت على (مسرح الشعب) بحلب.

4– الناس بلا الناس: وهي ثلاثة فصول بالعامية الحلبية.

5– الأبله: وهي للكاتب التركي ناظم حكمت، نُشرت في مجلة المعرفة (السورية).

ثم قام الشاعر الواعد محمد غسان الخليلي فألقى قصائد ثلاثاً فيها حب وتحية للشاعر الأستاذ محمد الحسناوي الذي كرّمته رابطة الأدب الإسلامي في يوم السبت 6/12/2003 وللأديب عبد الله الطنطاوي فأحسن وأجاد صياغة وإلقاءً فقد كان الأستاذان الأديبان يدرسانه في حلب فتركا فيه أثراً إيمانياً طيباً وفكراً أخلاقياً رسم حياته الطيبة.

أما المتحدث الثالث فهو الأستاذ الفقيه، طعمة عبد الله طعمة، حدثنا عن أثر الأستاذ الطنطاوي الإيجابي فيه، فقد كان من منطقته التي نشأ فيها، فعايشه عن قرب وشرب من معينه الصافي.

وأشار الأستاذ طعمة إلى شمائل عدة في أديبنا المكرّم فهو كريم مبدؤه" اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب" ذو معشر محبب، وأخلاق عالية، يحب اقتناء الكتب وقراءتها وإهداءها، سعادته في متابعة ما ينشر من الكتب الإسلامية والأدبية يزور ويُزار، قليل شانئوه، كثير محبّوه.

وقد كانت دقائق لطيفة عشناها في جوّ رائع ألقى الأستاذ طعمة فيها من رقائق أقواله وبلاغة أسلوبه ما شاقنا وأمتع الحاضرين.

أما آخر المتحدثين فقد كان الأستاذ العلاّمة المهندس محمد عادل فارس إذ تحدّث عن الطنطاوي الإنسان، الذي تؤثر فيه الكلمة وتلهب عواطفه، وعن المؤمن الوقّاف على حدود الله، العائد إلى جادّة الصواب، المقرّ بفضل الآخرين، المحافظ على الأخوّة الإيمانية، واستشهد في حديثه الماتع وبلاغته التي أسرت الحضور بمواقف جرت معه والأستاذ الطنطاوي في حياتهما الطويلة في طريق الدعوة إلى الله تعالى، فكانت كلمة الأستاذ أبي عبيدة علماً وتربية وأدباً وأخلاقاً..

أما مقدّم الحفلة الأستاذ الأديب صالح أحمد البوريني حفظه الله فقد تأنّق وتألّق في حديثه وتقديمه ونشر ابتساماته العبقة، وتعليقاته المتفتقة فكان ظلّه خفيفاً وشخصه أليفاً، وحضوره ظريفاً.

وألقى الدكتور الشاعر عبد الحق الهوّاس مقطوعة شعرية حيّا فيها الأديب المكرّم، ثم ألقى قصيدة جميلة بهذه المناسبة، كان فيها منفعلاً حزيناً لما آل إليه وطنه سورية الحبيبة من تخريب، وتمزيق للحمته، ولأرضه التي عدا عليها اليهود، حين اقتطعوا منها الجولان العصي على الأعداء، ففرّط به الحاكم بأمره، وما عانى أبناؤها الأحرار من سجن، وتعذيب، وقتل، وتشرد، وضياع، وكان إلقاؤه إنشاداً رائعاً متوائماً مع الهموم الكبيرة التي يحملها ، وتحملها قصيدته الجميلة.

وتُرك المجال للحضور.

فطالب الدكتور عودة أبو عودة أن تحفظ هذه الحفلات التكريمية طباعة.

وأعربت السيدة هيام الصمرة عن شكرها للرابطة إذ عرّفتها بأديب لامع.

وتحدثت حفيدة الأستاذ أبي أسامة التلميذة نور زيزان مفتخرة بجدها حين قالت: "هذا جدي فهل لكم جدّ مثل جدّي"

وتحدّث غير هؤلاء، كالدكتور مصطفى الفار، والسيد صفوان زيزان، والأستاذ حسان الصفدي، والمهندس الشاعر غازي الجمل.

ثم تحدّث المكرّم الأستاذ الطنطاوي فاستدعى ذاكرته الحيّة التي تحفظ الكثير من الذكريات الأثيرة لديه.. استدعى أستاذيه: الشيخ بكري كردي، كبير الفنانين والمنشدين في حلب، ومعلمهم الذي اعتزل الفنّ، ورضي أن يكون مؤذناً في الجامع الكبير بحلب، والشيخ علي الطنطاوي، وأراد من الأول أن يثني على عادة تكريم الأدباء أحياء، ومن الثاني أن نكون متواضعين لا نسعى إلى الأضواء لتسلّط علينا، فإذا سعت هي إلينا قبلناها بغير استعلاء وزهو، ولم ينس ذكر الله والتوبة إليه، والإنابة إلى ما أمر، في بداية كلمته ونهايتها.

وقام رئيس فرع رابطة الأدب الإسلامي في الأردن، الدكتور مأمون جرار بإهداء الأستاذ الفاضل المكرّم درع الرابطة مثنياًَ عليه، داعياً له بطول العمر وحسن العمل.

                   

رابطة الأدب الإسلامي تكرّم الأديب الكبير

عبدالله الطنطاوي

عمان – السبيل

سيراً على نهجها في تكريم أعضائها البارزين والمبدعين من شبان الأمة. فقد أقامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية / عمان، في مكتبها الكائن في جبل الحسين، حفلاً لتكريم الأديب الكبير عبدالله الطنطاوي، وذلك يوم السبت الماضي بتاريخ 13/12/2003 م.

تخلل الاحتفال أحاديث عن سيرة الأديب الذاتية والأدبية ومجالات الإبداع الواسعة التي استطاع الأديب الكبير إنجازها في شتى أجناس الأدب الإسلامي تمثل البعض منها في الروايات والقصص القصيرة وعشرات المسلسلات التلفزيونية والإذاعية وبرامج الأطفال بالإضافة إلى مؤلفاته العديدة في الأدب والتربية ومجالات الصحافة.

وقد حضر الحفل عدد كبير من أعضاء الرابطة ومشجعي الأدب الإسلامي بالإضافة إلى عدد ممن تلقوا العلم على يدي الأستاذ الكبير الطنطاوي، ومنهم الشاعر محمد الخليلي الذي ألقى بهذه المناسبة بعض القصائد المستوحاة من فضائل الأديب عبد الله الطنطاوي.

وفي ختام الحفل قام الدكتور مأمون جرار رئيس الرابطة بتقديم درع الرابطة للأستاذ الأديب تقديراً له على جهوده الخيّرة، كما قام الأستاذ الطنطاوي بتوجيه الشكر للرابطة ولأعضائها ولكافة الأخوة الذين احتضنوه ومدّوا له يد العون والمساعدة في هذا البلد الطيب، أرض الرباط والجهاد.

                   

الأخ الأستاذ عبد الله الطنطاوي إنساناً

المهندس محمد عادل فارس  

في مقتبل سن الشباب قرأت فكرة عن مفهوم الشعر للأديب الشهير مصطفى لطفي المنفلوطي، يذكر فيها أن صديقاً له عاتبه على عزوفه عن نظم الشعر، وتوجهه نحو النثر.. وقد أجاب ذلك الصديق بأنه لم يَدَع الشعر على الحقيقة، فالشعر دفق في الشعور، وجيشان في العاطفة، وتذوّق مرهَف للجمال.. وهذا كله مما لم يتخلَّ عنه، فهو ما يزال شاعراً وإن ترك النظم!!

ولعل هذه الروح الشاعرة في نفس أبي أسامة الطنطاوي واحدة من أهم مفاتيح شخصيته فهو شاعر بالفطرة، وهو يذكر أن بعض أصدقائه وإخوانه يأخذون عليه هذه العاطفة التي تصبغ شخصيته. ويقول: وهل هذه مذمّة؟! وما قيمة الإنسان بغير عاطفة جيّاشة؟

تظهر عاطفيته، أو شاعريته، في أنه يحب الصديق فيملأ عليه الحب شعاب نفسه، وشغاف قلبه، ويغضب من أخ فيتكلم عنه بمرارة وأسى، ويتحمس لفكرة فتلازمه في قيامه وقعوده وعلى جنبه.. ولكن مشاعر الحب في الله هي التي تنتصر في نفس أبي أسامة أبداً، وكم من أخ خاصم الأخ الطنطاوي، أو خاصمه الأخ الطنطاوي، حتى يقول الناظر: إن الحبال بين الرجلين تقطّعت، وأن لا تلاقي بينهما.. وما هي إلا سويعات، أو أيام، حتى تطغى مشاعر الحب العميقة في نفس أبي أسامة، وإذا هو يمدُّ حبال المودّة من جديد، ويتكلم عن أخيه بمشاعر الحب العميق الأصيل، وينسى ما كان بينه وبين أخيه من نزغ الشيطان، وتنقشع الغشاوة، كالزبد الذي يذهب جفاء، ويبقى الحب ماكثاً في القلب الكبير.

كنتُ كلما سمعت أبا أسامة يحدّث عن واحد من معارفه وأصحابه، قلتُ في نفسي: لاشك أنه يحدّث عن أحب الناس إليه، وألصقهم به، وأقربهم منه مودّة.. ثم أسمعه يحدّث عن صاحب آخر فأقول: بل هذا هو الأحب إليه، والأقرب إلى نفسه وقلبه.. ثم علمت أن قلبه الكبير يختزن بحاراً لا قرار لها من مشاعر الحب والودّ.

والذي يحضر مجالس الأُنس مع أبي أسامة -وكل مجالسه مجالس أُنس- ويسمع منه الحديث عن أصدقاء الماضي الحبيب: عصام قدسي ومحمود عزيز وعبد الستار الزعيم وعدنان شيخوني وغيرهم.. يرى مصداق هذه الفكرة.

ولقد مرّت غمامة من نزغ الشيطان بين فريق من الإخوة، فإذا هما فريقان يختصمان، كنت في أحد الفريقين، وكان أبو أسامة في الفريق الآخر، وقد تجرّأتُ حينها فبعثت إليه برسالة أعبّر له فيها عن عميق حبي، وعن عظيم ألمي لما رأيته فارقني فيه وفارق أصحابه.

وجرى اتصال هاتفي بيني وبينه بعد أيام قليلة، وتوقعت أن تظهر ثورته ويشتدّ عتابه، فإذا هو يحدثني بنبرته الحبيبة، وعاطفته المشبوبة، ومودته القديمة.. ثم إذا هو بتواضعه الجمّ، وعفويته الصافية، يتكرّم فيأتي لزيارتي، ويمحو ما يمكن أن يكون غشّى قلبي من غبار تجاه أستاذي الكبير.

وليس بعيداً عن هذه الأخلاق العالية أن يتصف الأخ أبو أسامة بالكرم والجود حتى يكون ذلك سجيّة عنده لا تكلُّفَ فيها، وكم حاول بعض الأصدقاء أن ينصحوه بإمساك يده بعض الشيء ليوازن بين ظروف يعيشها، وبين كرم لا حدود له.. فإذا هو ينظر إليهم بإشفاق، ويمضي في طريقه ينفق وينجد، ولا يهمه بعدئذ أن يعاني من ضائقة، أو أن يغرق في دَين:

يلومون ذا الجود في جوده    وهل يملك البحر ألا يجودا؟!

وليس بعيداً عن هذه الأخلاق كذلك، أن يكون أبو أسامة متواضعاً تواضعاً حقيقياً لا تكلف فيه.. ولقد شاء الله أن يضمنا مسكن واحد، بل غرفة واحدة لبضعة شهور. كان ذلك منذ نحو خمس وعشرين سنة، وكان معنا ثلة من الإخوان الأطهار، وكنت من أوسطهم عمراً، وكان أبو أسامة من أكبرنا عمراً وقدراً.

وفي مثل تلك الأجواء تقتضي أخلاق الإسلام أن يقوم الفتيان والشباب بخدمات المكان ويوفّروا على الكبار الجهد، تكريماً لهم، وتقديراً لأسنانهم وسابقاتهم، وكان الكبار يتقبلون ذلك، وهو حقهم الذي لا يلومهم عليه أحد، لكنّ أبا أسامة كان يأبى ذلك على نفسه، ويصرّ على أن يشارك إخوانه الشباب في مختلف الخدمات، وربما كان أنشطهم في ذلك، وكان يكبر في أعيننا ويتعمق حبُّه وتقديره في قلوبنا، ويعلمنا بلسان حاله، أن هذا هو شأن أصحاب النفوس الكبار، ويذكّرنا بموقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قام بنفسه ليتناول شيئاً، فلما قيل له: نحن نكفيك ذلك يا أمير المؤمنين، قال: قمتُ وأنا عمر بن الخطاب، ورجعت وأنا عمر بن الخطاب، أي إنه لم يَنْقُصْ ذلك من قدري شيئاً.

ولو اتسع مجال الحديث أكثر لحدّثتُ عن جوانب أخرى كريمة في شخصية الطنطاوي من أمثال ثنائه على أهل الفضل والجهاد والعلم، وإحياء ذكرهم، والتعريف بسجاياهم.. ثم تشجيع السالكين في طريق البر والخير والعطاء، وإن كانوا قليلي البضاعة، لعل ذلك يعينهم على المضي في الطريق ليصبحوا أعلاماً للأمة.

أكتفي بهذا الجزء من الحديث عن الأخ الودود أبي أسامة، وأسأل الله أن يحفظه، وأن يديم عليه القدرة على الإبداع والعطاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                     

وسام مبارك

الناقد الأديب الأستاذ عبد الله الطنطاوي – خُطّىء عنه السوء–

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحببت أن أشاركك فرحك بوسام رابطة الأدب ،ولست أدري من كان وساماً للآخر؟!

وأسأل الله تعالى أن يكون وسامك الأكبر بعد أن تخطو الخطوة الأخيرة من الصراط.

وأسأله أن يجمعنا في ظله عند حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم .

أخي من سنوات عديدة وأنا أمنّي نفسي بمقالة نقدية بقلم الطنطاوي تكون مرآة صادقة لقصائدي، وتبصّرني مواطن الضعف ، ومواطن الجمال.

فشعري يبقى ظامئاً حتى يمر قلمٌ ناقد كريم على حروفه.

إن أجبت شكرتك ، وإن اعتذرت عذرتك..

ولستُ في الثانية أقل محبة لك مني في الأولى

بارك الله بفرحك ، وعمرك ، وقلمك ، وأهلك

وجزاكم الله خيراً

د. أسامة الأحمد

                   

تهنئة

الأستاذ الفاضل/ عبد الله الطنطاوي حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله أن يمتعكم بموفور الصحة والعافية ومن يلوذ بكم من الأبناء والأحفاد

نحن بخير والحمد لله

أكتب إليكم لأهنئكم مؤخراً بعيد الإفطار المبارك سائلاً الله أن يتقبل منا ومنكم الطاعات وأن يعيده علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالعزة والنصر والتمكين، آمين  

وألتمس منكم العذر لتأخري في الكتابة لكم لأني قضيت العيد في المملكة السعودية حيث ذهبت أواخر رمضان لأداء العمرة ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال

كما أسعدني خبر تكريمكم الذي قرأت عنه في موقع رابطة أدباء الشام، والحق أنكم أحق بذلك وأهله، وكم تمنيت أن أكون حاضراً بين المعجبين الذين سعدوا بذلك اللقاء، وأسأل الله تعالى أن ييسر لنا اللقاء بكم لننعم بلقائكم وننهل من معين علمكم وكرم أخلاقكم

بارك الله فيكم وفي علمكم وأمدكم بالصحة والعافية وأعانكم في جهودكم الطيبة والمثمرة

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المحب/ عبد الحكيم الزبيدي