الأخ الدكتور عدنان بدر سعيد في ذمة الله

في مدينة الرياض ـ عاصمة المملكة العربية السعودية ـ اختار الله تعالى إلى جواره الكريم الأخ الدكتور المحامي عدنان بدر سعيد ، وذلك فجر يوم الجمعة 11/صفر الخير /1430، الموافق 6 شباط /2009 عن عمر مبارك قضاه في الطاعات والأعمال الصالحة والدعوة إلى الله تعالى ـ نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله تعالى ـ .

كان نشيطاً في عباداته ، ملتزماً بالصلوات في أوقاتها ـ جماعة في المسجد المجاور لمنزله ـ شَغُوفاً بالحرمين الشريفين ، أدى الحج والعمرة مرات ومرات .

كان خلوقاً كريماً وديعاً ، وفياً لإخوانه وأحبابه ، خدوماً لا يقصر في أداء واجب تجاه دينه ودعوته وإخوانه.

عرفته كذلك معايشةً ، منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، آكلته ، صاحبته ، رافقته في السفر والحضر ، زاملته في العمل والحركة والمسؤولية ، كنت إذا سافرت إلى الرياض ، فرَّغ ليله ونهاره ، صباحه ومساءه ، سيارته وبيته لخدمتي فيما جئت من أجله؛ خدمةً لديني ودعوتي ، بتواضع عجيب ، وأدب عجيب ، وخُلق عجيب ، وصبر عجيب ، ووفاء عجيب ، أشفق عليه في سيارة لا مكيف فيها في فصل الصيف القائظ ، ولا يشفق على نفسه!! رحمه الله وأجزل مثوبته .

ولد الأخ الدكتور أبو بدر في مدينة اللاذقية الواقعة غرب سورية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي ، وكان والده الأستاذ بدر سعيد من وجهاء هذه المدينة ورجالاتها، ومن مؤسسي الحركة الإسلامية الراشدة فيها ومن مسؤوليها ، إلى جانب الأديب الكبير والشاعر الداعية محمد المجذوب ـ رحمه الله تعالى ـ، وقد هيأ هذا لفقيدنا العزيز محضناً تربوياً إسلامياً ونشأةً صالحة ، والتزاماً مبكراً بالدعوة الإسلامية الرائدة مذ كان يافع السن ، أو منذ كان طالباً في المرحلة الثانوية التي درسها في حلب إلى جانب الأخ الشهيد أمين يكن ـ رحمه الله تعالى ـ. كانا رفيقي دراسة ودعوة وعمل ونشاط ومسؤولية ، أسهما معاً في قيادة الحركة الإسلامية ، وعملا معاً في مختلف مواقع المسؤولية .

درس الأخ عدنان في كلية الحقوق بجامعة دمشق ، منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ، وتخرج محامياً وافتتح مكتب محاماة في مدينته ، ورافع أمام مختلف محاكمها . بعدها اضطر إلى مغادرة بلده وموطنه مطلع الثمانينيات مهاجراً مخلفاً وراءه مكتبه وبيته وأملاكه ، ولم يحصِّل منها شيئاً على شدة حاجته ، وضيق يده ، وكثرة نفقاته وأعبائه العائلية إلى جانب ما تعرض له من محنة قاسية وعذاب شديد وسجن طويل مع الشيخ سعيد حوى ومحمد علي مشعل وغيرهما من الدعاة.

بعد هجرته إلى هذا البلد الكريم (المملكة العربية السعودية) حصل الأخ الدكتور عدنان على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية ، وعمل مستشاراً لدى الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض التي أقام فيها وأفراد أسرته منذ أوائل الثمانينيات وإلى أن لقي الله سبحانه ، وبعد انتهاء عمله في الندوة عمل مستشاراً قانونياً لدى بعض مكاتب المحاماة.

يعتبر الأخ د. عدنان سعيد (أبو بدر) طيَّب الله ثراه من أعضاء رابطة علماء سورية المستقلة ، معاصراً لنشأتها ، مجتهداً في خدمتها ، متحمساً لرسالتها وتوسيع قاعدتها .

والرابطة إذ تُودِّع واحداً من أعضائها  تتقدَّم بأحر التعازي لأسرة الفقيد ، ولأعضاء الرابطة ولإخوانه في الدرب الطويل ، ولأبناء الحركة الإسلامية في سورية في داخلها وخارجها .

رحمك الله يا أبا بدر ، وأحسن عزاءنا فيك ، وتقبَّلك في الصَّالحين ، وأنزل عليك شآبيب الرحمة، وأسكنك فسيح الجنان ، ورزقك شفاعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

اللهم لا تحرمنا أجْره ، ولا تفتنّا بعده ، واعف عنا ، واغفر لنا ، وارحمنا ، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين .

12/صفر/1430

الأمين العام لرابطة علماء سورية

المستقل محمد فاروق بطل