كنجم وهّاج
كنجم وهّاج
( رثاء )
حسين بن رشود العفنان
في عمي العابد الشيخ : عبد الله بن خلف بن سعد العفنان ، الذي قضّى شبابه وشيبته بين السجود و المصحف و إكرام الأضياف ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة ـ
(1)
انحنيتُ يوما لأقبّل رأسه، فسقطت عيني منبهرةً على مصحفه المُنتفش، كان كنجم وهّاج على صفحة يديه النحيلتين، صوته الخافت المتقطّع ينسكب في قلبك قبل أذنك..
يتلو..
يتغنّى..
يتدبر..
في سماء تجهلها النفوس الضعيفة!
(2)
مرض يومًا فوجدته إحدى بناته منكسرا يبكي، سألته: مالك؟ قال: لم أقرأ القرآنَ منذ وقت!
(3)
لم تشرحْ هذا الحديثَ ولم تحققْ تلك المسألةَ
بل كنتَ تطبقهما!
(4)
حين أقبلُ عليك ـ يا عماه ـ في مجلسك أو في مصلاك ، أقبلُ على أبي ـ رحمه الله ورحمك ـ لحيتُكَ تجاعيدُكَ هيبتُكَ ، حتى القطرات التي تعطر جبهتك أشمُّ منها رائحة أبي.
(5)
كنتَ متخففًا من الدنيا، خرجتَ لم تتقلّبْ في متعِها ولم تحرص على مظاهرها، عشتَ لصيقا بمصحفك، تدقُّ أرضك الساكنة بهمّتِكَ، قاصدًا ربك.
(6)
ما ميّزتُ ليل الدنيا من نهارها ، إلا وأنت متكئٌ على السنة ، ثابتٌ عليها ، بابكُ مفتوحٌ لأقاربك وأباعدك.
(7)
كم اخترقتَ أبيات الطين المتواضعة ( قاصدا الصلاة ) ، تلك التي تخففتْ من ألوانِ الدّنيا ونقوشها الفاتنةِ ـ كتواضعِكَ أنتَ وتخفُفِكَ ! ـ
وكم سلكتَ دروبها المنزوية المنعزلة عن صخب الأهواءِ والمتع والغَفَلات ـ كانزوائِكَ أنتَ وانعزالِكَ! ـ
(8)
أبكي نفسي لا أبكيك، فقلي ـ يا عماه ـ كيف ألبسُ قوتك وأقف على دربك، وأغرس فيه خطواتك، دون أن تعسفني الدنيا، ويزلزلني الهوى؟