أيام في إيران الجزء الثالث
هيثم بن سعد الصعب
أنهيت كل هذا وبقي لي موعد مع أصدقائي كانوا يظنونه موعدُا عاديًا لكن كنت أريد أن أجلس معهم ,أصدقكم القول كنت أقول ربما أنها ستكون آخر مرة ! ذهبنا لمقهى وبدأنا النقاش كالعادة احتدم النقاش وانحرف لاتجاه آخر وفجأةً ! بدأ صديقي بأن قال أنت ستذهب لإيران و أنت لك تخطيطات و احذر من فلتات الشباب أنا شدهت كيف عرف ؟ سكت قليلا و امتلئ وجهي بالعرق قلت يبدو أنه فقط يرمي الكلام على عواهنه كعادته يستحيل أن يعرف ! لا يعرف بهذا الأمر أحد حتى أقرب الأقرباء لم أخبر أحدًا باستثناء موظف الخطوط , بدأت أستوضح منه و هو ما إن رآني هكذا ظن أنه فاز بالنقاش فجعلته يتوهم ذلك وعلمت فيما بعد أنه فعلا كان يرمي الكلام رمي , صديقي هذا أحسده على حاسته فهي قوية بشكل مخيف جدا لكنه لا يثق فيها , فأصبحت كالعدم عنده .
في الغد "السادس من ربيعٍ الأول 1435 ه" كانت رحلتي للدوحة في وقت متأخر في الساعة 11 م بدأت أجهز نفسي إلا أني لم أجد من يقلني من سكني للمطار فاتصلت بأحد الزملاء ممن يتكسب في توصيل الطلاب فطلبت منه أن يذهب بي للمطار لبست الجنز , كان شكلي غريبا ولافتا للأنظار أعني ملتحٍ وبجنز! إلا أن ما ساعدني ظلام الليل فلا يمكن لأحد أن يستوضح وجهي بسهولة سألني أأنت فلان قلت لا وكان شبهني على زميل له آخر , سألني لم ترتدي هذا اللبس فأجبته أنا ذاهب لأهلي وثيابي متسخة في حقيبتي أعان الله والدتي على تنظيفها فضحك وقال أنه لا يلبس مثل تلك الملابس إلا في الحالات الطارئة مثل هذه – استغفر الله فقد كذبت كثيرًا في سفري هذا فمن ذهابي مع هذا الزميل حتى رجوعي من إيران كذبت من الكذب مالا يحصى –كان معنا شخص آخر ذاهب للمطار لا أعرفه أيضا , أول ما نزلنا للمطار هربت لم يكن بودي أبدًا أن يراني ذاهبًا للرحلات الخارجية ما إن وصلت أخذت المسار ووصلت لموظف الخطوط و أخذ حقيبتي وقلت له أنا سأقف في الدوحة هل يلزم أن آخذ حقيبتي من الدوحة وأشحنها مرةً أخرى أجاب بلا و أنهم سيتولون عملية النقل حمدت الله أن ألقى عن كاهلي حمل هم هذه الحقيبة دخلت داخل صالة المغادرين ووجدت شخصًا كوريا جنوبيا فقلت فرصة لأن أقتل وقت الانتظار في الحديث معه تحدثنا في الكثير من الأمور عن طبيعة عمله في بلدي وعن رؤيته للعرب و أخيرًا تكلمنا عن الأرقام فكتب لي الأرقام الكورية برموزها لتوي عرفت أن لهم رموز خاصة للأرقام (1,2,3) هم لهم رموز أخرى بلعتهم فبدلا من أن يكتب واحد يكتب 1 لكن بالرمز الكوري الذي لا أعرفه اكتشفت فيما بعد أن هناك نوعين لرموز الأرقام لديهم كوري وصيني وهو أعطاني الصيني , بعد ذلك صعدنا للطائرة تقريبا في 11 م ركبت الطائرة وكان بجانبي كوري آخر الحقيقة أني مللت فلم أهتم بالحديث معه وصلنا للدوحة بعد استعراض طويل من الطيار حول قطر الصغيرة لا أعلم هل هو مقصود كي نرى شدة إضاءة دويلتهم أو هو انتظارا لخلو مطارهم الصغير المهم في النهاية هبطنا في المطار , المطار كان يعاد بناؤه حسب ما فهمت استعدادًا لاستضافة استعراضية لكأس العالم دخلت هذه الدولة كان كل ما فيها يوحي بتخلٍ عن القيم والمبادئ فالطائرة تتكلم بالإنجليزية أولا ثم بالعربية أنا لا مشكلة لدي في فهم الإنجليزية فمستواي متقدم فيها لكن مشكلتي أن يُبدئ بها وتترك اللغة الرسمية للدولة, عند وصولي للمطار ركبنا الباص –لأن المطار يعاد إنشاءه حسب ما فهمت – بعد 15 دقيقة وصلنا لصالة المغادرين وهناك شاهدت العرق القذر "العرق الأبيض" لا أخفيكم فأنا أكرههم لعدة أسباب لا مجال لذكرها هنا. لبسهم لم يراعي حرمة دولة إسلامية , لا ألومهم بل ألوم دولة باعت مبادئها وقيمها وحضارتها لمجرد بهرجة إعلامية وارتماء في أحضان الغربنة – هدانا الله و إياهم -لم يغضني إلا منظر الكاهن القبطي في صليبه داخل جزيرة العرب كيف يمكن لمثل هذا أن يبرز نتن صليبه في أرض طاهرة يئس الشيطان أن يعبد غير الله فيها ؟ .
أنا لا مشكلة لدي مع النصارى ما داموا خارج جزيرة العرب ولم يعاونوا الأعداء.
المسلمون على مدى التاريخ لم يكونوا أعداء لأحد بقدر ما كان الآخرون أعداء لهم , لهؤلاء ممارسة دينهم بحرية ولنا بالوثيقة العمرية خير مثال , ولدي الكثير من النصارى الذين تعرفت عليهم في العالم الرقمي من مصر ومن الشام فأنا لا مشكلة لدي معهم ولا مع دينهم بل قد تجد فيهم الوفي كل الوفاء أكثر من كثيرٍ من المسلمين –مع الأسف -.
مشيت في الصف حتى وصلت للتفتيش , في الحقيقة موظفو التفتيش هم فقط الوحيدون القطريون والآخرون من باقي الملل والجنسيات وصلنا لغرفة صغير بانتظار الباص الذي سيقلنا للطائرة هناك قابلت أول إيراني كان يجيد اللعة الإنجليزية ويعمل في الكويت في مجال الحفر , بصراحة لا أعلم لم تعتمد الكويت على الإيرانيين في هكذا مجالات ,بصراحة بدى لي أن الكويت دولة غير حذرة ولم تستفد من الدروس السابقة لم يكن الإيراني الوحيد, قابلت كثر كانوا عملوا في الكويت وفي دبي , بالمناسبة هم لا يعرفون الإمارات يعرفون دبي وفقط دبي ,على حد علمي لم تفق شهرة مدينة على دولتها قط إلا دبي . كان هذا الإيراني متحررا للغاية وصارحني بأنه غير مرتاح في ظل وجود نظام الحكم القائم الآن في إيران وبين لي أن الإيرانيين نفسهم يمارسون نفاقًا فكثير منهم لهم أخلاء وخليلات بل الرجل وصل به القول إلا أن الكل له خليلات- هذه النقطة سأوضحها لاحقًا – إلا أنه تدارك أنه لا يعني بالضرورة حصول شيء بينهما . بعد ذلك أخبرني أن شكلي غريب فأخبرته أني خائف من دخولي لهذا البلد أجاب لا عليك كل شيء سيكون على ما يرام ركبنا الباص وكانت هناك عجوز إيرانية جلست على أحد الكراسي القليلة في الباص لم يكن هناك عدا كرسيين أو ثلاثة المهم دخلت امرأة تحمل ابنها فقامت العجوز عن الكرسي وأجبرت تلك المرأة إجبارًا على أن تجلس مكانها هنا ابتسمت وتفاءلت خيرًا برحلتي قال لي صاحبي الإيراني مفتخرًا! الإيرانيون هكذا دوما وهذا ليس غريبًا في إيران . هذا ما اكتشفته بالفعل الشعب الإيراني في غالبه شعب راقي كريم سخي مساعد فيه شبه كبير بمجتمعات العرب إن لم يكن أحسن منها في بعض النقاط و بالطبع أسوء منها في أًخر.
وصلنا للطائرة وركبت في مقعدي وخلاف العادة لم أتحدث مع من هو بجانبي ما إن اقتربت الطائرة حتى بدأت أرى الإيرانيات يرتدين ما يسمى بحجاب , الحقيقة أنه ليس حجابًا بل قماشة توضع على نصف الرأس رأيت عجوزًا تلحق مضيفة قد أعطتها حقيبتها لترفعها وكانت رابطة قماشة بها وفجأة دب النشاط بها ولحقت المضيفة فاصلةً قطعة القماش عن الشنطة وتشير للمضيفة بوجه ضاحك أنها لا بد أن تلبسه و تعابير وجهها توحي بالطبع أنها غير مقتنعة , مالم يعجبني هي كمية النفاق الموجودة لدى تلك الراكبات ذكرني بالسعوديات عند ذهابي لرحلة خارجية خارج المملكة يخلعن كل حجاب, كل حياء, كل دين ! و إذا رجعنا للبلد اتشحن بالسواد وكأن نفوذ الخالق ينتهي بخارج هذه البلد عمومًا لم أغضب كثيرا من نفاق الإيرانيات فنفاق نساء الحرمين أنساني نفاق بنات فارس وصلنا للمطار ما أعجبني هو تستر النساء في المطار عكس الموجود لدينا وهذه نقطة تحسب لنظام الملالي هناك.
قد يقول البعض أن الإجبار يورث نفاق وعدم اقتناع و أنا أجيب الإجبار قد يورث نفاق لكن أن يورث عدم اقتناع فأشك في ذلك فمن ستخلعه خارج الدولة هي من ستخلعه داخلها لو سقط الإجبار , المنافقين ونقاص العقول يحاولون دوما الطعن في الإجبار . الإسلام فيه الكثير الكثير من الأحكام الجبرية التي يجوز للحاكم أن يجبر محكومه على فعلها إن كان يدعي أنه مسلم كإنفاق الزكاة مثلا و جهاد الدفع و أخرى جبرية بعقوبتها الأخروية كالحج للمستطيع و عدم التولي يوم الزحف و الصلاة ..الخ . الإجبار جزء من الإسلام في بعض الأحكام , هؤلاء مدعو المثالية الذين يحاولون إسقاط كل القيم بدعوى عدم جر المجتمع للنفاق هم أول المنافقون وهم أول من يجرونه للرذيلة و أن يصبح المجتمع منافقا خير ألف مرة من أن يصبح مجاهرا بالمعصية فبعض الشر أهون من بعض.