(ماريا تسيل) سياحة في قلب الطبيعة
والتاريخ والتسامح بين الاديان
والرياضة والانسانية في النمسا
بدل
رفو المزوري
أرض (ماريا تسيل) تقع في اجمل مناطق النمسا رومانسية ،بين روعة جبل يوسف وجبل الروح،ضمن 5 مناطق تجذب الانظار والجميلة ولكن(ماريا تسيل) تطورت عبر التاريخ وخاصة من خلال كاتدرائيتها والتي تعد اقدس مكان وقبلة للكاثوليكيين للحج ومنذ قرون افواج الحجيج تتجه من المجر وسلوفاكيا بصورة كبيرة مشياً على الاقدام للوصول الى هذا المكان ناهيك عن افواج السواح والزوار والحجاج من اوروبا والنمسا.
تضج البلدة وبكثافة بالزوار والسواح والحجيج وانا تعمدت رغم البرد القارس وهطول الثلج بكثافة في الطريق بالسفر الى هذه البلدة خلال احتفالات واستعدادات البلدة باعياد الميلاد ورأس السنة، وهي رحلة بحد ذاتها الى عالم اخر والى العصور القديمة لبلدة لها طراز خاص في فن العمارة والذي يختلف من مدينة الى اخرى في النمسا.شوارع داخلية تسافر بالزائر الى عصور مضت والشوارع حجرية وانعكاس الاضواء عليها له جمالية لا توصف وفي الصيف السفر الى (ماريا تسيل) له نكهة اخرى حيث الطرق الرومانسية الطويلة للمشي على الاقدام ولمسافات طويلة والاستمتاع بالهواء النقي ،فلم اتنفس في حياتي هواء نقياً صحياً مثلما تنفسته في هذه البلدة.هناك اماكن للتسلق على الصخر ورياضات متنوعة وفي الجبل المطل على البلدة حيث التلفريك وتعد بحد ذاتها ايضا منطقة التزحلق على الجليد في الشتاء.
(ماريا تسيل) بلدة صغيرة تقع في اقليم شتايامارك النمساوي وعلى الحدود مع اقليم النمسا السفلى ويبلغ عدد ساكنة البلدة حسب آخر احصائية لها ب 1434 نسمة.اشهر نقطة فيها ومركز ثقل البلدة يكمن في كاتدرائية المهد(مريم) وهذه الكاتدرائية نقطة التقاء الحجيج الكاثوليك من جميع انحاء العالم. تبعد البلدة عن مدينة غراتس عاصمة اقليم شتايامارك ب 116 كيلومتر..الطريق عبر الاودية والجبال والجميل صادفنا في الطريق الفناء والقصر القديم الذي شيده ارشيدوق النمسا(ارنست يوهان) وهو المكان الذي كان يجتمع فيه الفلاحون من اجل تبادل الافكار والنقاشات وتطور الزراعة وقد كان الارشيدوق يعشق الاقليم فقد جلب الحبوب للمزارعين وطور صناعة الحديد وكذلك سافر الى المملكة المتحدة لجلب الخبرات الى الاقليم ولهذا لاتخلو المدن والبلدات من تمثال الارشيدوق ولم ينس شعب شتايامارك الدور الذي لعبه الارشيدوق من اجل تطور الاقليم.
السفر الى (ماريا تسيل) في هذه الاجواء الفريدة هي رحلة الى عالم التقاليد والعادات الشعبية لاهل الجبل في المنطقة وتجربة خاصة يعيشها الناس خلال استعداداتهم لاستقبال اعياد الميلاد وراس السنة.زينت الشوارع ووضعت الشموع الضخمة في كل مكان وركن واما كاتدرائية المهد (مريم) في البلدة في قمة الجمال وفن العمارة والفن من الداخل وتعد قبلة لانسجام الروح للحجيج بعد قطع مسافات طويلة مشياً.
شيدت الكاتدرائية في 21\12\1157 ولكن هناك نقش وكتابة على البوابة الرئيسية للكاتدرائية بانها شيدت عام 1200 ووثيقة اخرى تبين وقت تشييدها وجدت عام 1243.وفي عام 1330 وفي شهادة لرئيس اساقفة (سالزبورغ) بانه مكان شعبي ومصدر لقبلة الحجيج ومع الزمن ازداد العدد من الحجيج.
لقد اكتشفت منطقة (ماريا تسيل) خلال العصور القديمة وقد استوطنها الاليريين والكيلتيين لما لها من مكانة جميلة بين الجبال وهواء نظيف نقي.هناك ارتباط كبير للنمساويين والاوربيين بتاريخ (ماريا تسيل) في الماضي وحاليا في الحاضر وحتى في المستقبل،لقد كانت هناك زيارات للبابوية (1983،2007) وخصصت البلدة ايضا سيارات للمعوقين وكذلك هيأت الاجواء المناسبة لافواج الحجيج .حجيج المجر يزورون قبر( ميندس زينتيس) والكاتدرائية تفتح ابوابها يومياً من الساعة السادسة صباحا وتقام فيها القداسات ولكن زيارتها والتمتع بها من الداخل يدفع الانسان الفضول بعيداً عن الدين والتوجه حول سر تشييد هذا الصرح العملاق وسر الفن المعماري فيها.
في تلك الحقبة من التاريخ وتلك الاحجار العملاقة والصخور والسيراميك واللوحات على السقوف والجدران تترك انطباعاً باهراً لدى الزائر.في الطابق الاول من الكاتدرائية سنحت لي الفرصة بزيارة متحف الكاتدرائية والذي يضم المزيج ما بين اللوحات التشكيلية ويطغى عليها الصبغة الدينية والى حجرة الكنز والتي تمثل الهدايا والقرابين التي تقدم للكاتدرائية وهي تحفاً رائعة وثمينة من شخصيات عالمية ونمساوية وفجاة وقع نظري على صحفة طعام فضية مهداة من سكرتير الامم المتحدة (بان كي مون)عام 2009. بالاضافة الى مخطوطات بخط اليد وترجع لقرون والى حجرة شموع مهداة من بلدات ضمن افواج الحجيج وتحفاً اخرى.
البلدة مشهورة بمحلات الحلويات الممزوجة بالعسل الحقيقي من جبال الالب.الابنية الجميلة والاضواء والاسواق الشعبية لاعياد الميلاد واكلاتهم التقليدية وازيائهم التراثية تترك لدى الزائر انطباعا جميلا.احتفلت (ماريا تسيل) عام 2007 بذكرى مرور 850 عاماً على لقاءات واجتماعات الاساقفة والبابا فيها. بعيداً عن الكاتدرائية تقام في هذه البلدة المحاضرات والدروس حول التزلج على الجليد في جبال الالب.لقد تم تطوير سلك السياحة بصورة كبيرة خلال السنوات الاخيرة بالاضافة الى التسهيلات لافواج الحجيج والرياضيين.
(ماريا تسيل) سياحة في قلب الطبيعة النمساوية والتاريخ والتسامح بين الاديان والرياضة والانسانية.