بلاد الكلاب .. والخضرة .. والآيس كريم 15
بلاد الكلاب .. والخضرة .. والآيس كريم
الحلقة (15)
القدوة إخلاص ونظام وعمل
أ.د/
جابر قميحةإن ما قام الشباب المسلم في مؤتمرهم الإسلامي العالمي يستحق كل تقدير ، وكل دعاء بالتوفيق الدائم ، والنجاح المستمر ، وما ذلك إلا لمصلحة الإسلام ، والدعوة الإسلامية .
وأعتقد أن من مصلحة الدعاة أن أعرض عليهم في هذه الحلقة الخطوط العريضة التي رسمت تضاريس هذا المؤتمر العظيم ، ونحن نحاول أن نعرض بعض ما جاء في تقرير الشباب المسلم بعد انتهاء المؤتمر يوم السبت 29 من صفر 1402 هـ ( 26 من ديسمبر 1981 م ) :
أولا :- الأمانة العامة :
بعد اجتماعات متعددة تم إضافة بعض المهام للجنة التنفيذية الحالية منها : الإشراف المباشر على مكتب التدريب ، وهو مكتب تحت الإنشاء ، ووضع اللوائح الداخلية له .
وكذلك الإشراف على أرشيف الرابطة .
ومن الإنجازات :
أ – أصدرت اللجنة دليلا للأعضاء .
ب – قامت بتزويد الإخوة المسئولين بالرابطة بقوائم الأعضاء .
ج – إدخال الكمبيوتر في الأعمال .
د - جمع التبرعات للمجاهدين في شتى أنحاء العالم .
مكتب التدريب
ومهمته ثقل الطاقات الإدارية والقيادية عند الشباب .
الصعوبات :
1- عدم توافر السكرتارية المتفرغة .
2- العجز النسبي الموجود في الأرشيف .
3- التكاليف المالية الباهظة التى يحتاجها المكتب .
4- القلة النسبية للمتخصصين الموجودين في أمريكا ، مما يضطرنا لجلب محاضرين من الخارج .
ومن الاقتراحات والتوصيات الضرورية : استحداث سكرتارية تابعة للأمانة العامة تقوم بالردود والمراسلات و الطباعة لمحاضر الجلسات ، وتقاريير اللجان المختلفة .
وإنشاء لجنة مركزية لمطبوعات الرابطة .
*********
ثانيا :- اللجنة الثقافية .
وقد عملت على تحقيق الخطة العامة التي تتمثل في :
1- نشر الوعي الإسلامي الشامل بين الشباب .
2- التنويع في نشر الثقافة الإسلامية .
3- مساعدة الفروع في برامجها الثقافية .
ومن وسائلها
1- البحوث .
2- اللجنة الفنية التي تسجل أشرطة الفيديو وغيرها .
ثالثا :- لجنة الإعلام والنشر
ويتلخص اختصاصها فيما يأتي
1- الإعلام عن الرابطة وأنشطتها والعلاقات العامة داخل أمريكا وخارجها .
2- إصدار مجلة الأمل .
3- التنسيق مع اللجان المختلفة في الجانب الإعلامي .
وهناك لجنة للمخيمات ، ولجنة للفروع ،
رابعا :- لجنة المخيمات :
ومهمتها إقامة مخيمات تدريبية ودعوية في أنحاء أمريكا .
وقد أقامت اللجنة عشرة مخيمات في فصل الربيع اشترك فيها الفان من الإخوة .
وفي فصل الصيف لم تقم مخيمات لسفر كثير من الأعضاء إلي بلادهم .
وفي فصل الخريف أقيمت ثمانية مخيمات شارك فيها قرابة 1200 من الإخوة .
خامسا :- لجنة الفروع
وهي التي تعكس أنشطة الفروع للرابطة ، فهي حلقة الوصل بين الرابطة وفروعها
سادسا :- لجنة الاستقبال والصيف :
وتنقسم مهامها إلي ثلاثة أقسام :
1- قسم للاتصال بالطلبة قيل وصولهم إلي أمريكا وكندا .
2- قسم للاتصال بالطلبة في مدارس اللغات و متابعتهم بعد ذلك .
3- قسم لاستقبال الطلبة في أماكن وصولهم بالمطارات وغيرها .
سابعا :- لجنة النساء:
1- وكان من إجازات هذه اللجنة إمداد الفروع ببرنامج ثقافي مفيد .
2- أصدرت الفروع بناء على طلب اللجنة نشرات صغيرة تتضمن أخبار الفرع بالدرجة الأولى .
3- تنبيه بعض الفروع إلي انتاج أعمال فنية يمكن بيعها عن طريق المخيمات والمؤتمر.
4- قامت اللجنة بتكليف إحدي الأخوات كمسؤلة للمخيمات بالاتصال بالفروع قيل المخيم لتعين المسؤولات .
5- حثت اللجنة الفروع علي إقامة يوم للمرأة .
ثامنا :- اللجنة المالية :
تشمل اللجنة المالية ما يأتي
1- صندوق الرابطة.
2- صندوق الزكاه .
3- صندوق الإنفاق في سبيل الله .
4- صندوق الجهاد .
5- لجنة الشريط الإسلامي .
6- لجنة السوق والاستثمارات .
7- مشروع الكتاب الإسلامي .
تاسعا : - المؤتمر السنوي الرابع
تعطي اللجنة التنفيذية اهتماما كبيرا لمؤتمر الرابطة السنوي والذي يحضره عدد كبير من الشباب ويدعي إليه نخبة طيبة من رجال العلم والمعرفة ويجد فيه الإخوة المشاركون الجو الإسلامي الأخوي المبارك ، وتعم فيه الفائدة الكبيرة من حصول على العلم وتبادل للتجارب و الخبرات ، وتدريب الشباب على العمل في نشاط إسلامي .
وفي هذا العام ، وفي الاجتماع الأول للجنة التنفيذية ( يناير 1981 ) قامت اللجنة التنفيذية بتشكيل لجنة تتولي مهمة التحضير للمؤتمر العام الرابع ، مكونة من مسؤولي اللجان الرئيسية في المؤتمر ، وبعد اتصالات جرت مع الإخوة المقترحين للحصول علي موافقتهم ، تم تشكيل معظم اللجان والتي بدأ بعضها العمل في وقت مبكر, والبعض الآخر تأخر في ذلك ، وذلك بما يتناسب مع طبيعة عمل اللجنة . وفي الاجتماع الثاني للجنة التنفيذية ( إبريل 1981 م ) قامت اللجنة بتحديد موضوع المؤتمر ( الأسوة الحسنة ) ، واختيار المحاضرات الرئيسية التي تعالج هذا الموضوع ، وبناء علي ذلك قامت لجنة التحضير بتكثيف الجهود لتشكيل جميع اللجان وأداء أكبر قدر ممكن من الأعمال ، وكان اول اجتماع لها في مايو 1981 م وعقدت من بعده عدة اجتماعات واتصالات مكثفة مع القائمين بالإعداد وخاصة الاتصالات التي تتم مع الضيوف للحصول على موافقتهم ومدى إمكانية مشاركتهم في المؤتمر, إلي أن تم بعون الله وفضله إقامة هذا المؤتمر الرابع للرابطة .
وهذا المؤتمر هو خلاصة الأعمال التي استغرقت عاما كاملا ، والذى نرجوه من الإخوة الحاضرين أن يدعو لإخوانهم الذين قاموا بهذا العمل ,وأن يبذلوا الجهد ليكونوا في الصف وأن لا يترددوا في إبداء الرأي و النصح لتحسين هذا العمل الخالص لوجه الله تعالي .
و الله من وراء القصد .
**********
وفي النهاية أحب أن ابرز الملاحظات الأتية :
1- أن ما قدمته إنما هو خطوط عريضة سريعة التقطها من التقرير ، تشير إلي مضمونه على سبيل الإلماع .
2- التقرير في مجمله يدل على براعة ودقة في الصياغة ، وعرض المضاميين .
3- وما شاهدته في هذا المؤتمر يعد في واقعه من الناحية العملية أقوي من الصياغة التعبيرية .
وفق الله هؤلاء الشباب إلي ما يحب ويرضى ، إنه نعم المولى ونعم النصير .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
قطرات نفس
إنه الموت الذي يـُحيي الموتى
الشاعر الفلسطيني أبو الطيب عبد الرحيم محمود (1913 - 1947م) الذي استشهد وهو يقاتل الصهاينة في موقعة الشجرة, هذا الشاعر البطل الشهيد عرفته شعرًا قبل أن أعرفه شاعرًا, عرفته كلمات قبل أن أعرفه رجلاً وإنسانًا, ففي أواخر الأربعينيات - ونحن تلاميذ صغار في المرحلة الابتدائية - كنا نتغني بكلماته القوية الرنانة الآسرة:
سأحمل روحي علي راحتي وأُلقي بها في مهاوي الردَي
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدي
كنا نردد هذه الكلمات - دون أن تنسب لقائلها, ولو نسبتٍ فلن يغني ذلك شيئًا» فما كان منا أحد - في هذه السن الباكرة - يعرف من هو عبد الرحيم محمود, وما كان أساتذتنا يقفون قصيرًا أو طويلاً إلا أمام الأسماء المتوهجة المشهورة, من أمثال أحمد شوقي, وحافظ إبراهيم, وخليل مطران, وإيليا أبي ماضي, وأحمد محرم.
كانت مأساة فلسطين في تلك الأيام في بداية نضجها المنكود: ولدت إسرائيل بعد مخاض اشترك فيه الاحتلال الإنجليزي, والصهيونية, والصليبية العالمية, والتقاعس العربي, وظلت أبيات عبد الرحيم محمود رنينًا في أذنيّ ذا عبق خاص, ونكهة غريبة, تختلف عما أجده في شعر الحماسة والوطنية الذي كنا نحفظه في هذه المرحلة. وكان تأثير البيت الأول أقوي في نفسي من تأثير البيت الثاني, لأني لم أكن مقتنعًا بمضمون شطره الثاني, وكنت أتحدث إلي نفسي: حياة تسر الصديق.. نعم, ولكن ممات يغيظ العدَي كيف? كيف.. والأعداء يسرهم أن يموت كل مواطن مناضل, وكل مكافح شريف. ؟
ثم تمر الأيام, واكتشف المعني الكبير الخالد في مثل هذا الممات الذي يغيظ الأعداء, ويثيرهم, ويحزنهم, بل يزلزل أركانهم, ويقوض بنياتهم, إنه الموت «الخالق البنّاء».. الموت المشًّيد المعٍلي, الموت الباعث الناشر, هو الموت الذي كشف أحمد شوقي عن مفهومه الجليل العظيم في قوله:
ولا يبني الممالك كالضحايا
ولا يدني الحقوق ولا يحقُ
ففي القتلي لأجيال حياة
وفي الأسري فديً لهمو وعتقُ
إنه مفهوم علوي يسبح في أفق قوله تعالي: {يخرج الحي من الميت}[الأنعام: 95], نعم.. لا بد من موت بالقوة, والحق, والثبات, ولو «مات» مثل هذا الموت, لماتت مثل هذه الحياة.
وبذلك استطعت أن أسبح في هذا الأفق بوجداني, قبل أن أعيشه بعقلي. ثم أهتدي للتفسير الذي كفاني وشفاني, تفسير ذلك «الموت الذي يغيظ العدى», وعرفت كيف تنتصر الحياة بمثل هذا الموت, وعرفت أن الحقيقة التاريخية التي لا تطمس تتلخص في أن الانتصارات الكبري تعتمد علي هؤلاء الذين تقدموا الصفوف, وقادوا الرجال, وجادوا بالنفوس, ومضوا في التاريخ شعلات, وقدٍوات تتفجر منها حيوات خالدات, تبني, وتعلي, ولا تموت.
إنها كلمات لا تحتمل الكذب أو التكذيب, كلمات تعكسها, وتجسدها - في قوة وأمانة - الانتفاضة الفلسطينية المباركة, ففي كل يوم تسيل دماء, ويسقط شهداء من الرجال والنساء والأطفال, وتنسف بيوت, وتحرق مزارع. وكل هذه التضحيات في مواجهات غير متكافئة, ومع ذلك زرعت الرعب في قلوب الصهاينة, وأطارت النوم من عيونهم, وجعلت أبناء الشعب الفلسطيني يدركون, ويؤمنون أنه لا حل لقضيتهم إلا بالحجر والرشاش, ومزيد من الدماء والشهداء.
فليخرس المطبعون من أذناب الثور الأمريكي, وليخرس طلاب الدنيا والأرصدة المتضخمة من رجال السلطة الفلسطينية وأشياعهم الذين يدعون الشعب الفلسطيني المناضل إلي السكينة والهدوء, وإلقاء السلاح, و«نبذ العنف», حرصًا علي السلام والسلامة, وحقنا للدماء, ليخرس هؤلاء جميعًا, فلا مكان لهم في مسيرة النضال.. مسيرة الموت الشريف, من أجل ميلاد جديد لحياة الكرامة, وكرامة الحياة.
من 22 ديسمبر 1981 إلي 26 ديسمبر 1981