الدكتور عمر الساريسي

قراءة نقدية في ( ديوان الأطفال ) للشاعر سليمان العيسى

من الدكتور عماد الخطيب *

في أمسية أدبية نقدية متخصصة حضرها جمع من أعضاء الرابطة وعدد من المهتمين بالشأن الأدبي من الجنسين قدم الدكتور عودة أبو عودة رئيس المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي في الأردن مساء يوم السبت 17/12/2005م الدكتور عمر الساريسي المحاضر بجامعة الزرقاء الأهلية ، ملقيا الضوء على بعض جوانب السيرة الذاتية لصديقه القديم الجديد صاحب المهنة والصنعة ، ومشيرا إلى جهوده في التعليم والبحث العلمي .

تحدث الدكتور الساريسي عن أدب الأطفال عند الشاعر سليمان العيسى ، وقدم قراءة نقدية لديوانه الشعري الذي خصصه لأدب الطفل ، وأكد الساريسي أن أدب الأطفال ما لم يحمل القيم الإسلامية ويقدم لأطفالنا رسالة الإسلام ويزرع أسس العقيدة الإسلامية في نفوسهم فإنه لن يكون قادرا على أن ينشئ جيلا إسلاميا صالحا ينتمي لعقيدته وأمته ويحمل رسالته الإسلامية الخالدة للعالم .

عرّف الساريسي بالشاعر سليمان العيسى من خلال ما كتب عنه في برنامج كتاب في جريدة في العدد 84 من جريدة الدستور الأردنية ، و قد جاء التعريف متضمنا إبداعاته للأطفال من خلال:

1.ديوان الأطفال،

2.شعراؤنا يقدمون أنفسهم للأطفال،

3.     مسرحيات غنائية للأطفال،

4.أغاني الحكايات.

وتركز حديثه حول ديوان الأطفال حيث قسمه إلى ثلاثة أقسام هي :

1.أناشيد البراعم،

2.حكايات تغنى للصغار،

3.الأناشيد والمقطوعات الحوارية.

4.

و عمد مفصلا ما أوجز فقال:

1- و أناشيد البراعم : هي التي كتبت للصغار دون السادسة وتشتمل على موضوعات هي :الأرقام الحسابية، وحروف الهجاء، والحقل الأخضر، والشجرة، والرسم، وأقلام التلوين، والأرجوحة ... الخ

وهدف هذه الأناشيد هو بناء شخصية الطفل القومية .

2- و أما حكايات الصغار : فتشبه تلك الحكايات الأسطورية التي سمعناها وقرأناها قديما مثل حكاية ليلى والذئب، وحكاية الشاطر حسن، وحكاية الغراب والثعلب، وحكاية الراعي والذئب ...الخ- و ينوه الدكتور الساريسي إلى أن تلك الحكايات لا تسمى بالحكايات الأسطورية، بل بحكايات الحيوان و أن الفرق الأكاديمي بين الاثنتين كبير.

3- و الأناشيد والمقطوعات الحوارية : هي التي تتركز حول العالم الشخصي للطفل، وعالم المدرسة، واللعب، وعالم الطبيعة، وعالم الإنسان.

4- و من هذه الأناشيد ما يتصل في حياة البشر : كالعمل، و التعاون، و العدل، و الطموح، و الإبداع، و التقدم العلمي. و ضرب لذلك مثلا بـ ( عمي منصور النجار ).

و قد ذكر المحاضر شروطا للنشيد هي :

1.اللفظة الرشيقة الموحية، الخفيفة الظل، البعيدة الهدف.

2.الصورة الشعرية الجميلة.

3.الفكرة النبيلة الخيرة.

4.الوزن الموسيقي الخفيف.

5.

و قد تساءل الساريسي عن الجانب الديني من هذه الأفكار، و لم يجد له ملمسا عند سليمان العيسى! ناقلا قوله : " إني أنقل لكم تجربتي القومية من خلال ( داري داري، أرض العرب، وطني العربي.." كما ينقل الشاعر لنا من خلال أناشيده تجربته الإنسانية.. و تجربته الفنية.. و يتساءل الساريسي : ألا تلتقي التجربة الإنسانية مع الإسلام ؟ و هل يتنافى الفكر الإسلامي مع فكر وحدة العرب ؟ . و لماذا لم يوظف الشهيد و عيد الطفل و التعلم و الوحدة مع المفاهيم الإسلامية الصحيحة...؟ و إن كلمات الشاعر في أناشيده كانت تعبر عما لا يشير به لتفكره بخالقه – سبحانه – أو بأهمية ما يوحيه له دينه الحنيف من معنى و خلق.

ثم تناول المحاضر الموضوعات التي تجلت من خلال ديوان العيسى للأطفال: من مناسبات قومية، و تاريخية، و موضوعات تمس الطبيعة المتحركة و الصامتة، و الأشياء التي ترتبط بالطفل ارتباطًا وجدانيًا... و ذكر المحاضر شيئًا من العوامل المؤثرة في نمو الطفل و هي :

1.الوراثة،

2.التكوين العضوي،

3.الغذاء،

4.البيئة الاجتماعية، و الثقافية، في البيت و المدرسة و ...

ثم تحدث المحاضر عن علاقة الطفل بالثقافة من خلال كون الثقافة نتاج المجتمع و أفراده، و أن الطفل يؤثر و يتأثر من خلال الثقافة الراهنة نتيجة انفعلاته، و أن التأثر و التأثير صنوان لا ينفصلان.. ثم ينبغي أن نعين الأطفال على هذا اللون من النمو الاجتماعي، و الثقافي، و العقلي، من خلال ربط ذلك كله بالنمو الديني المتصل مع النمو الانفعالي، و اللغوي و المحصول اللفظي للطفل ..  و ربما نعد النمو الديني من النمو الاجتماعي من خلال ربط المفاهيم الدينية بالملموسات الواقعية، و أن تكون الأسئلة الدينية عن النواحي الغيبية قابلة للتداول و المعرفة بين الأطفال و الكبار : كأسئلة الولادة، و البعث، و الموت، و الملائكة، و الشيطان، ثم إتقان العبادات.

ثم تلا الندوة حديث للدكتور أبي عودة تركز في مجمله على شكر الجهد المبذول من الدكتور الساريسي، و تمنى عليه أن يتصل بعمل الشاعر الكامل، و أن ينقل لنا صورة كاملة متكاملة عن شعره و مضامينه.. و أن يجيبنا عن اقتراب مضامينه أو بعدها عن المضامين الإسلامية.. ثم الحاجة لتعلم الأناشيد و أهميتها من خلال المحاكاة التي يتقنها الطفل و يرغبها علما و تعلما، ثم أجابه المحاضر بأن التركيز منذ البداية توضح بأنه على ديوان الأطفال – فقط – و قرأ نموذجا من قصيدة للعيسى بعنوان ( السباحات ).. و ثبّت فيها بأن العيسى يقصد ما يقول بدعوة الطفل للتفكير بمن أوجد البحر و الطبيعة من حوله – دون الإشارة لتفكيره بخالقه – جل و علا -.. و رد المقدم عليه بأن المقصود من ذلك أن العيسى : هل يخرج في شعره عن الإطار الديني أم لا ؟

      و قد جاءت مناقشة الجمهور تصب في هذا السؤال و التساؤل في أهمية الاحتفال بسليمان العيسى في رابطة الأدب الإسلامي! و هو :

- شاعر القومية العربية :

-و أن شعره يدل على فحولته بين الشعراء الكبار، لكنه لا يخفي عداءه للدين و أنه غير ملتزم بالمضامين الإسلامية الحنيفة. و أن التجاءه للأطفال و أناشيد الأطفال ربما يعود للصحوة الدينية في سوريا، و أنه صاحب جماهيرية عالية، لا تخفى على أحد، إلا أنه يذكرنا بتجاوزات كبار شعراء العباسيين ! في أنه قد يحارب الإسلام بشكل غير مباشر، و من ذلك شعره للأطفال، و لا علاقة لسليمان العيسى بالأدب الإسلامي و ليس هذا المنبر له ! و تمنى الحضور لو أن المحاضر كان قد تحدث عن باقي جوانب الشاعر : من لفظ و معنى و تركيب و صورة.

و رد الدكتور المحاضر موجزا بأن النقد و نقد النقد يحتاجان لوقت أطول من وقت هذه المحاضرة، و أن ما قدمه من نقد لشعر الأطفال عند العيسى – ربما – يكون كافيا؛ لأن الشعر لا يكون شعرا إلا إذا مس الموضوع مسا ، إلا في أدب الأطفال فهو مباشر. و انتهت المحاضرة بما بدأت به من حمد الله و الصلاة و السلام على النبي محمد و آله و صحبه و سلم .

             

*عضو رابطة الأدب الإسلامي ـ الأردن