الأديبة الداعية رفاه أحمد المهندس
( 1964م – معاصرة )
الأديبة الداعية (رفاه المهندس)، والكاتبة والسياسية، وعضو المجلس الوطني السوري، وعضو الأمانة العامة للمكتب التنفيذي إلى أن تشكل الائتلاف، وهي عضو مؤسس في الحزب الوطني للعدالة والدستور ( وعد )، ومديرة مكتب المرأة والطفل لدورتين، تقاسمتها ساحات العمل الإنساني، ولا زالت تناضل، وتدافع عن دينها وهويتها وشعبها وأمتها بكل ما تملك من فكر وإبداع وكتابة وسياسة وإغاثة، وعمل إنساني ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
المولد، والنشأة:
ولدت السيدة الفاضلة (رفاه أحمد عبد الهادي المهندس) في حلب الشهباء العاصمة الاقتصادية في شمالي سورية عام 1964م ، ونشأت في أسرة مسلمة ملتزمة ، فالوالد أحمد عبد الهادي المهندس كان تاجراً من طراز فريد، ومثقفاً واسع الاطلاع، أصيبت عينه مبكراً، فحجزته عن متابعة الدراسة والتحصيل العلمي، ولكنه ما ترك القراءة قط حتى آخر لحظة من حياته ، وتعبَ في ملاحقة هواه في العلم والثقافة حتى صار لا يرضيه ما يصل إليه ولا يقر بما استقر حاله عليه ، وكان سابق عصره بعلمه التقني ،وكانت حياته ترجمة لنظريات عظيمة :فالإيمان بلا عمل هو هرطقة، والعمل الصالح هو الجمع بين حسنة الدنيا وحسنة الآخرة، والأمة لن تفلح حتى تأكل وتلبس من صنع يديها، ولا خير فيها إن لم تتقن الاختراع وتكرم المخترعين ولن تنجو من عدوها مالم تصنع سلاحها بنفسها ، فقد أمه صغيراً وعاش على ذكراها بكل جوارحه ،يتفنن في فعل الخير ويحب الإتقان والإحسان معاً .لقد كان والدها بالنسبة لها هو العالم والمعلم والمربي والصديق، فجعت بفقده في 6 / 3 / 1425هـ / الموافق 25 / 4 / 2004م .
وأما الوالدة ( سلوى محمود الصوفي )، فهي سليلة أسرة مباركة معروفة بالعلم والتصوف .وكانت موصولة بالله تعامل الناس على السجية والفطرة الطيبة والأخلاق الرفيعة ، ربة بيت ناجحة ومربية فذة فاضلة تعلمت منها ابنتها الكثير :فهي المجاهدة يوم عزّ النصير، والمهاجرة يوم تثاقل الناس إلى الأرض، وهي السخية بكل دنياها لأجل دينها وأمتها يوم تكالب الناس على الحطام ، وكانت مستجابة الدعوة لا تخطئها سهام الليل ،رفيقة الدرب والصاحبة بالجنب والأم الرؤوم وسر التوفيق الرباني ، ما تزال ملهمة بنيها وذريتها الثبات على دين الله، حفظها الله، وأطال في عمرها.
دراستها، ومراحل تعليمها:
درست السيدة رفاه المهندس في مدارس حلب الابتدائية والإعدادية والثانوية. ولكنها لم تستطع متابعة الدراسة الجامعية بسبب الهجرة والغربة وظروف الحياة السياسية والاجتماعية. فأقبلت على انتهال العلم من كل منهل تصل إليها أسبابه من كتب دينية أو أدبية فتعلمت، وعلمت، وكتبت، وشاركت بحسب ما أتيح لها من مجالات، واشتغلت بهمّ الأمة وتنشئة الأجيال في كل أرض سكنتها وتحت كل سماء أظلتها دونما كلل ولا ملل مهما ازدحمت عليها المشاغل وتعاورتها المشكلات.
جهاد، وغربة:
عصفت بسوريتها الحبيبة أحداث مريرة في الثمانينيات من القرن الماضي ١٩٦٧-١٩٨٣، فهاجرت من حلب إلى لبنان مع أمها وأختها الصغيرة خاويات الوفاض من أوراقهن حتى الشخصية منها، وحيدات الجناب من الرجال الأشاوس المأسورين.
لكن غربتها وتغير ظروف حياتها وأسرتها بين الحرية والأسر لم تسوغ لها انكساراً أو استسلاماً إذ درّست اللغة العربية ومواد الدعوة الإسلامية في كل أرض نزلتها رغم صغر سنها وقد درّست من هم في عمرها أو يكبرونها بأعوام غير آبهة ولا مترددة مما أثرى تجربتها وساهم في وضوح شخصيتها و ثباتها على مبادئها دون تغيير ولا تبديل، بل أسست مهرجانات شبابية نسائية متعددة تحمل همّ الشابة الناشئة والزوجة والأم أمام هموم وتحديات الواقع والمتغيرات من حولهن .
عملت في الحقل السياسي مدافعة عن حرية وطنها وعن شعبها المظلوم.
وكانت من أعضاء المجلس الوطني لقوى الثورة، كما كانت عضواً في الأمانة العامة للمكتب التنفيذي إلى أن جاء الائتلاف السوري، كما أنها كانت من الأعضاء المؤسسين للحزب الوطني للعدالة والدستور ( وعد )، وشغلت منصب مديرة مكتب المرأة والطفل لدورتين فيه .
ظهرت على الجزيرة متحدثة في يوم المرأة العالمي بتاريخ 8 / 3 / 2013م صورت حال المرأة السورية في مواكبة الثورة، وما عانته من الجراح، وعدوها يقتل أولادها أمامها ليثني عزيمتها ويفتت كبدها، وحمّلت المسؤولية على النظام الفاجر الذي استخدم البراميل والصواريخ ضد شعب أعزل رفض الذل والهوان، وقد راعها أن المرأة في وطنها باتت تحفر الصخر بدمها ويديها، لتأخذ حقوقها وتنال حريتها وتستعيد كرامتها ، وبشّرت أمهاتها وبناتها السوريات بأن الحق منصور مهما طال الزمن أو مهما تخلى العالم عن نصرة ثورة يتيمة.
وقد أجرى الأستاذ الإعلامي- محمد النعيمي -في قناة حلب اليوم حواراً معها في برنامج مرافئ حول كتابها "في انتظار المطر".
ومن أقوالها:
-قالت تحت عنوان: (امرأة اليوم موجودة أم موؤدة): ليس عجباً أن تحيا المرأة اليوم شريكتي في الهوية عالماً متماوجاً لا يلبث أن ينحسر عن مدّ مغرق أو جزر مبتلع وبالرغم من أن العصر الذي نحيا يزدهي بعناوين براقة لماعة تدّعي أنه قد سبق كل ما مضى من عصور الزمان خاصة فيما يهم المرأة المعاصرة؛ بيد أن مواجع الأمة ومقاتلها تعلن أن حال امرأة اليوم إنما هو السبب في تعاسة الأمة وشقاوتها.
-ودعت إلى تعليم المرأة لأنه إذا تقدمت المرأة تقدّم أبناؤها، فهي المعدّل الأقوى في نهضة الأمم . وقالت: امرأة اليوم مقدسة، ولكن على طريقة اليونان.
وشاركت الأخت رفاه المهندس في مؤتمر تضامن المرأة القطرية مع المرأة السورية الذي انعقد بالدوحة بتاريخ 23 آذار عام 2013م، وها هي كلمة الأخت رفاه المهندس عضوة الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري وعضوة مكتب المرأة في المجلس:
السيدات والسادة.
السلام عليكم ورحمة الله
سلاماً يحمل كل معاني الإجلال والعرفان
سلاماً لكل قلب صادق تجاوبت خفقاته مع آهات شعبي، وآلامه، وتضحياته، في طريقه لنيل أبسط حقوقه المشروعة، من الحرية والكرامة والعدل، أمام نظام لا يعرف غير لغة القتل والتشريد والإلغاء لهوية شعب مسالم مصابر..
وعندما أدرك أطفالنا أن حاجتهم إلى الحرية والكرامة أعظم بكثير من حاجتهم إلى الخبز والدفء والأمان الزائف، كان النظام القمعي السوري يأبى إلا أن يذيقهم كأس الإلغاء، والخسف، والهوان، بما لا يخطر على قلب بشر!!، حتى امتدت يده الآثمة إلى كل طفل وامرأة وشيخ عجوز، ناهيك عن شباب الورد وأعراض الحرائر ومقدرات شعب سليل المجد عريق الحضارة، فلم يتورع ومن أول لحظة عن استخدام آلات القمع الوحشية، وآلاته الحربية والتي دفع الشعب ثمنها من دمه وعرقه لتحميَه من عدوه فإذا بها توجه إلى الشعب، وقد خرج بمطالبه بصدور مكشوفة ورايات واضحة ومطالب محقة حرم منها عشرات السنين ..
فكان المشهد المرعب الذي صار إليه الشعب المصابر.
الملايين من النازحين داخل الوطن وخارجه تحت أقسى الظروف بلا دواء ولا تعليم ولا عمل تحت الخيام رغم الحر والقرّ والصقيع والعواصف
ومئات الآلاف من المفقودين والمعتقلين، وكلهم مشاريع شهادة ينتظرهم أهلهم وذويهم على ضفاف الأنهار أشلاء مقطعة الأوصال مسلوبة لأبسط حقوق الأحياء والأموات معاً
وقرابة المائة ألف شهيد وشهيدة (يومها كان العدد كذلك لكنه اليوم أكثر من مليون شهيد وشهيدة ) عشرهم من الأطفال والنساء ممن وثّقت أسماؤهم، وتعرّف إليهم ذووهم تحت القصف بالبراميل والراجمات إلى أن استخدم هذا النظام المجرم الأسلحة الكيماوية في مواطن جبن عن اختراقها إلا بهذا الإجرام.
وأمام هذه الصورة الدامية لشعب شعاره : مالنا غيرك يا الله، كانت التبعات ثقيلة على المجلس الوطني والذي كان ممثلاً سياسياً حظي باعتراف دولي في ظل تجاذبات دولية وإقليمية حاولت أن تضع العراقيل والمعوقات ،وبالرغم من كل ذلك فقد حدّد المجلس الوطني ممثلاً بالأمانة العامّة مكاتب الإغاثة لشعبنا المصابر..
فكان مكتب المرأة السورية، ومكتب اللاجئين، ومكتب التعليم، ومكتب الشؤون الصحية، ومكتب الشهداء، ومكاتب أخرى متخصصة اخترنا لها رجالها الأكفاء، وهي على جهوزية كاملة، تبذل المستطاع، وتبقى العقبة الكأداء من نقص التمويل المالي هي العامل الأهم في عمل هذه المكاتب وفاعليتها على الأرض لتقوم بدورها المنوط بها أمام تحديات تراهن على شعب وأمة وتاريخ وحضارة، ومع كل الآلام والجراح تبقى أكفّ الخير السخية لها بصمتها التي لن ينساها لها شعبنا المكلوم وقد برهنت وتبرهن بجودها على لحمة الأمة الواحدة والجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
إخواني أخواتي لكم مني ممثلة عن الأمانة العامة في المجلس الوطني وممثلة عن أمّ كلّ شهيد وكل أرملة ويتيم ومهاجر عن كل من بترت ساقه أو يده، وقلعت عينه عن كل من هدم بيته وافترش الأرض والتحف السماء عن شعب ما عرف غير الجود والكرم لكم منا ولكل من ساند شعبي في محنته ألف ألف تحية وسلام.
الرحمة للشهداء
الشفاء للجرحى
الحرية للمعتقلين
زواجها، وأسرتها:
تزوجها الشيخ الداعية مجد مكي -حفظه الله ورعاه- قبيل منتصف الثمانينيات، وتعرفت على أسلوب جديد في الحياة الاجتماعية، فاجتهدت للمقاربة بين أسلوب تأسيس الأسرة حسب ما درجت عليه في أسرتها، وأسلوب الحياة العلمية الزاخرة -في بيت زوجها - وقد ضجت جنباته بأهل العلم المميزين ومطارحاتهم وطرق دفاعهم عن آرائهم وتطلعاتهم للمحافظة على اتجاهات المدارس العلمية بأصالتها
وقد يسر الله أن يكون بيتها وزوجها-الشيخ مجد مكي - في مكة المكرمة موئلا لطلاب العلم وأهل الفكر والدعوة وما من عالم أو طالب علم وفد للحج أو العمرة إلا وقد زارهم والتقى في بيتهم علماء المشرق بعلماء المغرب ودعاة الصحوة بطلاب العلم من سائر الأقطار ، وقد نجحت في المواءمة بين واجباتها كأم لستة أبناء وزوج كريم مضياف مع دعوتها وأنشطتها دون أن تخلّ بواجب أو تفرط في حق فيهما، وقد أنجبت من الشيخ الفاضل ستة أبناء وبنات، خمسة منهم قد أنهوا المرحلة الجامعية وخاتمتهم في السنة الأولى من دراستها الجامعية .
-أحمد مكي: مواليد 1985م، درس إدارة أعمال وتخصص في علم التسويق في بريطانيا، وحاز على درجة الماجستير، وهو الآن في استانبول وزوجته بولندية مسلمة، وعنده ثلاثة أولاد.
-هبة مكي: مواليد 1987م، تزوجها المهندس أسامة أبو طوق مبكراً، وتابعت دراستها عنده وتخصصت في علم النفس وعندها ثلاثةأبناء وبنت.
-نجوى مكي: وهي من مواليد 1990م تزوجها المهندس عبد الله منلا، وأتمت دراستها في الشريعة وأصول الفقه وعندها ولدان وبنت.
-موفق مكي: من مواليد 1992م، وقد أتمّ دراسته للهندسة الصناعية وتزوج من سمية سعيد بارودي، ورزق بابنته الأولى رفاه مكي الحفيدة ، وهو يعمل في استانبول ويعيش فيها .
-نهى مكي: من مواليد عام 1993م وقد أكملت دراستها في جامعة الإمام محمد بن سعود في اللغة العربية، وتزوجها المهندس المهاجر عمار دقسي وهما في طرابزون من تركياحيث يعمل زوجها وقد رزقا بمولود .
-وأما شُهدة مكي: فهي من مواليد عام 2000م، وقد نالت الثانوية البريطانية بامتياز ،وهي تدرس في قسم الهندسة الكيميائية في جامعة قطر في عامها الدراسي الأول .
مؤلفاتها:
1-في انتظار المطر – تأليف رفاه أحمد المهندس، طبع دار ابن حزم في بيروت – الطبعة الأولى عام 1999م . ويقع الكتاب في 96 صفحة من القطع المتوسط.
أهدت الكتاب إلى والديها، وتناولت فيه الكاتبة / 22 / مقالة نثرية، جاءت تحت العناوين التالية: مفارقات ومغالطات، وقفة ونظرات، القصيدة الشهيدة، القلم الأمين، أسطورة في عالم الواقع، ومثاليات مثلجة، العلم المسلوق، زيارة هاتفية، جهاد مع الصفحات، نحو ثقافة واعية، امرأة اليوم موجودة أم موؤدة، أمسيات واعدة، الأمومة المجزوءة، وأمّ وأمة، ونبتة في النور، في انتظار المطر وبهذه المقالة سميت المجموعة، تجهيل مبرمج، بحث عن الذات.
وأكثر هذه المقالات ذات طابع اجتماعي، وفيها بعض الرمزية مثل في انتظار المطر، وما في المطر من رمزية وايحاء فقد يدل على الخير والخصب، وقد يدل على الثورة كما هو الحال عند بدر شاكر السياب في أنشودة المطر، وتنمّ هذه المقالات عن ثقافة إنسانية واجتماعية عالية عند الأخت الكاتبة.
وأسلوبها في الكتابة رصين، وألفاظها واضحة وموحية معبرة، وفيها نفحة أدبية رمزية، والتراكيب متماسكة مترابطة يأخذ بعضها برقاب بعض، عالجت الموضوعات بروح واقعية، وخيال محلّق، وبيان مشرق يذكرنا بأسلوب الكاتبات العربيات الكبيرات في بداية عصر النهضة.
نرجو للأخت الداعية الفاضلة رفاه المهندس المزيد من التوفيق والعطاء، والازدهار، مع تمام الصحة والعافية لكي تتحفنا بكتاب عن المرأة المسلمة الداعية، وتجيب فيه على بعض التساؤلات: لماذا لم تستطع الحركة الإسلامية الراشدة أن تنجح في جذب المرأة إلى صفوفها أسوة بأخيها الرجل، ولماذا لم تظهر بيننا أمثال الداعية المجاهدة زينب الغزالي، وأمينة قطب وحميدة قطب ...أم هو الخوف والتعتيم الإعلامي ؟؟، وهل تتكرم علينا السيدة بجمع مقالاتها المنشورة في مجلة المجتمع، .. وغيرها، ونحن لا نطلب منها المستحيل، وإننا لمنتظرون.
المصادر :
1-رسالة من الأخت الفاضلة رفاه المهندس بتاريخ 11/ 8 / 2018م.
2-موقع الجزيرة نت – حوار مع جمال ريان بمناسبة يوم المرأة العالمي.
3-موقع قناة حلب اليوم – برنامج مرافئ – تقديم محمد النعيمي.
4-صفحة مكتب المرأة في المجلس الوطني على الفيسبوك.
وسوم: العدد 818