لا بد للحق أن ينتصر
(1)
الإمام الشهيد حسن البنا
الأستاذ محمد هارون المجددي (*)
كان الإمام الشهيد "حسن البنَّا"- رضي الله عنه وأرضاه- صورة طيبة لخيرة أصحاب قائدنا الأعظم سيدنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد ملكت مبادئ الإسلام المثالية قلبه وفكره في كل لحظة من لحظات حياته، وكان لا يعيش لنفسه؛ بل يعيش لهذه الأمة الإسلامية التي توالت عليها المحن، ورانت عليها صروف الزمن، فأفقدتها شخصيتها، وظنت أن الخلاص هو في اعتناق مبادئ الغرب بمختلف ألوانها، وكان التيار الإلحادي يجرف في لُجَّيه الشبيبة المثقفة، وهي خلاصة الأمة وقلبها النابض الذي يحرك نشاطها ذات اليمين وذات الشمال، ولكن الله تعالى الذي بشرنا بقوله: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ (النور: 55).
ألهَمَ الشهيد الإمام "حسن البنَّا" بما ألهم به خيرة عباده الصالحين، فكان أمة وحده، وقف أمام التيار الإلحادي فصرعه، وحال دون طغيانه، وأخذ بأيدي الحيارى والضالين فأرشدهم إلى ما فيه خير دينهم ودنياهم، وغرس في قلوبهم تعاليم القرآن الخالدة، وأنه لا نجاح لمسلم في الحياة إلا إذا كانت روحه صافياً والربُّ عنه راضياً، وإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
وهكذا عادت الأمة إلى رشدها، وبدأت تنهل من المنهل العذب الذي أعده الإمام الشهيد سائغاً للشاربين.
إنه لابد للحق أن ينتصر، ولابد للباطل أن يندحر، وأنه لابد للتاريخ أن يعد الإمام الشهيد من الشخصيات الخالدة التي أدت إلى الإسلام أجل الخدمات.
نسأل الله - تبارك وتعالى- أن يجزيه عنَّا خير الجزاء، وأن يلهمنا دوماً السير في طريق الهدى الذي أناره لنا وأرشدنا إليه.
(*) هو ابن السفير الأفغاني بمصر في فترة الأربعينيات محمد صادق المجددي، ولد بـ "كابل"، التحق بكلية دار العلوم، وتخرج فيها، وعين بوظيفة قائم بأعمال السفارة، التقى بالإمام الشهيد وأعجب بأسلوبه ونظام دعوته، اعتقل في عام 1954م، وظل في المعتقل دون محاكمة إلى أن تدخل أصدقاؤه السياسيون أمثال محمد الخامس – ملك المغرب- للإفراج عنه، فتم الإفراج عنه ونفيه خارج مصر، ثم عاد مرة ثانية، فتم اعتقاله عام 1965م، أصبح الأمين العام المساعد لجامعة الشعوب الإسلامية التي أعلنت مصر إنشاءها عوضاً عن الجامعة العربية عقب توقيع معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية عام 1979م.
(1) الدعوة – السنة الثانية – العدد (52) – جمادى الأولى 1371هــــ/ 12 من فبراير 1952م.