المناضل لمعي قمبرجي
المناضل لمعي قمبرجي
نعمان فيصل
عندما أعود بالذاكرة إلى أيام الخوالي، عندما كنا نسافر إلى القاهرة في الصيف لقضاء الإجازة، في هذه المدينة الهيفاء، مدينة الأهرامات، دائماً كان يخامرني الحدث أن مدينة القاهرة هي ملكة الشرق الأوسط بلا منازع، وملتقى الشرق والغرب، إنها هوى الانتساب إلى هذه المدينة الساحرة.. يتمثل أمامي رجلٌ اسمه لمعي قمبرجي؛ ولأن لمعي اسمٌ على مسمّى وصفة على موصوف، أي رجلاً شديد التهذيب والصفات اللامعة، بنفسه الجميلة، ووجهه الذي يوحي بالراحة والطمأنينة.
عرفت هذا الرجل الفذ منذ سنين، وخبرت خلال هذه الفترة أمثلة عديدة من الخصال التي يتميز بها هذا الرجل؛ فهو مثال يحتذى به في دماثة خلقه وسيرته الحسنة، كان أصدق الناس لهجة، وأبعدهم عن الكذب والتدليس، فلم يعرف في حياته لغواً ولا لهواً؛ إنما استهدف الجد والنفع العظيم، يعمل بصمت وسكينة بعيدة عن الأضواء لا يبتغي إلا وجه الله عز وجل، إنه إنسان بكل معاني هذه الكلمة وما تنضوي تحتها من معاني وخصال فريدة ممتازة، رجل في حنين دائم إلى البساطة، لم يكن يضمر لأحد سوءاً، وهي أمور لا يتحلى بها إلا كريم النفس، صريح الطبع، سليم الصدر، نقي السريرة.
تجتمع به فترتاح نفسك لملاقاته، وتحدثه فيتحفك بكنوز أفكاره وثمار علمه وخبرته؛ فتتمنى أن يطول اللقاء، وأن يستمر الحديث إلى ما لا نهاية، وهو إلى ذلك بعيد عن الإدعاء والتبجح، كان وما زال الرجل الوفي والوطني، الذي أمضى سني عمره في العمل الوطني، ويؤدي واجبه على أكمل ما يستطيع لوجه الله والوطن، لا لشهرة أو لجاه. وكنت كثير الإعجاب به وبمقدرته وصفاته اللامعة التي يتحلى بها، وانطبق عليه قول الشاعر:
كأنكَ من كلِ النفوسِ مُركَّبٌ فأنت إلى كل النفوسِ حبيبُ
هذه ظلال من شخصية لمعي قمبرجي، حاولت أن ارسمها بعفوية كما لمستها وعرفتها وعاصرتها، والحق يقال من باب تقرير الواقع، لا من باب المديح والإطراء، وهي كلمة أقولها في صديق وعن صديق، لا تصفه بمقدار ما تعبر عمّا في نفسي وفي قلبي، فلنسأل الله له دوام الصحة وطول العمر واضطراد النجاح ورغد العيش.