في ذكرى استشهاد الإمام البنا
(1)
الإمام الشهيد حسن البنا
محمد عبد القادر حمزة بك
على الرغم من أنني لم أتحدث إلى المرحوم الشيخ حسن البنا غير مرة واحدة؛ لأنني لا أقابل الناس كثيراً، فقد كانت هذه المرة كافية لأتصور في نفسي ولنفسي مبلغ ما كان يعمر قلب هذا الرجل من قوة ذاتية خلقت حركة لعلها من الحركات الفريدة في تاريخ الحركات الإسلامية الحديثة، إنها تأتي مباشرة بعد حركة المرحوم السيد محمد علي جناح لإنشاء الباكستان، وعلى من يريد أن يدرك مقدار تغلغل حركة الإخوان المسلمين في أعماق كثير من الناس، أن ينظر إليها في الريف المصري وفي البلاد الإسلامية الشقيقة الواقعة في شمال أفريقيا.
ولقد كنت في طنجة في مثل هذا الوقت من العام الماضي تقريباً، فرأيت مبلغ إيمان الشباب المراكشيين هناك بحركة الإخوان المسلمين واعتناقهم لها، وقبل هذا مبلغ حبهم لذكرى منشئ هذه الحركة اليوم الشيخ حسن البنا.
ولقد رأيته يخطب في هذه المرة الوحيدة التي قابلته فيها، وكان (رضي الله عنه) يلقي خطبته في جمع من أعوانه وأعضاء جماعته، وفي عدد من الصحفيين الأجانب استهوتهم سرعة انتشار حركة الإخوان المسلمين في مصر، فذهبوا ليروا هذا الرجل الذي جعل من تعاليم الإسلام حركة إيجابية نشطة تدعو إلى التعلق بهذه المبادئ، وجعلها أساساً لنهضات المسلمين ولحكمهم، ولقد خطب الشيخ البنا باللغة العربية وبطريقته الساحرة، فكان تأثيره في الناس كافياً للتأثير في هؤلاء الصحفيين الأجانب الذين لم يكونوا يعرفون كلمة واحدة مما قال، ولكنهم كانوا يرون مبلغ أثره فيمن كان يفهم كلامه.
ولقد دخلت السجن بعد هذا، وشغل المرحوم الشيخ البنا بما أصاب جماعة الإخوان من اضطهاد، ثم لقي ربه مقتولاً برصاص غادر، ولكن الحركة استمرت؛ لأنها حركة وجدت لتعيش وتنمو بإذن الله.
(1) الدعوة – السنة الثانية – العدد (52) 16 من جمادى الأولى 1371هـ/12 من فبراير 1952م.