الشيخ صالح بن إبراهيم شهيل الشُّهيل
نِعِمَّا رِجالٌ عرفتُهُم (29)
1345-1442هـ
لو أردت أن ترى رجلاً يُجسِّدُ بمرآه سَمْتَ أهلِ الأحساء طيباً وبِشراً، أصالةً ومُروءةً ،كَرَماً ومودَّةً لانبرى قلمي متسارعاً مع نبض قلبي ليسطر ماأعرفه عن هذا الرجل الفاضل حُبَّاً وتقديراً ،دُعاءً ووفاءً أجل كيف لا!؟ وجميع من عرفوه يشهدون له بذلك ،ويذكرونه بخير، إنَّهُ ذيَّاك الرَّجُلُ الكريم ،والجار القريب ،والشيخ الفاضل ،والأخ الكبير بقدره عميد أسرة آل شهيل الشيخ صالح إبراهيم شهيل الشهيل رحمه الله الذي توفاه المولى قبل ثلاثة أيام بتاريخ 6/12/1442هـ الموافق 16/7/2021م عن عمرٍ يُناهز السابعة والتسعين بعد معاناةٍ قاسية لأشهرٍ عديدة مع المرض ليخرج من دنياه بإذن الله نقياً من الذنوب مطهراً فعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال : (مايُصيبُ المسلم من نَصَبٍ ولاوَصَبٍ ولاهمٍ ولاحَزَنٍ ولاأذىً ولاغمٍ حتى الشَّوكة يُشاكَها إلا غُفِر له بها من خطاياه )مُتَّفقٌ عليه .
أجل ماأجلَّك ياالله !!وماأعظمَ دين الله !!رحمه الله وغفر له وتقبله في عليين.
معرفتي به وبهذه الأسرة الكريمة قديمة مع قدومي للأحساء قبل عقودٍ أربع حيث كان البعض منهم يزوروني للعلاج أثناء عملي مع الحرس الوطني السعودي زاده الله قوةً ومَنَعة عندما كان الحرس الوطني مستأجراً بناء المطوع قرب إدارة مشروع الري والصرف ، إلا أن َّ العلاقة توثَّقت عند استئجاري بيتاً في حي الشروفية في المبرز عام 1407هـ من أسرة المغلوث الفاضلة التي عشت بين ظهرانيهم ربع قرنٍ من الزَّمان فكانوا نعما الأهل والجوار، ونعما العلاقة ُ و الودُّ ،ذاك الحي الهادئ الجميل بأهله ،والأصيل بأهله وسكانه وكان بيت الشيخ علي الراشد رئيس هيئة الأمر بالمعروف السابق بالمبرز هو البيت المقابل لبيتي ويليه من جهة الشمال بيت الشيخ صالح إبراهيم الشهيل رحمه الله وتفصلني عنه جادةٌ واحدة أما الشيخ صالح إبراهيم الشهيل رحمه الله فلا زالت صورته متألقةً بذهني مُذ عرفته فهو كما هو على هيئته وحاله لم يتغير علي منذ أكثر من ثلاثين عاماًوماذاك إلا لنقاء قلبه ،وجمال سريرته وكان يتميز بالحلم والأناة والحكمة والصبررحمه الله وتعرفت أيضاً على إخوته الكرام رحمهم الله حسن وشهيل الذين يصغرونه سناً ولكن علاقتي بالشيخ صالح رحمه الله كانت أوثق وتعرفت خلال تلك الفترة كذلك على العديد من رجالات الأسرة الكريمة وتوثقت علاقتي معهم أجل ولكن الشيخ كما قلت قبل هو هو لم يتغير على حاله وهيئته لترى في قسمات وجهه ومحيَّاه سمت رجلٍ وقور ، الأناةُ والرَّزانةُ باديةٌ ظاهرةٌ على مُحيَّاه ،والابتسامةُ لاتفارقه، والأنسُ كأنَّهُ نسيجُ وجهه،لِيُشرق في قسماته لطفاً وطلاقةً لترى بحق برؤاه رجلاً البِشرُ مُحيَّاه، والطَّلاقةُ مرآه،والدَّماثةُ طبعه، والرَّزانةُ حِسُّه،والمروءةُ خُلُقُه،والوقارُ حِلّيته،تشعر بالسَّعادة بلقياه ،وتستشعرُ الأنسَ بالقرب منه ،وترى اللُّطفَ بحديثه ، وتأنس بوجودك معه يبادرك بالسُّؤالِ والاطمئنان عنك وعن أبنائك وأسرتك وبلدك هكذا انطبعت صورته بذهني رحمه الله أجل.
كان رحمه الله محبوباً لطيفاً باراً بأسرته حريصاً على جمع كلمتها أسرة آل الشهيل فخصها باجتماعٍ أسبوعي وكانت تجتمع الأسرة وضيوفها عنده اسبوعياًفي مجلسه العامر بالأنس والأدب والاحترام والتقدير بعد صلاة الجمعة منذ عام 1404هـ إلى أن توقفت في جائحة كورونا وكذلك كان يجتمع مع الأسرة و ضيوفهم في مزرعته الرائعة كل اثنين كذلك اسبوعياً وقد دُعيت للمزرعة مراتٍ عدة وسعدتُ وشَرُفتُ بالقدوم أما المجلس فكنت لاأنقطع عنه ولا أنسى تهلل وجهه في كل مرةٍ يلقاني فيها ،ليس هذا معي فحسب بل مع جميع ضيوفه ،وكان يستقبل ضيوفه من النُّخب من داخل البلاد وخارجها في داره العامرة أومزرعته الساحرة رحمه الله وكان ممن زاره الرئيس السوداني عبد الرحمن سوار الذهب عليه رحمة الله وكذلك الداعية الكويتي العلم من كان أمةً برجل الدكتور عبد الرحمن السميط رحمه الله رحمه الله تعالى والعديد من الضيوف الكرام الأفاضل لاعلى سبيل الحصر فضيوفه كُثر ، هذا عدا عن تواصله مع الأسر الكريمة النجيبة في الأحساء وقد زرته قبل مايقرب من عقدين من الزمان في بيته مع السَّفير الأديب الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك رحمهما الله ولله درُّهما وما أجمل اللقاء الذي كان بينهما صفاءً ونقاءً أنساً وودَّاً وبينهما وشائج قربى وأنساب. كان يقابل احداث الحياة بوجهٍ بشوش وصبرٍ جميل رغم قسوة الأحداث التي مرت عليه إلا أنها لم تصدعه ولم تثني من عزيمته بل كان يشحن من حوله بالتفاؤل والأمل ثقةً بالله وكان ذا رأي حكيم وبصيرةٍ ثاقبة ونعمَّاالمستشاركان.
عمل في أرامكو 1942 بالبداية ليعمل بعدها في أعمالٍ خاصة لعشر سنوات ثم ليعود بعدها لشركة أرامكو عام 1954م ويفتتح شركة زراعية متعددة الأنشطة مع إخوته ليستقيل بعدها من أرامكو مدعماً عمله والشركة التي أسسها وإخوانه.
كان حريصاً على صلة الأرحام والتَّزاور معهم كما كان من أهل الخير والبر والمعروف وله مساهمات في بناء المساجد في الداخل والخارج وحفر الآبار وإغاثة الملهوف حريصاًعلى تفقد المساكين وعون الفقراء وصاحب المعروف لايضيع وكانت أشد لحظات الفرح والسعادة عنده عندما يساعد محتاج أو يأتيه ضيوف كما أخبرني بذلك صهره زوج ابنته الصديق القريب والأخ الحبيب الشيخ عبد الله الهديب حفظه الله و حاله مع ضيوفه في مروءته وكرمه الذي تلقاه سجيَّةً وطبيعةً يجسِّده هذان البيتان الرائعان :
وقد اتصل بي أخي الفاضل د.حسن حتاحت حفظه الله بعد دفنه الجمعة بتاريخ ٦/١٢/١٤٤٢ه بعد العشاء من المقبرة ليعلمني بخبر وفاته فاسترجعت وترحمت عليه رحمه الله وغفر له وأحسن وفادته وفي اليوم التالي علمت بوجود مجلس عزاء له في بيته فذهبت للعزاء ودخلت من باب المجلس وبعد سلامي من بعيد لظروف كورونا توقفت قبل جلوسي في مجلس العزاء لأقول لهم ولأبنائه الأكارم الأستاذ عبد الرحمن والأستاذ عبد اللطيف والمعزين الكرام :
كريمٌ قدم إلى كريم ... وحبيبٌ محبٍ لله ورسوله قدم إلى ربه وخالقه ومولاه وإن شاء الله هو ممن أحبَّ لقاء الله فأحبَّ الله لقاءه أجل هنيئاً له أياديه البيضاء وبِرَّه بكل من عرفه وأولاً وقبل كل شيء حُبُّ الله ورسوله والصالحين من عباده أجل كريمٌ قدم إلى كريم والله ودودٌ كريم ، غفورٌ رحيم ، لطيفٌ بعباده، هو ربُّ العالمين ،وهو أرحم الراحمين رحم الله الشيخ الفاضل الجليل وغفر له وتقبله في عليين وجمعنا به في مستقر رحمته والحمد لله رب العالمين
وسوم: العدد 939