مُحَدِّثُ الشَّامِ الكبيرِ الإمامُ المُجاهِدُ المُصلِحُ المُجَدِّدُ العَلَّامَة الشيخُ مُحمد بنُ يُوسف؛ بَدرُ الدينِ الحَسَنِيُّ
شَيخُ العُلماءِ الثُّوَّارِ، والأبُ الرُّوحِيُّ لِلثَّورَةِ السُّورِيَّة الأولَى،
ومُلهِمُ العُلماءِ الأحْرارِ في الثَّورَةِ السُّورِيَّة الثانِيَةِ
الرَّبَّانِيُّ والرَّجُلُ فِي أمَّةٍ
في الذكرى الثامنة والثمانين لرحيله
المحدث الشيخ بدر الدين الحسني
*هو محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب، المغربي المراكشي البيباني؛ أبو المعالي بدر الدين الحسني: محدث الشام الكبير في عصره، والأب الروحي للثورة السورية على الفرنسيين، وأحد أبرز رجالات سورية وزعمائها، وهو أستاذ علماء الشام وشيخهم الزاهد المُعتَقَد.
*والده: العلامة المحدث الكبير يوسف بن عبد الرحمن البيباني، من كبار علماء الشام ومُحدِّثيها القادمين من المغرب، أصله من مدينة "مَرَّاكش" المغربية، وهو حسني النسب ينتمي إلى ذرية "الشيخ الجزولي" النسيب الحسيب صاحب "دلائل الخيرات" المحب لرسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، المتصل نسبه بسيدنا السبط الحسن بن علي عليهما السلام.
وقد انتقل أحد أجداد الشيخ يوسف إلى "بيبان - البحيرة" في "مصر"؛ فوُلد فيها ابنه يوسف وإليها نسبته "البيباني".
ومضى الشيخ يوسف إلى "تونس" فدرس في "جامع الزيتونة"، كما جاور في "الأزهر" وتخرّج فيه، بعدما درس على جلة علماء فيه؛ منهم: العلامة والفقيه الشافعي الشيخ إبراهيم الباجوري ت 1276هـ، وشيخ الإسلام عبد الله الشرقاوي ت 1279هـ، وغيرهما.
وعاد مهاجرا إلى الشرق فاستوطن "دمشق" واشتُهر بـ "المغربي"، وتوفي بدمشق سنة 1279هـ - 1862م. وكان شافعيَّ المذهب.
*عمل جاهِدًا على تخليص "دار الحديث الأشرفية" من أيدي غاصبيها، وأصلح ما خُرّب منها، وتولى الإمامة والخطابة والتدريس فيها.
هو أكثر من ابنه - "الشيخ بدر الدين"- اهتماما ورواية للحديث النبوي.
كان رحمه الله جريئا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
*والدة الشيخ بدر الدين: هي السيدة عائشة بنت الشيخ إبراهيم بن صالح المُنَيِّر الكزبري الحسيني، الدمشقية، شقيقة الشيخ صالح الكزبري.
2
*ولادته ووفاته: ولد بدر الدين في دمشق في داره الملاصقة لـ "دار الحديث الأشرفية"، ونشأ وعاش وتوفي في مدينة "دمشق".
*نشأته: نشأ الشيخ نشأة صالحة في ظل والدين كريمين صالحين، وبرعايتهما؛ فشبّ على التقوى والأخلاق السامية، مُعظّمًا محببا إلى النفوس، مُكبًّا على تحصيل العلوم، ولا سيما الحديث الشريف.
*علمه ونبوغه وقوة حافظته: أخذ مبادئ العلوم والقرآن الكريم عن والده، وكان ذكيا قوي الذاكرة؛ فقد حفظ القرآن وهو ابن سبع، كما حفظ الصحيحين بأسانيدهما غيبًا، وكثيرا من المتون العلمية، يقال إنها زُهاء عِشرين ألفَ بيتٍ شعر.
*كفالة خاله له: كما سبق أن ذكرنا فقد توفي والده وهو في الثانية عشرة من عمره، فكفَله خاله الشيخ صالح الكزبري ووالدته عائشة، وشيخه الاشهر أبو الخير الخطيب.
*بعد وفاة والده انقطع في غرفة أبيه "دار الحديث" يطالع الكتب ويحفظ المتون بإشراف الشيخ أبي الخير الخطيب، فحفظ نحوَ 12 ألفَ بيتٍ من
المتون، ثم شغله بقراءة شروحها، ودامت عزلته سبعَ سنوات، ترك خلالها تعليقات على قرابة خمسين كتابا.
*رحلته إلى مصر حوالي 1285هـ؟ - 1868م؟ ثم رحل الشيخ بدر الدين إلى "الجامع الأزهر" بمصر وعمره نحوا من 20 سنة فحضر على كبار شيوخه في الحديث، والتفسير، والفقه، والأصول، والنحو، والصرف، والبلاغة، والمنطق، وغيرها، وأجازوه.
*وفي سنة 1290هـ رحل إلى حمص وأقبل عليه أهلها كثيرا وأخذوا عنه.
*كما رحل إلى الحرمين الشريفين وغيرهما.
*من أشهر شيوخه في الشام والأزهر وغيرهما:
1- والده الشيخ يوسف ت 1279هـ، وهو ممن روى عنه أيضا.
2- الشيخ عبد القادر بن صالح الخطيب ت 1288هـ، وروى عنه.
3
3- الشيخ أبو الخير بن عبد القادر الخطيب ت 1311هـ.
4- الشيخ إبراهيم بن علي الشبراخومي "السَّقَّا"؛ برهان الدين شيخ الشافعية ت 1298هـ: فقد لازمه الشيخ بدر الدين، واستفاد منه وأجازه، وهو عمدته في رواية الحديث على الإطلاق؛ لكنه روى عن غيره، مثل:
5- العلامة الشيخ حسن العدوي الحمزاوي. 6- السيد علي بن ظاهر الوتري. 7- الحبيب حسن الحبشي. 8- السيد أحمد البرزنجي.
9- الشيخ عبد الجليل برادة. 10- الشيخ عبد الرزاق البيطار.
11- الشيخ محمد أبو الهدى الصيّادي. 12- أحمد بن عبد الغني عابدين.
13- الأمير سعيد بن عبد القادر الجزائري.
*أعماله: *بدأ منذ الخامسة عشرة من عمره يُلقي دروسا خاصة.
*ثم بدأت دروسه العامّة في "جامع السادات"، ثم أسنِد إليه تدريس الحديث الشريف في "الجامع الأموي - تحت قبة النسر" خلفا لأجداد أمه "آل الكزبري"، كما درّس العلوم الشرعية والعربية: كالفقه والحديث والنحو
والصرف، والبلاغة، وبعض العلوم العصرية الكونية، وانقطع إلى العبادة والذكر والعلم التدريس والتوجيه والتربية والإرشاد في "جامع سنان باشا - دار الحديث الأشرفية"، وبداره في دمشق.
*كان يقرأ في "الجامع الأموي" في كل جمعة بعد صلاتها "صحيح البخاري" إلى أذان العصر، وكان إقبال الناس على دروسه كبيرا؛ إذ كان يحضر عنده فيها نحوٌ من الألف!
*وكانت حجرته لا تخلو من العلماء والطلاب والدروس.
*مذهبه: كان الشيخ بدر الدين رحمه الله شافِعِيَّ المذهب كأبيه.
*انتقاله إلى الدار الآخرة: وافته منيته بدمشق نهار الجمعة 27/ربيع الأول/1354هـ = 28/حزيران/1935م.
*جنازته الحافلة المهيبة وتأبينه بعد "الأربعين": وكانت جنازة الشيخ حافلة جدا سار فيها عشرات الألوف.
4
كما أقيم له حفل تأبين "أربعيني" في جمادى1/1354هـ - آب/1935م؛ تكلم فيه تلميذه الشيخ طاهر الأتاسي الحمصي، والأستاذ عز الدين التنوخي، ورئيس الوزراء عطا الأيوبي، والعلامة اللغوي الشيخ عبد القادر المغربي رئيس "المجمع العلمي العربي" حينها، ود. رضا سعيد عميد الجامعة السورية، ورئيس الجمهورية آنذاك.
كما ألقى كلمة مصر الأستاذ الشيخ محمد بخيت المطيعي، وأبَّنه كذلك الشيخ محمد الغنيمي التفتازاني المصري.
*تقواه وأخلاقه ومكانته:
*كان رحمه الله ربانيا صواما قواما ورعا، محبا لله ورسوله وآل بيته الكرام، مهيبا مطاعا، سخيا سمحا، نافذ الكلمة، بعيدا عن الدنيا وزخارفها، علت مكانته لدى الحكام وأهل الشام، وقد بذل ما عنده من مال للثوار السوريين على فرنسا المختلة، وكان - في الشام- أمره الأمر، كما يقول تلميذه الأديب الأريب الشيخ علي الطنطاوي.
*وكان يصوم الدهر، ولا يفطر إلا العيدين، بقي على ذلك نحو خمسين سنة، وكان يشغل وقته بالتدريس؛ فيخرج من منزله قبيل الفجر إلى "دار الحديث" فيصلي بها الصبح ويطلع إلى غرفته فيمضي النهار مع طلابه تارة مع اثنين، وتارة مع واحد حتى غروب الشمس.
*كان رحمه الله كثير الذكر، قليل الكلام، دائم الصلاة على خير الأنام.
*وكان قوي الجسم والأخلاق، يزور السجون وينصح السجناء. ومن تواضعه أنه لم يُصلِّ إماما قط؟! وكان يمحو اسمه عما خلَّف من كتب وشروح إذا نشرت؛ لينتفع بها الناس.
*وكان يكاتب ملوك وأمراء المسلمين يحضهم على العدل وإقامة الحق.
*منزلته العلمية وسعة علمه: كان رحمه الله علامة بلاد الشام، ولا سيما الحديث النبوي الشريف؛ فكان يحفظ الصحيحين بأسانيدهما، والكتب الأربعة مع موطأ مالك.
5
*كما كان فقيها شافعيا، وكان موسوعة علمية، وله يد طولى في المعقولات والمنطق والبيان والأصول والهيئة والرياضيات والفلسفة، وغيرها.
وقد روى عن كثيرين بالحرمين والشام ومصر، ولكنه كان مقتصرا في الرواية بسبب ورعه وعدم حبه للشهرة.
*منزلته في العلوم عامة وفي علم الحديث خاصة:
*مكانته لدى العلماء:
1- قال فيه المحدث الشيخ عبد الواسع الواسعي اليماني: "السيد العلامة المحدث علامة الدنيا، إمام التحقيق والتدقيق، وروح جسم العبادة، وحليف التقوى والزهادة، لقد سمعت المدرسين والوعاظ في بلدان كثيرة، فما رأيت مثله قط، في جميع العلوم العقلية والنقلية".
2- وقال في الشيخ محمد رشيد رضا: "إنه دائرة معارف".
3- وقال الشيخ السيد الكبير الكتاني المغربي عنه: "إنه منذ خمسمئة سنة لم يوجد له نظير؟!".
4- وقال فيه المحدث والمؤرخ الحلبي الشهير الشيخ راغب الطباخ: "علامة دمشق ومحدثها وحافظها".
5- وقال الشيخ محمد عبد الجواد القاياتي المصري: "الشيخ بدر الدين بن الشيخ يوسف المغربي هو من نوادر هذا الزمان".
6- وقال العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي مصر حينها عنه: "لو كان عندنا في مصر لم تحمله العلماء إلا فوق رؤوسهم".
*وقال فيه أيضا باللهجة المصرية: "ربنا يخليك، ما فيش في الدنيا النهار ده واحد تاني زيّك"؟!
7- وقال فيه شيخ الإسلام في الدولة العثمانية الشيخ موسى كاظم أفندي: "إنه قطب العالم الإسلامي".
6
8- وقال عنه تلميذه الأديب الكبير الشيخ علي الطنطاوي:
"آخر علماء السلف الصالح، سر قوة دمشق، رمز العصور الذهبية الأولى، وصفحة حية من تاريخ المجد الإسلامي المعاصر، نشيج وحده في هذا العصر، وآية من آيات الله قامت في هذه الأيام المظلمة لتنيرها بنور الصدر الأول، كما ينير البدر الليل الداجي بنور الشمس المشرقة، ولكن ذاك بدر الدنيا، وهذا (بدر الدين)؟!".
9- قال فيه تلميذه العلامة الشيخ محمود العطار الدمشقي: "لو كتب درسه بالحرف الواحد لبلغ جزءا لطيفا بلا شك".
*إجازات الشيخ بدر الدين:
أما إجازات الشيخ بدر الدين فقد كان له ثلاثُ إجازات:
الأولى: إجازة مطبوعة، وكان يُجيز بها عامَّة مُستجيزيه طلاب العلم وغيرهم. الثانية: إجازة خاصة بكتب الشمائل النبوية.
الثالثة: إجازة مُوَسَّعة ومُمْتِعة، كما قال عنها ش د. محمود سعيد ممدوح المصري، وهي مطبوعة في كتاب "إعلام القاصي والداني" له، وقال عنها: "وبمثلها أجاز لشيخنا الشيخ عبد الله بن محمد غازي، ولزميلنا مُسنِد الشرق الأقصى السيِّد سالم أحمد جُندان". *"تشنيف الأسماع" 1/289.
7
*نموذج لإجازته في الحديث، والتي كان يعطيها لبعض الطلاب والمستجيزين:
*إجازته لمحدث حلب ومؤرخها الشيخ محمد راغب الطباخ:
يقول الشيخ راغب رحمه الله في "الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية" 526- 528: الإجازة السادسة
(إجازة الشيخ محمد بدر الدين الحسني)
"وأجازني أيضا علّامة دمشق ومُحدّثها وحافظها، العالم الناسك الصوفي، المنعزل عن الناس، المُلازم لحُجرته في "مدرسة دار الحديث، الشيخ محمد بدر الدين الحسني، أمتع االله المسلمين بطول بقائه، وأجزل به النفع لهذه الأمة، وذلك في رحلتي إلى دمشق سنة (1337هـ)، وهذا نص إجازته:
بسم الله الرحمن الرحيم
(نحمدك اللهم على متواتر آلائك، ونشكرك على مسلسل نعمائك، ونسألك مُتّصِل الصلوات والتسليمات، على المرفوع من بين المخلوقات، وعلى آله المشهورة أخبارهم، وأصحابه المستفيضة آثارهم.
أما بعد: فإن الإسناد من الدين، والآخِذ به متمسّك بالحبل المتين، فمِن ثَمّ عكف أهل العلم عليه، وتوجهت مطايا هممهم إليه، ولما كان منهم الشيخ محمد راغب ابن الحاج محمود ابن الشيخ هاشم الشهير بالطباخ وفقه الله تعالى لإرشاد العباد، وسهّل لنا وله طرق السداد، آمين.
طلب مِنّي الإجازة، التي هي أمان عند اقتحام المفازة، ولست أهلا أن أُستَجاز، وهل يقال بهذا الجواز؟ إلّا أنه حسّن فيّ ظنّه، أثابه الله تعالى على قصده الجنة؛ فأجزتُه بالمعقول والمنقول، من فروع وأصول، والأحاديث الشريفة، والآثار المُنيفة، كما أجازني بذلك فُضلاءُ العصر، وجهابذة مِصر، منهم: بحرُ الفضلاء، ومُغتَرَفُ الفُحول والنُّبَلاء، أفضلُ من عنه يُتلقّى، الشيخ إبراهيم السقّا، عن الإمام المُهذّب الشيخ ثُعَيلِب، عن العلامة الشهاب الملوي ذي النور في الديجور، عن الإمام الشيخ عبد الله بن سالم صاحب الثَّبَت المشهور، وعن العلامة محمد الأمير، عن والده الشيخ الكبير، وقد حوى ثبته الأسانيد، بما لا يحتاج إلى مزيد.
8
فروى صحيح الإمام البخاري عن العلامة الشيخ علي الصعيدي ... عن محمد بن يوسف الفربري، عن جامعه "الإمام البخاري". وروى صحيح مسلم عن الشيخ علي السقاط ... عن مكي النيسابوري، عن الإمام مسلم.
وأوصي المُجاز المُشار إليه، نظر الله بعين العناية إليه، بمُجاهدة النفس، وتفريغ القلب عن الأغيار، وتطهيره عن سفاسف هذه الدار، وبملازمة الأذكار المأثورة، والأدعية المشهورة، والإكثار من الصلاة والسلام على خير الأنام، مع المُشاهدة المعنوية، المُنتِجة للمُشاهدة الحِسِّيَّة.
والمَرجُوُّ من الشيخ المذكور - ضاعف الله تعالى لنا وله الأجور- ألَّا ينساني من دعوة صالحة، جعل الله تجارة الجميع رابحة، ومَدّنا بِالمَدَد الأسنى، وختم لنا بالحُسنى). العبد الفقير إليه تعالى:
محمد بدر الدين
عُفي عنه، آمين
*منزلة الشيخ بدر الدين في الحديث، وسبب عدم إكثاره من الرواية:
هي منزلة عالية وكبيرة ومُتواترة؛ فقد روى الشيخ عن كثيرين من المحدثين، وعلماء الحديث، وفيهم كبار المحدثين في الحرمين، والشام، ومصر، -"وقد ذكرنا بعضهم"- وليس عن البُرهان السَّقَّا فحسب كما هو شائع- كما قال الشيخ محمود سعيد ممدوح. ولكونه كان ورِعا لا يُحب الشُّهرة؛ فقد قلَّتْ روايته للحديث، وهذا سبب اقتِصاره. *"تشنيف الأسماع" 1/288.
*ويكفي أن يكون من كبار شيوخه:
1- البرهان الشيخ إبراهيم بن علي الشبرابخومي "السَّقَّا" ت 1298هـ.
2- والده المحدث الكبير الشيخ يوسف بن عبد الرحمن البيباني الحسني ت 1279هـ؛ الذي رحل رحلة واسعة، وأخذ عن أكثر من 100 شيخ في المغرب ومصر والشام والحرمين.
3- العلامة والفقيه المالكي الشيخ حسن العدوي الحمزاوي ت 1303هـ.
9
*كما أخذ عن الشيخ بدر الدين محدثون كبار أمثال:
1- مُسنِد حلب الشيخ محمد كامل الهَبْرَاوي. 2- المحدث المغربي محمد بن جعفر الكتاني الكبير. 3- المحدث الكبير عمر حمدان المحرسي.
4- المحدث الشهير محمد ياسين الفاداني.
5- المحدث عبد الله محمد غازي.
6- مسند الشرق الأقصى الشيخ سالم أحمد جُنْدان باعلوي.
7- المحدث المصري محمد الحافظ التجاني.
8- المحدث المغربي أحمد بن الصِّدِّيق الغُماري.
9- المحدث المغربي عبد الله بن الصديق الغماري.
10- المحدث المغربي عبد العزيز الغماري.
11- المحدث المغربي عبد الحفيظ الفاسي.
12- المحدث المغربي الحافظ الفقيه محمد الباقر بن محمد بن عبد الكبير الكتاني الإدريسي. 13- محدث حلب ومؤرخها ش محمد راغب الطباخ.
*أشهر تلاميذه وطلابه:
أخذ عن الشيخ بدر الدين عدد لا يُحصى من العُلماء والمُحَدِّثين في العالم الإسلامي، منهم من هو في طبقته، أو أكبر منه؟!
كما رحل إليه العلماء والطلاب من الآفاق، وتخرج عليه عديد من العلماء السادة الأجلاء، ومن أبرز طلابه من سورية بمدنها المُختلفة:
1- الشيخ جمال الدين القاسمي ت 1914م. 2- الشيخ محمود العطار.
3- الشيخ محمد علي الدقر ت 143م. 4- الشيخ عبد القادر المبارك.
5- الشيخ عبد القادر القصاب. 6- الشيخ محمد بن جعفر الكتاني الكبير.
6- مسند حلب الشيخ محمد كامل الهبراوي. 7- الشيخ محمد رضا الزعيم. 8- محدث حلب الشيخ محمد راغب الطباخ ت 1951م.
10
9- الشيخ محمد أبو الخير الميداني. 10- الشيخ محمد هاشم الخطيب. 11- الشيخ محمد المكي الكتاني. 12- الشيخ رفيق السباعي.
13- مفتي حمص الشيخ طاهر الأتاسي. 14- الشيخ محمود ياسين.
15- الشيخ أمين سويد. 16- الشيخ محمود الرنكوسي.
17- الشيخ محمد المبارك الدلسي. 18- الشيخ محمد صالح الفرفور.
19- الشيخ عبد الكريم الرفاعي ت 1973م. 20- الشيخ صالح العقاد.
21- الشيخ عبد الرزاق الحمصي. 22- الشيخ علي ظبيان الكيلاني.
23- الشيخ محمد بهجة البيطار ت 1976م. 24- الشيخ حسن حبنكة الميداني ت 1978م. 25- الشيخ محمد عارف الصواف الدوجي.
26- الشيخ محمد عارف الجويجاتي. 27- الشيخ توفيق الأيوبي.
28- الشيخ عبد المحسن الأسطواني. 29- الشيخ توفيق الصباغ.
30- الشيخ عبد العزيز عيون السود الحمصي، شيخ قراء حمص.
31- الشيخ محمد الشريف اليعقوبي الجزائري. 32- الشيخ علي الطنطاوي.
*وممن روى عنه من الحرمين: 33- الشيخ عمر حمدان المحرسي.
34- الشيخ حسن بن محمد المشاط. 35- الشيخ عبد الله بن محمد غازي.
36- الشيخ المحدث محمد ياسين الفاداني. 37- الشهاب أحمد المخللاتي.
38- الحبيب أبو بكر الحِبشي. 39- عبد القادر الشلبي.
40- عبد الستار الصديقي. *ومن مصر: 41- محمد الحافظ التجاني.
*ومن المغرب: 42- الشيخ أحمد بن الصدِّيق الغُماري.
43- الشيخ عبد الله الغماري. 44- الشيخ عبد العزيز الغماري.
45- الشيخ حبيب الله الشنقيطي. 46- القاضي الشيخ عبد الحفيظ الفاسي.
47- الشيخ محمد الباقر بن عبد الكبير الكتاني.
*ومن إندونيسيا: 48- الحبيب سالم أحمد جُندان باعلوي "مُسنِد الشرق الأقصى". *ومن اليمن: 49- محمد زبارة الحسني.
50- المحدث عبد الواسع بن يحيى الواسعي. وسواهم كثير.
*وصاياه إلى قادة الجيوش العثمانية وأمرائها:
كـ "أنور باشا" و"جمال باشا" وأضرابهما فكانت تشمل:
أ- الأمر برعاية حقوق الله تعالى كالمحافظة على الصلوات المكتوبة.
ب- الأدب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ج- النهي عن تولية الوظائف الدينية لغير الأهل؛ فإنه تؤدي إلى محو الدين، وأخذ الأجانب بلاد المسلمين.
هـ- النهي عن الالتماس والشفاعة بغير الحق؛ حتى تحفظ حقوق العباد، ولا يدعو المظلوم. و- النهي عن إيذاء أهل الذمة.
*رسالته الناصحة إلى القائد "أحمد جمال باشا" السفاح:
ولما طلب أحمد جمال باشا بعض نصائح وإرشادات الشيخ بدر الدين؛ فأرسل إليه كتابا مع خطيب "دار الحديث" الأستاذ محمد يحيى أفندي المكتبي يدعوه فيه إلى: اتباع الحق والعمل به، وينهاه عن الظلم وارتكاب المحرمات.
*تشفعه لدى جمال باشا السفاح في "شهداء أيار": ولما حكم "ديوان الحرب العرفي" في "عاليه" بإعدام "شهداء أيار" تشفع الشيخ بدر الدين بهم لدى جمال باشا كيلا يعدمهم فرفض شفاعة الشيخ ونفذ الإعدام بحقهم.
*تأييده للشريف الحسين بن علي في ثورته على الطورانيين؛ الذين ألغوا الإسلام، وإعطاؤه خاتمه لابنه فيصل:
ولما قام أمير مكة "الشريف حسين" بثورته على الطورانيين الترك دعمه وأيده، وسلم ختمه إلى ابنه فيصل ليحمله إلى أبيه دليلا على ثقة الشام به.
*مُكافحته للاحتلال الفرنسي منذ بدايته:
لما وصل القائد الفرنسي "غورو" إلى دمشق رفض الشيخ بدر الدين مقابلته، ومنع الناس من التعامل مع الفرنسيين أو دفع الضرائب لهم.
ثم قابل المندوب السامي الفرنسي لما جاءه؛ فقد روى الشيخ محمود الرنكوسي في دار الحديث بدمشق سنة 1975م، لأستاذنا شوقي أبي خليل أن المرحوم يحيى المكتبي تلميذ الخاص للشيخ بدر الدين روى له:
12
أن المندوب السامي الفرنسي جاء لمقابلة الشيخ بدر الدين فأدخله إلى غرفة، ولبث فيها قليلا، ثم دخل الشيخ بدر الدين إليه؛ فقام المندوب للشيخ احتراما له، فطلب منه المندوب السامي تهدئة الأوضاع في دشق؛ فأجابه الشيخ بدر رحمه الله بعنف قائلا: "لا تهدأ الثورة إلا بخروجكم، فقد تَمَدَّنَّا، جئتم حسب رأيكم لتمديننا، لقد تمدنَّا، وما سمح للمندوب السامي أن يُكثر معه الحديث؟! *"الإسلام وحركات التحرر العربية" 148.
وصار الشيخ يعلن في دروسه أن جهاد الفرنسيين فرض على الناس، وأرسل ابنه تاج الدين والمفتي الشيخ عطا الكسم للقتال في "معركة ميسلون" مع القائد الشهيد يوسف العظمة المصلي الصائم المتدين المحافظ على الشعائر الإسلامية، كما يقول أستاذنا د. شوقي أبو خليل، رحمه الله.
*كما ذكر أستاذنا أبو خليل، ونقل الزركلي أيضا عن الشيخ سعيد الحمزاوي في ترجمة ضافية للشيخ بدر الدين أنه –
لمّا قامت الثورة على الاحتلال الفرنسي في سورية- : "كان الشيخ يطوف المُدن السورية، مُتنقلا من بلدة إلى أخرى، حاثًّا على الجهاد وحاضًّا عليه، يُقابل الثائرين، ويُغذِّيهم برأيه، وينصح لهم بالخُطط الحكيمة؛ فكان أبًا رُوحيًّا للثورة والثائرين المُجاهدين".
*صور من مُجاهدة الشيخ بدر الدين ورفاقه العلماء وطلابه للفرنسيين:
1- في الرحلة الشهيرة للشيخ علي الدقر مع كبار العلماء للتحريض على الثورة السورية:
وقبل الثورة السورية وفي عام 1924م قام الشيخ بدر الدين الحسني والشيخ علي الدقر والشيخ هاشم الخطيب وثلة من طلاب الشيخ الدقر بجولة في المحافظات السورية من دمشق إلى دوما إلى حمص إلى حماة فحلب، وجل سورية، وكانوا كلما وصلوا بلدة أو قرية خرج أهلها لاستقبالهم بالمواكب والأهازيج، ثم ساروا وراءهم إلى المسجد الكبير فيها فتكلموا فيه ووعظوا
الناس وحمَّسوهم، وأثاروا العزة الإسلامية في النفوس، وحضوا جميع الناس على جهاد الفرنسيين والثورة ضدهم؛ لإعلاء كلمة الله.
13
وما إن عاد الشيوخ من رحلتهم المباركة تلك حتى نشبت الثورة السورية المباركة على المحتل الفرنسي الفاجر، وكانت هي العامل الأول والمباشر لقيام الثورة السورية على فرنسا الغاشمة سنة 1925م والتي قامت أولا في "الغوطة" بطلاب العلم الشرعي للجهاد - قبل "جبل الدروز"- ودامت سنتين، وأدهشت ببطولاتها وبسالتها وتضحياتها أهل الأرض، كما يقول الشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله.
2- أعلن الشيخ الجهاد ضد الفرنسيين منذ احتلالهم، وكان المُحرِّض على الثورة السورية الكبرى، والمشرف على نشاطات الثُّوّار في الميدان والقلمون والغوطتين.
3- المجاهدان المشهوران محمد الأشمر وحسن الخراط كانا كل يوم قبيل الفجر يقابلان الشيخ بدر الدين بدار الحديث ويأخذان تعليماته، ويقول لهما:
"علقوا قلوبكم بالله ولا تخشوا أحدا إلا الله".
4- كان الشيخ يمد المجاهدين بالذخيرة والمؤن عن طريق بعض تلامذته كالشيخين محمد ديراني، والشيخ عبد الله الأفغاني خادم الشيخ الخاص.
5- كان يُقدَّم للشيخ تقرير يومي عن سير المعارك في الغوطتين.
6- الكابتن المغربي "عطاف باشا" الذي كان يحب الشيخ بدر الدين ويحضر بعض دروسه في "الجامع الأموي"، وكان مع الثوار حقيقة، وظاهريا مع الفرنسيين؛ فهو الذي قدّم مع بعض إخوانه من المغاربة ما بين 100- 150 حمولة بغل من الأسلحة -"بنادق، وطلقات، وقنابل"- للثوار وقائدهم أبي عمر ديبو في "كَرْم الشيخ موسى" ؟! وتكررت هذه العملية والإمداد بالأسلحة أكثر من 20 مَرَّة ؟؟!!
*مؤلفاته وكتبه:
عُرف عن الشيخ بدر الدين أنه كان يأبى الإفتاء ويرغب عن التأليف؛ فلم يُعرف له من الكتب سوى ثلاث رسائل مطبوعة، هي:
1- سنده في رواية صحيح البخاري. 2- شرح قصيدة "غرامي صحيح" في مصطلح الحديث. ورسالة أخرى مخطوطة سمّاها: 3- "الدرر البهية في شرح المنظومة البيقونية"، كانت في "خزانة الرباط".
*أما تلاميذه وطلابه ولاسيما من قرؤوا عليه مدة طويلة فإنهم يقولون: إنه صنَّف نحو 40 كتابا قبل بلوغه الثلاثين من عمره؟!
*يقول الأستاذ خير الدين الزركلي: ولا أعلم أين ذهبت؟!
*ويقول د. محمد شريف الصواف: قد ضاع أكثر مؤلفاته، أو احترق.
فمؤلفاته ضاع أكثرها لثلاثة أسباب:
1- احتراق بعضها في الحريق الكبير الذي عم "سوق الحميدية" وجوارها.
2- لأن الشيخ كان يمحو اسمه من تآليفه تواضعا، ولكي يستفيد منها الناس؛ كما نقل الأستاذ محمد خير رمضان يوسف عن الشيخ د. محمد عبد اللطيف فرفور في "أعلام دمشق في القرن الرابع عشر الهجري".
3- بعضها بقي عند ورثته ومعارفه.
وكتب الزركلي إلى نقيب الأشراف بدمشق الشيخ محمد سعيد الحمزاوي يسأله عن مؤلفات الشيخ بدر الدين الحسني فأجابه بقصيدة للشيخ طاهر الأتاسي يمدح بها الشيخ ويذكر كتبه، منها:
له تآليف في نهج الهداية قد أضحت من الفضل تتلو أبلغَ السُّوَرِ
على الجلالين في التفسير حاشية أرَقُّ مِن دمعِ صَبٍّ لَجَّ في السَّحَر
و مُعرِبٍ - جاء للقرآن - تَبْيِنَةً عليكَ فيه ، و ليس الخُبرُ كالخَبَرِ
ثم عدّد 15 كتابا ورسالة، مع ما ذكر في الأبيات وهما اثنان فالمجموع 17 كتابا ورسالة.
*وجملة ما ذُكر للشيخ بدر الدين من كتب سبعة وثلاثون، الثلاثة الأول منها مطبوعة، والباقي كله مخطوط مفقود:
1- رسالة سنده برواية صحيح البخاري. 2- رسالة شرح غرامي صحيح.
3- الدرر البهية في شرح المنظومة البيقونية- ط. في المصطلح.
4- حاشية على تفسير الجلالين. 5- شرح البخاري. 6- شرح الشمائل. 7- شرح الشفا. 8- شرح الخلاصة في الحساب. 9- شرح نظم السنوسية.
15
10- حاشية على عقائد النسفي. 11- حاشية على قطر الندى لابن هشام.
12- حاشية على شرح أصول محمد بن نصر. "مختصر ابن الحاجب". في الأصول. 13- روض المعاني لشرح عقيدة العلامة الشيباني.
14- حاشية على شرح شذور الذهب. 15- حاشية على الجامي. في النحو. 16- شرح مغني اللبيب لابن هشام. 17- شرح لامية الأفعال. 18- شرح السلم المنورق. في المنطق. 19- حاشية على نظم التلخيص.
20- شرح فيض الوهاب في موافقات سيدنا عمر بن الخطاب.
21- شرح الموافقات للسيوطي. "لعله الذي قبله"؟
22- حاشية على أصول البحث والمناظرة. 23- شرح على السراجية.
24- شرح على سيرة العراقي. 25- حاشية على الشمسية في المنطق.
26- حاشية على الفناري في الصرف. 27- حاشية على نخبة الفكر.
28- حاشية على المُطوّل في البلاغة. 29- شرح على رسالة الوليدية.
30- رفع الأستار شرح الإظهار. 31- حاشية على كتاب عقائد العضد.
32- شرح على رسالة الوضع. 33- شرح على رسالة القوشجي.
34- البدور الجلية في شرح نظم السوسنية. "لعلها السنوسية"؟
35- حاشية على شرح الحفني في الوضع.
36- حاشية على شرح السوسنية الكبرى. "لعلها السنوسية"؟
37- الياقوتة الوفية (حاشية على شرح الرجية). "لعلها الرحبية"؟
*ومما كتب عنه وألف في سيرته:
1- الدرر البهية في أخبار محدث الديار الشامية. للشيخ محمود بن رشيد العطار. في 140 ص.
2- عالم الأمة وزاهد العصر: العلامة المحدث الأكبر بدر الدين الحسني. للأستاذ محمد رياض المالح.
16
3- المحدث الأكبر وإمام العصر العلامة الزاهد السيد الشريف الشيخ محمد بدر الدين الحسني كما عرفته. للشيخ محمد صالح الفرفور.
4- محدث الشام العلامة السيد بدر الدين الحسني. الشيخ محمد بن عبد الله الرشيد.
5- العلامة الداعية والمصلح الاجتماعي المحدث الأكبر الشيخ محمد بدر الدين الحسني. لأستاذنا د. مازن المبارك. في 53 ص.
6- المحدث الأكبر الشيخ محمد بدر الدين الحسني وأثره في النهضات العلمية في بلاد الشام. مكتب البحث العلمي في دار الحديث والسيرة النبوية، بإشراف د. محمد شريف الصواف. في 520 ص.
7- المحدث الأكبر شيخ شيوخ الشام الشيخ محمد بدر الدين الحسني وأثر مجالسه في المجتمع الدمشقي. للأستاذ محمود بيروتي. في 414 ص.
*مَشاهد وصُوَر من حياته مُلخصة مِن تِلميذه الشيخ علي الطنطاوي:
أ- هو شيخ الشام ورجل العلم فيها، والمرجع لأهلها في كل أمر، مُجمع على تقديمه وتعظيمه بينهم؛ يعلمهم شريعة الله ويبين لهم حكمه.
ب- عاش 80 سنة بالعلم وللعلم والدرس والكتاب، ما ترك ذلك إلى وفاته!
ج- ما كان ينام كما ينام الناس؛ بل كان ينام من الليل ساعتين أو ثلاثا متقطعة، وفي النهار ساعة يقيل فيها!
د- في علمه كان عجبا عجابا؛ فذهنه كان فهرسا لكثير من مخطوط الكتب ومطبوعها، ومن يسأله عن جل المسائل يقول له: هات الكتاب الفلاني وافتح فيفتح على صفحة ما فيقول له: قبل أو بعد، ثم يأخذ الكتاب فيقلب صفحات قليلة فيجد الجواب ويعطيه له كأنه وضعه بيده.
*كان في دمشق المرجع في الحديث رواية ودراية، وفي الرجال والأسانيد، وفي فقه المذاهب الأربعة المدونة، ومذاهب الصحابة والتابعين والأئمة، وفي اللغة وغريبها، وفي النحو والصرف، والبلاغة، وفي علم الكلام، والأخبار وسواها.
وأقرأ الرياضيات والفلك والفلسفة لقوم طلبوها! كما أقرأ الحديث.
17
*كان مُدمنا على المطالعة والقراءة لا يكاد يتركها إلا في درس أو صلاة أو نوم، وكان يعشق الكتب فيقتنيها، ويسمع ببعضها فيشتريه ولو كان مطبوعا بأقصى الهند، ويشتري المخطوط المهم منها ولو كان باهظ الثمن!
وكان يقرأ في الليل جله، كتلميذ ليلَةَ الامتحان؟!!
وما ترك القراءة والإقراء حتى قبيل وفاته؛ فآخر درس له كان موعده قبل وفاته بساعتين، فلما رأى الطلاب ما به هموا بالرجوع، فأشار لهم أن يقرؤوا وهو يسمع!!
*ما كان يقع كتاب بين يديه إلا يقرؤه أو أو يتصفحه تصفح المتثبت
هـ- كان حديد البصر صحيحه، لم يستعن في قراءاته بنظارة؟!
و- حِفاظه على وقته ونُزَهُه النادرة: كان رحمه الله لا يضيع شيئا من وقته؛ فهو لم يُر إلا بين داره ومدرسته و"الجامع الأموي"، إلا إن أخذوه في نزهة في حالات نادرة؟!
ز- زهده مع غناه: كان الشيخ في سعة من الدنيا، لكنها كانت في يده لا في قلبه، وكان اعتماده على الله تعالى لا على المال.
ح- صورة عن درسه العجيب في الحديث الجمعة في "الجامع الأموي":
كان يبدأ درسه عقب صلاة الجمعة تحت قبة النسر، ويستمر حتى أذان العصر؛ فكان يأخذ حديثا من البخاري أو مسلم أو غيرهما فيذكر طرقه، ويُعرّف برواته، ثم يشرحه لغ ونحوا وبلاغة كشرح أئمة السلف مع الشواهد والأدلة، ثم يذكر تعليقات المحدثين كابن حجر العسقلاني وغيره، ثم أقوال الفقهاء واختلافاتهم بأدلتهم، ثم يوازن بينها ويُرجّح راجحها، ويظل كذلك فلا يتلعثم ولا يقف، ولا يعيد كلمة لغير حاجة، ولا يقطع جملة، فكان يلقي درسه وكأنه يقرؤه من كتاب مفتوح؟!
*كان في شبابه في الشتاء يكسر الجليد بيده ويتوضأ، فلما شاخ كان يُعدُّ له الإبريق على المدفأة ليجده ساخنا لدى الحاجة.
18
ط- إحياؤه الليل بالعلم والعبادة: كان رحمه الله يقرأ أكثر الليل فإذا غلبه النعاس أغفى إغفاءة ثم أفاق، والمصباح بجانبه، وأمامه مائدة بأطباق صغار فيها الفراني "الكاتو" والمعجنات والفواكه، يتناول شيئا منها أحيانا، ثم ينهض ويتوضأ من البركة في دار الكبيرة، ثم يقوم فيصلي ما شاء الله له أن يصلي حتى السَّحَر، ثم يخرج مع بعض مريديه وتلاميذه المنتظرين له أمام الباب في الرواق "الشاذروان"، ويذهبون لصلاة الصبح في "الجامع الأموي" مع الجماعة، ثم يذهب إلى غرفته الصغيرة في "دار الحديث الأشرفية" المبسوطة بالبُسُط؛ فيبقى فيها في إقراء وذكر وصلاة إلى قبيل الغروب فيمضي إلى داره ليفطر.
ي- غرفته المتواضعة في "دار الحديث" وزواره كبار الشخصيات فيها: كانت غرفة صغيرة مبسوطة بالبُسط، ما فيها إلا جلد وطرّاحة ومخدّات قشّ، دخلها علماء أعلام، وأمراء وحُكّام وقادة وولاة كجمال باشا وغيره، ممن كانت ترتجّ الأرض من تحتهم، و"رجال أديان" نصارى، ومفوضون سامون؛ فإذا دخلوا نزعوا أحذيتهم، وجلسوا على رُكَبهم، وتَخَشّعوا وصمتوا، ؛ فكان جلال هذه الغرفة يجعل الجَبّار طفلا، والعلَامة تلميذا، والكبير في نفسه صغيرا أمام هيبة العلم والتقى والدين.
ك- دينه وعبادته وصلته بالله واستغراقه فيها: لما جهزت سكة الحديد الحجازية وسار أول قطار كان فيه الشيخ بدر الدين، فوقف القطار في البرية في غير محطة لشيء طرأ على المحرك، فنزل الركاب لصلاة المغرب، فسار القطار فجأة وهم في الصلاة فتركوا صلاتهم ولحقوه يتعلقون به، وبقي الشيخ يصلي، فتفقدوه فلما لم يجدوه أرجعوا القطار فإذا هو قائم يصلي في الصحراء حيث لا ماء ولا عمران ولا إنس ولا جان.
ل- طهارة مجلسه عن الغيبة: لم يُسمع الشيخ بدر الدين وهو يغتاب أحدا من الناس، ولم تكن تجري في مجلسه غِيبة لأحد!
*"يابا" وبعض مواقف للشيخ رحمه الله:
*كان الشيخ يُكثر من كلمة "يابا" كما يقول الشيخ علي الطنطاوي، وغيره:
ومما سمعت عنه من بعض مشايخي: 1- ما اشتُهر من أقواله مع سعة علمه واطلاعه قوله: "نحن عوامّ يابا"؟!
2- وقيل له مرة: يوجد شيء يسمى هاضوم "كازوز" فقال: وما هو فوصفوه له: أنه مشروب أو عصير فيه غازات. فقال: وما الفائدة منه، وما الحاجة إليه؟ قالوا: مَن أكثر من الطعام فثقُلَ عليه، فإنه يُخفِّف عنه ويُريحه. فقال: يابا لماذا يُكثر من الطعام فيحتاج إلى الهاضوم هذا؟!
*صفات أخرى وأحوال له ذكرها تلميذه المحدث الشيخ عبد الواسع الواسعي اليمني الذي لازمه 5 سنين:
1- من ورعه: كان لا يؤم الناس في الصلاة، ولا يُفتي؛ بل يُحيل الفتوى على أحد من العلماء وطلابه في مدرسته.
وكان لا يكتب شيئا بخطه، وإذا كانت مظلمة لأحد أو ضرر بالرعية من الحكومة يأمر وكيله العلامة الشيخ يحيى المكتبي أن يكتب طلبا إلى الحكومة برفعها ويضع ختمه، ولدى اطلاع الحكومة على كتاب الشيخ وختمه فإنها تأمر حالا بإزالة تلك المظلمة أو الضرر؟!
2- إذا طلب منه الدعاء أحد من الناس يقول: "الله يوفقنا"، أو: "الله يفرج عن المسلمين".
3- لدى خروجه لصلاة الجمعة في الأموي أو لزيارة مريض أو شهود جنازة كان الناس يزدحمون عليه لتقبيله في ظهره وكتفيه، وأما يداه فكان يكفهما ويهربهما تحت ثيابه، وبعض خاصته يذودون الناس عنه ويقولون: لا تؤذوا الشيخ افهموا! ويقول الناس للشيخ ادعُ لنا، فيقول: "الله يوفقنا".
4- كان الشيخ يسلم على الصبيان إذا رآهم في الشارع ويقول لهم: "كيف حالكم"، ومن عرفه منهم يسعى لتقبيله.
5- عند زيارة أي مسؤول للشيخ للسلام عليه ولطلب الدعاء منه: كان الشيخ يوصيه بالعدل، والنظر في مصالح الناس، وإزالة المظالم.
6- كان الشيخ لا يخوض في أمور الدنيا، وإذا حدثت حادثة في بيت الشيخ أو خارجه أو خبر عجيب يخبره وكيله الشيخ يحيى المكتبي بذلك، وإذا ساءه أمر أو كلام أكثر من الحوقلة والاسترجاع.
7- كان لا يسمح لمن يزوره ويصافحه بتقبيل يده بل يُهَرِّبُها منه.
20
8- وكيله الشيخ يحيى المَكتبي: في أخلاقه ومعاملته للناس وسيرته كسيرة شيخه البدر في قضاء حوائج الناس والضعفاء والمسكين.
9- إذا عرضت مسألة علمية مُشكلة لم يُفد فيها أحد من طلاب مدرسته، أمر أحدهم بِكَتْب جوابها ويُمْلي عليه جوابها مع استيفاء أدلّتها، وقد يُحيل على بعض المصادر في مظانِّها فيقول: هي في كتاب كذا، في صحة كذا؟!
*وصف درسه بالجامع الأموي لعالمين يمني وسوري:
1- العلامة المحدث الشيخ عبد الواسع الواسعي ت 1379هـ.
2- العارف بالله الشيخ محمد علي المسعود ت 1998م، رحمه الله.
أولا: وصف المحدث الشيخ عبد الواسع الواسعي اليمني:
قال الشيخ رحمه الله في كتابه "الدر الفريد الجامع لمتفرقات الأسانيد"، -وهو الذي زار الشيخ بدر الدين الحسني ولازمه في "دار الحديث الأشرفية" زهاء 5 سنوات؛ ما بين 1333- 1337هـ، وأجازه إجازتين عامة وخاصة، وحضر كثيرا من دروسه العامة والخاصة- قال عنه: "من علماء دمشق السيد العلامة المحدث علامة الدنيا بدر الدين، وهو من السلالة الطاهرة ...". وقال يصف درس الشيخ في الجامع الأموي: "أما درسه العام فهو يُدرّس عقيب صلاة الجمعة والصلاة في أول وقتها، وبينها وبين صلاة العصر ثلاث ساعات، ويمكث دائما في حال الدرس ثلاث ساعات إلى أذان العصر في الجامع الأموي، ويحضر لسماع درسه من الناس ما ينوف عن الألف، ولا يظن السامع إلا أنه يُملي من كتاب من دون توقُّف في حديث، أو تمثيل أو عبارة، مع حُسن الإلقاء، ولقد سمعت المُدرّسين والوُعَّاظ في بلدان كثيرة فما رأيت مثله قط، ومحققا في جميع العلوم العقلية والنقلية، إلا الفلك والهيئة، كما أخبرني أن نفسه، لم تَمِل إليه في أيام الطلب".
وقال في مكان آخَر يصف سعة علمه في الحديث وفقهه: " ... إذا ذكر حديثا جلس ساعة يتكلم في شرح الحديث وما يُستنبط منه، حتى أقول في نفسي: إنه لم يبق شيء مما يستنبط من الحديث، ثم يقول: ويُؤخذ من الحديث كذا وكذا، ويؤخذ منه كذا وكذا، إلخ". ا.هـ.
21
*ومن ورعه: أنه كان رحمه الله يرفض التصوير الفُتوغرافي، وما أخِذَ له مِن صُوَر فهو خِلْسَةً بِدون عِلمِه، ولمَّا أراد زيارة فلسطين، قالوا له لابُدَّ من جَوَاز سفر عليه صُورته فرفض؛ فأخرجوا له جوازًا خاصًّا بِلا صُورة!
ثانيا: وصف العارف الشيخ محمد علي المسعود:
*وصف العارف بالله الشيخ محمد علي المسعود لدرس الشيخ بدر الدين الحسني في "الجامع الأموي" في آذار/مارس سنة 1929م قال واصفا بعض دروسه فيه:
"كان يجلس للحديث تحت قبة النسر الشهيرة في ذلك المسجد فكنت إذا رأيته يُحدِّث وحوله الأجِلّاءُ من أهل الفضل يحُفُّون به وبحلقة درسه وحديثه تتمثّل لكَ ويَتجَلّى لناظرك الهيئةُ التي ذكرها المُحدّثون عن مجلس جدّه ومُوَرّثِه مولانا رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم كأنما على رؤوسهم الطيرُ؛ أي: الأصحابُ الكرام رضوان الله عليهم مِمّا يزيدك تيقُّنًا بتمام وكمال الوراثة وتحقق النسب الفاخر ... .
وأنا أعُدُّ هذا المشهد أعظمَ مَشهد شهدته في حياتي، وهو أقرب مُتَخَيَّلٍ أتخيَّل وأتمَثّل به المشهدَ النبوِيَّ العظيمَ والمَوكِبَ النبويَّ الفَخيم، عليه وعلى آله وأصحابه وعلى باقي النبيين والمرسلين أفضل الصلاة وأكمل التسليم". من أعلام الطريقة النقشبندية في بلاد الشام المباركة. للشيخ محمد زكريا المسعود 1/210.
*حليته وعمامته ولباسه، وأوصاف أخرى يذكرها أ عبد الله الطنطاوي:
*حليته:
كان رحمه الله رَبعةً مهيبًا، أبيض البشرة لينها، أزرق العينين، أشقر الشعر، منور الوجه، خفيف العارضين.
*وكان قوي الجسم والبنية، جهوري الصوت، خفيف المشية، لم يستعمل عصا، ولم يستعمل نظارة، ولم يمرض سوى مرتين، واحدة في شبابه باليرقان، وأخرى قبيل وفاته، وكان إذا التفت التفت جميعا.
22
*لباسه: كان يلبس من الثياب الجيد النظيف؛ فكان يلبس ثوبا قطنيا أبيض مشقوق الوسط "قُنبازًا" مُعْلَمًا بِخُطوط زُرق "الصايا، أو: الديما"، يدعه مفتوحًا ولا يزرّه عن الرقبة، ليضع فيه منديلا، ويشد عليه في وسطه نطاقا عريضا من الشال الخفيف العاديّ، وفوق الثوب جُبّة جُوخٍ أسودٍ جيّدٍ، ولا يتجاوزان نصفَ ساقِه اتّباعًا للسُنّة النبوية المطهرة سنة جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
*عمامته: كانت صفراءَ كبيرة مُطرّزة بـ "الأغَبَاني" المعروف في الشام، يُكَوّرها فوق طربوش بلا تَكلُّف.
*لباسه في رجليه:
كان يرتدي جوربين أبيضين ثخينين، وخُفًّا خفيفا "بابوج" أصفر.
*كان رحمه الله كثير الصلاة والذكر، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يجمع بين العلم والذكر تقربا إلى الله سبحانه وتعالى.
*محافظته على صلاة الضحى:
فهو لم يتركها في حضر ولا سفر، ولا يوم وفاته؛ فقد صلاها آخر مرة قبل وفاته بنحو ساعة!
*كان طيب السريرة، يلقى الناس بالبشر والابتسامة الودود والأنس، ويُحسن الظن بهم، ويلتمس لهم الأعذار، وكان يتودّد إلى الشباب خاصّة.
*مع أهل بيته: كان يعاملهم برفق ولين، يأكل مما يأكلون، ويوسّع عليهم، ويلبي حاجاتهم، وإذا غضب لشيء قطّب جبينه، وبيّن حكم الشرع فيه، دُونَ ضربٍ أو شتمٍ أو صِياح!
*كان يهتم بأمور الناس - ولا سيما الفقراء والمحتاجين- ويصل الأرحام والأصدقاء والمعارف، ورُبّما زار غير المسلمين.
23
لقاء صِحافي مِصري نادر ومُهم مع البَدر الحسني سنة 1928م
يكشِف عن جوانب أخرى مُهمَّة من حياة الشيخ
(عند أكبر محدّث إسلامي في العالم)
لسماحة الأستاذ بدر الدين أفندي الحسني منزلة رفيعة في قلوب مسلمي بلاد الشام يندر أن يتمتع بمثلها زعيم ديني آخر. ويعد سماحته أكبر محدث إسلامي في العالم قاطبة، فإن العلماء الذين يدرسون العلوم الدينية عليه يؤكدون أن الأحاديث الشريفة التي يستوعبها عن ظهر قلب لا تقل عن أربعمائة ألف حديث. وقد تقرب من نصف مليون.
وهو يلقي عقب صلاة الجمعة في الجامع الأموي بدمشق ما يقرب من ألف حديث تقريبا يستغرق سردها ساعات برمتها، لا يستريح في خلالها لحظة واحدة. وتختلف الأحاديث التي يلقيها كل أسبوع عن الأحاديث التي يكون قد سبق له أن رواها في الأسبوع الذي قبله. وهو يسرد لك تلك الأحاديث العديدة مع تعداد أسماء الرواة الذين تناقلوها على مر الأيام؛ كأن يقول: حدث فلان عن فلان عن فلان، وهكذا يظل يسند الحديث من شخص إلى آخر، إلى أن يسند الأصل إلى خاتم الأنبياء، عليه الصلاة والسلام.
ومما يزيد في رفعة المقام الذي يتبوَّأه الشيخ بدر الدين أفندي الحسني عيشة الزهد والتقشف التي يعيشها منذ حداثته؛ فإنه منذ بلوغه سن الرشد يصوم صوما مستمرا لم ينقطع عنه يومًا واحدا حتى الآن. فلا يذوق في أثناء النهار طعامًا ولا شرابا بل يأكل قليلا من الخضار واللحم عقب غروب الشمس، ويتناول كأسًا من اللبن مع البيض قبل انبثاق الفجر. ثم يصوم نهاره كأنه في شهر رمضان المبارك.
والمأثور عن سماحته أنه لا يأكل الخبز مُطلقًا، وأنه لا ينام في الليل أكثر من ساعتين أو ثلاث ساعات.
الشيخ بدر الدين في حراسة الجند الفرنسي:
ويقطن الشيخ بدر الدين أفندي في دار ملاصقة للجامع الأموي. ولكنه على الرغم من السنين السبعين التي يحمل ظهره عبئها تراه يخرج في صبيحة كل يوم إلى "دار الحديث" ماشيًا، ويمكث فيها طول النهار مع المجتهدين الذين يدرسون عليه.
و"دار الحديث" هذه مدرسة يتعلمون فيها العلوم الدينية، وبعض العلوم الأخرى. وقد أسندت إدارتها إلى الشيخ بدر الدين أفندي. وهو لا ينقطع عن الحضور إليها حتى في أيام الشتاء الباردة؛ لا بل إنه لم ينقطع عنها حتى في أثناء الثورة السورية الأخيرة حينما كانت المقذوفات النارية تُتبادل في أزقة دمشق بين الثوار والجند الفرنسي. فكان ولاة الأمور الفرنسيين مع تنبيههم على الأهلين بعدم مُغادرة دُورهم في بعض الأوقات لا يرون سبيلا إلى منعه من مبارحة داره، فكانوا يعهدون إلى شرذمة من الجند في حراسته إلى أن يصل إلى "دار الحديث"؛ لئلا يلحق به أذى في أثناء العراك. وقد بلغ من شدة حزن سماحته على الدماء البريئة التي كانت تُراق على قارعة الطريق أن امتنع عن مُقابلة زائريه.
ويقول المُحيطون به: إنه كان يُمضي ساعات النهار والليل بالبكاء.
مع الشيخ في دار الحديث:
وللشيخ بدر الدين أفندي في "دار الحديث" حُجرة صغيرة هي أشبه شيء بصومعة الناسك؛ حجرة لا يزيد طولها عن مترين، ولا يتجاوز عرضها ثلاثة أمتار. ولا ترى أينما تحيل الطرف فيها سوى كتب قديمة مخطوطة أو مطبوعة مرصوصة أمام "الطرّاحة" التي يتربع عليها الأستاذ الأكبر؛ ليعيد تصفح تلك الكتب التي قلَّبَ فيها مئات المرات.
ولا تقتصر هذه الكتب على البحث في الموضوعات والمسائل الدينية، فإن هناك عددًا منها يبحث في العلوم الهندسية والفلكية والطبية وغيرها.
ولكن نحن في غنى عن القول هنا: إن هذه الكتب ليست من المؤلفات العصرية، بل كلها من الكتب القديمة التي تبحث في تلك العلوم كما كانت معروفة عند العرب.
وقد انتهزنا فرصة إقامتنا في دمشق في الأسبوع الماضي وقصدنا "دار الحديث" لزيارة الشيخ بدر الدين أفندي؛ فتفضّل سَماحتُه واستقبلنا في الحجرة المُعَدَّة للاستقبال، وهي حجرة ضيقة أيضًا وقد أثثت تأثيثًا بسيطًا جدًّا. وبعدما تبادلنا التحية سألَنا سَماحتُه: هل نحن من مصر؟ فأجبناه بالإيجاب، ثم قلنا: إن ما لسماحته من الصيت الذائع في الأقطار الإسلامية والمقام الرفيع في نفوس أبنائها بعثنا على السعي إليه لتحيته وسماع حديثه.
فطأطأ الأستاذ رأسه مِن شِدَّة الحياء والتواضع حتى كادت جبهته تلمس رُكبتيه. ولما انتهينا من كلامنا ظل مُطرقًا قليلًا، ثم رفع رأسه وهو يقول: "أرجو أن تُهدوا سلامي إلى أهل مصر كلهم".
سألنا سماحته كيف أتيح له استيعاب ذلك العدد الكبير من الأحاديث التي حفظها عن ظهر قلب؛ فقال بلطف عظيم: "دعك من هذا".
فسألناه: "هل لم يضع تفسيرًا لكتاب الله الكريم"، فقال بلطف أيضًا: "دعك من هذا..، دعك ...".
وقد علمنا فيما بعد أن سماحته يأبى دائمًا الإجابة عن مثل هذه الأسئلة؛ لأنه يخشى - إن هو تحدّث عن نفسه أو عن بعض مآثره- أن يتطرق الغُرورُ إلى نفسه، أو أن يُساور أذهانَ سامعيه أنه كان قد وضع تفسيرًا قيِّمًا ضَخمًا للقرآن الكريم، ولكنه احترق في "حريق سوق الحميدية" الشهير من نحو خمس عشرة سنة. وأخبرنا بعضُ المُقرّبين إليه: أن لسماحته مُؤلفات كثيرة يأبى طَبعَها في حياته، ومن ذلك أن أحد تلامذته استولى مرَّة على مُؤلَّف من تلك المؤلفات وطبعه في مصر، فلم يَرتَح سماحته إلى مسلكه، وأقصاه عن مجلسه، وأرسل يشتري جميع النسخ التي طُبعت من كتابه، وحفظها في مكتبته.
الشيخ بدر الدين وآراء في الإنسانية والسلام والجهاد:
واستطرد بنا الحديث إلى الكلام عن الإنسانية، وعلاقات الناس بعضهم ببعض؛ فقال الشيخ بدر الدين أفندي: "إنه لمَّا أرسل الله أنبياءه إلى الأرض عمل فريق من البشر بنصحهم وإرشادهم، وأبى الفريق الآخر الاهتداء بهديهم، وأقاموا على بلادهم حُكَّامًا يُديرون شُؤون العباد، فلم يكن من جميع أولئك الحكام إلا أن اتفقوا مع رسل الله على أمور أربعة تؤلف المبادئ الأساسية في الشرائع الدينية كلها. وهي؛ أولًا: حفظ العقول من المُسكرات، وثانيا: حفظ الدماء من السفك، وثالثًا: حفظ الأعراض من العبث بها، ورابعا: حفظ الأموال". قال الأستاذ: "فلو أن الناس عملوا بهذه المبادئ التي اتفقت الآراء عليها لساد العالم السلام".
26
وهنا أطرق سَماحَتُه لحظةً، ثم قال:
"وهناك كثيرون من الناس يُسيئون فهم معنى الجهاد، ويجهلون أن الجهاد لا يصح أن يُسمّى جِهادًا إلا تنفيذًا لكلمة الله؛ فلو أن كل من يُقدم على عِراك يُفكر مَلِيًّا في نوع عراكه لَسَلّم نفسَه لِغَريمه في كثير من الأحيان، بدلًا من أن يطلب من غريمه أن يُسلّم نفسه له".
وقد كان الشيخ بدر الدين أفندي يُعزز كُلَّ نظرية من نظرياته بالاستشهاد ببعض الحوادث التي حدثت للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، أو لبعض من رجال الصحابة الكرام. وقد استشهد سماحته ببعض تلك الحوادث أيضًا؛ للدلالة على الأهمية العظيمة لتي كان النبي يُعلّقها على الأمان وحفظ الذِّمام. ثم قال: "إذا لجأ قوم إلى المسلمين مَثلًا، واحتموا بهم، وجب عليهم قبول حِمايتهم والدفاع عنهم، وليس ذلك فقط، بل إنهم مُكلَّفُون دَرْءَ الأخطارعنهم؛ إذا أراد مُعتدٍ أن يعتدي على سلامتهم".
وبعد ما أفاض الشيخ بدر الدين أفندي في التكلم عن الحق والإنسانية، وعلاقة الناس بعضهم ببعض، قلنا له: "إن المبادئ التي تُنادون بها يا سماحة الأستاذ لا تخرج عن الأسس التي بنى عليها ساسة أوربا وأميركا ميثاقي لوكارنو وكيلوج".
فابتسم سماحته وقال: "إن هذه المبادئ ليست حديثة كما يَظنُّون، بل هي ترجع إلى ألف وثلاثمائة وسبع وأربعين سنة خلت".
صحة الشيخ ونشاطه:
وهنا استأذنَّا من سماحة الأستاذ في التفرُّج على حُجرته التي وصفناها آنفًا فتفضّل بمرافقتنا إليها، وبعدما سرَّحنا الطرفَ فيها لم يسَعنا إلا الإعرابُ لسماحته عن شِدَّة إعجابنا بِصحته ونشاطه؛ فإن عينيه ما تزالان تستطيعان قراءة الحروف الدقيقة بلا نظَّارات دون مشقة. وأسنانه ما تزال مُحتفظة بِقُوَّتها وبعددها الكامل، وهي ناصعة البياض، وتلمع على مِنوالٍ يغبطه عليه الشبان. وقُوَى قدميه ما تزال كما كانت عليه في شبابه؛ فهو برغم تقدم سِنِّه يمشي في طرق دمشق الوَعِرة دُون عَصَا. والغريب أنه لا يخرج من داره إلا ماشيا. وكثيرًا ما يرتاض في مُتَنزَّهات دمشق مُستصحبًا معه بَعضَ
27
جُلسائه، فيتعبون هُم من السَّير على الأقدام، ويمضي هو في مشيه كأنه شابٌّ ابنُ عِشرين. ثم يَفطَن إلى تَعَبهم فيدعوهم إلى الركوب إذا شاؤوا، على أن يستأنف هو نُزهته ماشيًا.
موقف الشيخ بدر الدين من التدخين والتصوير:
ولا يَذكُر الشيخ بدر الدين أفندي أنه ذاق طعم الدخان في حياته، وقد قصَّ علينا أحدُ تلاميذه: أن من عادته إذا جلس في مجلس، وعَمَد أحدُ الحاضرين إلى التدخين، نهض سماحته بهدوء وغادر الحجرة التي يكون جالسًا فيها دون أن يَنبِسَ ببنت شفة.
والظاهر أن المسيو "دي جوفينيل" والجنرال "ساراي" اللذين كانا مُفوَّضَينِ سامِيَينِ لِفِرنسا في سورية سمعا بِكُره الأستاذ للدخان؛ فلما زاراه في "دار الحديث" أمسكا عن التدخين في حضرته.
وقد حاولنا أن نفوز بصورة للشيخ بدر الدين أفندي كي تُنشر مع هذا المقال فلم نوفق إلى ذلك؛ إذ قيل لنا: إن سماحته لم يَتصوّر في حياته، وأنه لا يرضى أن يأخذ أحدٌ صُورتَه.
وروى لنا بعضُهم بهذه المناسبة: أنه لما كان سماحته سيزور فلسطين قريبًا كان لا مندوحة له عن استصدار "جواز سفر"، ولما كان لا بُدَّ للجواز من حامله، طلب منه وُلاة الأمور المُختَصُّون أن يبعث إليهم بصورته، فأجابهم بأنه لم يتصوّر، وأنه لا ينوي أن يفعل ذلك؛ فقرَّرُوا إعطاءه جوازًا دُون صورة خِلافًا للقاعدة المُتَّبَعة إكرامًا له، ومُراعاة لمقامه الديني العظيم.
---------------------------------------------------------------------
*عن مقالة في موقع "تاريخ سورية" بعنوان: "لقاء صحفي نادر مع الشيخ بدر الدين الحسني"، نشر بتاريخ 15/5/2022م.
نُشر المقال الأصلي بمجلة "كُلُّ شيء والعالَم" المصرية، بعدما زار بعض مندوبيها الشيخ بدر الدين الحسني بتاريخ 8/10/1928م، وعنوانه هو:
"عند أكبر محدّث إسلامي في العالم - مبادئ لوكارنو وكيلوج في صومعة زعيم مسلم عظيم".
28
*خاتمة وفائدة في ملاحظاتين: وفي الختام أحببت أن أسجّل ملاحظتين:
*أولاهما: ظلم الزركلي للعلماء:
إن الشيوخ والعلماء المعاصرين أكثرهم قد ظلموا ظلما كبيرا وبَيِّنًا لدى الأستاذ خير الدين الزركلي، غفر الله له؛ فإنه أغفل كثيرا منهم بل من مشاهيرهم - ولا سيما السوريين منهم، وخاصة الحلبيين منهم أشد ظلما وإغفالا- وترجم لمن هم أقل منهم شأنا؟!
*وعلى سبيل المثال: فممن أغفلهم الزركلي الشيوخ الثلاثة لشيخي محمد حمزة وهم: شيخ النهضة العلمية في الشام الشيخ علي الدقر، والرباني الشيخ محمد أمين كفتارو، والمقرئ الكبير الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت؟!!
*وممن لم يُترجم لهم ن القدماء شيخ شيوخ الشام في عصره الشيخ عقيل المنبجي مع ترجمته لتلميذه عدي بن مسافر.
*وممن لم يترجم لهم من المحدثين المرشد الرباني الشيخ محمد سليم خلف الحمصي، وولده المرشد الكبير الشيخ محمد أبي النصر خلف.
*وممن لم يترجم لهم علامة حماة المجاهد الشيخ محمد الحامد مع ترجمته لأخيه الشاعر بدر الدين.
*ومنهم شيخ قراء حلب الشيخ محمد نجيب خياطة ت 1967م، والشاعر الرباني المحب الشيخ عيسى البيانوني ت 1942م، وولده الداعية الكبير الحلبي الشيخ أحمد عز الدين البيانوني ت 1975م؟!
*ومنهم: علامة العراق الشيخ أمجد الزهاوي، والرجل الصالح الشهير أحمد الحارون الدمشقي، وغيرهم كثير؟!
*الثانية: صفحات مطويات من دور علماء الإسلام هو الأكبر في ثورات التحرر من المُحتلّين؛ من الاستعمار الفرنسي والإنجليزي والإيطالي:
مع الأسف الشديد لقد أغفل مؤرخو العرب القوميين - بإيعاز من حكامنا العلمانيين طبعا- أغفلوا دور العلماء المسلمين والصوفية الربانيين في إذكاء نار الثورات على المحتلين في كل البلاد العربية، واقتصروا على ذكر العلمانيين منهم أو ذكروا بعض العلماء على استحياء، ودون ذكر لدين الإسلام الموقد الأساسي والمُحَرِّك لهذه الثورات؟!
*في مصر:
من منا ينكر دور الشيوخ محمد السادات، والشيخ عمر مكرم الأزهري، والبكريين، وأحمد عرابي الأزهري الصوفي المسلم، والشيخ عبد الله النديم، والشيخين حسن العدوي ومحمد عليش، ومصطفى كامل ...، وغيرهم، في مصر أثناء الاحتلالين البغيضين لها الفرنسي، ثم الإنجليزي.
*في الجزائر:
ومن منا ينسى دور الأمير الشيخ عبد القادر الجزائري الحسني الذي دوخ فرنسا بثورته وجهاده واستبساله وجنوده في الدفاع عن ربوع الجزائر المسلمة، وتسلم الراية من بعده الشيخان عبد الحميد بن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي و"جمعية العلماء المسلمين" مع إخوانهم الجزائريين الشرفاء الأحرار، حتى دحروا الفرنسيين المتوحشين، وهزموهم شر هزيمة وأخرجوهم من الجزائر الحبيبة بأكثر من مليوني شهيد، وأخرجوهم صاغرين أذلاء يجرون أذيال الخيبة والهوان.
*في ليبيا:
ومن لا يذكر البطل المغوار الشهيد الشيخ عمر المختار المنفي حافظ القرآن الصوفي السنوسي، والذي ظل يدافع عن وطنه حتى أعدمه الاستعمار الإيطالي الوحشي وهو شيخ في الثالثة والسبعين من عمره سنة 1931م، بعد أن هزمهم مع عشرات من إخوانه في معارك كثيرة.
*في المغرب:
ومن منا لا يذكر بطل الريف الشيخ محمد عبد الكريم الخطابي الذي قاتل وجاهد الاستعمارين الإسباني والفرنسي فقاتلهم مع إخوانه زهاء 7 سنوات، وعرضوا عليه الصلح أكثر من مرة فرفضه، حتى اجتمعوا عليه فأسروه سنة 1926م، وظل لديهم أسيرا عشرين سنة في "جزيرة رينيون" شرق المحيط الهندي.
*وفي تونس:
التهبت الثورة بواسطة العالمين الجليلين الشيخ عبد العزيز الثعالبي، ومحمد الخضر حسين وبعض الشرفاء الأحرار من إخوانهما.
*وفي سورية:
في بداية احتلال الفرنسيين لسورية رفض المحدث الشيخ بدر الدين الحسني مقابلة الفريق الفرنسي غورو، ومنع الناس من التعامل مع الفرنسيين، أو دفع الضرائب لهم.
ثم قابل المندوب السامي الفرنسي لما جاءه؛ فقد روى الشيخ محمود الرنكوسي في دار الحديث بدمشق سنة 1975م، لأستاذنا شوقي أبي خليل أن المرحوم يحيى المكتبي تلميذ الخاص للشيخ بدر الدين روى له:
أن المندوب السامي الفرنسي جاء لمقابلة الشيخ بدر الدين فأدخله إلى غرفة، ولبث فيها قليلا، ثم دخل الشيخ بدر الدين إليه؛ فقام المندوب للشيخ احتراما له، فطلب منه المندوب السامي تهدئة الأوضاع في دمشق؛ فأجابه الشيخ بدر رحمه الله بعنف قائلا: "لا تهدأ الثورة إلا بخروجكم، فقد تَمَدَّنَّا، جئتم حسب رأيكم لتمديننا، لقد تمدنَّا"، وما سمح للمندوب السامي أن يُكثر معه الحديث؟! *"الإسلام وحركات التحرر العربية" 148.
هذا وإن الثورة السورية على الفرنسيين إنما قامت بقيادة كبار العلماء، وعلى رأسهم المحدث الشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ علي الدقر، والشيخ هاشم الخطيب وطلابهم وتلاميذهم الذين قاموا سنة 1924م قبيل الثورة بجولة على كثير من المدن والمحافظات السورية، يُحرضون الناس على قتال الفرنسيين ومجاهدتهم بما استطاعوا من قوة وجهد ومال.
وثورة الغوطة التي قامت قبل ثورة "جبل الدروز" - كما يقول الشيخ علي الطنطاوي- قام بها العلماء وطلاب العلم الشرعي.
*وشارك بعض العلماء في الثورة والقتال واستشهدوا في معركة "ميسلون" مع القائد الباسل الشهيد يوسف العظمة سنة 1920م، ثم في الثورة السورية الكبرى عام 1925م وما بعدها حتى دحروا فرنسا الغادرة وأجلوها عن سورية صاغرة مهينة عام 1946م.
*وفي فلسطين:
لا ينسى دور العالم الجليل السوري الشيخ عز الدين القسام ت 1935م، الذي جاهد مع إخوانه الشرفاء الفلسطينيين الاحتلال الإنجليزي وعصابات الصهاينة حتى ارتقى شهيدا إلى الرفيق الأعلى.
*وفي السودان: ثورة الشيخ محمد المهدي ضد الإنجليز المعتدين؛ الذي قاتلهم زهاء أربع سنوات حتى قضى بحمى التيفوس سنة 1885م، وواصل الجهاد والثورة بعده تلميذه الشيخ عبد الله التعايشي مع الشيخ عثمان دقنة، وظلا يقاتلان الإنجليز حتى قتل التعايشي وحُصد أكثر جنوده بالمدافع والرشاشات الإنجليزية الحديثة، وأسر الشيخ عثمان وظل أسيرا لدى الإنجليز في "سجن حلفا" حتى توفي في آخر سنة 1926م.
*وفي العراق:
ثورة العلماء سنة 1920م ومنهم العلامة الشيخ محمود شكري الألوسي، وغيره من الأحرار الشرفاء، ثم ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م.
*وفي الغزو الأمريكي الأخير للعراق جَاهد وقاتل عُلوجَ الأمريكان كثيرٌ من العلماء في الفلوجة، وبغداد، وهيئة علماء المسلمين في العراق برئاسة الشيخ د. حارث الضاري، رحمه الله، وبعض إخوانه العلماء الشرفاء الأحرار.
*وفي موريتانيا:
أعلنت فرنسا الحماية عليها سنة 1903م؛ فبرز دور الشيخ أبو الأنوار مصطفى بن محمد فاضل ماء العينين الشنقيطي ت 1910م؛ الذي قاد مقاومة الاستعمار الفرنسي لبلاده حتى وفاته.
*وفي اليمن: اشتهر الزعيم الشيخ الشاذلي عبد الله الحكيمي ت 1954م: الذي تزعم حركة التحرر الوطني لبلاده.
*وأخيرًا وليس آخِرًا، في الصومال:
فيها ظهر الشيخ محمد عبد الله حسن الملا ت 1920م "مهدي الصومال"؛ "الملا المجنون" بحسب تلقيب الإنجليز له؟!! وهو الذي قاد حرب تحرير الصومال من الإنجليز لأزيَد من 20 عاما؟! وهو الذي قضى شهيدا وهو يُقاتلهم ويجاهدهم.
وكتبه: سيد أحمد بن محمد السيد
32
المراجع
*أولا: الكتب:
1- "الإسلام وحركات التحرر العربية". د. شوقي أبو خليل ت 2010م، ط1، دار الفكر دمشق، 1395هـ - 1975م.
2- "الأعلام". لخير الدين الزركلي، ط15، دار العلم للملايين - بيروت، صفر/ 1423هـ- أيار- مايو/ 2002م.
3- "الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية". للشيخ محمد راغب الطباخ ت 1951م، ط1، دار البشائر الإسلامية بيروت، 1432هـ - 2011م.
4- "تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي". لأدهم آل جندي، ط1؟ مطبعة الاتحاد - دمشق، 1960م.
5- "تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع". للشيخ الدكتور محمود سعيد ممدوح ط 2، بيروت "دون ذكر دار نشر"! 1434هـ - 2013م.
6- "الدر الفريد الجامع لمتفرقات الأسانيد". للشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليمني الصنعاني، ط 1؟ مطبعة حجازي - القاهرة، 1357هـ.
7- "رجال من التاريخ". للشيخ علي الطنطاوي ت 1999م، ط 1، دار البشير- مصر، 1418هـ - 1998م.
8- "سورية في قرن: من بداية القرن إلى العهد الطائفي". د. منير محمد الغضبان، ط 1، 2006م، دون دار نشر؟!
9- "معجم أعلام المورد". لمنير البعلبكي ت 1992م، ط1، دار العلم للملايين بيروت، 1992م.
10- "معجم متن اللغة". للشيخ أحمد رضا العاملي ت 1953م، ط1، دار مكتبة الحياة - بيروت، 1378هـ - 1958م.
11- "معجم المؤلفين المعاصرين في آثارهم المخطوطة والمفقودة وما طبع منها أو حقق بعد وفاتهم". للأستاذ محمد خير رمضان يوسف، 2/750، ط مكتبة الملك فهد الوطنية - الرياض، 1425هـ - 2004م.
33
12- "من أعلام الإسلام". للشيخ عبد الوهاب سُكّر البابي 102- 104، ط المكتبة العربية - حلب، د. ت.
13- "منتخبات التورايخ لدمشق". لمحمد أديب آل تقي الدين الحصني، ط1، دار الآفاق الجديدة - بيروت، 1399هـ - 1979م.
14- "موسوعة الأسر الدمشقية". د. محمد شريف الصواف، ط2، بيت الحكمة - دمشق، 1431هـ - 2010م.
15- "الموسوعة العربية العالمية". لنخبة باحثين، ط2، مؤسسة أعمال الموسوعة الرياض، 1419هـ - 1999م.
*ثانيا: مواقع الشابكة:
16- موقع "تاريخ سورية" بعنوان: "لقاء صحفي نادر مع الشيخ بدر الدين الحسني"، نشر بتاريخ 15/5/2022م.
نُشر المقال الأصلي بمجلة "كُلُّ شيء والعالَم" المصرية، بعدما زار بعض مندوبيها الشيخ بدر الدين الحسني بتاريخ 8/10/1928م، وعنوانه هو:
"عند أكبر محدّث إسلامي في العالم - مبادئ لوكارنو وكيلوج في صومعة زعيم مسلم عظيم".
17- ترجمة الشيخ أبي الخير الخطيب في موقع: "تراجم عبر التاريخ"، نقلا عن "تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري" للشيخ د. محمد مطيع الحافظ، ود. نزار أباظة.
18- مقالة ضافية ومفصلة للأستاذ الأديب عبد الله الطنطاوي في "رابطة أدباء الشام" على الشابكة بعنوان: "الشيخ بدر الدين الحسني محدث الديار الشامية" في: 13/10/2007م.
19- موقع "رابطة علماء الشام": مقالة فيه عن الشيخ بدر الدين الحسني، على الشابكة.
20- "موسوعة المعرفة": معلومات عن معركة ميسلون، وأحمد جمال باشا السفاح، وهنري غورو.
21- "ويكبيبديا - الموسوعة الحرة". مقالة عن معركة ميسلون.
آخر صورة للشيخ بدر الدين التقطت له خِلسة قبل وفاته بأسبوع
وسوم: العدد 1040