الشاعرة المسلمة هيفاء علوان
(١٩٤٨م _ معاصرة)
هي الشاعرة المسلمة والكاتبة هيفاء علوان، زوجة الشاعر الإسلامي المعاصر محمد محمود الحسناوي.
وهي عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية .
المولد، والنشأة:
والسيدة هيفاء علوان من مواليد مدينة حمص عام ١٩٤٨م. ونشأت في أسرة مسلمة ملتزمة ذات أصل ودين .
الدراسة، والتكوين:
درست في كلية الآداب بجامعة دمشق، وتخرجت فيها عام ١٩٦٩م.
هاجرت مع زوجها محمد الحسناوي إلى العراق والأردن وغيرها من البلدان.
عملت مدرسة في كلية المجتمع الإسلامي بمدينة الزرقاء في الأردن من عام ١٩٨٢م وحتى ١٩٨٥م.
متزوجة من الشاعر محمد الحسناوي، ولها منه عدد من الأولاد.
نشرت عدداً من القصائد في رابطة أدباء الشام.
إنتاجها الأدبي:
لمحة عن كتاب ديوان «صهوة اليراعة» للشاعرة هيفاء علوان
الناقد فوزي الخطبا:
الشاعرة هيفاء علوان متعددة القدرات والإبداعات، فهي شاعرة وناقدة وتكتب للأطفال وباحثة وتكتب في المقالة، نشرت في العديد من المجلات في الأردن ولبنان والسعودية والكويت، حصلت على شهادة الليسانس في اللغة العربية من جامعة دمشق.
أما ديوان صهوة اليراعة الديوان الأول في إبداعها الشعري فيقع في مائة وست وتسعين صفحة ويضم خمسين قصيدة على بحور الشعر الخليلي، والديوان يسير ضمن خط الأدب الإسلامي الملتزم في معناه ومبناه، وشاعرتنا تنهل من معين القرآن الكريم الذي لا ينضب والسنة النبوية الشريفة، ونجد أن الشاعرة تعنون عناوين القصائد بعناوين واضحة معبرة لاتحتاج إلى التأويل والتفسير حتى لا يبعد المعنى عن العنوان، وقد اتسمت جملها الشعرية بجزالة الألفاظ وعمق المعاني، فهي صاحبة ذائقة شعرية عالية بليغة الألفاظ معبرة عن صدق الضمير، وحال الواقع الصعب المر، تكتب ما تحس به من وجع الأمة وخفايا النفس والقلب، واستنهاض العزائم والهمم، لأنها تؤمن بأن للشعر رسالة وهدف وقوة تحرك العواطف للارتقاء بالفرد والشعوب.
لقد طرقت الشاعرة هيفاء علوان معظم فنون وأغراض الشعر، الوجد والرثاء والإخوانيات والوصف واللون الاجتماعي والديني والهجاء والحنين.
ولقد أجادت الشاعرة في معظم هذه الفنون يسعفها موهبة شعرية حقيقية وثقافة تراثية عميقة ووجد شفيف وعاطفة صادقة تنبض من حنايا القلب، لقد رسمت في شعرها لوحات فنية أخاذة تدعوك للقراءة بعينٍ مبصرة وقلب متفتح عن فلذة الكبد، كنز الحياة، وربيع الدنيا وورد وريحان والسند والعضد، وعن الزوج الحاضر الغائب هو النبراس واالفرقد والندى وسيد المجلس والعالي والنجم الأعلى يزينه طيب وحسن خلق وعفة.
والأم في وجهها نور طافح، وطيب الأصل، والفضائل تقية نقية عفيفة.
ونظمت عنن مسقط الرأس وملعب الطفولة عن حمص، أرضها نور وعطرُ ورد وأهلها الغر كرام ونسور ونظمت عن الأهل في العراق هم خمائل وأفاضل وفطاحل وكواكب.
ونظمت في القريض يجلو عن القلب الأحزان والهم والغم وهو الغيث ويبهج القلب ويفيض روعة وجمالاً وسحراً.
أما الشعر الديني الذي يزخر به الديوان، فلقد حلقت الشاعرة مما جادت بها قريحتها في الحكمة والمناجاة وحب الرسول ومحاسبة الذات والتأمل في بدائع الكون ومناجاة الخالق عز وجل وزيارة البيت الحرام وذكر المولد الشريف والهجرة النبوية الشريفة وحافظات القرآن الكريم والإسراء والمعراج، وغار حراء ويوم الهدى والعمرة والحنين إلى المدينة المنورة.
إن المفتاح الرئيسي لهذا الديوان هو الحب الرباني ومحبة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولقد هامت الشاعرة بهذا الحب الرباني الذي يضيء القلوب والكون وهو البلسم الشافي للإنسان وكل ما ارتقت في هذه المقامات العلوية الربانية تجلت قدرات الشاعرة، والتبتل في الفضائل النورانية في مناجاة الخالق عز وجل ومدح خير الأنام.
إن في قصائدها أنساقا تأملية شعرية منسابة تعتمد على المخيلة الشعرية الخصبة والمفتوحة، ونجد في شعرها أنساقا تصويرية مجسدة بعيدا عن (النزوع) أو الصور السريالية أو الرمز المعمى.
إن مخيلتها الشعرية تستند إلى رؤية واضحة المعالم في بنائها الفني وعمق دلالتها الشعورية وتشكيلاتها اللغوية والبلاغية.
لقد جاء شكل هذا الديوان ومعانيه من خلال صدى جراح الذات والاغتراب ومرارة الأيام ومعاناة السنين، وحنين الأمة لعزة الإسلام والمسلمين عندما كنا قادة الأمم ورسل الرسالة السمحة المسوَّرة بألق النبوة وعظمة الإسلام.
وخاتمة القول:
إن هذا الديوان في أبعاده الفنية ومضامينة الثرية ورؤيته الممتدة يكشف لنا فضاء شعرياً وتلاحماً نصياً ما بين مقدمة القصيدة وخواتيمها بلغة الوضوح لا الإيحاء وتنامي الدلالات التكاملية الجمالية، وتناغمات لفظية متجانسة ومجسمة من العمق الشعوري والعاطفي والشعور التوصيفي فجاءت بصمتها الشعرية الخاصة بها بالدلالات الموحية الحافلة بالصور البلاغية والمشاعر الدافقة بحرارة ونبض الحركة.
بحس تأملي، بتلاحم المعاني مع الألفاظ، وتناغم إيقاعي (ونسخ) لغوي بعيداً عن لغة المعاجم ورنين الكلمات المكشوفة والمهجورة.
كما نجد في قراءةٍ متأنيةٍ لهذا الديوان أن هناك تلاحما بين الوحدة الموضوعية والوحدة العضوية والصدق الفني.
إن هذا الديوان القيم سامٍ في مضامينه مدهش في صوره وعميق في أبعاده، مدهش في بنائه الفني تكتب من حدائق الشعر ومنازل الوجد الإلهي.
هذه هي الشاعرة هيفاء علوان كأنها صوفية خاشعة متعبدة في محراب الإيمان والعشق الإلهي.
لها خالص الاحترام، والتقدير.
شعر هيفاء علوان: دراسة موضوعية، وفنية:
كتبت السيدة الفاضلة هيفاء علوان قصائد في موضوعات شتى منها الديني ومنها الوجداني ومنها السياسي .
صفرٌ أمانينا:
حيث كتبت الشاعرة (هيفاء علوان) قصيدة رائعة تقول فيها:
الـمـوت آتٍ وكـل الـناس مـاضونا ... وبعضنا يرحل في أخراه ومغبونا
فـعـمـرنا بــعـض أيـــام تــمـرُّ بــنـا ...يـاويح قلبي كيف الناس يسلونا؟
حـيـاتنا بـضـع أحــلام مـخـا دعـة ... إذا أتـــى الـمـوت ودَّعـنـا أهـالـينا
فـالـقبر مـسـكننا والـدود صـاحبنا...فــي بــرزخٍ نـمـكثُ،صفرٌ أمـانـينا
ياقلب ويحك حاذر من لظى سقرٍ...دع الـدنـية وارتــع فـي مـغانينا
فهي تحسن في تصوير موضوع النصح والإرشاد، ويقترب شعرها في بعض الأحيان من الحكمة المباشرة مثل قولها:
وقـوم الـنفس بالإيمان، زدها تقى .. فـالعيش فـيها بـقرب الله يـحيينا
وصارع النفس وازجرها على لمم .. فـيسلم الـدين،ولتسلم لـك الـعينا
أطــع إلـهـك واعـبـده تــزد تـقـوى...وقـوم الـنفس يـبعد عـنك غسلينا
الدعاء مخ العبادة:
وتبتهل إلى الله تعالى أن ينجيها من أهوال الدنيا، وتدعو ربها بتضرع، فالدعاء مخ العبادة ، فتقول:
فـياإلهي عـفوك قـد نـدمت عسى ... تـنجنا مـن قـيظِ يـلسعنا ويـكوينا
مــانـفـع دنــيـا تـؤذيـنـا، تـؤرقـنـا ... خـسـرٌ وغـمٌ وأهـوالٌ، وتـؤذينا
هـذي الـزلازل لـم تـبقي على بشر ...ولا الـبـناء فـأمسى الـكل مـحزونا
فـلـنـتق الله هــذي الــدار مـلـعبنا ...وفـي الـجنان يشاء الله يحيينا
في خــيـر دارٍ تـغـشانا نـسـائمها ...فـنـحمد الله، كــان الله هـادينا
وهي قصيدة منشورة في موقع رابطة أدباء الشام، وسوم: العدد 1024
هجرة المختار:
وكتبت الشاعرة هيفاء علوان عدة قصائد إسلامية المنحى، وأهمها شعر المناسبات الدينية مثل: المولد النبوي، والهجرة، والاسراء والمعراج، ورمضان، والعيد ...
وقد شاركت في مهرجان رابطة الأدب الإسلامي بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية، وكانت مشاركتها فيه بهذه القصيدة:
يــاهـجـرة الـمـخـتـار أنـــت مــنـاري ... أنــــت الــسـنـاء لــحـاضـري الــمـوار
جـــاء الـنـبـي وقــومُـه فـــي ظـلـمة ... في الوحل غاصوا في لظى الإعصار
والـمـشركون عـصـابة مـقتوا الـهدى ... قــلـبـوا بــــلالا تــحـت جــمـر الــنـار
فـتـنـبه الأحــبـاب قــد جــاء الـهـدى ... مـشـكـاةُ أحــمـد أزهــرت فــي داري
فـــي الــسـر يــدعـو قـومـه لـعـقيدة ... شــمـاء تـشـمخ فــي سـمـا الأمـصـار
وصورت الابتلاء الذي أنزله الطغاة بأهل الهدى حتى أجبروا على الهجرة إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، فقالت:
قـام الـطـغاة بـقـضهم وقـضـيضهم ... سـلـخـوا الهـداة بـألـسـنٍ من نار
قـتـلوا الـهـداة بـحـقدهم وضـلالـهم.. كــبــحوا الــصــلاح تــألـبـوا لــلـثـار
أوحى الإلــه لـجـمعهم أن هـاجـروا ...تـحـمـوا ديـــارا من لـظـى الأشــرار
ويـظـل ديــنُ الله يـسـمو فــي الـعلا ...ويــصــيـر أعداء الــهــدى لــلـنـار
هجـر الـحـبيب بــلاده في حـرقـة...كُــتـب الــفـراق وغـــاب روح الــدار
وأســرَّ هجـرتَـه وكـان رفــيـقـه ...صــدّيــقُ صــاحَـبَـه بــجـوف الــغـار
لحقــوا يريــدون الأذى لـنـبـيـنـا ...بــــاؤوا بــخـسـر إذ حــمــاه الــبـاري
ويقــول عـبــدُ الله هاهـم قـربَـنـا...ويــرونــنـا يارب أنت ســتــاري
فــيـقـول احــمـدُ إن ربـــي فـوقـهـم.. هــــو حــافـظ ُ الـتـوحـيدِ والأبـــرار
عــــادوا بـخـيـبـتهم وجــــاء نـبـيُـنـا ...بــالــغـار يُــكــسـى قــادمــاً بــفـخـار
وتـسـابـق الأغــيـار يـبـغـون الــهـدى ...لــمــديــنـة الإيــــمـــان والأنـــصـــار
واسـتـقـبـل الأنــصــار خـيرَ بــريـة واســتبـشـروا بــنــهـايـة الــفــجار
وتـقـاسـمـوا الأرزاق كـل يـرتـجـي...عــفــوا ونــصــرا مـن إلـه بـاري
يايـوم هجـرة أحـمـد َأنت الـسـنا ...بل أنت عـطر فـاح لــلأبـرار
طـلـع الـنـبي فـكـان شـمـس هـدايـة...فـي طــيــبـة الـغــراء لـــلأحرار
واسـتـبـشـر الـثـقـلان هـذا مـحـمـد ... قـد نور الأكـوان بــالأخــيـار
يـا فــاطــري يــا مــخـزي الـكـفـار ... ادعـوك ربــي والـدعــاء إزاري
يا فــاطـري يا مـنـجـي الأطــهـار...اِقـبـل دعــاء الـنـاس في الأسـحـار
يـاخـالـقـي أدم ِالأمـان لأمـــتــي ... أنــعـمْ بــعـز الـجـمـع فــي الأمـصـار
رابطة أدباء الشام، وسوم: العدد 749
يا راحلين:
وتلقت الشاعرة هيفاء علوان نبأ وفاة جارهم العزيز على قلوبهم الدكتور مجد شريف الراس (أبو شريف) دكتور العظام والمفاصل الذي وافته المنية يوم الإثنين 29/8/2022.
لقد كان - رحمه الله – وزوجه نعم الجيران خلقاً ووفاءً وتفانٍ في دعم أسرة الشاعرة جزاه الله كل خير وجعل ذلك في ميزان حسناته، وقد كتبت أبياتاً ترثيه - رحمه الله - تقول فيها:
ياراحليــن كـويتمُ الفؤادَ يتمتم القلــوب والأكبــادا
قد كنتم الشفاء للسقيمِ وللعليــل البــرءَ والسهـادا
هلا بقيــتــم بيننــا فإنــا بفقــدِكم أنينــنا اِزدادا
أنعم بجـار خيــره عميمٌ أكـرم بـــه فـأجره عظيـمُ
كم أكرم الجيران كم أعانا أكرم به كم قلبـــه رحيـم
لن أنسى يوماً إذ غشانا الغمّ والزوج مات إذ دهانا اليتمُ
ونـزفــتْ قلوبنــا دمـاءاً. وبُضع الفؤاد، عـاث الــــغمُّ
كان الصغار هم كطيرٍ زُغبٍ وارتعدت قلوبهم من سقَـمِّ
أحاطنـــا وزوجـه بعطـف آزرنـا مشاركـاً في الهـمِّ
رحماتُ ربي مبضعَ الجرَّاحِ كنت الأمانَ كنــتَ ذا سمــاح
قـد أذن الرحمن بالشفاء أعطاك فيضاً من ذكـــا لماحِ
كم بائس جاء بعظم هشِّ بحكمـة شفيتَ تي الجِراحِ
يا طالب الرحماتِ ادعُ اللهَ أن يرحمنْ عبدا بعونٍ باهى
أدعوك ربي غافـر الذنوبِ اصفح وسدد، أبعـدنَّ الآه
وصبِّـر اللهم قــلـب أم قد بُضعت فــؤادُها كســـيـرُ
وصبر اللهم قلب زوجٍ وقـوها فهمُّهـا كبيـــــــرُ
وصبـر الأولاد يا إلهـي وافتــح عليهم، ربَّنا القديـر
ونجهم من ويـل وثبـورِ وفقـهــمُ للخيـــر ياغــفــور
ما أجمل الوفــاء والإخـاء وأجمل الإحسان والعطـاءُ
من يجبرُ الخواطرَ يُــعظمْ تغبطــه الأكـوانُ والسـماء
طوبى لكم إحسـانكم كبيرٌ طوبى لكم، منـارةٌ غراء
زمجر الكون:
وتصور الشاعرة هيفاء علوان عظمة الله وقدرته التي تتجلى في الكائنات، ولاسيما في الزلزال الأخير حيث تقول مصورة تلك الهزات الأرضية والنفسية
دمدم الكون والدمار دهاني
قد طما الخطب وادلهمت ثواني
وتناهى لمسمعي صرخاتٌ
وزئيـــرٌ واجــفٌ يـــهدُّ كـيـاني
قد دهى الكــونَ رجفةٌ وبلاء
زُلزلت دُمرت ،وغاضت مباني
صرخ الكون،ثار نــقــعٌ رهيبٌ
غادر الصبح ،والظلام كساني
يا لهولي، اَلقيامــــــة قامــــت؟!
يـــا إلهي اُلطفــــــن بجـَـنــاني
ما لأنطاكِ قد تولت وغارتْ
فالأناسي تطايــــروا في ثواني
والمباني تحت جنـــحِ ظلامٍ
غارتْ ،والأديم في غليـــــانِ
ولقد كان نصيب غازي عينتاب وأنطاكيا مضاعفا تقول الشاعرة في ذلك ..
غازي عنتابَ تحت جنح ظلامٍ
غاضت الأرض واكفهرت أماني
والعمارات في لحظة قد تنادَوا
فلنصيـــخُ النـــداءَ للديـــانِ
زمجر الكـــونُ والفــؤادُ عرتـــه
رجفــةٌ، رهــبـــة أصابت كيــاني
من ثـوانٍ كنّـا نعيش سعـــودا
نفسيَ أســرجت خيولَ الأماني*
وإذا المكانُ المكانُ صار هبــــاءً
وفضاءاً عاتــيــاً وضاعت مغــاني
لهفَ نفسي على الأم عجلى
تحضنُ طفلها ، تضــمُّ الثــاني
لقد ذهب الأطفال الصغار والنساء، وكثيراً من الرجال في تلك الكارثة ..
وصغيـــرةٌ تمسَّــــــــــكت بثيـــاب
أمـــاه مـاذا أصـــــاب أذاني؟!
أمـاه ترجف الأرض تعــلــو
وقع شيءٌ أمي عليَّ رمـــــاني
فغرت أمها فاهــها وتدلــت
جحظت عينـها، فكلٌ فـانــي
أمي أمي بلال أصبح أرضَاً
عمرُ كساهُ ثوب نجيعٍ قاني
صخرة حادةٌ هشمت رجلي
والغبـــار الكثيف قد أعماني
أمي أمي ردي علي فإني
واجف يارب ،سدد جَنــاني
خفت صوتها رويدا رويدا
وغــدت في عالم النسيـانِ
والمســـن المــريض أسرع يحبو
ذاهلاٌ باكيـــا من الهذيـــــــــانِ
يسرع الحبـــو ماذا أهَــولاً ؟
دمـدم الكون أيـــها الفرقدانِ ؟
وطيورٌ قد حلقـــوا في ذهــــولً
ماالذي نــابنــــا ؟ بني الإنسانِ ؟
أين صرحي تراه أضحى سِرابــا
أين عــشٌي بنيتــه في الجنـــانِ؟
والأسود في عريـــــنهم قد تنادَوا
رب لطفـــــاً يا بـــــــالغ التحنانِ
كنا يوما في عريننا شجعانــــاً
أين أنيابنا غدت كالأمانــي؟
ونسورٌ ماكانــوا يـــوما بغاثــــــاً
تحت ردم غدوا بلا حيطانِ
يمنعون الأذى ويرجون عــفــواً
ردوا كيد العــــدا عن الإخــــوانِ
رجفت حمص، حمــــاة تهاوت
ربي قالت: ما الذي قد دهاني
كنت أصحو على أنيــن نواعيـــــر
ويصــــــــدح المــــــاء في آذاني
ضم ذاك الوادي سوالف عشقٍ
كــــم نهــلــنــا منها في كـــــل آنِ
ادلب الخير والضيــوف*تأذوا
وغــــدوا تحــــــــــت تلك المبــــاني
رُحّلوا من ديارهم ذات ليـــــــلٍ
أجبــــرتهم دولــــــــــة الطغيــــــــانِ
عاشوا نهباً من الزمان بـــذلٍ
يمضغون الأسى مع الغليانِ
حمدوا الله أن حماهم بلطف
وارتضوا محنةً ولات أمــــاني
بعد لأيٍ زلزلت تي الديـــــارُ
أهلكَ القومَ ذُبحَ كل أمــــــــــــانِ
شردتهم شراذم الشــــر قسراً
ثـــــم نالهـــــم بــــــلاءُ، امتحـانِ
تحت ردمٍ بقَــوا حاصَرَتْهُمْ
قذائفُ، سرادق الحيطــــانِ
من نجا صـار إلى البر يدعــوْ
رب نجيَـــــــــنْ من البـــركـــــانِ
كلُّهم في رُهــابِهم ينشد أمناً
خوفَ رعــدٍ مــزلــــزلٍ، بركـــــــانِ
خذلوا كلـهم وقد راموا رفقــاً
من عبــادٍ جبلوا على إحســـانِ
زهقت أنفسٌ وغارت قلوبٌ
أســرعوا بادروا إلى الــرحمنِ
غادر الجمع لم يطيقوا فراقاً
لم يطيقـــــوا مرارة الحرمـــانِ
أمهم والأب غادروهم سِراعاً
كلهم مضوا لعـــالي الجنـــــــانِ
فهنيئا لهم منـــازل خلـــــــدٍ
وهنيئاً لهم جنــان حِسَــــــانِ
أحباب الروح:
وقد كتب الله لها أن تهاجر، وتسكن في بغداد بعيدة عن الأهل، ولكن كانت سعيدة إذ حباها بزوج صالح اتصف بالرقة والحنان، ولكن قد تمر ظروف على الإنسان، فيشعر بالغربة، ولكن بحمد الله رزقها الله بأحبة كثيرين أنسونها ألم الغربة، وكان أكثرهم قربا منها من سكنت في بيتهم، كانوا نعم الأهل والله، غادرتهم منذ ثلاث وعشرين سنة، فكتبت لما غادرتهم هذه القصيدة التي وجدتها وبعثتها إليهم :
عقيلة حبيبـة وأمها سعودْ جمعتنـــا أخـوة ورفقـة ودود ْ
عقيلة خبرتها تعــزز الهـدى وترتقي المصاعب وتجتاز السدود
فحبنا لديننا يكسّر القــيـودْ يحارب الرذيلة ويكره اللدودْ
أحبابي ذوي عزة وخلقهم فريد يرومون المعاليَ ورأيهم سديدْ
كم آزروا ذو كربةٍ كم أبرموا العهود وساعدوا ذا فاقة وقـربوا البعيد
أمْ منعم وآلهـا في قلبي الصغير لهم وداد خالصٌ في خافقي يزيــدْ
من أخلصَ الأخوةَ في هذه الدنى فزده من نعمائكَ إلهيَ المجيـد ْ
أحبابنا ياإخوتي إخلاصكم نريدْ لا أفترق عن عهدكم لقـياكمُ أريد ْ
في جنـة، في أيكة ظلالها وِِضاء تخدمنا الملائكُ، حيث نرى الودود
فإن صرنا لداره وبلِّغنـا المنى فذا منٌّ ومنحةٌ وهذا ما نريدْ
أصلح إلهي حالنا واختم لنا بخير حقق لنا الأماني في جنـة الخلودْ
نصوح:
وكتبت الشاعرة هيفاء علوان تصف خالها السيد الفاضل نصوح، فقالت:
خـــالـــي نصوحُ يسعد الألبـابـــا
ويميط همــــاً، يجمع الأحبــابـــا
عهدي به للخيـــر يسعى دائمـــاً
يرعـــى الأحبة ،لايريـــد ثوابـــا
يا خال أبشر في القلوب مكانـكم
يـــاخــال أبشــــر لن تخاف مآبـــا
طوبى لكم إنّ الجنــان مقيـــلكم
طوبــى ستُسقى كوثراً وشرابــــا
إن التراحم والـسـمــوَّ فـضــيـلةٌ
نعم الفعــال لـمـن أراد صوابـــــاً
ياويح من حُرِم الحـنـانَ ويحــهُ
لن يلتقي المختـــار والأصحـابـا
مهلاً أخي . . .
لقد غادرنا المهندس أبو أسامة عبد الملك علبي مهندس المشاريع كما قالوا في أشد الليالي قتامة، عواصف هوجاء ورياح الموت تزأر ، ووباء كورونا لا يبقي، ولا يذر.
والمهجرون في سوريا تنتابهم المحن تلو المحن، وما من شفيق ولا معتبر .
فلا اقل ان تكتب الشاعرة عنه كلمات، وهي اقل القليل في حقه.
لم نسمع صدى كبيراً لوفاته - رحمه الله – لأنه كان من المخلصين الذين لا يهمهم المديح، ولا التفاخر بما يضحي ولأنه يعمل بإخلاص، ولا يهمه ذكر البشر ومديحهم، فكم من انسان لا يعمل إلا النذر اليسير وتدور حوله هالة من الكبر والتفاخر، وينبري البعض في الثناء عليه.
ولكن أنا متأكدة أن الملأ الأعلى استقبله أيما استقبال فهنيئا له ثم هنيئا له، وقد كتبت الشاعرة هيفاء علوان قائلة له كما قال له أحد إخوانه.
تمهل:
مهلا أخيّ تريثن لا تعجلا إني أرانـا مظفَّرين على العدا
مهلا فإن الله ناصـرُ جندَه للظالمين القاهرين توعدا
مهلاً فإن الله منجـزُ وعده وسيفرح الأحباب بالنصرغدا
مهلا تركت الخل في أحزانه متلفعا بالليل يدعـو ساجـدا
يدعو إلهي فرجــنّ كروبَنـا أحوالُنا ساءت فثبتّنـا غـدا
فالشيخ والأطفال باتوا سلعة فالكــل يبكي حالَهم متوعـدا
ويغض طرفاً عن حقائقَ جمة وينام مرتاحَ الضميرِ مسهدا
مهلاً ،أخيْ ياروضَنا يامشعلاً خبت الشموس أخي وقد غاض الهدى
فغدا نشد العــزم نعلي راينـا فنعـز، نغــدو،صفنــا قد وُحـِّدا
مهلا تُراه الموت يحصدُ جمعَنا مستأسـدا والنائبـات تمــردا!
هلا انتظرتَ لنفحـةٍ علويـة تنهي الغزاة تئـز حقــا أُوقدا
عاث الذئاب بروضنا واستأسدوا وتلفعوا بالعـــار عافوا الســرمدا
لهفي على الأبطال نورِ عيوننـا وسنىً يشع على تراث أُتلدا
في جنة الفردووس كان مقيلهم في جوف طيرٍ سندسي، امردا
حزت الفضائل والخصال حويتها عزم وإصـرار، وكنت مسددا
يامن حبيت الكَــل من أفضـالك وكسيت عريانا وكنت المنجدا
وبنيت صرحا للعلوم "الشافعي لتكون نبراساً على درب الهـدى
أرخصت نفسك والمعالي حزتها طوبى لمن ضحى وكان مـسـددا
وسُميط ُصنوك عاف دنيا وارتقى وبنى بعـدن قصره ولمـن هدا*
بعـت الحياة وروضها ونعيمها وبنيت قصرا كنت أنت الأسعدا
أهلا أيـاالعلبي قـال ملائك جاء الحبيـب لربـه قـد مـجـَّـدا
رحـل الأنيس مصابرا ومضحيا رحل السخي ياطيبهُ، قد أسعـدا
في الأمس غابت أنجم وضاءة وتلاها نجم في السما قـد أُغمدا
ومضى الأنيس محمدٌ متلفعاً بالطهر يزدانُ ، وكاـن المرشـدا
فالوجه بسامٌ ونور يستضاء به والفعـل محمـود ُ ولُـبّك أرغدا
والحلم عزٌ والصـدوق مبارك متواضــعٌ متبتــلٌ ، رأس الــنــدا
في ذكركم كل الهنـــاء نجلُّكم حتى اليراعُ بشدوكــم فلكـم شـدا
ويراعتي قد فاخرت بصنيعكم فالقلب منهـــا سيدي قـد غـردا
ياسعدكم جنات عدن نلتــمُ أهلاً بكم أبطـال، عيشــاً أرغـدا
أرضَيتمُ الرحمنَ في عليائــهِ في الجنــةِ الشماءِ موعدُكم غدا
ــومضى سميطٌ: عبد الرحمن السميط رحمه الله وأجزل مثوبته.
ـــ الأنيس محمد: محمد الحسناوي –رحمه الله- وهو من الأنجم الوضاءة
جرح الفؤاد:
وفي فراق فقيدها الحبيب قالت:
كتب الإله وشاءت الأقدار
قُبض الصفي فأدميت أجفاننا
فتك البلاء بجسمه تباً له
نحل القوام غدا ضعيفا ذابلاً
وازدادت الأوجاع لكن صبرُه
وتراكض الأهلون يبغون الرضى
فالزوج تمضي والفرائص تلتوي
وكذا الصغار تكتوي أكبادهم
والجدة الثكلى تصبب دمعها
وأخوه يمضي والمدامع تسألُ
مازال يدعو، أخوتي ادعو له
فالله يمسح إن أراد بلاءه
إخوانه في الغرب يدعون له
يدعون ربا قادرا يمحو الأسى
كل يقدم مالَديه ويدعونْ
أولاد أخته ما يملون البكا
هرعت قلوب خلَّص تدعو له
قمر أضاء بصيته وفعاله
فأخيّ أكرم كان خيرا كله
بالصمت يعمل مانحا أقرانه
في الظل يعمل لايريد جزاءه
يخفي الفضائل هل تراه مفاخراً
لله يعمل مخبتاً متبتلا
* * *
أقبلت من سفري تبسم ضاحكا
قد زاد شوقي للحبيب محمدٍ
ياليتني طيرا أحلق في السما
فتبضع القلب الحنون من الأسى
حرمونيَ الفجار من نيل المنى
*
زاد المصاب أخي فليتك سالم
من بايعوا الشيطان فهو إمامهم
قد بارزوا الهادون في إيمانهم
* * *
كتب الإله وشاءت الأقدار
غابت شموسٌ والفيافي أظلمت
ومضى الحبيب إلى الجنان مفارقاً
وانكفأ الأهلون يدعون له
جادت سماء بالغمام فأمطرت
فبكت عزيزا للأنام مكرما
يوم ويومان وثالث بعدهم
رحم الإله فقيدنا وأظله
وسقاه من فردوسَ ماء سلسلا
وأظله في ظل عرش حيثما
يحشره مع خير الخلائق أحمد
دميت قلوب الخلق والأكدارُ
ياليت شعري غابت الأقمارُ
وذوت ورود الخد والنوارُ
تترنح الأطراف فهي تحار
متطاول ما هدّه الإعصار
كبر المصاب وزادت الأخطار
والقلب يُكوى مالها تحتارُ؟
يبكون سرا ، ربهم ستار
تدعو لها الأفلاك والأقمار
ماذا تراني فاعلا، يحتار؟
علَّ الشفاء يمنه الغفارُ
يشفي العليل ووحده القهار
كلٌ يترجم حزنه الجبار
مامرت الأسحار والأبكار
يارب فارأف،وحدك القهار
أبكوا الرمال فناحت الأشجار
رباه ،أكرمُ وابلٌ مدرار
أدمى القذى وأطاعه الأشرارُ
يهدي ويصلح، للهدى طيارُ
كلَّ السلام ، وكلهم أبرارُ
يرجو السلامة فالرضى أنهار
لا والذي مَن هابه الإعصار
أعماله الإصلاح والأذكار
* * *
يا أم أحمد هللتْ أطيارُ
للكعبة الغرا فهذي منار
فالنفس تسمو والجَنان يحار
رب استجب، لعلني أُختار
رباه أهلِكْهم أيا قهارُ
وليهلك الكفار والأشرار
يؤذون قوما كلهم أحرار
أهل الهدى في فعلهم أنوار
* * *
حمّ القضاء ،ذبُل النوار
واربد غيم الكون، غاض نهار
فتحسر الأحباب والسمار
قد ودعوه وحزنهم موار
مطرا غزيرا حبه مدرارُ
يأبى الشنار وللعلا مختار
بكت السماء ومثلها الأفكار
في ظله، إذ تُصطفى الأخيارُ
يشفي العروق وتُغسل الأوزارُ
يتنقل الأبرار والأطهار
في دار عدن ربنا الغفار
سقيا لأيام الصبا:
وعاشت الشاعرة في صباها مع المرحوم زوجها أحلى الأيام في العراق، فكانت تغرد معه كعصفورين في أحضان الطبيعة الخلابة الساحرة، في حديقة البيت الزاخرة بشتى صنوف الأشجار والأزهار..كانت الأطيار تصدح وتنشد أعذب الألحان، أما الأزهار فمن أبيض يقق وأصفر لامع وزنابق تأخذ بالألباب .
كان مايزيد من سعادتهم مايحيطهم به جيرانهم أصحاب البيت أم زيد وزوجها والجدة لطيفة من حبّ ومودة، وكذلك أم عبد المنعم وأولادها حفظهم الله جميعاً، أيضا جارتهم أم أسماء وبناتها الحبيبات، وأم محمد الراوي رحمها الله وفلذاتها اللتان كانتا ترعيان الشاعرة في غياب زوجها كأهلها بل أكثر، أما أم ميسرة كم لها من أيادٍ عليها ؟
إنهم يكنون لها كل الحب وهي بدورها تعزهم، وتقدر جهودهم.
وكذلك جيرانهم الأقربون والأبعدون حفظ الله من كان حياً منهم ورحم من اختاره ربي لجواره سبحانه. جعلهم الله في ظلال وعيون فترى الشاعرة هيفاء علوان أن من واجبها أن تتغنّى بهم، فكتبت تقول :
سقى الله أيام الصبا يا سحرها سقى الله أكناف العراق وأهلَها
سقى الله أيام السعادة والهنا وعمرا قضيناه نكمل سعدها
فأنتم أحبائـــي تزيدون بسمتي تردُّون نبع الحبِّ إذ كان غافـيا
فــأمْ زيــد للسعــادة رفدهــا وللعون أهدابٌ تغذي الأمانيـا
ففي حضنهم عاش الصغار أحبتي ينامون جزلى،يطلبون الهنا ليا
وفي عشهم عشـنا حياة رغيدةً نروح ونغدو نستزيد المعـاليا
والجدة العصماء تسعى وتعمل تكد تعمـل ليلها ونهارها
أنا إن نسيت فما نسيت فضائلا فيها العبـــور لجنـــة ونعيمها
يامن رعيتم جمعنا بخلالكم طوبى لكم أفضالكم وجليلهـا
أمُّ محمد يــارعاك خالقـي كالأم ترعَي صبيَتـي بـدلالِ
ألجـا إليك إن علتني غمّةٌ فأعود جذلـى بالهنــا وجلالِ
كالأم تفتح صدرهـا لمشاعري فيطيب فوح عبيرهــا بوصال
أنسى همومي كلها إن زرتها فيفيض نهر الود في أعطافي
ولكم حزنت على فراقك أختنا واسودت الدنيــا فأنتِ الغالي
لكنْ قضاء الله فينـا كائنٌ سبحانــه ذ وعــزة وجلال
وطبيبة كانت تجيب نـدائي وتطبب الأولاد ترمق بالي
وأمْ أسمــا كم سعتْ لسعادتي كم أمضت الأيام ترثي لحالي
وتفك كربي تحزننَّ لغربتي وتخاف يومَ فراقنـــا ،ومـآليْ
وبناتها مثل الورود نضارةً ذوقاً ولطفــاً إنـهـم للآلــي
ليت الأحبة ليتـهم في دارنا ياليت بعـدهــمُ يرقّ لحـالي
بوركتِ ياشام:
يا شــامُ أنتِ وردةٌ وضــاءُ سـنظلُ نفخرُ أنكِ المعطــاءُ
رفعتِ رايتَنا ياطيبَ فرحتِنـا شمختْ أنوفٌ،أزهرتْ صحراءُ
رويتِ جنتَنا فا خضرَّ ذابلُها بشرى لنـــا قد أينعــتْ، شـماءُ
شامٌ وأعذبُ منها صوتُ أحرفها نسجتْ سعوداً مــا أحيلاها
قد مات والدُها وسالَ نجيعُــه اليتم سربلها والخوف مأواها
لكنْ حبــاها اللهُ أشرف منَّـةٍ فـوزاً يكـــلل جمعــنــا، نتباهى
طوبى لأمٍ أنشأتْ خيرَ غرسةٍ وصلتْ سماكاً بالإله نعيذُها
رباه سددها وسددْ سـعـيَــها في بكــرةِ الأيامِ ثمّ أصيـلها
ياشام:
وأرادت أن تتغنى بشام كما تغنت بأولادها صغاراً، فقالت :
ياشام أنت غمامْ
أتــانــــــا بالهبـــاتْ
كالمـــــاء ثجاجــــا
أغاثَ الكائنــــــاتْ
وأشــرقتْ شـمسٌ
فابتســـــمَ النبــاتْ
تمايــــــلَ الــــــفـــلُّ
وعانــــــــقَ الزهراتْ
ففي الشــــين شفاءْ
يشــفي من الهـــــــمِّ
يفــــــــــــرِّجُ الكـــــــــرْبَ
ويــــــــــزيلُ ذا الغـــمِّ
وفي الألف الضياء
تسعَيْ إلى العليـاءـ
تحــــاربي الجهــــــــــلَ
لتصلــي الــجـــــــــوزاءْ
وفي الميـــــمِ الــعــمــــــلْ
تحبيـــــــــــــنَ الأمـــلْ
وســـــــــعادةَ المســـكيــن
جـَـــــــــَّداً بــلا كــلــلْ
حبيبتي بغداد:
وتركت الشاعرة بغداد بعد العدوان، وبعد بضع سنوات كانت الحرب المشؤومة بكت جوارحها دما، وكذاك قلبها، فكتبت تقول:
أحباب قلبي في العراق تماسكوا إن العريــــن وحفظه إيمـــانُ
أحباب قلبي في العراق تآزروا ما نام عن حق الورى وجدان
أحبابي الأصلاء ربي اِصطفى بلد الأبـاة حبيبتي بغـدان
بغداد يا بلد الحضارة والنهى يا دوحــة وضـاءةً تـزدانُ
بغداد يابلـد الحضارة والنهـى قـد شيعوا شطآك والأغصان
أعداؤك الحمقـى عليك تآمروا فالخير معقـود، وأنت حَصَــانُ
قد روَّعوك وبالقذاف أُصلـيتْ جنباتـك العَصمـاءُ والوديـان
من فـي الخيام كوتهُم نيرانهمْ صرعوهم ألطف، أيا رحمـن
قـد هزنــا أن العراق مروعٌ قد داسه الأوغاد والرعيانُ
ومساكن الأهلون دُكّـت كلهـا ومنازلُ الشرفـاءِ والأعيان
حتى المشافي،الجامعات تدكهـا حمـمٌ هـوت وتدمرت شطآنُ
لهفي على الوطن الحبيب وروضه لهفي عليكم أيهــا الخلانُ
لهفي على الورقاء تسكن بيتنا لهفي على الزيتون، والرمان
أحبـاب قلبي هل ترى ألقـاكمُ وتعود تلك القعدة الفينـانُ
أم يا ترى حمَّ القضــاء عليهمُ فبكت عليــهم جوارحي وجنـانُ
رباه إني أفتديـه بمهجتـي أدعوك ربي، اسلمـي بـغدان
حاشى إلهي أن يدك جموعَهـمْ دُكَّنًّ أهل الرجس، يا رحمنُ
يـــا رب انصر جمعنــا يا خالقي وليخســأ الأشـــرارُ والشيطــانُ
صهوة اليراعة:
وتقول الشاعرة هيفاء علوان تبتهل إلى الله وتسأله الرحمة:
يـا إلـهي رحمتنا، أنت فردُ *** بـعـلـوم زوّدتـنا لك حمدُ
لـلـسـهـا قد دعوتنا للثريا *** وبـبـحر العرفان أبحر أسد
أنـت يـا علم شمسنا ولأنت *** الـعـمـرُ والعزُ، أنت الفِرَندُ
فـالتقى والنقى وعلم حصيف *** يـلـدُ الـعزَّ فالحرائر تشدو
فـيـك يا علم نتقي الله نسمو *** نـحـتسي رفعة ويختالُ جُهدُ
دُحِـرَ الظلمُ فالليالي أضاءت *** فـالقلوب انتشت وماس المُجِدٌّ
يا رفيقي وعُزوتي وضميري *** أنـا لـولاك ما زها بي مجد
يـرفـع الله عـالماً مستنيراً *** درجات ما اخضرَّ سهلٌ ونجد
طـلـب الـعلم واجب ومنار *** ولآلـي الـفخار تزهو وتشدو
فـلـذي الـعلم رفعة تتباهى *** قـولـها دائماً: هلموا وشدّوا
كـلـما أمعن الدجى وتمطَّى *** أبـلَـجَ الـفجر فالحرائر أسد
يـطلب الحوت للبرايا سماحاً *** مـن إلـه لورده الناسُ تغدو
يـطـلب العفو من إله رحيم *** بـرأ الـكـون، فالفيافي وَرد
ولـذي الـعلم خشيةٌ لو تراها *** تُـذهـلُ الفلك والملائك حشد
النصيحة:
ولا تفتر الشاعرة هيفاء علوان من تقديم النصيحة والمساعدة لإخوانها من المسلمين.. فتقول:
إخوتي صحبتي أصيخوا لعبد *** هـالَـه الكفر والعمى والحقد
اعـبـدوا الله ربـكم لا تكلوا *** افـعلوا الخير اعشقوه، وجدّوا
ادحـروا الظالمين كونوا كماةً *** دمـروهم مهما استبدوا ورُدوا
وتعتز وتفتخر بالدين الإسلامي، وتدعو المسلمين للنضال عنه، فتقول:
ديـنـكـم دين سؤدد وفخار *** فـلـه ناضلوا وعنه فصدوا
إنـه درةٌ تـنـيـر دروبـاً *** من سَناه انهلوا، وطاب الوِردُ
فـمـن الـفقه والعلوم نجوم *** أي نـور سـمـا فأفلح جهدُ
جـوّدوا الآيَ فاستحالوا مناراً *** جـاهدوا النفس فاكتساهم حمدُ
فـسروا الآي فاستضاء فضاء *** فـقهوا الهديَ، فالمفاخر شَهدُ
وعلوم الذكر أُشربوها فصاروا *** لـلـورى مـعلماً هادياً يُعتَدٌّ
انـشـرِ العلم يا أُخيَّ لترقى *** جـنـةً، حورها تروح وتغدو
ولـتـكن شمعة تذوب لتحيا *** دوحـةُ ديـنـنا، ويخسأ وغدُ
كـلـل النفس بالعلوم لتزكو *** تـكـتسي سندساً، ويعبُق رند
تـتـباهى بك الملائك، تزهو *** لـك أجـر الـنبي ذلك وعد
يبحر العقل في السطور ويعلو *** سـامـقاً صهوة اليراعة سعد
فاطمة الزهراء:
وكتب الشاعرة هيفاء علوان قصيدة حين كانت في جلسة سمر مع أولادها فسألها ولدها أمجد:
هل من خبر وقصة عن فاطمة الزهراء؟
فأجابت : نعم يا ابني لما علم النبي (صلى الله عليه وسلم) بدنو أجله، وعرفت ابنته فاطمة بكت، فلما دنت منه أسرّ لها فضحكت، فقد أخبرها صلى الله عليه وسلم أنها أول الناس لحوقاً به. وهي زوج علي بن أبي طالب، وأم الحسن والحسين رضي الله عنهم جميعاً.
وكتبت قصيدة تحت عنوان (فـاطـمـة الــزهـراءْ)، جاء فيها:
يــاروضـة الـنـسـاءْ. كـم حـزتِ من ثناء
مـن فـاطر السماء
أحــبــكِ الــرسـولْ. والـمـلَـكُ جـبـريـلْ
وزانـكِ الــقَـبـولْ. وجُـدْتِ في الضراءْ
فــكــنـتِ عــنـوانـا. فـي طـاعةِ مـولانا
ونـــلــتِ رضــوانــا. مـن خالق الــسمــــاءْ
أبــنــاؤك الــكــرامْ: قــد عـلـموا الأنـامْ
شــمـائـلاً عــظـام. فـطـاولـوا الـجـوزاءْ
الـصبرُ مـن خصالكْ. والطيب من جلالكْ
وهـبت جُـلَّ مـالكْ. لـطـالـبِ الـنـعـماءْ
فـاطـمـة الـحـبيبةْ. أخـتـاه يــا نـجـيبةْ
يــا نـفـحةً رطـيـبة. تــعــطـرُ الأجــــواءْ
بــكـيـتِ لــلـفـراقْ. وأمــطــرتْ مــــآقْ
واســودت الآفــاقْ. وســـادت الــضـرّاء
جُـمِـعتِ والـحبيبْ. فــي جـنّةٍ وطـيبْ
بـشـراك لا وجـيبْ. فــي غـرفـة وضَّـاءْ
ريـحـانـةُ الـرسـولْ. وزيــنــةُ الــعـقـولْ
أشـبـهتِ بـالـبتولْ. هـمَّـتـكِ الـعـصماءْ
حـسن والـحسين. كــلاهـمـا مـكـيـنْ
حـبـاهـما الأمــيـنْ. عــقـيـدةً شــمَّــاءْ
فـاطـمةُ يــا أخـتـنا. بــك افـتـخرنا كـلُّنا
أرشـدتِـنـا عـلَّـمتِنا. الــصـبـرَ والــفــداءْ
وأخيراً نقول:
إن الشعر النسائي الإسلامي نادر في تاريخنا وإن وجود أمثال الأديبة أمينة قطب، والشاعرة هيفاء علوان ، والمجاهد زينب الغزالي، والداعية إلهام مكانسي أم حسان، ...وغيرهن يعد منارات على دروب الدعوة الراشدة، وصوى على الطريق.
وندعو جميع المبدعات إلى الانضمام إلى هذا الركب الكريم، ركب الداعيات الطاهرات: درب الخنساء، وخولة وعائشة، والزهراء، وصفية، وزينب الغزالي، وحميدة قطب، .. وسائر هذه الكوكبة من المؤمنات .
مصادر الترجمة:
١_ رسالة خاصة من الشاعرة .
٢_ رابطة أدباء الشام.
٣_ مجلة رابطة الأدب الإسلامي.
٤_ مواقع إلكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1060