الشيخ الأسير حسين عمرو

أحرار:

الشيخ الأسير حسين عمرو

ستيني تحاصره سجون الاحتلال ويقيده الاعتقال الإداري

في الظلام الدامس، وقبل أن يبزغ نور الفجر، وعلى عادة جنود الاحتلال الاسرائيلي الذين اعتادوا أن يقتحموا المنازل والبيوت وأهلها نيام، لبث للرعب في نفوس الأهل والأطفال، وكرسالة واضحة أن الجميع مستهدف وإن بإمكانهم الدخول لأي بيت وفي أي وقت يريدوه، وهو بالفعل ما حدث من اقتحام منزل الشيخ حسين محمد مصطفى عمرو من مواليد: 14/2/1950، من دورا الخليل لاعتقاله.

ليلة اختطاف مباغتة

دخل الجنود باحة المنزل، وبينما الأم والزوجة(أم أنس) تتفقد رعيتها وأبناءها وتطمئن على طالب الثانوية العامة، سمعت أصوات الجنود، وانطلقت مسرعة لغرفة نوم زوجها وأيقظته، وقبل أن يستيقظ الأبناء ويصابوا بالذعر انطلق أبو أنس نحو الباب وفتحه، ليهرع الجنود بالدخول للمنزل ويفتشوه ويكسروا بعض أثاثه، وعندما سألهم عما يريدونه، قالوا له نريد اعتقالك، ودار نقاش بينه وبينهم وارتفعت أصواتهم، ثم ارتدى أبو أنس ملابسه مودعاً عائلته ومنزله في طريقه لعذاب الأسر من جديد فهي ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها.

وفي حديث مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، مع زوجة الأسير، أكدت أم أنس إن اعتقال زوجها في ليلة 13/6/2013 كان أمراً مفاجئاً وغير متوقع، بعد أن ظنت العائلة أن غيمة الاعتقال السوداء أصبحت بعيدة عنهم ولن تعود مجدداً لاستراق سنوات أخرى عاشها أبو أنس بعيداً عن العائلة.

عيشهم في الخارج

تقول أم أنس، إنها وزوجها والأبناء عاشوا بداية حياتهم في الكويت ولمدة 15 عاماً، وكان أبو أنس يعمل هناك مدرساً للغة الإنجليزية ويعمل بالتجارة، وعندما حدثت حرب الخليج غادرت العائلة الكويت وجاءت لتستقر في فلسطين، وأكمل أبو أنس عمله في التجارة وأسس مجموعة من الجمعيات والمؤسسات الخيرية في الخليل، ومن هنا بدأ الاحتلال الاسرائيلي بملاحقته، بتهمة( تعزيز قوة حركة حماس من خلال المؤسسات الخيرية والاجتماعية).

سلسلة من الاعتقالات

وتسرد الزوجة سلسلة اعتقال الزوج، والتي بدأت عام 1992، وخضع فيها أبو أنس للتحقيق مدة 18 يوماً ثم تم الإفراج عنه، أما المرة الثانية فكانت في عام 2000 وبعد مطاردة دامت عاماً ونصف، وكان اعتقال أبو أنس في ذلك الحين على أيدي قوات اسرائيلية خاصة أوقفت سياراتها المدنية أمام المسجد في يوم الجمعة، وما إن خرج المصلون وخرج أبو أنس، حتى انقضوا عليه ووضعوه في سياراتهم.

محمد ممسك بثوب أبيه عند اعتقاله

وفي حديثها عن ذلك الاعتقال، بدت أم أنس شديدة الألم والحزن والغضب في الوقت ذاته، والسبب إن اعتقال أبو أنس والذي كان من أمام المسجد كان بحضور ابنه محمد الذي كان يبلغ من العمر ستة أعوام، حيث خرج محمد مع والده من الصلاة ماسكاً بثوبه محتمياً به كأي طفل صغير، وعندما رآى هؤلاء يخطفون والده، ظل محمد ممسكاً بيد أبيه رافضاً أن يفلتها، حتى أخذوا والده بقوة... فصار محمد يصرخ أبي... أبي... ومنذ تلك اللحظة وحتى الآن يعاني محمد من عقدة نفسية وخوف شديد.. وقد كان محمد بعد اعتقال والده يذهب لذات المكان الذي اختطف منه والده... يجلس ويبكي ويستذكر أباه..

كما ذكرت أم أنس إن زوجها اعتقل عام 2005، ضمن حملة شنها الاحتلال ضد قادة وكوارد حركة حماس قبيل الانتخابات التشريعية والتي حملت اسم( حملة نبش القبور)، ومكث في الاعتقال الإداري ثمانية أشهر.

الإخوة لاقوا المصير ذاته

من جهة أخرى، تحدث لمركز أحرار فواز عمرو، وهو شقيق الأسير حسين، وهو أسير محرر أمضى في سجون الاحتلال 14 عاماً متفرقة، وفي إحدى اعتقالاته اجتمع وأبو أنس وشقيقه الآخر محمود في سجن واحد بأحكام مختلفة، وأكد فواز إنهم جميعاً تعرضوا للاعتقال على أيدي سلطات الاحتلال الاسرائيلية لفترات متفاوتة، وقد توفي والديهم وكان البعض منهم لا يزال في الأسر.

وأشار فواز إلى إن الاعتقال الأخير لأبو أنس وتحويله للاعتقال الإداري، فاجأ العائلة بأكملها، خاصة وإن عمره أصبح يناهز ال 60 عاماً، وأنه يعاني أمراض السكري والضغط والروماتيزم والقلب( يصاب بنوبات قلبية).

قلق وخوف يطوق العائلة

أما أبناء أبو أنس، فكانوا أكثر المتأثرين باعتقال والدهم وبدوا شديدي الخوف عليه بسبب الوضع الصحي الذي يعانيه، فياسمين ابنته التي تبلغ من العمر 28 عاماً، وهي متزوجة وتسكن بجوار أهلها، قالت من كثرة المداهمات التي تعرضنا لها من قبل الاحتلال أصبحت أميز صوت جيباتهم العسكرية عن بعد، وعندما سمعت الأصوات في الليلة التي اعتقل فيها والدي، ونهضت ووقفت على الباب لم يكن في مخيلتي أن أبي هو من ينوون اعتقاله، وصدمت لما رأيتهم يضعونه في الجيب العسكري، وإن أكثر ما أخشاه هو آلامه وأمراضه والاعتقال الإداري الذي وضع فيه.

عائلة أبو أنس تعيش حالة من التخبط والخوف، بعد تحويل أسيرهم للاعتقال الإداري في سجن عوفر، وتخشى استمرار اعتقاله إدارياً، وهو الاعتقال المخيف والقاسي الذي تعيشه عوائل العشرات من أبناء الشعب الفلسطيني، وطالبت العائلة بالوقوف إلى جانب الأسرى الإداريين وخاصة المرضى منهم وكبار السن.

من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لحقوق الإنسان إن الاحتلال لا يراعي أعمار المعتقلين ولا وضعهم الصحي ، وقد جعل من الاعتقال الإداري سيف مسلط على رقاب الفلسطينيين والفاعلين منهم .

وذكر الخفش أن غالبية المعتقلين الإداريين هم من منطقة الجنوب الفلسطيني المحتل وتحديدا مدينة الخليل كبرى مدن الضفة الغربية.