المحامي فايز أبو رحمة

المحامي فايز أبو رحمة

نعمان فيصل

[email protected]

أحد أعلام النضال الوطني الأوائل، وطود في المعرفة والبطولة.. ضليع في القانون متمرس بقضاياه وعلومه المتشعبة، لديه ذهنية واعية، وعقلية متحررة تنزع إلى الاجتهاد، وتأبى التقليد والوقوف عند آثار السابقين. من طبعه التفاؤل حتى في أحلك الشدائد فالحق في رأيه لابد أن ينتصر، ولابد للخير من أن يسود، لم يكل يوماً عن العمل، ولم تفتر همته عن البذل والعطاء في مختلف الميادين؛ فقد نأى بنفسه عن الدنيا وحطامها، لم يمالىء أحداً على غير حق، ولم يداج متزلفاً صاحب منصب أو سلطة.

ولد الأستاذ فايز شعبان أبو رحمة في مدينة غزة عام 1929، ودرس علومه الأولية حتى الصف الثاني الثانوي في مدارس غزة، وفي عام 1947 حصل على المتريكوليشن من الكلية العربية في القدس، ثم يمم وجهه إلى مصر العروبة، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة (فؤاد الأول- القاهرة حالياً) عام 1951، ثم عاد إلى غزة، وعين وكيلاً للنائب العام في عام 1953، وبقي في هذا المنصب ثلاثة أعوام حتى عام 1955 ثم استقال وافتتح مكتباً للمحاماة في مدينة غزة.

 شارك في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي عام 1956 فكان على رأس قيادة الجبهة الوطنية، وبعد الجلاء عام 1957 ظل يناضل ضد تدويل القطاع ومن أجل عودة الإدارة المصرية، والحفاظ على عروبة القطاع.

بعد احتلال إسرائيل لغزة عام 1967 برع في الدفاع عن المناضلين أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وأصبح محامياً بارزاً، حتى أطلق عليه (محامي الثورة الفلسطينية)، يذكره المؤرخ إبراهيم سكيك فيقول: "وكلناه للدفاع عن مدرس (صالح خضير) قبض عليه الجيش الإسرائيلي أثناء مروره بجوار مدرسة يافا الثانوية حين كنت ناظراً فيها.. ولما جاء دور الأستاذ فايز للمرافعة قال أمام المحكمة متهكماً، وإلقاء القبض على هذا المعلم الملتزم دون أن يتمكن من القبض على تلميذ واحد من التلاميذ الذين كانوا يتأهبون للسير في مظاهرة وطنية، وفي نهاية الجلسة حكم القاضي على المعلم بغرامة مالية يسددها على أقساط، كما قضى بإطلاق سراحه بعد أن قضى أياماً قليلة في السجن، وأعادته للعمل، وأبى المحامي فايز أن يأخذ أجراً على أتعابه".

اختير المترجم له عضواً في مؤتمر التضامن الآسيوي الإفريقي عام 1957، وعضواً في المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1964، ومثَّل المحامين الفلسطينيين في اجتماعات المحامين العرب قبل حرب عام 1967 في مؤتمرات: بغداد، القدس، والقاهرة. بادر مع نخبة متميزة من أبناء شعبنا إلى تأسيس جمعية الهلال الأحمر بغزة عام 1969، والتي لم يُسمح لها بالعمل إلا في صيف عام 1972، وانتخب نائباً لرئيسها عام 1979، واختير عضواً في المجلس البلدي بغزة عام 1972، وساهم في تأسيس نقابة المحامين بغزة عام 1976، وكان نقيباً للمحامين عدة دورات متتالية ولعقود طويلة، وكان عضواً في مجلس التعليم العالي الفلسطيني في القدس، وعضواً في مجلس أمناء جامعة النجاح الوطنية في نابلس مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وفي عام 1982 عُين مستشاراً قانونياً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حتى عام 1994.

يرى المترجم له في منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني؛ فقد رد على دعاة مشروع الحكم الذاتي للفلسطينيين في مطلع السبعينيات من القرن العشرين بالقول الفصل (مَنْ يُريد مخاطبة الفلسطينيين، فليس للفلسطينيين إلا باب واحد هو: منظمة التحرير الفلسطينية).

عينته منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً في الوفد (الفلسطيني– الأردني) المشترك عام 1985، للتعريف بعدالة القضية الفلسطينية، وقام بزيارة كندا، والولايات المتحدة الأمريكية، والعديد من الدول الأوروبية... واستمر على ذلك حتى عام 1990، وفي عام 1988 شغل منصب المنسق العام لمؤسسة سلام لأولاد الزيتون (الإيطالية) التي قامت بمساعدة ومساندة ضحايا الإنتفاضة الأولى حتى قدوم السلطة الوطنية عام 1994.

تقديراً لمواقفه الوطنية ودوره المتميز، عينه الرئيس الشهيد ياسر عرفات - رحمه الله – مستشاراً قانونياً للرئاسة في عام 1994. وفي صيف عام 1997 عين نائباً عاماً في فلسطين إلى أن استقال في آذار عام 1998 نظراً لما عُرف من جرأته ومواقفه المشرفة وفيما يتعلق بكرامته الشخصية.  

المراجع::