عدنان الأحدب في الشهداء و الصالحين
عدنان الأحدب في الشهداء و الصالحين
نذير علمدار
لكل مسمى من اسمه نصيب ، و عدنان نصيبه من اسمه جنات عدن؛ عرفها من آيات القرآن الكريم ، فعاش متشوقا للإقامة فيها ..
ما أعذب صوتك يا شهيدنا ، و أنت تهدر في كل صباح بآي الذكر الحكيم ! فكأن تراتيلك الشجية نشيدحلو جميل
أبو محمد عدنان بن محمد سعيد الأحدب من مواليد [حماة] في العقد الثالث من عمره [1928 -1980] نشأ في كنف أب صالح ، له اطلاع على الفقه ، و حب للموت في مرضاة الله . و رشف شراب الإيمان من أم محبة لله و رسوله صلى الله عليه و سلم . قضت سني حياتها الطويلة متنقلة بين مجالس الوعظ و الذكر .
و مما زاد الشهيد تعلقا بدين الله ، و تفانيا في خدمته ، تلك الرعاية المبكرة ، التي حباه إياها الدعاة في بلده حماة .
كما كانت دروس المرحوم الشيخ محمد الحامد - تغمده الله بالرضوان - ثم دروس بعض تلاميذه الخلّـص من بعده رافدا لذهن الشهيد ، مما جعل منه - على الرغم من حرمانه التعلم في المدرسة - وسيلة إعلام للفكرة الإسلامية ، يشرحها بتدفق ، و يوضحها بحيوية ، دون كلل أو ملل
كان - رحمه الله - داعية إلى الإسلام في بيته و بيوت الأقارب ، و كان مناقشا و محاضرا في محل عمله . و كم سمعه الناس يهدر بكلمات الحق في طريق سفره ، متحدثا إلى راكبي السيارات متدفقا في الحديث ، يجود بالوعظ و النصح و التوجيه ، لمن يبيعه أو يشتري منه في حماة أو دمشق .
و اسمح لنا أيها الشهيد الحبيب ، أن نرفع الستار أكثر ، فنقول : إن بيتك كان مدرسة للإيمان و التقوى ..
خصالك - رحمك الله - معين لا ينضب ! أنقول : إنك من إخلاصك و تفرغك لخدمة الإسلام لم تحجبك الآخرة عن الدنيا ، فكنت تعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، و تعمل لآخرتك كأنك تموت غدا !
و لكن ! ماذا كنت تصنع بثمرات تعبك ؟ هذا مما لا يعرفه إلا القليل من الناس : ثلث تنفقه على العيال ، لتغذي جنود الإسلام الصغار ، و ثلث يدخل في تحسين عملك و سكنك ، و ثلث تنفقه لله ، يقل عن ذلك أو يزيد . لقد كنت تشفق على أولئك المدينين المفلسين ، تخاف أن يدخلوا العذاب بأكلهم أموال الناس بالباطل . فكنت تداوي المرضى بجني يديك ، و تبرئ الذمم ، فرحمك الله .
إن خلاصة ما يمكن قوله فيك : إنك ولدت مسلما و نشأت مسلما ، و دعوت إلى الإسلام ، فقتلك أعداء الإسلام ، دون أن يتمكنوا من إدانتك بتهمة ، و دون أن يجدوا مسوغا - و لو ملفقا كسائر مسوغاتهم - يتذرعون به لاقتراف جريمتهم؟ّ! لقد سجنوك قبل استشهادك بشهور ، و جلدوا جسدك الطاهر بالسياط ، و ظلت أوسمة الصبر و الثبات توشح كتفك و زندك أياما طوالا .. ثم اضطروا إلى أن يطلقوا سراحك حين لم يثبت في حقك ما يدينك ، فتركوا جميع الشرائع و القوانين ، و احتفظوا بقانون الحقد الطائفي فداهموا بيتك ، بموجب مادة الخوف من الإسلام ، دون محاكمة ، و زفوا روحك الطاهرة مع شقيقك ، زفاف الشهداء إلى جنة الخلد ، يوم الجمعة 10 /10 /1980 م