سطور من حياة الداعية الرباني عمر التلمساني (26)
سطور من حياة الداعية الرباني
عمر التلمساني (26)
بدر محمد بدر
وكتبت صحيفة "وطني" المسيحية تقول: "توفي إلى رحمة الله الأستاذ الكبير عمر التلمساني بعد معاناة مع المرض, فشق نعيه على عارفيه في مصر والعالم الإسلامي, الذي يعرف كفاحه من أجل الدعوة التي حمل لواءها, وامتاز فيها بأصالة الرأي ورحابة الصدر واتساع الأفق وسماحة النفس, مما حبب إليه من إخوانه ومواطنيه, كما كانت علاقته بإخوانه الأقباط علاقة وثيقة عميقة, تتسم بالتفاهم التام والحب والصداقة.."
قالوا عنه
وأقام الإخوان المسلمون سرادقاً للعزاء مساء يوم الجمعة, الذي شيعت فيه الجنازة, بجوار مسجد عمر مكرم القائم في ميدان التحرير بوسط القاهرة, حضره حشد كبير من الشخصيات البارزة سياسياً ودعوياً من مصر والعالم الإسلامي, ومن بين الكلمات التي ألقيت في سرادق العزاء نختار هذه الفقرات:
".. افتقدنا اليوم أخاً كريماً ومجاهداً كبيراً ومرشداً راشداً, حمل الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الإسلام جهاداً مباركاً عظيماً, وأدى الرسالة على أكمل وجه, في ظروف قاسية صعبة, لكنه استطاع ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ أن يسلك بالدعوة والجماعة المسلك العظيم اللائق, فكان رحمه الله عف اللسان.. عف القلم.. عف السلوك.. وهكذا استجاب للآية الكريمة:"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".. نرجو الله تبارك وتعالى أن يعيننا نحن الإخوان المسلمين أن نسير على نهجه, وأن نسلك سبيله.. سبيل العقل والهدوء والموعظة الحسنة, حتى نصل إلى ما نرنو إليه وهو رفعة الإسلام العظيم.."
(محمد حامد أبو النصر ـ المرشد الرابع للإخوان المسلمين)
"..إن الراحل الكريم يرحم الله جهاده, ويرحم الله كفاحه وصبره.. رجل ظل في السجون سبعة عشر عاماً ما لانت له قناة.. ما انحنى إلا لله.. ماركع إلا لمولاه.. ما سجد إلا للواحد.. ياعمر نم هادئاً بجوار الحق سبحانه وتعالى.. نم "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" نشهد أنك والحمد لله قد صبرت واحتسبت وأديت, فإلى جوار الله في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر وإنا لله وإنا إليه راجعون.." (الشيخ عبد الحميد كشك ـ عن أئمة المساجد)
".. جاء الأستاذ عمر فطرح على الدنيا كلها وجه الدعوة المشرق.. صورة التسامح.. صورة الاعتدال والتوازن.. صورة الصدر الواسع, الذي يتسع حتى لسفاهات الأعداء, ولست أنسى يوم واجه الزعيم السادات وقال له: إني أشكوك إلى الله, فاهتز الرجل وقال له اسحب هذه الكلمة, فقال له: إنما أشكوك لمن خلقني وخلقك, وكان موقفا تزلزل له السلطان, لم تكن كلمات الأستاذ عمر آنذاك تهديداً ولا وعيداً ولا صراخاً, ولكنها كانت كلمات هادئة هدوء الماء, قوية قوة الشلال الذي هو أيضاً من الماء,, خرجت تلك الصورة الرائعة التي كنا في حاجة إليها في أعين الناس, حتى يرى الناس أن الإخوان المسلمين جماعة الجهاد في سبيل هدف أكبر.." (د. عبد الصبور شاهين ـ عن أساتذة جامعة القاهرة)
".. ما قام به فضيلة الأستاذ عمر التلمساني ـ رحمه الله ـ من خدمات جليلة وجهاد كبير في الاسلام هو أمر واضح لا يحتاج إلى بيان, ولكني أذكر لكم بصفة خاصة أن الحركة الإسلامية في الهند وباكستان والمتمثلة في الجماعة الإسلامية, وحركة الإخوان المسلمون هما حركة واحدة.. وعندما جاء الأستاذ عمر إلى باكستان في عام 1983م, وهو أول مرشد للإخوان المسلمين يشرف باكستان, استقبلناه واستقبله المسلمون لأنه مرشدهم وهذا حق.. بل لعلكم تعرفون أن رئيس الباكستان محمد ضياء الحق هو نفسه استقبل الأستاذ عمر ـ رحمه الله ـ وقال في إحدى تصريحاته خلال الزيارة: إن الأستاذ عمر هو مرشدنا جميعاً.. وطبعاً كان يقوله وهو سعيد به.." (مولانا طفيل محمد ـ أمير الجماعة بباكستان)
ولا تتسع الصفحات للكثير من كلمات الرثاء التي قيلت في سرادق العزاء على أهميتها, لكننا نختار بعضاً مما كتب عنه ـ عقب وفاته ـ في الصحف والمجلات المصرية والعربية والإسلامية..
في جريدة الشرق الأوسط كتب الأستاذ أحمد بهاء الدين يقول: "تركت وفاة المرحوم عمر التلمساني مرشد عام الإخوان المسلمين مذاقاً مراً لدى جميع الناس, فالفترة التي وقف فيها الرجل في مقدمة جماعته مرشداً وممثلاً لهم, تميز فيها أمام الناس بعفة اللسان وسعة الأفق واتساع الصدر للحوار والأدب الحجم في هذا الحوار, مهما كان خلاف الآخرين معه.."
وكتب الأستاذ محمود مهدي في جريدة الأهرام يقول: "عرفته منذ نحو عشر سنوات, فلم أر فيه غير الصلاح والتقوى.. كان هادئ الطبع.. قوي الحجة.. يدعو إلى الله على بصيرة من الأمر.. ذلك هو المغفور له الداعية الإسلامي الكبير الأستاذ عمر التلمساني, الذي فقد العالم الإسلامي بفقده رجلاً من أعز الرجال وأخلصهم لدعوة الحق.. فقدناه في وقت نحن أحوج مانكون فيه إلى أمثاله من ذوي الرأي السديد والفكر الرشيد, الذين يعرفون جوهر الإسلام ويدعون إليه بالحكمة والموعظة الحسنة.."
وكتب الأستاذ أنور الجندي في مجلة الاعتصام يقول: "حياة عريضة خصيبة كانت منذ يومها الأول إلى يومها الأخير خالصة لله تبارك وتعالى, فقد كان عمر التلمساني نموذجاً كريماً وأسوة حسنة وقدوة صالحة, يمكن أن تقدم للشباب المسلم في كل أنحاء الأرض, لتصور له كيف يمكن أن يكون المسلم داعية إلى الله.. لقد ترك عمر التلمساني في كل نفس اتصلت به مسا من كهرباء الإيمان ونوراً من رضوان الله.. فهذا رجل أحسب أنه من أهل الجنة ولا أزكي على الله أحداً, مع الصديقين والشهداء..".