وأخيراً ترجل الفارس

الشيخ أسامة بن لادن

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

نظرتْ إليَّ دامعة العينين وهي تخبرني باستشهاد أسامة بن لادن قائلة : لقد كانت الفضائية  تظهر سرور الأمريكيين واليهود الذين يرقصون ابتهاجاً بهذا " الحدث السعيد " الذي كانوا ينتظرونه  سنوات طويلة .

وعدت أدراجي أتذكر ما ذكره المرحوم سيد قطب حين رأى الناس مبتهجين في أمريكا ، فسأل عن السبب فقيل له : إن مؤسس الإخوان في مصر قد اغتيل . قارنت بين الخبرين ..

فهززت رأسي موافقا قوله تعالى  ومؤمناً به :" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم . " إنّهم لم يجيشوا الجيوش ولم يحتلوا أفغانستان والعراق ويتمركزوا في دول الخليج إلا ليحاصروا المارد المسلم . فليفرحوا ، ولكنه فرح مختلط بالخوف ، وليبتهجوا ، ولكنها بهجة المترقب الحيران . يسرهم ما يحزننا ، ويحزنهم ما يسرنا .

وبحجة الإرهاب الذي صنعوه وأوجدوه اتهموا المسلمين به ، فاستباحوا البلاد وهتكوا الأعراض وسلبوا الحريات وأرسلوا المُنَصّرين ودعموا الأنظمة الديكتاتورية على مدى ستين سنة ليصلوا إلى مآربهم في إخماد شعلة الحق .. ولكنه دين الله الذي لن يستطيعوا أن يطفئوه لأنه سبحانه وتعالى تكفل بحفظه ونشره ، رضي من رضي ورغم من رغم " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" إن الغرب ما يفتأ يكيد للعرب والمسلمين ويفتعل معهم الأزمات والحروب ويخوفهم ليستكينوا ويخضعوا ، ونسوا أن قلوبنا ودماءنا وأفكارنا وأجسادنا ممزوجة بنور الحرية ومعدن الإباء ووهج الحرية والكرامة وماء الرجولة والبطولة . وتذكرت قوله تعالى " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ، 1- فسينفقونها ، 2- ثم تكون عليهم حسرة ، 3- ثم يُغلبون ، 4- والذين كفروا إلى جهنّم يُحشرون" .

مات الرجل وهو ينتظر هذه اللحظة التي ترفعه إلى جنات عرضها السموات والأرض ، ويتوق إليها ، فقد بذل ماله ووقته وراحته،  وعاداه المرجفون ، وخذله المتخوفون وتخلى عنه المستسلمون ، وظل شامخاً ينظر إليهم  نظرة الحاني ويرمقهم بأمل يتجاوب في صدره أن يهديهم الله إلى الحق وقولة الحق وموقف الحق .

 وعلى الرغم من بعض مواقف المتشددين من أتباعه الذين غالوا في موقفهم فأساءوا إلى إخوانهم الذين لم يوافقوهم في مغالاتهم واتخذوا بعضهم أعداء فاستحلوا فيهم ما حرم الله – والإفراط والتفريط سواء – فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن المنبتَ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى " على الرغم من هذا فإنني أعتب عتب الأخ على أخيه أن بعضهم حين أصدر بياناً بمناسبة استشهاده لم يراع فيه الأخوّة ولم يذكره برحمة ، ولم يرجُ أن يكون من الشهداء .

فهل كان هذا إقراراً برأي ؟ إن كان هذا فقد أخطأ السبيل .

وإن كان تحفظاً على موقف كان أو تصرف بدَرَ فالموت سبيل كل حي وكلنا يرجو من أخيه أن يترحم عليه .

وإن كان ذراً للرماد في العيون ففي هذا الموقف تقال كلمة الحق قلعاً لعيون الشانئين وتثبيتاً لموقف يرفع قدر صاحبه ، وكلمة تدرأ عن مجاهد شماتة الشامتين وقالة المنافقين .

رحم الله ابن لادن ورحم الله المجاهدين في سبيله ..