الشيخ أمين الجندي العالم والشاعر المتفنن
يا أمين الحب من حمص الندى
الشيخ أمين الجندي العالم والشاعر المتفنن
الشيخ أمين الجندي
عامر حسين زردة - حمص
الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد
فإني أرى نفسي مدينا للشيخ أمين الجندي العالم والشاعر المتفنن والذي قال عنه أستاذه العالم الدمشقي عمر اليافي رحمه الله أنت أشعر أهل الغرام وهو برأي النقاد شاعر عصره بلا منازع
ولد الشيخ أمين الجندي في مدينة حمص في عام 1766 م وتوفي عام 1841م ودفن بجانب مسجد الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه وآل الجندي أسرة عريقة تفتخر بنسبها للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام وهو من وجهاء مدينة حمص ولقد كانت بلاد الشام تحت راية الدولة العثمانية وقد التحق بالخدمة العسكرية ونقل إلى حلب .
إطلع على فنه وشعره في حلب كبار الفنانين والشعراء وأعجبوا أيما إعجاب ولم يبخل عليهم بأجمل ماألف قدم القدود والموشحات وغناها أكبر الفنانين أمثال محمد خيري وصباح فخري وصبري المدلل وحسن حفار وأمين الترمذي (وياسر السيد الحمصي الملقب ب المظلوم )وفؤاد ماهر ومصطفى هلال وغيرهم لقي بحلب كل تقدير واهتمام فهو شيخ لكل فنان ولايوجد أحد من الفنانين المرموقين الكبار لايعرفه.
ولحلب( مدينة الطرب) ميزة تفردت بها عن حمص (مدينة العلماء) وهي كثرة مجالس الطرب والعازفين والمغنين والملحنين والمستمعين الذواقين وقد تناولوا
الموشحات الأندلسية والمصرية والمغربية والحلبية والحمصية والدمشقية وحتى أغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وكارم محمود وأدوها وكان لهم الفضل في صونها وحفظها وإدخال التعديلات عليها حتى غدت جميعها بقالب حلبي وكأنها حلبية . وهنا أحب أن أشير إلى أن من العدل والأمانة أن ينسب كل عمل لمؤلفه أو ملحنه إظهارا لفضله وجهده وفكره وفنه بعيدا عن المحلية الضيقة أو القطرية أو العصبية المهم أن يوثق لكل فن ويتمتع المستمع بحسن الكلام واللحن والأداء فهذه الفنون تعبر عن ثقافتنا
أما شيخنا أمين الجندي رحمه الله فكان له حصة الأسد من هذه الموشحات والأناشيد والابتهالات
ومن منا لايعرف هيمتني تيمتني أو سل فينا اللحظ هنديا أو أخفي الهوى ومدامعي تبديه أو لاح نور النور من خلف الخبا أو لاح بدر التم في روض الملاح أو ياغزالي كيف عني أبعدوك أو مالي غنى ماليا عنكم ياآماليا وغيرها الكثيرالذي لايحصر
والتي تطرب سامعها وتسحر الشعراء بنسيجها وحبكتها ولقد كتبت قصيدتي مظهرا فيها بعض فضله على الفن ببلاد الشام وعلى مدينة حمص التي لازالت تدندن وتؤدي هذه الفنون عامة بكل تفاصيلها سواء على مستوى الفرق وماأكثرها أم على مستوى المنشدين والمطربين .فعلني أنصف بما كتبت شيخنا ويكفينا فخرا أن فنه لازال ساطعا كالشمس منيرا كالقمر رقيقا كنسمات السحر
ومما روي عنه أنه وفي آخر حياته أقعده المرض فترة طويلة فقام في إحدى الليالي ونظم قصيدته اللامية المشهورة وهي قرابة المئتي بيت يدعو الله أن يشفيه ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ومطلعها قوله :
توسلت بالمختارأرجى الوسائل
نبي لمثلي خير كاف وكافل
فرده الله سليما بعد المرض وفوجئ الناس به وهو يؤدي صلاة الفجر جماعة في المسجد
رثاه الشيخ ذكريا الملوحي في هذه الأبيات قائلا
عيون الدهرتهطل كالسحاب
لفقد العارف الحبر المهاب
على الشعرا أمينٌ كان شمسا
فكيف الشمس تغرب في التراب
فطب مثواك يامداح طه
كذاك الأنبياء ألو الجناب
بشوال دعاه ثنا ختام
إلى من عنده حسن المآب
بأعلى جنة الفردوس أضحى
أمينٌ بالبهاء وبالثواب
فليس غريبا أن يقال عنه : الشيخ المتفنن العالم والعارف بالله أمين الجندي رضي الله عنه وبعد:
فقد أديت ومن ألحاني بعضا من الرقائق التي كتبها الشيخ الراحل وموشح لاح بدر التم في روض الملاح
أول هذه الرقائق الرائعة هي
أخفي الهوى ومدامعي تبديه
وأميته وصبابتي تحييه
ومعذبي حلو الشمائل أهيف
قد جمعت كل المحاسن فيه
فكأنه في الحسن صورة يوسف
وكأنني في الحزن مثل أبيه
يامحرقا بالنار قلب محبه
مهلا فإن مدامعي تطفيه
أحرق بها جسدي وكل جوارحي
وخلِّ عن قلبي لأنك فيه
والرائعة الثانية هي
لاح نور النور من خلف الخبا
وانجلى المحبوب يزهو عجبا
يابروحي ذلك الوجه الذي
سجد الحسن له واقتربا
ياصبا الأسحار إن جزت الحمى
خبريني عن حبيبي ياصبا
لم يزغ طرفي ولكن مادرى
بدلال أم جلال حجبا
ليتني ياآل ودي في الهوى
قبل أقضي كنت أقضي الأربا
قلبوا قلبي لديكم وانظروا
هل صبا يوما لواش أم صبا
ياأهيل الحب هل من مُنجد
أو مجير إن عقلي سلبا
أيها الشادي المفدى غن لي
باسم من أهوى ودع من عتبا
(إنني أشدو لجندي الهوى )
(ذا أمينٌ خير شعر كَتبا )
(والبيت الأخير من نظمي )
وإني لأتشرف بأن أكتب لشيخنا العارف بالله قصيدة هي تذكير بفضله على الفن والشعر والأدب وإن كنت لست أهلا ولكنه جهد المُقِلِّ فقلت :
ياأمينَ الحُبِّ من حِمْص ِالندى
ليس عجْبا ً أن تجُوزَ الشهُبا
إنني تلميذكمْ ياسيدي
يارقيقَ الشعر عَذبا ًكتبا
رتبة ًلو ترتضي تمْنحُني
تلقني بالشعْر فقتُ النجُبا
ياأمينَ الحُبِّ ياأصلَ الغنا
كم كتبتَ الشعرَ تهْدي حلبا
كم تمنى الصادحون فنكم
بلبلٌ غنى فأشجى طربا
كم يروقُ الشِّعر في عشْقي أنا
لو بسحر الشعر عقلي سُلبا
قربوني قربكم لاتبعدوا
خيرُ وصل ٍمنكمُ أن ُأجْتبى
لو كتبتُ الشعرَ من ماء اللجين
فبماء التبر صُغتم ذهبا
وإذا جُزتُ بشعري قمماً
فبشِعر الحبِّ جُزتم سُحُبا
ولكم كنتُ أغني في الرياض
والأماني أن أغني في الربى
لاح نورُ النورِِِ أو أخفي الهوى
هي شدوي ياأنيسَ الغربا
لاح بدرُ التم في روض ِالملاح
هي أيضا نلتُ فيها الأربا
ياغزالي كيف عني أبعدوك
صار عيشي بعد بعدي غيهبا
هيمتني تيمتني عن سواها
أسكرتني صرت منها طربا
وكأني قلت فيها إملا لي الأقداح
صرفا واسقنيها .... عَجَبا
لو تراني شاعراً أو مطرباً
فأنا من نبعكم كم شربا
ياأمينَ الحب في شعر الهوى
قد نسَجْتَ الحَرفَ من زَهر الربَا
ياأمينَ الحبِّ لولا زُرْتني
في الكرى حتى يقالَ انتسبا
عَشقتْ ريحُ الصبا أشعَارَكُم
فهي تسري وبلطف ٍفي الصَّبَا
والرياحينُ شذاها عابقٌ
وفؤادي من شذاها انتحبا
هيجتْ أشجَانهُ في عشقهِ
فجرى دمعي على ذاك الصِّبا
أنتَ ماءٌ غدقٌ صبَّ على
مهجة ٍحرى لصَب ٍما صبا