د. أحمد الملط
د. أحمد الملط..
خدمة الدين والمجتمع
في زحمة الأحداث وتتابع الأيام ومجريات الأمور التي تمر بها الأمة الآن؛ يجب ألا ننسى من أرشدونا إلى الطريق الصحيح.. إنهم رجال سبقونا على طريق دعوة الله، ولهم حقٌّ علينا، واعترافًا بما فعلوه علينا أن نظل نذكرهم.
والدكتور أحمد الملط، عليه رحمة الله، ثمرة من ثمرات غرس الإمام البنا؛ حيث تربَّى على يديه، وتشرَّب معاني الإسلام الصحيحة فكان نموذجًا إسلاميًّا مميزًا.
عاش الدكتور الملط بالإسلام وعمل له؛ فكان من القمم الشامخة التي لم تكلّ ولم تملّ من العمل ليلاً أو نهارًا؛ فكان فارس الميدان لم يتكاسل عن أي عمل يكلَّف به أو يطلب منه، وكان منظمًا دقيقًا، حازمًا لا يتهاون في الخطأ ولا يرضى الكسل أو التراخي، كما كان شجاعًا مقدامًا، وليس ذلك فحسب بل كان كريمًا سمحًا.
إن الدكتور أحمد الملط لم يكن طبيبًا فحسب، بل هو مربٍّ من الطراز الأول؛ حيث له من الفقه الدعوي والنشاط الحركي والتربية الروحية نصيبٌ وافرٌ وحظٌّ كبيرٌ، وكم له من نظرات عميقة في تحليل الوقائع والأحداث، وتقويم الأفراد والجماعات، وهو رجل دائم الذكر والدعاء وتلاوة القرآن، لا يترك ورده القرآني اليومي، ولا الأدعية المأثورة في الصباح والمساء، ويكثر الدعاء لأستاذته ومشايخه، وإخوانه العاملين في حقل الدعوة الإسلامية، ويسعى لإصلاح ذات البين.
إن شخصية الدكتور الملط لا يستطيع من عرفها أو تعامل معها أو سمع عنها أن ينسى اسمه أو ينسى مآثره الطيبة، فقد بدأ حياته شابًّا نشأ في عبادة الله وختم حياته ملبيًا في بيت الله.
النشأة والتكوين
وُلِد الدكتور أحمد محمد علي الملط في قرية القطاوية مركز أبو حماد محافظة الشرقية، في شهر ديسمبر عام 1917م الموافق 1337هـ؛ حيث نشأ وتربَّى في بيت يحب الإسلام بطبيعته؛ فكان كل أفراد العائلة يؤدون الصلوات ويُحيون شعائر الإسلام، فنشأ محبًّا له وتخلَّق بأخلاق أبناء الريف، وحفظ القرآن منذ الصغر فقد حفظ حتى سورة يوسف في بداية التحاقه بالمدرسة الأولية.
تُوفي والده وهو لا يزال صغيرًا؛ فاعتنى به أخوه الأكبر الشيخ حسن فأحسن تربيته، وحرص على إلحاقه بالتعليم والذي برز فيه تفوقه، والتحق بمراحل التعليم المختلفة، فقد التحق بالمدرسة الأولية، ثم المدرسة الثانوية والتي حصل على المركز السابع في الكفاءة، كما حصل على المركز الثاني عشر في البكالوريا على مستوى القطر المصري، فدخل كلية الطب وحصل على بكالوريوس الجراحة سنة 1946م وبرز الدكتور الملط في هذا المجال، حتى إنه حصل على 2 دكتوراه رغم بقائه بالمعتقل سنوات، كما حصل على زمالة الجرَّاحين الملكية ببريطانيا.
الملط ودعوة الإخوان المسلمين
تعرف الدكتور أحمد الملط على دعوة الإخوان المسلمين منذ أن كان صغيرًا؛ فيذكر ذلك الأمر قائلاً: "تعرفت على دعوة الإخوان منذ صغري؛ فقد جاء الإمام البنا إلى قريتنا ونزل ضيفًا على دوَّار عائلتنا (عائلة الملط) وكنت في العاشرة من عمري، وقد كلفت بمرافقة الإمام البنا والقيام على خدمته طوال الثلاثة أيام التي قضاها عندنا، ومن هذا التاريخ وأنا مع الإخوان غير أني كنت لا أواظب على الحضور؛ ففي فترة الثانوية كنت أشارك في المظاهرات، وفي الجامعة كنت أحرص على حضور بعض الأسر والكتائب ودرس الثلاثاء، فقد كان كل همي هو التفوق في دراستي وبعد تخرجي عام 1946م انتظمتُ في صفوف الدعوة، وانتظمتُ في أسرة الروضة، والتي كان الإمام البنا يطلق عليها أسرة "الباهوات"، وكانت تضم الأستاذ حلمي عبد البر وعبد الخالق ذكري وعبد المنعم فريد وعبد المنعم حبيب وراضي علي؛ حيث إنهم أصحاب ثقافات عالية".
وأخذ منذ اللحظة الأولى على عاتقة العمل لدعوة الله وبرز فيها؛ فكان يكتب في مجلة "الإخوان المسلمين"، كما أنه حافظ على أعماله وكتائبه وأسرته ورحلاته واجتماعاته، ولقد تميز بالصلابة والصدق، وهذه صفات الأخ المسلم التي يقول عنها الأستاذ عباس السيسي: "إن غاية الإخوان المسلمين من دعوتهم هي تغيير العرف العام في الأمة نحو الإسلام؛ فهمًا وسلوكًا وحركةً، ولا يبدو هذا التغيير واضحًا إلا بشيوع الفكر الإسلامي وانتشاره، ولا تتضح معالم هذا الفكر إلا إذا كانت له مظاهر عملية واضحة تعلن عن نفسه، فالفكر بلا حركة روح بلا جسد، فالحركة تجسيد للفكر وإعلان عن وجوده، حقيقةً وعملاً، وهي دليل فاعلية الفكر، وأثره وتأثيره؛ فالأخ المسلم كتاب مفتوح أينما سار، فهو دعوة متحركة أو دعوة بالتفسير والتوضيح".
انضم إلى النظام الخاص وأصبح طبيب النظام، وذكر الأستاذ أحمد عادل كمال أنه عندما دُعِيَ للانضمام للنظام الخاص كان الطبيب الذي باشر الكشف وتقييم لياقتهم الطبية ومستواهم الصحي عليهم هو الدكتور أحمد الملط.
لقد وضع الطبيب المجاهد كل وقته لخدمة الدعوة؛ فلم يبخل عليها بنفس ولا بمال، ولقد اهتم بالطلبة الوافدين لمصر من الدول الإسلامية لتلقي تعليمهم في الأزهر الشريف.
يُذكر أنه بعد تخرجه ذهب للإمام البنا وهو يضع منديلاً في جيب "البدلة" فأخذ الإمام البنا يدخل المنديل في جيب الجاكت ويقول له: يا أبو حميد لا يليق ذلك بالمجاهدين، فكان درسًا عمليًّا في طبيعة حياة المجاهدين.
عمل في عنيبة في جنوب مصر في بداية حياته، وكوَّن بها فريقًا للجوالة مكوَّنًا من 87 من شباب الإخوان، وعندما بدأت الجموع الإخوانية تحتشد للتطوع من أجل الدفاع عن فلسطين كان الدكتور الملط أحد القائمين على الكشف الطبي عليهم، ليس ذلك فحسب بل عمل على الحصول على إجازة والذهاب إلى فلسطين، غير أن الوزارة رفضت حتى سنحت له الفرصة..
يقول الدكتور الملط: "أرسل الدكتور سليمان عزمي مدير (الهلال المصري) إلى الإمام البنا يخبره أن مستشفى الهلال المكلَّفة بعلاج جرحى الحرب لا يوجد بها طبيب، خاصةً بعد أن تركها الدكتور أحمد الناقة خوفًا من القصف، ورفض جميع الأطباء الذهاب خوفًا من الحرب، ويطلب منه بعض الأطباء الإخوان فسارع الإمام البنا بإرسالي والدكتور حسان حتحوت والدكتور أحمد سعيد خطاب لمقابلة الدكتور سليمان، وبعد أن تقابلنا معه واتفقنا على الذهاب، أرسل وراءنا سليمان عزمي باشا وقال: اطلبوا ما شئتم من المرتبات لأننا أعلنا في الصحف نطلب أطباء برواتب مغرية فلم يتقدم أحد، قال أحمد الملط: لا نريد إلا الطعام والمأوى فقال: ولكننا نكتب لكل طبيب ديةً تُسلَّم عند استشهاده لمن يريد، ثم سلمونا نحن الثلاثة أوراق الدية وقيمتها (ثلاثة آلاف جنيه مصري) وكان للجنيه آنذاك قيمة كبيرة؛ إذ كان ثمن الرغيف مليمًا واحدًا.
فكتب الدكتور حتحوت تُسلَّم ديتي لوالدتي، وكتب الدكتور خطاب تسلَّم ديتي لوالدي، وكتبتُ: ديتي تسلم لحسن البنا، وعندما ودَّعت الإمام حسن البنا أفصحت له بأن ديتي تُدفع له لينفقها على الدعوة، فانفجر باكيًا وشاركه البكاء مصطفى السباعي مراقب الإخوان في سوريا".
سكن في حي الروضة وتزوَّج بعد خروجه من محنة السيارة الجيب ورزقه الله بولدين هما الدكتور محمد والدكتور أسامة الملط وبنتين.
محنة وابتلاء
تعرَّض الدكتور الملط للمحن والابتلاءات فصبر واحتسب، وكان مثالاً للفارس الصادق الصامد؛ ففي 15 نوفمبر 1947م سقطت السيارة الجيب في أيدي البوليس واكتشف السر الكبير الذي حافظ الإخوان على إخفائه حتى تتحقق أهدافهم بإخراج المحتل البريطاني من مصر والصهيوني من فلسطين، واكتشفت الحكومة سر النظام الخاص وقبض على السيارة وما بها من أوراق ومستندات وأسماء الأفراد المنتسبين له وقادته، وتم القبض على أفراد النظام الخاص، وكان بينهم الدكتور الملط الذي اعتُقل مع إخوانه وقدم للمحاكمة وكان عمره آنذاك 34 عامًا لكنه لم يجزع ولم يهُن، وظل في المعتقل حتى أُفرج عنه مع من أفرج عنهم في قضية السيارة الجيب عام 1951م، وخرج أشدَّ عزمًا على العمل من أجل الدعوة.
ظل الدكتور الملط الجندي الوفي لدعوته حتى بعد اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا، وظل الجندي الذي إذا غاب لم يُفتقد، وكان دائم الحركة مخلصًا لله في دعوته، وعندما جاءت محنة 1954م اعتُقل مع إخوانه بعد حادث المنشية 26 أكتوبر 1954م، والذي دبَّرها النظام للتخلص من الإخوان والسيطرة على مقاليد الحكم، تعرَّض الإخوان لأشد عمليات التعذيب والتصفية؛ فقد فتح عبد الناصر أبواب الجحيم على الإخوان في السجن الحربي وأبو زعبل والقلعة، وكان صلاح نصر وشمس بدران وحمزة البسيوني وصفوت الروبي فرسان حلبة التعذيب؛ حيث أذاقوا الإخوان ألوانًا شتى من العذاب، والذي لم يعرفه بشَر من قبل، وتعرَّض طبيبنا الصابر لكل أنواع التعذيب، وبالرغم من هذه المحنة إلا أنه كان صابرًا..
يقول الأستاذ جابر رزق عن هذه الفترة من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين: "لقد كانت فترة السجن الحربي هي الذروة التي وصل إليها الإخوان في طاعتهم لربهم، وتوكلهم عليه، ولجوئهم إليه، وكانت التقوى بحق الزاد الذي يتزوَّدون به، وأذكر أن الدكتور أحمد الملط كان يردِّد كثيرًا الأثر الذي يقول: "أحكِم السفينة فإن البحر عميق، وخفِّف الحمل فإن العقبة كئود، وأكثر الزاد فإن السفر طويل، وأخلص العمل فإن الناقد بصير".
لقد عذِّب في سجن أبو زعبل حتى فقد النطق، وظلَّ معتقلاً قرابة العشرين عامًا فلم يجزع وظل صابرًا محتسبًا لله.. يقول الدكتور أحمد العسال: "ومن الأشياء الجميلة في السجن الحربي هي عزة الإخوان بإسلامهم وإيمانهم واعتمادهم على الله سبحانه وتعالى؛ فمثلاً الدكتور أحمد الملط، وكان يعالِج الإخوان داخل المعتقل، كان حمزة البسيوني ينادي عليه ويقول: أين الواد الملط؟ فنادى عليه مرة وقال له: "تعالَ سريعًا مَرْش" فأبَى الدكتور أحمد الملط أن يذهب سريعًا مرْش للبسيوني".
ويقول الحاج سعد الجزار: "ومن مواقف الإخوان أنهم كانوا يسيرون مع بعضهم فكان الدكتور أحمد الملط وهو طبيب تراه يسير مع الأستاذ حسني عبد الباقي وهو مزارع والأخ عبد العزيز زعير وكان بقالاً؛ فكان قائد المعسكر ينادي ويقول: هؤلاء الثلاثة طوال الطابور يتحدثون مع بعضهم ففيمَ يتحدثون؟ رجل طبيب ومزارع وبقال، فقلت له: الدكتور الملط طبيعي سيتحدث عن القلب لكن ليس القلب الذي تعرفه بل القلب الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهو القلب" فهو يتحدث عن القلب المعنوي لا الحسي، وحسني عبد الباقي مزارع يفهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إذا قامت القيامة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها" فهو يتحدث عن تعمير الأرض وزراعتها، فقال: أجل، طيب والبقال؟ قلت البقال: هو تاجر فهي كلمة مقسمة إلى (ت) وهي تقوى والـ(أ) تعني أمانة، والـ(ج) تعني جريئًا، والـ(ر) تعني أن يكون رءوفًا، ثم قلت له: كل الإخوان يتكلمون في المعاني التي يستطيعون أن يخدموا بها إسلامهم، فقال: أنا أعجب من طبيب ومزارع وتاجر في هذه الجماعة العجيبة".
جهوده وإسهاماته العملية
خرج الدكتور الملط من السجن بعد وفاة عبد الناصر عام 1973م، فوضع نفسه في خدمة دينه ودعوته، وعمل على لمِّ شمل الإخوان وإعادة هيكلهم ونشاطهم مع الأستاذ التلمساني ومصطفى مشهور وأحمد حسانين وكمال السنانيري، وغيرهم من الإخوان الذين صبروا على دعوة الله، وأسهم في إقامة المنشآت الطبية؛ ففي عام 1954م وقبل المحنة عمل الدكتور الملط بمستوصف إمبابة، وكان مثالاً للطبيب المسلم الورِع، وظل به حتى اعتُقل في محنة 1954م.
وفي عام 1973م خرج حاجًّا مع المستشار حسن الهضيبي المرشد العام لمقابلة الإخوان بالخارج، وبعد وفاة المستشار الهضيبي في نوفمبر 1973م استأنف نشاطه مع الأستاذ التلمساني؛ فجاب بالدعوة كثيرًا من بلاد العالم أمريكا وأوروبا ودول الخليج.. يقول الحاج علي رزة: "لما أردنا أن يكون لنا صحيفة أو مجلة تعبِّر عن رأينا؛ اتجه الرأي إلى عمل مصالحة بين المرحوم صالح عشماوي والإخوان بقيادة الأستاذ عمر التلمساني، وقام المرحوم الحاج حسني عبد الباقي والدكتور أحمد الملط بإزالة ما كان من سوء تفاهم، وتبنَّى الإخوان هذه المجلة، وكان صاحب امتيازها صالح عشماوي ورئيس تحريرها عمر التلمساني".
ظل د. أحمد الملط يجاهد في كل مكان يجوب لجمع كلمة المسلمين وبخاصة العاملين في حقل الدعوة الإسلامية ويوصيهم باستمرار العطاء والبذل، ولم يمنعه كبر سنه ووطأة مرض القلب من كثرة الأسفار في سبيل الله؛ فزار إخوانه المبعدين من فلسطين في "مرج الزهور" بجنوب لبنان، والذين أبعدتهم السلطات "الإسرائيلية" بحجة أنهم يدعمون حركات الجهاد ضدهم، وكان مندوبًا عن نقابة الأطباء وكان معه الأستاذ أحمد سيف الإسلام حسن البنا مندوبًا عن نقابة المحامين، كما أنه أسهم بدور بارز في القضية الأفغانية عندما حاول الاتحاد السوفيتي غزوها؛ فكان يقوم بإرسال الأطباء إلى أفغانستان للمساهمة في علاج المجاهدين.
وشارك الأستاذ مصطفى مشهور والأستاذ كمال السنانيري والأستاذ عباس السيسي والأستاذ أحمد حسانين وغيرهم في تدعيم وترسيخ الدعوة في البلاد الأخرى وتوثيق الصلة بباقي البلاد العربية والإسلامية والغربية، وتكوين التنظيم العالمي للإخوان، وكان من ضمن الوفد الذي ضمَّ الأستاذ صالح أبو رقيق والحاج حسني عبد الباقي؛ الذي ذهب للسادات لتقديم وجهة نظر الجماعة في الإصلاح والتي استلمها منهم المهندس عثمان أحمد عثمان لتسليمها للسادات.
كانت أبرز جهود الدكتور الملط متمثلةً في تأسيس الجمعية الطبية الإسلامية في مصر أوائل الثمانينيات وعمل على نجاحها، كما أنشأ لها فروعًا أخرى لها داخل مصر وخارجها، والتي نافست نظيراتها في العالم العربي والإسلامي، وكان له دور بارز في قضية البوسنة والهرسك عن طريق لجنة الإغاثة، ولم تقتصر جهود الدكتور الملط على مجال الطب وحسب، بل عمل على تربية جيل الأطباء المسلمين العاملين في مختلف الميادين، والذين كان لهم بعد ذلك دور بارز في نقابتهم.
شارك في تأسيس شركة "دار التوزيع والنشر الإسلامية" والتي تأسست عام ١٩٧٦م كشركة تعمل في مجال طباعة وإصدار وتوزيع الكتب الإسلامية، وكان ملاكها عددًا من قدامى جماعة الإخوان، منهم: عمر عبد الفتاح التلمساني ومصطفى مشهور، المرشدان الأسبقان للجماعة، وإبراهيم إبراهيم شرف، وهي منشأة مسجلة بمصلحة التسجيل التجاري تحت رقم "٧٧٧٥٢"، ولها مقران بالسيدة زينب وبشارع بورسعيد وسط البلد، كما لها فرع ثالث يسمى "مكتبة البشائر".
لقد كان الدكتور أحمد الملط من الرجال القلائل الذين صمدوا في المحن، وظل المؤمن الصابر الذي واجه المحن برباطة جأش وإيمان راسخ، وظل يعمل للدعوة حتى آخر لحظات حياته، وقد اختاره الأستاذ عمر التلمساني نائبًا له، ثم اختاره الأستاذ محمد حامد أبو النصر هو والأستاذ مصطفى مشهور نائبًا لهما.
وفاته
خرج الدكتور الملط إلى السعودية لأداء فريضة الحج ووفاته المنية وهو حاج ملبٍّ في ذي الحجة 1415هـ، يونيو 1995م وصُلي عليه في المسجد الحرام ثم دُفن بمكة المكرمة، وقد نعاه العالم الإسلامي كله، وبذلك طويت صفحة مجاهد من المجاهدين؛ الذين عملوا وصبروا واحتسبوا أعمالهم لله، فوفاهم الله حسن ثواب الدنيا، ونسأله أن يوفيه خير الجزاء في الآخرة؛ فرحم الله طبيبنا ومعلمنا الدكتور أحمد الملط رحمةً واسعةً، وثبَّتنا على طريق دعوته حتى نلقاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
قالوا عنه
قال عنه الأستاذ مصطفى مشهور: "الأخ الدكتور أحمد الملط، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين.. صديق العمر ورفيق الطريق على مدى نحو خمسين عامًا، رفيق الجهاد والكفاح، المقاتل بالسلاح لأعداء الإنسانية والإسلام من اليهود والصهاينة في القدس واللد والرملة وسائر بلاد فلسطين الحبيبة، ولحلفائهم المستعمرين الإنجليز على أرض القنال، ثم الصابر المحتسب عشرات السنين في سجون الظلم والاضطهاد، ثم المكافح بالكلمة الصادقة والعبارة الصريحة الشجاعة، الباذل للمال عن سعة وبغير حساب في سبيل الله".
وقال عنه الشيخ محمد عبد الخطيب: "أجدر الناس بالخلود، ذلك الرجل الذي يحرص على مصلحة أمته، فهو يعيش لها لا لنفسه، إنه يسهر من أجلها، ويحرص على سلامتها، ويسعى لأمنها وراحتها، إنه يربط مصيره ومستقبله بالحق الذي قامت عليه السموات والأرض، ماذا أخذ فقيدنا من الدنيا؟ أخذ منها جسدًا طالما تحمل الآلام والتعذيب، والسجون والمعتقلات، أخذ منها محنًا متواليةً، وشدائد يرقق بعضها بعضًا لم يحرص على منصب أو جاه، ولم يتزلَّف لأحد، وإنما وضع بين عينيه ثقل التبعة وخطرها والأمانة وأعباء الطريق، ووقوفه بين يدي القاهر الذي لا تخفى عليه خافية؛ وإن قلبًا تسكنه مخافة الله جدير أن يحمل صاحبه على التعالي على حطام الدنيا، والارتفاع فوق كل ما يرهب وما يخيف، فكل شيء دون ما عند الله هباء.
كان فقيدنا عليه الرضوان من ذلك النوع الفريد الذين وهبهم الله رصيدًا عظيمًا من معرفة الحق، والثبات والصبر على تكاليفه، فكان إيمانه بالله عز وجل وثقته به، ويقينه بوعده، ورعايته لأوليائه شيئًا عظيمًا، يسري في كيانه كله، ويملك عليه أقطار نفسه، كان يقول الحق ولو كان مرًّا، وكان يصر على أن الثبات على أمر الله هو الرصيد المذخور وهو برهان الخير وأمل النصر".
ويقول عنه الدكتور جمال عبد السلام المدير التنفيذي للجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب بالقاهرة: "الحقيقة الشخصية التي تأثرت بها أولاً هي شخصية النبي عليه الصلاة والسلام، بعدما قرأت السيرة والتاريخ، وهناك شخصية عشت معها فترة من الزمن وأثرت جدًّا في شخصيتي، هو الدكتور أحمد الملط رحمه الله مؤسس الجمعية الطبية الإسلامية في مصر، وأنا تأثرت كثيرًا بالعمل معه من سنة تخرجي سنة 81 لحين وفاته، وقد أنشأ العديد من المستشفيات والعيادات باسم الجمعية الطبية الإسلامية، وكان من حظي أن أول مستشفى كانت في الحي الذي أسكن به، فتعرفت عليه أكثر وتأثرت به".
المراجع
1- أحمد عادل كمال: النقط فوق الحروف، الزهراء للإعلام.
2- محمود الصباغ: حقيقة التنظيم الخاص في دعوة الإخوان المسلمين، دار الاعتصام.
3- المستشار عبد الله العقيل: من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
4- حوار شخصي مع الحاج سعد الجزار يوم 3/10/2007م.
5- محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة، 1999م.
6- حديث مسجل للدكتور أحمد الملط (حديث الذكريات)، موقع "إخوان المنوفية".
7- جابر رزق: مذابح الإخوان في سجون ناصر، دار النشر والتوزيع الإسلامية.