الشيخ محمد عبد الله الربابعة "ابو ذابلة"
الشيخ محمد عبد الله الربابعة "ابو ذابلة"
قدَّس اللهُ سرّه
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
قبة الشيخ محمد أبي ذابلة الربابعة قدّس الله سره
في بلدة كفرراكب
ولد الشيخ محمد أبو ذابلة قبل نحو أربعة قرون من الآن (2008م/1429ه)، في بلدة كفرراكب من لواء الكورة اربد وتقع بلدة كفر راكب إلى الجهة الشمالية من بلدة اجديتا على بعد حوالي احد عشر كيلا منها ، ويحدها من الشمال بلدة الأشرفية"خنزيرة " سابقا ، ويقال لها سابقا "خان زينة" ،إلى أن استبدل اسمها من حسن إلى أحسن بأمر ملكي سام، في عهد المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال الذي امتدت حياته أربعا وستين سنة ميلادية (19351999م) ،على نحو ثلاثة كيلو مترات ،ومن الشرق غابات برقش وشجرتها العريقة التي اشرنا لها ولغيرها في كتابنا المشترك الموسوم ب "أسرة ناصر الباعوني العلمية في العصر المملوكي دراسة في سيرهم وتواليفهم "، بالاشتراك مع الدكتور أحمد حسن الربابعة ،مطبعة روعة ، اربد، 2008م )، ومن الجنوب الشرقي بلدة بيت إيدس، وخربة الحاوي ، التي يستقر فيها ولي لله يدعى محمد الحاوي ، ولعله مجاهد قديم ، على ضريحه مبنى من أربعة جدران، تهدم بعضها ،ونبش قبره كما رأيته في آخر زيارة له في نهاية شهر نيسان عام 2008م ،ويقال إن نبشه ربما يعزى للتفتيش عن ذهب ظنا من نباشيه بانّ من معاني الحاوي هو حاوي ذهب ، وقد نبش قيره غير مرة ، إذ اذكر وان طفا في الخامسة من عمري ، سمعت بنبشه ، واتهم بعضهم باقتراف تلك المعصية، فانحرقت داره ، وفيها قضى اعزّ أولاده ، واذكر أنّ ضريحه كان مشهَّرا فوق أربعة أشبار ، وكان يغطَّى بثوب من قماش اخضر ، كنا نطلُّ على ضريحه من شباك من حجر ، من جهة الشمال ، وندخل حجرته من بابها الشرقي ، وكان بحجرته محراب من رخام ، كما كانت درجات مدخله من رخام أيضا ، وكان يروى لنا أن رجلا أودع ليلا في مقامه شوال خروب ، واستأمنه بأمانة الله تعالى عليه ، فلما جاء الرجل صباحا لأمانته ، وجد واويا "ابن آوى "نافقا على باب الدرجة الشرقية من باب المقام ، وفي فمه قرن الخروب معضوضا عليه بالعرض ، لم يتمكن الوادي من قضقضته ،ولا من تغيير وضعيته بالطول لتسهيل ازدراده ، وقد فسرت تلك الحالة بولاية مشهودة للشيخ للولي محمد الحاوي رحمه الله تعالى، كان مقامه محترما من جيرانه الربابعة في خربة الحاوي ، وقد ذكرت كرامته مع والدي من جهة ، و من أخرى كان له علم يتحرَّك به حامله من اجديتا إليه في الأعياد ، وهو يسبح الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم كلَّ عام مرة أو مرتين ، وكان يحمل عَلَمَهُ أحيانا الحاجُ مجلي احمد مجلي الربابعة ، صاحب المجنَّة" الجبانة " المعروفة في منطقة المشرِّ من الجهة الجنوبية الشرقية من بلدة اجديتا اليوم ، والشيخ مجلي رحمه الله تعالى من حفظة القرآن الكريم ، كان يتلو عند حمل علمه آيات الله، ولذكر الله اكبر.
أمَّا نبش القبور فعادةٌ سيئة ،بله محرمة،لأنها هتكٌ لكرامات الأموات، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور، أو الدّوس عليها ، فكيف بنبشها ؟ وكان يقفُ للجنازة ، وإن كانت لأهل الذمة من نصارى ويهود ، احتراما للإنسان المتوفى ،الذي كرَّمه الله عزَّ وجلَّ وهذا مما يستحسن من تأدُّبِ العسكريين اليوم ، إذ يؤدُّون التحية للجنازة ، وان كانوا في هيئتي الجلوس أو القعود ، وقفوا لها، فللموتِ رهبته ، وللإنسان كرامته ، وقد كرَّم الله بني آدم وحمل ذراريهم ، في البر والبحر ، وكتب عليهم الموت "كما قال كعب بن زهير رضي الله عنه :
كلُّ ابن أنثى وان طالت إقامته يوما على آلة حدباء محمول
والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها ،فالشاعر الروماني في أم قيس الأردنية ، على قبره جكمة ملخَّصها :"أيها الواقف على قبري الآن ، كنتُ مثلك ، وكما إنا الآن ستكون أنت "
ويحدُّ كفر راكب من الجنوب على خمسة كيلومترات كفر عوان ، وكفرأبيل التي تقع إلى الجهة الجنوبية الغربية من بلدة كفرعوان،بمسافة كيلو مترين ،بل تكاد تلتقي البلدتان هذه الأيام .
أمّا من جهة الغرب على نحو ستة كيلو مترات ، فيحدُّها حمَّةُ أبي ذابلة التي ما تزال تسمى باسمه ، لأنّه في ما يروى قد غرز محجانه ذاتَ يوم ، فانبجست الحمة المذكورة ، بفضل الله ،ثم ببركة ذلك الولي ، ومن عجائب هذه الحمَّة أنَّها حارَّة وباردةُ من جهة،وأنها مالحةٌ و عذبةٌ من جهة أخرى ، أخذتني أمي رحمها الله تعالى إليها ، وأنا صبيٌّ قي نحو السابعة من عمري ، وتحمّمتُ فيها ، وعطشتُ فطلبتُ منها ماء عذبا ، فأغلقتْ أمي بابَ إبريق فخاري بأحد كفيها ، كسدَّادة له،ثمَّ غطَّستْهُ في ماء الحمة بعمق نصف متر ، حتى وصلتْ إلى نبع ماء بارد يتدفَّق من عين تصبُّ فيها ، ملأتْ أمي الإبريق ، وأغلقتْ سدادتَهُ ، ورفعتْهُ فوقَ سطح الماء ، فشربتُ منه ماء عذبا باردا نقيا ، وثمَّة عينُ ماءٍ أخرى حارة أجاجيَّة ، بلتقيان في حوض الحمة،،فعجبت بعدما أدركتُ ، أنَّ هذه من عجائب صنع الله الذي " مرج البحرين يلتقيان ، بينهما برزخ لا يبغيان " ، فهذا ملح أجاج ،وذاك ماء ٌعذبٌ فراتٌ ،فسبحان الله ِالذي بيده ملكوت كلِّ شيء، لا اله إلا هو، ماء حار من أعلاه بارد من أسفله ، ويستشفي الناس بمائها حتى اليوم .
وحمة أبي ذابلة قدَّس الله سره على طريق معبَّد يتَّجهُ من كَفرَراكب غربا باتجاه المشارع التي تقع شرقيَّ بيسان ،وحمَّة أبي ذابلة تقع شرقي طبقة فِحل على وزن (فِعل ) وليس كما تُلفظُ خطاً بفتح الفاء بدليل قول القعقاع بن عمرو التميمي رضي الله عنه وقد اشترك فيها:
وغداة فِحْلٍ قد رأوني مُعلَما والخيلُ تنحطُ والبلا أطوار
(ديوان القعقاع بن عمرو التميمي جمع وتحقيق ودراسة للدكتور حسن الربابعة ، تحت الطع ، أمانة عمان )وانظر ( ياقوت الحموي :معجم البلدان،تحقيق فريد عبد العزيز الجندي ،دار الكتب العلمية ، بيروت ،(د.ت)ج4/169).
وفِحْل إحدى مدن الديكابوليس العشر الرومانية ، وقد دارت في ساحها رحى معركة فحل، انتصر المسلمون فيها نحو سنة (13) ثلاث عشر للهجرة .
كان الشيخ محمد أبو ذابلة معاصرا لابن عمه الشيخ عبده ،و كان وليًّا لله، ظهرت له كرامات منها الحمة المذكورة ، ومنها كان حصورا ،إذ عرضوا عليه الزواج غير مرة،َفأبى ، وكان يقولُ لهم :"ذابلة " ، وظنّ قومُه أن تابِّيه الزواج ، كان لفقره ،أو لعدم توافر عروس تناسبه ، فأجمع أقرباؤه على زواجه ، فخطبوا له عروسا حسناء ، ونصبوا له منصة عروس"مَصْمَد" ، وأجلسوه عليها ، بانتظار عروسه ، بدأت الزفَّة، ودنت العروس من المصمد ، ورآها الشيخ محمد أبو ذابلة تدنو منه رويدا رويدا ، وصدفَ مرورُ قطيعِ غنم بالقرب منه ،يتقدَّمُه تيس كبير ،فناداه الشيخ محمد أبو ذابلة وقال له أسالك بالله أن تصعد عندي إلى المصمد ، وقصده أن يعجَّل بفرجه ، وقرأ عليه آياتٍ من القرآن الكريم ، الله وحده أعلم بها ، فالتفتَ التيسُ إليه ، وبدأ يثغو ثغاءَ طائع لله ،مستجيبا لأمر الله ، ثم قفز إلى المصمد، بخفة ونشاط ،إذ ليس له ليَّة تعيقه عن القفز للأعلى ، ،وكاد يقعي على مجلس العروس ، فانشدهَ الحضور ، لهذه الكرامة ،وأبو ذابلة يردِّد على مسامعهم :"ذابلة ذابلة ، يا ناس، والله ذابلة "فعاد الحضورُ من حيث أتوا ، والعروسُ إلى أهلها ، واستشرى حديثُ كرامته بين الركبان.
وكان من كراماته ، أن تحرس بلدته بوسائل مختلفة بإذن الله ، فقد روي أن رجلا حاول أن بسطو على بلدة كفرراكب ليلا،فلما دنا منها رآها جزيرة ، وحولها بحر هائج ، فاتعظ الرجل وصار مؤمنا تقيا .
توفاه الله قبل ابن عمه الشيخ عبده الربابعة ، فرثاه الشيخ عبده ، بقصيدة ، شبهه فيها ببحر علم وخير وعطاء ، فاض على جزيرة، فانبت فيها الفواكه المتعددة من خوخ ورمان وسفرجل إنها فيوضاته كرما وولاية، وذكر لقبه فقال :
الله الله الله الله يا ولي يا أبا ذبلة يا بحر ممتلي
كالبحر لا هاجْ بشهور الربيع على جزيرة بها فواكه تحملي
فيها فواكه تختلفْ ألوانُها فهي خوخٌ معْ رمانْ مع سفرجلِ
واستحضر روائح عطرية تفوح زكية من جزيرته ، لأنه بحر زاخر لا قرار له ،وكلمَّا هبت رياحه زاد عطاؤه ،وفوحُ روحه :
والقرنفلْ والروائحْ كلها والبحرْ حايط ْبالجزيرةْ مُكمل
يا بحرْ زاخرْ ولا ليهْ قرار كلّ ما هبَّت رياحهْ يعتلي
وبيّن الشيخ عبده قدس الله سره في القصيدة رتبته "شاويش ملوك الله ":
فوق راسك صاح شاويش الملوك من يكن ظميان يرد المنهل
وبين الشيخ عبده مقام الشيخ محمد أبي ذابلة قدس الله سره ، فشبهه بالَّسبع عليََّ المقام ، في غابة لا يقدم عليه في حوزته ،إلا الأولياء من طرازه ، فيسقيهم من خمر المحبة والتقوى :
ورَّد السُّلاكْ من خُصِّ الدنان هالسبعْ في وسط غابة معتلي
ويطري عليه الشيخ عبده سمات أخرى ، منها تمام معروفه ،وهو كامل الخصال النبيلة ، و هو ناصر الضعيف ، فمن يزره ، ينجلِ همُّه ، وهو بطلٌ ضرغام لا ريب فيه، وهو أخو عبشة في النجدة على ما ُيستنخى بمثلها من النساء عند بعض القبائل :
الله الله الله الله يا ولي يا أخا عيشة يا كامل مكمل
با كامل المعروف يا كنز الضعيف كل من أتاكْ همومُهْ تنجلي
كل من جا ساحتك نال السرور زال همه عند حوش المنزل
ويشيدُ الشيخُ عبده بأصالة الشيخ محمد أبي ذابلة وبنسبه العريق فهو من نسل الشيخ ربَّاع قدس الله أسرارهم ، ويبَّن رتبة المرثي "سراج الأولياء":
يا بطل ضرغام يا فحل الأسود من فروع إطوال أنت منسل
من نسل ربَّاع يا نعم الجدود يا سراج الاوليا كالمشعل
ويمدح أولياء الله في جبل عجلون :
يا جبلْ عجلونْ كمْ فيكَ أبطال لهم أيادي طايلةْ بالمبتلي
ويشير إلى إمكانية استحضاره الأولياء إذا دعاهم بكلمة السر، يا "الله العلي" ، فيلبُّون جمبعا من مصر والشام والربع الخالي نداءه حالا :
لاندهِ الأبطال عندي يحضروا لا يُبقًّوا من توابعهم ولي
لا يبقوا من توابعهم حشود من مصر للشام للربع الخلي
و تنتهي المرثاة بذكر اسمه عبده ، داعيا الله تعالى ليغفر له مختتما رثائيته :
ناظم الأبيات من عين وباء ثم دال وها و دخل الله وعلي
يا الهي تب له واغفر له في جنان الخلد بعلى منزل
(ثم صلِّ يا الهي ع الشفيع ثم آل البيت والصِّحاب الكمّل )
والشيخ محمد أبو ذابلة هو أحد ثلاثة أعلام من الربابعة ممن لهم قباب ، بعد جدِّه الشيخ ربَّاع ، وابن عمه الشيخ عبده ، قدَّس الله أسراهم ،وأسرارَ أولياء الله الصالحين من أمم الأنبياء جميعا ، صلوات الله عليهم وعلى نبينا محمّد أجمعين .
أمَّا بناء قبته فوق قبره قُدِّس سرُّهُ ، فيعزى لرواية قديمة ، نقلت كابرا عن كابر، سمعتهُا من شيخ ولي صالح، هكذا أحتسبه من بلدة كفرراكب ، كان نسّابة عشيرة الربابعة ،اسمه الشيخ عبد الله مصطفى وكنيته أبو مصطفى ،خدمنا معا في كتيبة أبي عبيدة عامر بن الجراح24 الآلية رضي الله عنه في ثمانينات القرن الماضي ، كنتُ قائدَ السرية الأولى فيها ، وكان الشيخ أبو مصطفى إمام الكتيبة ، أحببته لصفاء ذهنه ،ولخلقه الرفيع ، وزهده في الحياة ، ولقدرته على حفظ نسبنا غيبا ، كأنما كان يقرؤه من كتاب،كان عالما بأحكام الإرث ،ويحفظ أجزاء من القرآن الكريم ، ويئمُّ جنودَ الكتيبة ، كنا جارين في خيام الكتيبة المجتمعة للتدريب والمناورة ، و رفيقين في الأجازة إلى بلدتينا ؛ اجديتا و كفرراكب ، كان يحبني حبا جما ،كحبي له ، زرته مع أبي خلدون، محمد سليم الابراهيم الربابعة ، في منزله قبل تسع سنوات(2000م) ، في منزله ،وأجرينا معه مقابلة في منزله في بلدته ، وسرد لنا روايات عن أعلام من عشيرتنا لم نكن نعلمها ، كان الشيخ عبد الله من رجال العدة والأعلام ،كان مهذبا دافئ اللسان ،يحلم على من أساء إليه ،صبورا على مرضه الذي رافقه عقودا من الزمن ، كان يروي من كرامات الأولياء ، فأفيد منه ، وانسج على منوالها أشعاري منها ؛قصائد في مدح أجدادي الشيخ عبد القادر الكيلاني والشيخ ربَّاع طويل الباع ،والشيخ عبده وعمنا الشيخ محمد أبي ذابلة قدّس الله أسرارهم ، كان يحفظ مَدحات للعدة ، وقد حفظت منه بعض مرثية الشيخ عبده للشيخ محمد أبي ذابلة ،التي أدرجت منها أبياتا ، وللحقّ فقد فقدتُ الشعر الذي نظمته فيهم ، و كل ما كتبته من أماديحَ بهم، كان مما سمعته عنه رحمه الله رحمة واسعة وألحقه بمن أحبَّ من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فقدتُ دفترَ الأشعار، لكثرة ما نقَّلت مكتبتي،من دار لدار في مؤتة التي أدرِّس في جامعتها منذ سبع سنوات وللآن ، فلعلَّ الدفاتر ضاعت أثناء إحدى الترحيلات ، و مع ذلك ففي الله العوض عن كل مفقود وتالف .
لقد روى لي الشيخ عبد الله أبو مصطفى سبب بناء قبة الشيخ محمد أبي ذابلة على ما تواتر من الرواية إليه ،كابرا عن كابر ، ذلك أنّ رجلا وليا صالحا من دمشق ،رأى في المنام ،" أنَّ هاتفا به يدعى أبو ذابلة ، طلب منه أن يبني فوق قبره قبة، في بلدته كفرراكب ، لسرٍّ يكتشفه في ما بعد، فيؤجران معا"، فلبَّى الدمشقي الصالح الأمر، وأخذ معه زاده وزواده وراحلته في ما يقال ، واتجه من دمشق إلى كفرراكب ، وسأل عن قبر الشيخ محمد أبي ذابله ، فدلَّه عليه كثير من الرجال ، لشهرة قبره ، وكثرة كراماته ،فقصَّ الدمشقي عليهم الرؤيا ، وطلب بنّاء قديرا ، وببناء القناطر والقباب خبيرا ، فدلوه على بنَّاء نصراني من آل قاقيش من بلدة كفرابيل ، واتفقا على العمل ، ولما أنجز البنَّاءُ العمل ،وأراد أن ينهي وضع الهلال على سمت القبة ، هتف به هاتف ؛لا ندري أهو من القبر أم من الملء الأعلى "ضع الهلال للشرق ،وانظر للجنوب" فنفذ الأمر الأول حالا،والتفت للجنوب ، فرأى الكعبة المشرفة زادها الله تشريفا وتعظيما وأرانا إياها مرات ومرات قلبا وعيانا فأعلن حالا إسلامه ، ونطق بالشهادتين من فوق القبة ، ولما أبلغ ما رآه رأي العين جهارا نهارا ، اسلم معه قوم من النصارى ، وتسموا ب"المجاذيب " لانجذابهم لما رآه سيدهم البناء،وما يزال منهم يسكن في بلدة السَّمط شمالي غربي دير أبي سعيد على ثلاثة كيلو مترات منها ، فنال الرجلان الأجر ، من الله ؛ بإسلام النصراني ، وهدى الله بهما رجلا اسلم ، وذاك خير لهما من حمر النعم، وظلَّ الشيخ أبو ذابلة، داعية لله حيًّا في الدنيا ، كما أكرمه الله بالدعوة إلى التوحيد ميتا ، فسلام عليك يا سيدي الولي، يا أبا ذابلة وعلى آلك الأطهار من بيت النبوة في الخالدين.