العلامة الدكتور مصطفى بن سعيد الخن

وفاة شيخ علماء الأصول

أيمن بن أحمد ذو الغنى

[email protected]

{من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدَّلوا تبديلاً} [الأحزاب: 23]

وممن نحسبهم من هؤلاء الرجال الذي زكَّاهم ربنا سبحانه وأثنى عليهم، علم من أعلام عصرنا عاش حياته صادقًا مستقيمًا، مخلصًا للدرب الذي اختاره والمنهج الذي آثره، لم يحد عنه ولم يتنكب صراطه، ولم يبدل ولم يغير...

اختار الحق منهاجًا والعلم سبيلاً، سالكًا الجادة اللاحبة، مستدبرًا بُنيَّات الطريق، ولم يطأطئ جبهته خلال ذلك إلا لمولاه..

إنه العلامة الفاضل والفقيه الشافعي الكبير وشيخ علم أصول الفقه في بلاد الشام الدكتور مصطفى بن سعيد الخن الدمشقي الميداني.

الذي قضى الحقُّ سبحانه أن يُتوفَّى ظهر (23 من المحرم 1429هـ = 1/ 2/ 2008م)، في جامع العلامة الشيخ حسن حبنكة الميداني، وخطيب الجامع شيخ قراء الشام محمد كريم راجح يخطب على المنبر، ليكون الذكر الحكيم وحديث رسولنا الكريم آخرَ ما يطرق سمعه في دنياه، وأنعم بها من خاتمة ونهاية تكون في أحب بقاع الأرض إلى الله وأشرف الأوقات، وإنا لنرجو للشيخ وندعو له أن يُبعث يوم القيامة ذاكرًا لله مخبتًا خاشعًا.. وأن يتقبله سبحانه ويعلي مقامه عنده .. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

نبذة موجزة من سيرته

ولد الشيخ في دمشق سنة (1340هـ = 1922م).

وطلب العلم مبكرًا في جامع مَنْجَك، وظهرت نجابته وجودة فهمه، فحظي بعناية خاصة ورعاية فائقة من شيخه علامة الشام الإمام حسن حبنكة الميداني رحمه الله تعالى (1398هـ = 1978م) وبه تخرج.

وتتلمذ أيضًا على الشيخ أبي الخير الميداني (1380هـ = 1961م)، وحضر مجالس محدث الشام الشيخ بدر الدين الحسني (1354هـ = 1935م)، والشيخ علي الدقر (1362هـ = 1943م)، والشيخ إبراهيم الغلاييني (1377هـ = 1958م) رحمهم الله جميعًا.

ثم التحق بكلية الشريعة بجامعة الأزهر، وقد قُبل في السنة الثالثة مباشرة، لرقي مستواه العلمي، ونال الإجازة بتقدير متفوق سنة (1372هـ = 1952م).

وتولى في دمشق التدريس في دار المعلمين والمعلمات، وانتُدب لتدريس بعض المواد في كلية الشريعة بجامعة دمشق أستاذًا محاضرًا من بدء افتتاح الكلية سنة (1375هـ = 1955م).

وفي سنة (1382هـ = 1962م) أُعير إلى المملكة العربية السعودية، للتدريس في كلية الشريعة وكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وبقي فيها أربع سنين.

ثم عاد إلى دمشق مدرسًا في ثانوياتها إلى أن حصل على الدكتوراه.

نال شهادة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى من جامعة الأزهر عام (1391هـ = 1971م).

ثم عيِّن مدرسًا ورئيسًا لقسم العقائد والأديان بكلية الشريعة بجامعة دمشق سنة (1402هـ = 1981م)، وكان تولى قبل ذلك تدريس طرائق تعليم التربية الإسلامية في كلية التربية.

وفي سنة (1404هـ = 1983م) أحيل الشيخ على التقاعد، فيمم وجهه شطر السعودية مرة أخرى، وعمل مدرسًا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بأبها، ثم أستاذًا في كلية التربية للبنات، وعضوًا في المجلس العلمي لجامعة الإمام بالرياض إلى سنة (1413هـ = 1992م) أشرف خلالها على بعض الرسائل الجامعية في الدراسات العليا.

وفي العام التالي من عودته إلى دمشق تولى التدريس في قسم الدراسات العليا التابع لجامعة أم درمان في السودان، بمجمع أبي النور، مع الإشراف على رسائل بعض طلاب مرحلتي الماجستير والدكتوراه.

وعُهد إليه أيضًا رئاسة كلية الشريعة بقسم التخصص في معهد الفتح الإسلامي التابع للأزهر، إضافة إلى تدريس أصول الفقه فيها.

ولما تميز به من علم واسع ومنهج واضح وسلوك قويم كان اختاره العلامة الشيخ عبدالرحمن الباني مفتش التربية الإسلامية في سورية كلِّها، ليشركه في وضع مناهج التربية الإسلامية لجميع المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.

وشارك أيضًا في وضع مناهج التعليم الشرعي، للثانويات الشرعية التابعة لوزارة الأوقاف.

وأسهم في تأليف كتب التربية الإسلامية لدور المعلمين والمعلمات ولبعض سنوات المرحلة الثانوية

ووضع ثلاثة كتب جامعية لطلاب كلية الشريعة، وهي:

((التفسير العام))، لطلاب السنة الثانية.

و((مبادئ العقيدة الإسلامية))، لطلاب السنة الثانية أيضًا.

و((فقه المعاملات))، لطلاب السنة الرابعة.

وكتبه الأخرى:

((أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء))، وهو بحثه للدكتوراه، طبع بمؤسسة الرسالة ببيروت، سنة (1392هـ = 1972م)، وهو في 644 صفحة.

((عبدالله بن عباس، حبر الأمة وترجمان القرآن)) ضمن سلسلة أعلام المسلمين الصادرة عن دار القلم بدمشق، سنة (1398هـ = 1978م)، في210 صفحة.

((دراسة تاريخية للفقه وأصوله، والاتجاهات التي ظهرت فيهما))، الناشر الشركة المتحدة بدمشق سنة (1404هـ = 1984م)، في 240 صفحة.

((الحسن بن يسار البصري، الحكيم الواعظ الزاهد العالم))، ضمن سلسلة أعلام المسلمين أيضًا، الناشر دار القلم بدمشق، سنة (1416هـ = 1995م)، في 368 صفحة.

((الأدلة التشريعية وموقف الفقهاء من الاحتجاج بها))، صدر عن مؤسسة الرسالة ببيروت سنة (1417هـ = 1997م)، في 512 صفحة.

((أبحاث حول أصول الفقه الإسلامي، تاريخه وتطوره))، صدر عن دار الكلم الطيب بدمشق، عام (1420هـ = 2000م)، في 350 صفحة.

((الكافي الوافي في أصول الفقه الإسلامي))، نشر مؤسسة الرسالة، سنة (1421هـ = 2000م)، في 368 صفحة.

وله في التحقيق:

((المنهل الراوي من تقريب النواوي))، للإمام النووي (631- 676هـ).

((تسهيل الحصول على قواعد الأصول))، للعلامة محمد أمين سويد الدمشقي (ت 1355هـ).

وشارك في تأليف:

((نزهة المتقين شرح رياض الصالحين)).

((الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي)).

((العقيدة الإسلامية: أركانها، حقائقها، مفسداتها)).

((الإيضاح في علوم الحديث والاصطلاح)).

   وشارك في تحقيق:

((حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة))، لصديق حسن خان القنوجي (1307هـ).

((إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول))، للإمام الشوكاني (1250هـ).

((أنوار التنزيل وأسرار التأويل)) المشهور باسم تفسير البيضاوي (685هـ).

((المنهاج القويم في مسائل التعليم))، لابن حجر الهيتمي (934هـ).

المصدر: ((مصطفى سعيد الخن العالم المربي وشيخ علم أصول الفقه في بلاد الشام)) للدكتور محيي الدين ديب مستو، الكتاب الثامن من سلسلة: علماء ومفكرون معاصرون، لمحات من حياتهم، وتعريف بمؤلفاتهم، دار القلم بدمشق، ط1 / 1422هـ = 2001م.