نيكولاي غوغول
الكاتب الساخر والشاعر و الروائي
منى كوسا
[email protected]
"يكتب
ما يمليه
ضميره .
الكاريكاتير البهلواني"
(
لا يملك القارىء إلا أن يضحك
وفي قلبه
حسرة .
(
أكثر من كاتب و أعظم من عبقري
ولدته روسيا
) هذه هي عبارة ( بلينسكي ) الناقد الروسي الشهيرعنه
.
غوغول مبدع يفضح الطبقة الحاكمة في
روسيا
القيصرية , بأسلوب السخرية والهجاء يرصد السلوك المتناقض للبشر الذين يسخر منه و
يفضح ظلمهم و طغيانهم في القرن التاسع عشر الذي تفشى فيه الفقر و المرض عبر أسلوب
ناقد وساخر , و القارىء لمؤلفاته الرائعة يجد نفسه
يضحك ويبكي , و قد قال عنه أعظم
الروائيين(دستويفسكي ) : " ضحك غوغول على نفسه طوال
حياته و أضحكنا معه , ظل يضحكنا
في مؤلفاته و كم أبكانا في التهاية
".
كما قال عنه الكاتب الكبير (تورجنيف):
" إن غوغول
هو أكثر من كاتب إذ
كشف لنا عن أنفسنا "
نبذة عن حياته
:
ولد " نيكولاي غوغول " في أوكرانيا في
31مارس
1809
و كان شغوفاً بالأدب منذ
صغره و عرف بالكاتب الساخر , كتب القصة القصيرة و
التمثيلية و هو أيضاً شاعر و
روائي
.
عندما كان في التاسعة عشر من عمره كان
يحلم بأن
يصبح محامياً لأنه كان يرى فيها معاني الإنسانية للبشر حيث يستطيع تحقيقها لكنه فشل
في تحقيق أمنيته لأنه كان فقير معدما و غير واسع في
العلاقات الإجتماعية ,حاول
احتراف مهنة التمثيل لكنه لم ينجح لأن جسده ضئيل و
صوته ضعيف , كما حاول بكتابة
مجموعات شعريةوعرضها على الناشرين لكنها رفضت ,
فنشرها على حسابه الخاص , لكن لقيت
استهجانا موجعا من قبل النقاد فاندفع ليجمع كل
نسخها إحراقها .
و قد تألم من النقد الاذع الذي وجهه (
بلينسكي
)
له متهما إياه بالانحراف عن النهج الواقعي في روايته ( الأرواح الميتة ) في الجزء
الأول منها و في حالة عصبية غاضبة ومتوترة جداً قام غزغول بحرق مخطوطة الجزء الثاني
من ( الأرواح الميتة ) التي لم يكن نشرها بعد و بعد هذه الحالة النفسية المرهقة
بالنسبة له أرهق جسده أكثر بصيام طويل و بصلاة لا
تنقطع فهدأت نفسه و في 21
فبراير من عام 1852م
مات غوغول و كانت أخر كلمة
له : ( سُلَم ... أعطوني سلما ..........) إذ كان
يعتقد أن روحه ستصعد إلى بارئها
عن طريق سلم روحي
.
كان شديد الإخلاص لقومه و صادقاً في
حبه لأهله و
بلده فهو إنسان يحمل مشاعر إنسانية رائعة يتعاطف جداً مع الفقراء و المظلومين . و
تأثر كل من ( دستويفسكي و تولستوي )بأفكاره و صدقه
و نبله و هما بصدد بحث عن الصدق
العام والخاص
.
و جاهر ( دستويفسكي ) بعد عشرات
من السنين بقوله : ( لقد خرجنا جميعا من معطف غوغول
).
رواياته:
تعرف على
"
بوشكن " شاعر روسيا الكبير , قرأ عليه
بعض ما كتب من مذكرات فاقترح عليه بوشكن أن
يعيد صياغتها بشكل روائي تحت عنوان ( أرواح ميتة )
, كما اقترح عليه بعض جوانب
مضمون ( المفتش العام ) و هي مسرحية غوغول الشهيرة
...
في روايته ( أرواح ميتة ) الجزء الأول
منها كشف عن المسكوت عنه و فضح النظام
الإستبدادي و الحكم القهري , يعبر عن روسيا
القيصرية في القرن التاسع عشر عبر أسلوب
ناقد جريء وساخر , يقدم للقارىء شخصيات ممسوخة ماتت
من النواحي الخلقية و الروحية
بمواقف هزلية تثير السخرية اللاذعة عن المتوحشين
والمستغلين الذين لا يرحمن الفقراء
و المساكين
.
أما الجزء الثاني من روايته ( أرواح
ميتة ) أحرقها من شدة عصبيته و قال : ( أنا لم أولد لأنال شهرة في عالم الأدب
فمهمتي بسيطة ..........هي إنقاذ روحي , ولا بد أن
تصدر أعمالي عن وحي من ضميري و
يجب أن أكتب ما يمليه علي ضميري و أحرق ما يجب حرقه
و أنا لا أقدم على شيء قبل أن
أصلي
.....).
قصته الخالدة ( المعطف
) :
هي من وحي تجربته الحياتية و عمله
كموظف كتابي
بسيط في مؤسسة حكومية عبر فيها عن مواقف واقعية بائسة للموظفين في العهد القيصري
.
تعتبر ذروة الواقعية الروسية بعناصرها
فبطلها
موظف مطحون هو ( أكاكي أكاكيفتش) و هي شخصية مهانة ومذلولة فيجد القارىء نفسه يبتسم
ثم تدمع عيناه أي يتدخل عنصر الشفقة مع الفكاهة و
هنا تكمن المتعة, و قد بدا إعجابا
كبيرا بها ( بيلينسكي ) أكبر نقاد روسيا فصارت محطة
إعجاب عالمي آنذاك .
كتبه
:
(
أمسيات بالقرب من قرية ديكانكان ) و آخر هو
(
ميرغورود ) الي لقي نجاحاً باهراً .
وكتابه الأخير ( مقتطفات من رسائل الأصدقاء )إذ
بدا شديد الاهتمام بالمواعظ الأخلاقية و و الإصلاح
الإجتماعي و إحياء الأرواح
الضالة الميتة و هي نفس الأفكار التي عبر بها في
روايته ( الأرواح الميتة )الجزء
الثاني منها , مما أسخط عليه معسكر الكتاب والنقاد
و خاصة ناقد روسيا الكبير
(
بيلينسكي )و بدأ المعجبون والمحافظون
يتوددون له و يحافظون على كل ماله من قديم
.
رحلته:
في عام
1848
قام برحلة إلى فلسطين أشار
في كتاباته إلى واقع الشعب العربي أيام العهد العثماني و إلى الاثار و الاماكن
التاريخية
فيها و كذلك في كل من سوريا و لبنان
.
غوغول يعتبر بحق من أعظم الروائيين
قاطبة , يتمتع
بموهبة فذة و حس مرهف و ضمير حي , يجعل القارىء يتمتع بصدق الواقعية الجميلة التي
خرج بها الكاتب من معطفه .