صالح جرّار

(1350 هـ–....) (1931–....)

صالح محمد جرار/جنين فلسطين

[email protected]

حسني جرار

  * تقديم

  * حياته ودراسته

  * آثاره الأدبية والعلمية

  * شعره

  *نكبة فلسطين في شعره

  * شاعر أبّ

   *قصائد مختارة من شعره

تقديم

صالح جرّار أديبٌ ومُربّ من روّاد التربية والتعليم في الأردن وفلسطين .. وشاعر وطني إسلامي حمل قضية وطنه فلسطين ودافع عنها ، ونظم معظم أشعاره فيها ، وشجّع الشباب على مقاومة الغزاة الذين اغتصبوا أرض فلسطين وأشاعوا فيها الفساد..

 حياته ودراسته

ولد الأستاذ صالح بن محمد بن محمود جرّار سنة 1931م في قرية " برقين " التابعة لمحافظة جنين بفلسطين ، ونشأ في أسرة ريفية متدّينة .. وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة القرية ، والثانوي في مدرسة جنين الثانوية ، ونال شهادة الدراسة الثانوية عام 1950م . وعمل معلماً في وزارة التربية والتعليم الأردنية من سنة 1951 – سنة 1981 ، كما عمل أمين مكتبة في مدارس تلك الوزارة . وحصل في أثناء عمله على شهادة الليسانس في اللغة العربية من جامعة بيروت العربية سنة 1975م بتقدير " جيد جداً " . كما حصل على مؤهلات في التربية والتعليم ، وفي علم المكتبات..

وبعد تقاعده من العمل بوزارة التربية والتعليم ، عمل معلماً في ثانوية جنين الشرعية ، وعمل مدرساً للغة العربية في مدرسة الإيمان التابعة للجنة زكاة جنين .

 آثاره الأدبية والعلمية

1- ديوان شعر بعنوان " رحلة الأيام " ، صدر عام 1410هـ - 1989م .

2-ديوان شعر بعنوان " جهاد وشهادة " ، صدر عام 1411هـ - 1990م .. سجّل فيه جوانب مشرفة من بطولة وجهاد الأهل في فلسطين ، وبخاصّة بطولة الفتية المؤمنين .

3- مجموعة شعرية مخطوطة ، نشرها في عدد من الصحف في الضفة الغربية، والبلدان العربية ، منها صحيفة " هدي الإسلام " و " النهار " و " الدستور" الأردنية، وصحيفة " الشهاب " و " المجتمع " اللبنانية ، و" المنتدى " الخليجية ، و "الصراط " ، و " صوت الحق " ، و " الحرية " الصادرة في الأرض المحتلة عام 1948م.

4- كتاب مخطوط في علم المكتبات ، بعنوان " وقل ربِّ زدني علماً " .

5- كتاب مخطوط بعنوان " مقالات ورسائل أدبية " .

شعره

الأستاذ صالح شاعر ملتزم بالإسلام في حياته وسلوكه ، وفي تربيته لأسرته وتلاميذه .. شاعر أحب الشعر ونظمه ، وجعل منه وسيلة للدفاع عن وطنه وأمّته .. نظمه في مجالات عدّة ، في مقدّمتها الدعوة إلى الإسلام وحض الشباب عن الالتزام بتعاليمه .. ونظمه في المناسبات الإسلامية ، في ذكرى المولد النبوي الشريف ، وفي ذكرى الإسراء والمعراج وغيرها .. ونظمه في أحداث العالم العربي والإسلامي ، وفي مآسي المسلمين المعاصرة .. ونظمه في أمور الحياة والسلوك الاجتماعي الذي يمارسه الناس في حياتهم اليومية .. وكان لفلسطين وطن الشاعر النصيب الأوفى من شعره ، وكان للنكبات التي حلّت بها ، وللجهاد الذي خاضه شبابها ، الكثير من شعره .. وقد رسم في شعره صورة صادقة لحياة أبناء جنين وأبناء فلسطين الذين وقفوا في وجه المحتل الغاصب ، وتحمّلوا الأذى والاعتقال والتعذيب والاستشهاد دفاعاً عن أرض الرّباط .. وكانت له مساهمات ومشاركات شعرية وتربوية في جنين وغيرها في الأحداث والمناسبات الوطنية والاجتماعية ..

وكان لشعره دور في تجديد الهمم ، وتثبيت العزائم ، والحث على المكرمات ، والحضّ على الجهاد ، والدّفاع عن المقدّسات ..

انطلق شعره من تصوّره الإسلامي ، ومن فهمه لرسالة الشعر . .فهو يرى أن الشاعر المسلم لا بد أن يسخّر شعره في سبيل دعوة الإسلام ، وأن يذبَّ بشعره وبيانه عن عقيدته ودينه ، وعن قِيَمِهِ ومُثُلِه ، وعن فضائله وأخلاقه ، وأن يرعى الفطرة السليمة ونقاءها ، والوجدان الطاهر وبهاءه ..

استمع إليه وهو يصف الشباب الذين تربّوا على الإسلام ، والتزموا هدي القرآن، فقد نظم لهم قصيدة بعنوان " شباب الإسلام " ، وألقاها في احتفال أُقيم في مسجد جنين الكبير سنة 1407هـ ، لتكريم الطلاب المتفوقين الذين أنهوا الدراسة الثانوية في تلك السّنة ، وقد ألقى ولدُ الشاعر كلمة الطلاب إذ كان الأول في لواء جنين ومن العشرة الأوائل في الضفة الغربية ..

يقول شاعرنا في تلك القصيدة([1]) :

ألا إنّ الـهـداية في كتابٍ
ألا يا ذا الجلال وذا العطايا
فحين سألتُ ربَّي عِزّ iiديني
فـها  إنّي أرى غُرّاً iiكِراماً
أراهُـمْ  يرفعون لواء iiدينٍ
أراهم  يرتدون ثياب iiطُهْرٍ
تـراهُم يحملون العلمَ iiنوراً
وغايتُهم رضا الرّحمان حقاً
فـهيّا يا فتى الإسلام iiسَجِّلْ








بـه  عَزَّ الأوائلُ iiوالجَنابُ
بِبابِكَ قدْ وقفْتُ فهلْ iiأُجابُ؟
إذا هذا الشبابُ هو الجوابُ
مـن  الشُّبّان جمّعَهُمْ iiكتابُ
هو  الإسلامُ ما فيهِ iiارْتيابُ
وغـيـرْهمُ  تُتَيّمهُ iiالكَعابُ
ونـورُ  العِلْم للدُّنيا iiشهابُ
وأُسْوتُهم من الرُّسل iiاللُّبابُ
بـأنّ  الحقَّ يحميه الشّبابُ
ألا  إنّ الـمـشُوقَ بلا جَناحِ ii!!ْ
فـعـالـج نار شَوْقِكَ iiباصطبارٍ
عـلـى  تقوى الإله بنوكَ iiشبّوا
فَـدَعْـهُـمْ  يـطلبوا العِلْمَ iiبِجدٍّ
ألا فـلْـتـصْـبِرَنّ على iiفراقٍ
فـمـا خُـلِق الشّبابُ لغير iiعِلْمٍ
ألا  فـاصْبِرْ ، فإنّ الصّبْرَ iiدِرْعٌ
بـذكْـرِ الله عَـالِـجْ نارَ iiشَوْقٍ
ولا تـجـزع فـفـي كَبَدٍ iiخُلِقْنا








فأقْصِرْ ، ياحنينُ ، عن الجماحِ !
ودَعْ  لـلـه أَمْرَ ذوي iiالصَّلاحِ!
وتـقـوى الله عُـنوانُ الفلاحِ !
وبـعـدَ الـجِـدِّ أفراح iiالنجاح
فـإنّ الـغـائـبـين لَفي iiكِفاحِ
وتـحـقـيـقٍ لآمـالٍ iiفِـساح
تُـحَـطّـمُ دونـها صُمُّ iiالرّماح
فـذكـرُ الله طِـبٌّ iiلـلـجراح
ولـم  نُـخْـلَـق لِلَهْوٍ أو مِزاح
يـا  ويحكُمْ ! حتى لسانُ iiنبيّكم
ذاكَ  اللّسانُ لسانُ وحْي iiإلهكم!!
قـرآنـكـم  بـلسانكم iiمُتَنّزل
عـربية  صفحاتُ مجد iiتراثكم
مـاعـزّ أقـوامٌ بموت iiلسانهم




أضـحى غريباً دائم iiالحَسَرات
لا  تـهـجـروهُ ففيه عِزُّ حياةِ
هذا – لعمري – أعظم النّفحات
هـيا  احفظوها رغم أنف دُعاةِ
فـلِـسـانـكُم رمزٌ لكلِّ iiثبات
مـا كـنـتُ أنسى جُهدَكَ iiالمبذولا
كـم زهرةٍ في الرّوْض فاحَ iiأريجُها
"شـوقـي"  أصابَ بقوله في iiحقكم
حـقّـاً فـإنـك يـا مُـعلِّمُ iiباعِثٌ
كـم عـالِـم قـد كُنتَ ناسِجَ iiمجْدِهِ
كَـمْ قـائِـدٍ ! كم صانِع ! كم مُنْتجٍ
لـولا الـمـعلّمُ ما انْبَرَتْ iiأقمارُهُم
هـذي الحضارَةُ أنتَ باعِثُ iiخيْرها
بـورِكْـتَ  يـا عـزْمَ المعلِّم بانياً
سيظلُّ قدْرُكَ في القُلوب على المدى









فـي  بـعـث أجيالٍ تكونُ iiعُدولا
بـجـهـود جَـنّـانٍ يـكدُّ iiطويلاً
كـادَ  الـمُـعـلّمُ أن يكون iiرسولا
فـي الـنـاس خُلقاً طيّباً وعُقولا..
مـن  خـيـط عُمْرِك تبتغيه جليلا
صَـنَـعـوا بـجُـهدِكَ أمّةً iiوقبيلا
تـغـزو  السّماء لتكشفَ iiالمجهولا
مـا اسْـترشدوك وجُنِّبوا iiالتضليلا
هـذي الـنُّفوس على الهُدى تنزيلا
نـوراً  يُـشـعْـشِعُ بُكْرَةً iiوأصيلا
أُمّـاهُ يـا قـلـبَ الحياة وخير هادٍ iiللحيارى
المجدُ قد ضلَّ الطريق فهل أضأتِ له المنارا؟
قـد لـفّه اللّيلُ البهيمُ فهل بَعَثتِ له النّهارا ii؟
قد  كان حِجْركِ صانعَ الأمجاد عزّاً iiوازدهارا
فـعـلامَ يـبدو مجدنا وكأنّه طيفٌ توارى ii؟
هـلاّ  سلكتِ سبيلَ أُختكِ حين عَزّ القومُ دارا
هـيّـا فـغـذّي الطّفلَ بالإيمان تَلْقيهِ iiالمنارا
هـيّـا فـحِـجْرُ الأُمّ يبعثُ للعلا نوراً ونارا

.وللأستاذ صالح شعر اجتماعي جميل ، فيه لمسات إنسانية ، وتوجيه تربوي .. نظمه في أمور الحياة وفي السلوك الإجتماعي الذي مارسه ويمارسه الناس في حياتهم اليومية .. ومن ذلك قصيدته التي بعنوان " وداع الأبناء " .. والأبناء هبة من الله للإنسان ، وهم ثمرة الحياة ، ومعقد الآمال .. والأبّوة رحمة وعطف وحنان .. ويشاء الله سبحانه أن يسافر أبناء شاعرنا جميعاً في منتصف عام 1977م سفراً طويلاً، ويبقى صالح في جنين وحيداً .. فجاءت هذه القصيدة تصويراً صادقاً لمشاعر الأبّوة ، ولتجمع إلى صدقها عذوبة اللفظ ويسر التعبير وجمال التصوير .. يقول شاعرنا في هذه القصيدة([6]) :

مـا كُنتُ أُحسَبُ أنّني iiسأُلاقي
مـا أنتِ يا أحداقُ إلاّ iiصِبْيَتي
"  فمحمّدٌ " عقلي وحبّةُ iiمُهجتي
والرّوحُ "نِسْرينٌ" أعيش بِسِّرها
كـيفَ الحياةُ تكونُ بعد iiفِراقِهمْ
مـا كـان يومُ البَيْن إلا iiطعْنَةً





مـسَّ  الجُنون بِفُرْقَة iiالأحداقِ
وبـحُـبّهم يجري دمُ iiالأعراق
وكـذاكَ "إسـلامٌ" دم iiالـخَفّاق
وَهُمو الوديعةُ في حِمى الخَلاّق
أيـعـيشُ إنسانٌ بلا أرزاقِ ii؟
نـجلاءَ قد نَفَذَت إلى iiالأعماق
لا حولَ لي يا قومُ في هذا الجوى
رُبّـوا عـلـى حبّ الإله iiوهديه
فـهـمُ الـكـبـارُ بفهمهم iiلكنّهم
أنـسـى  بهم همّ الحياة iiوضيقها



فـلـقـد رُزقـتُ أحبّتي iiبرواقِ
فـتـزيّـنـوا  بمكارم iiالأخلاقِ
مـا شـبّ أكبرهم عن iiالأطواق
مـع  أنّـهـم سيلٌ من iiالإرهاق
ركضوا إلى سيارة السَّفرِ البهيج
نـاديـتُهم  : مهلاً بَنيَّ!! iiفإنّني
فَـهـلُمَّ أولادي! وخفقةِ iiمهجتي
فَـلـثمتُهم!وضممتُهم!وشمَمتُهم!
إن  الـحـيـاة تعاسةٌ iiوبشاشةٌ
ودّعـتُهم  والنارُ تحرق مُهجتي





بـعَـيْـنِهم  ، ولدَ يْهمُ iiأرماقي
مُـتـسـاقطٌ  كتساقُطِ iiالأوراق
أُحْـي الـفُـؤاد بضمّةٍ iiوعِناق
وَذخـرْتُ  ذلك في دم iiالأعْراق
وكـذا  الـحـياةُ تباعُدٌ iiوتلاق
وتـركـتُهم في صُحْبة iiالخَلاّق

وفي ذكرى المولد النبوي الشريف نظم قصيدة عام 1408هـ قال فيها([7]) :

وُلِـدَ الـحـبيبُ محمدٌ iiببهائِهِ
وُلَدَ الذي غرَسَ الحياة iiفضائلاً
وُلـدَ  الذي لولاهُ ما خفقَت iiلنا
هيّا  اشكرُوا ربّ الوجود iiفإنّهُ
صلّى  عليكَ اللهُ يا عَلَمَ iiالهُدى
قد  شاء ربُّكَ أن تكون iiمبشّراً
وحباكَ من خُلُق السَّماء رفيعها






مـيلاد  فجرٍ بعد طول iiرجاءِ
واخـتطَّ دَرْبَ رشادها iiبِحراءِ
هـذي  القُلوبُ بخشية ورجاء
رَحِـمَ  الوُجودَ بسيّدِ iiالرُّحَماء
مـا أَشْرقَت شمسٌ من iiالعلياء
لـلـمـؤمنين ومنذرَ iiالسُّفهاء
حتى  عُرفت بأشرف iiالأسماءِ
ذاكَ الـعـراقُ عـراقُ المجدِ iiوالشِّيَمِ
مِـنـهُ الـرّشـيـدُ ومَنْ كانوا أئمتَنا
لـبَّـيـكِ أُختاه ، قد أسْمَعْتِ iiُعتصِماً
فـكـان  ما كانَ من فتحٍ ومن iiعَجَبٍ
لا غـروَ أنـتـم بـنو أُسْدٍ iiغطارفةٍ
قـد هـالَ أعـداءَنـا راياتُ iiمجدكُم
حـتـى غـلـى بهمُ حقدُ القرون فما
فـأجْـمـعـوا  أمرهم ألا يروا شُهَباً
فـشُـهْـبُ  بـغدادَ لا تُبقي iiصهاينةً








ذاكَ الـعـراق عـراق السّيف iiوالقَلَمِ
في السّلم والحرب،فاذكُرْ قَولَ معتَصِمِ:
بالله  ، مـنـتـصـراً لـلحقّ والقيم
فـي عُـقْـرِ رومـيَّةِ الأوغاد iiواللّمَمِ
فـفـي "جنين" لكم صولاتُ كُلِّ iiكمي
فـلـم تـقـرّ لـهـم عـينٌ ولم تنمِ
نـسوا صلاحاً ، وذي تكريتُ iiكالأجم
فـي أفـق بـغدادَ تمحو وحشةَ الظُّلَمِ
فـي ظلّ مسجدنا الأقصى وفي الحرم

نكبة فلسطين في شعره

نظم قصيدة في أواخر عام 1977م بعنوان " انصروا الله تنالوا نصره " ، استنجد فيها بصلاح الدين محرّر القدس من الصليبيين ، فقال([8]) :

قمْ صلاح الدين iiفانظرْ
لـم تـعُـدْ تخفق iiفيهِ
دعـوة  الـحقّ به iiقد
لـم يعد منبرُكَ iiالهادي
أحرقوه  بلظى العدوان
*         *        ii*
قـمْ صلاح الدين iiأذّنْ
ليس  في العُرْبِ سوى
هم يَرَوْن القبلة iiالأولى
غـير  أن القومَ iiهانوا
لو تراهم قذفوا الأعداء
لـو تـراهم حين iiجدَّ











حالة  الأقصى iiالحزينْ
رايـةُ  الـفتح iiالمبينْ
لـبست  ثوب iiالمنون
تُـنـاجـيـه iiالعيون
والـحِـقِـد  iiالـدّفين
*         *        ii*
لـجـهـادِ الـمعتدينْ
هَمْهمةِ  النّكسِ iiالمهَين
بـأيـدي  iiالـكافرين
وارتـضوا ذُلَّ iiالسّنين
بـالـقـول  iiالرّصين
الـجِـدُّ  ولّوْا iiمدبرين

وفي جنين تجمّع فتية التيّار الإسلامي ليلة الجمعة المباركة 13 ربيع الأول سنة 1410هـ الموافق 13/10/1989م ، للاحتفال بذكرى مولد المصطفى r ، تجمعوا في خلّة الصّوْحَة ، الحي الغربي الجنوبي من جنين ، متحدّين أوامر العدو بمنع التجوّل ، وقاموا باستعراض حماسي ، واستعدّوا لمواجهة العدو بالحجارة والزجاجات الفارغة .. فسمع البغاةُ صوتهم الشامخ ، فهرعوا لمواجهتهم بالسلاح الفتّاك .

وفي الساعة السابعة والربع من تلك الليلة المباركة ، احتفلت السماء والأرض بعرس شهيد بطل من أولئك الفتية المؤمنين ، هو الشهيد البطل " مجاهد شحادة " ، الذي كان يسكن في خلّة الصوحة ، وكان عرساً ليس كأعراس الناس .. إنه عرسٌ ، شهوده ملائكة الرّحمن ، وأرواح الشهداء ، ورفقاء الجهاد من صحبة الأبرار ، وقلوب المؤمنين ، ودموع المحبين !!

وقد بدأ موكب عرسه من سور مسجد " عمر بن الخطاب " في خلّة الصوحة .. وعند شجرة زيتونة مباركة خرّ " مجاهد " ساجداً ، يروّيها بدمه الزكي الطاهر ! برصاص غادر من عدو لئيم كامن عند سور المسجد ، مترقباً مجيء الشبّان !!

وكان دور شاعرنا صالح تسجيل هذا الحدث بقصيدة رثاء لهذا الفتى الشهيد "مجاهد شحادة " ... فقال([9]) :

دربُ الـمـجاهد شائكٌ iiوطويل
بـل يرتضيه مجاهدٌ حمل iiاللّوا
فـإذا  أراد الله نـال iiشـهـادةً
أو أن يـعـودَ مُظفّراً قهرَ العِدا
فـيـنالُ  رضوان الإله بصدقه
لـكـن  مـنزلة الشهادة iiهُيّئت
فـهـو المُقامُ يضم صفوةَ iiأمّتي
بـاع  الإلـه شـبـابَهُ iiوحياته
*             *             ii*
الـمـسـجد الأقصى يئنُّ iiبقيده
حـمل اللواء "مجاهد" iiوصِحابُهُ
لـكـنّنا عُزْلٌ وغاصبُ iiأرضنا
وسـلاحُـنا  حجرٌ وهمّهُ مؤمِنٍ
حـجـرٌ  يـقاومُ مدفعاً iiوقذائفاً
فـاعْـجَبْ لمعركة تبايَنَ iiرميُها
لا لن يظلَّ على المَدى جبروتهم















لا يـرتـضيه العاجزُ iiالمهزولُ
والـحـسـنيان خيارُهُ iiالمقبول
وبـهـا  الشهيدُ مُكرَّمٌ iiموصول
ويـكـرُّ  أخرى فالجهاد iiطويل
فـي حـرب قوم دأبهم iiتضليل
لـلـمصطفَيْن  فليس ثمَّ iiهزيل
فـمـع الـنّبي شهيدنا iiالمقبول
أبـشـر "مـجاهدُ" فالإله iiكفيل
*             *             ii*
والـمـسـلـمون مخبَّلٌ iiوذليل
كـيـف الـقُـعودُ وإنّه iiلأُفول
مَـلـكَ الـسّـلاح وإنّه لمهولُ
ودعـاء  ربّ الـكون iiوالتهليل
يـا لـلـشّجاعةِ سرُّها iiالتنزيل
رَمْـيُ الرّصاص ورمْيُنا سجّيل
فالله  يـنـصُـرُ جُـنْدَهُ ويُديلُ

وإلى هؤلاء الأبطال " فرسان مرج الزهور " الذين سطّروا ملحمة جهادية خالدة أعادت إلى الأمة شيئاً من عزَّتها وكرامتها ، نظم شاعرنا صالح جرار قصيدة بعنوان : " صبراً أحبّتنا " ، قال فيها :

وأنـتمُ  ،يا ذوي الإيمان، iiفاصطبروا
لـعـلّ  إخـراجكم من قلب iiموطنكم
قـد أُخرج المصطفى من ساح iiكعبتِهِ
والله يـعـلـمُ أن الـنّـفـي iiأعنتكم
وارحـمـتـاهُ  لـكم ، أُبعدتُم iiسخطاً
أُبـعـدتـم عـن تُرابٍ فيه iiمغرِسُكمْ
أبـعـدتُـم عن غراس الدّار وا iiأسفا
أبـعـدتُـم عـن رحاب القدس iiأُمّكُمُ
أبعدتمُ عن ثرى الأقصى الذي iiشرُفَتْ
شُـدّت  إلـيـه رحالُ المسلمين iiكما
فـهـل  لـه من صلاح الدّين iiثانيةً؟
*                *                ii*
والآن يـا إخـوتي ، كونوا على iiثقةٍ
ونـحـن إخـوتكم –والله iiيحرسُكم-
نـدعـو  الـقدير بأسماءٍ له iiعَظُمتْ
وأن  يُـعـيـدَكُـمُ لـلأهل في iiشمَمٍ
وأنتِ يا قُدسُ ، يا مسرى النبيّ ، غداً
















فـالـصّبرُ جنتُكم في الموطن iiالعسر
هـو  الـبـشـير لعزّ الدين iiوالظّفر
فـكـان  إخـراجُـه درسـاً iiلمعتبر
لـكـنّ  حـكـمتَهُ تخفى على البشر
وذقـتُـمُ  المُرَّ من بؤسٍ ومن iiضَرَرِ
وغـرسُ  آبـائكم في سالف iiالعُصُر
كـيـف الـنَّماءُ لهذا الغرس والزَّهر
بـلا وداعٍ، فـعـيـشُ الأُمّ في iiكَدَر
أنـحـاؤُه بـإمـام الأنـجـم iiالزُّهُر
سُـلّـتْ  إلـيه سيوفُ الفتح iiوالظَفر
وهـل له بعد هذا الجدْب من iiمَطَرِ؟!
*                *                ii*
مـن أنّ صـبـركُم درْبٌ من iiالظّفَرِ
نـبقى على العهد في يُسْرٍ وفي iiعُسْر
ألاّ  يُـرى لـطـغاةِ الأرض من iiأثرِ
وتـلـبـس الدّارُ ما يحلو من iiالحِبَرِ
يُـؤذّن  النّصرُ في أقصاكِ، iiفانتظري
يـا نـصـرُ قـلْ للعزم أن iiيتكلّما
يـا نـصر إنّك في العرين iiمجاهدٌ
كـم  وقـعةٍ قد كنت فارس iiساحها
عـمـلٌ  بـلا قول ، فتلك iiشريعة
صـبـراً أخـي فـإنّ أجرك iiدائمٌ
فـلـقد ظفرتَ أبا صهيب iiبالرِّضا
رضـوانُ ربّـك غـاية نسعى iiلها
فاصبر كصبر السّائرين على الهدى







عَـيـيَ  الـلّـسان فلا يجيدُ تكلُّما
فـلِـواكَ  يـبقى في الجهاد iiمقدّما
كـم  خـطّـةٍ قد كنت فيها iiالملهما
نـزلـت بها الآيات من ربّ iiالسّما
صـبـراً أخـي فأنت نلتَ iiالمغنما
بـجـهـادِكَ  المحتل ذاك المجرما
مـهـمـا  ألـمّ بـنا ومهما iiأبرما
مـن قـبـلـنا كيما تظلّ iiالأحزما
سـكـت  البيانُ فلا يقولُ iiقصيدا
هو قولُ ربّي في الشهيد وقد iiنضا
لا تحسَبَنْهُ الميْتَ في جوف الثّرى
هو  في مقام الصّدق ينعمُ iiبالرّضا
هـو  ذا نـزيـهٌ ، ثم قيسٌ iiبعدَهُ
هو  ذا نزيهٌ ، والصّحابُ iiجميعهُم
حـبّاتُه  الشّهداءُ في ساح iiالوغى
*              *              ii*
فـلـئِن  بَكَتْ عيني نزيهاً ، iiإنها
تـبـكـي  مُحيّا أشرقتْ iiقسماتُه
تـبـكـي رفـيقاً في أداء iiمهمَّةٍ
مـا إنْ تـرجَّلَ عن جواد iiعطائِه











فـلـقـد تـلا قـولاً أغرّ iiمجيدا
ثـوب الـحـياة مجاهداً iiصِنْديدا
فـهـو  الـذي مُنِحَ الحياةَ iiخلودا
مُـتـهـلّـلاً يـلقى النبي iiسعيدا
وأبـو صُهيبٍ ، قد لقوا iiالموعودا
أفـلا  تـرى عِقداً أغرّ iiنضيدا؟!
والـحـمزةُ  المغوارُ زان iiالجيدا
*              *              ii*
تـبـكـي الوفاء وفعلَهُ iiالمحمودا
كـشـروق  إيـمان يُظِلُّ سجودا
فـي  مـعهد الإيمان يقطُر iiجودا
حتى  ارتقى عرش الجِنان iiخلودا

شاعرٌ أبّ

إنّ حديث شاعرنا عن ولده إسلام حديث طويل .. طفلاً ، ويافعاً ، وشابّاً ، والذكريات عن هذا الابن حلوها ومرّها عديدة في المنزل وفي كل مكان حلّ فيه وكل بقعة شهدت آماله وآلامه .. فإسلام شابٌّ في مقتبل العمر ، وفي ريعان الشباب .. شاب نشأ وتربى في بيت التزم الإسلام عقيدة وسلوكا ومنهجاً في الحياة ، فكان نعم الابن لأب أديب صالح ..

هذا هو إسلام .. شاب مؤمن خلص إيمانه من كل شائبة ، وتحرّرت نفسه من كل خوف .. شابٌّ وطّن نفسه على الصبر والتضحية ، وثبت على طريق الحق ، وأقبل على سلعة الله الغالية ، وأخلص النّية وربأ بنفسه أن يكون مع الغاوين .

وقضى الله سبحانه بأن يقع إسلام أسيراً في أيدي الأعداء الصهاينة ، وذلك في 16/8/2002م .. أما والده الوقور ، المؤمن الصابر ، الذي لا يعرف اليأس ، وإنما ينتظر إشراقة الفجر ، فقد احتسب وصبر . ولما اشتد به الحنين إلى ولده الأسير ، وإلى إخوانه من الشباب الذين دافعوا عن وطنهم وأمتهم ، نظم قصيدة بعنوان "حصاد عُمْر" ضمّنها نجاوى فكره ، وذوب نفسه المحترقة . فكانت هذه القصيدة تعبيراً عن خلجات نفسه ، وتصويراً لومضات مشاعره وصدق عاطفته .. يقول فيها :

مَـنْـذا  الـذي تبكيه بعد فراقِهِ؟
مـنـذا الـذي ودّعت بعد iiغيابه
مـنـذا الذي قد غاب بعد iiرحيله
مـنـذا  الـذي يفديه كلُّ iiمجاهدٍ
هوَ أنتَ يا وطني ، ومعقِلَ عزّتي
كـم  من شهيد قد قضى من iiأجلِهِ
ومُـهَـجّـرٍ حُرِمَ الحياة iiبأرضه
كـم  مِـن أسـيرٍ راسفٍ iiبقيوده
حـمـل  الأمانة في الجهاد iiوإنّهُ








مَـنْذا  الذي ابيضّت له iiالعينان؟!
طِـيبَ  الحياةِ ، وعزّة iiالسلطان؟
صِـدْقُ الـوفاء، ومَنهلُ الظّمآن؟
بـالرّوح كي يبقى على iiالأزمان؟
هو  أنت يا أقصى ، وقلبَ iiكياني
كـم  مـن جـريحٍ خرّ iiكالبنيان
ومـشـرّدٍ  قـد تـاه في iiالبلدان
قـد خـانـه الأوغادُ في iiالميدان
يـبـغـي  حـياةً للثّرى الظمآن
أتُـرى تـعودُ إليَّ إسلامَ iiالنُّهى
أتـعـودُ يا إسلامُ تروي iiسمْعَنا
أتـعودُ  تمسحُ بالحنان iiجراحنا
أتـعـودُ كـلُّ الذّكريات حقيقةً
أنـا  بـالسّنين الغابراتِ iiمولَّهٌ
أنـا  بـالـعهود الخالياتِ مُتيّمٌ
حتى قضى الدّيّانُ أن نشقى iiبهم
*             *             *
مـنـذا سِواكَ إلهنا يَهَبُ iiالمُنى
لاهُـمَّ  قـد ماتَتْ شهامةُ ساسةٍ
لـم  يبقَ إلاّكَ الرّحيمُ فهبْ iiلنا










ببشاشةِ  الوجهِ الجميل الهاني ؟
بنَدَى  الحديث وطُرفة الشُّبان ii؟
أتـعـودُ  تُبْصِرُ بَدْرَكَ iiالعينان
وتُـنـيرُ بالجُبّ الجميل iiكياني
إذ أنتمُ في الحِضنِ نبضُ جَناني
والـوُلدُ حولي، والحَنينُ iiعناني
فـأصابهم  سهمُ الزمان iiالجاني
*             *             *
مـنـذا  يـخلّصنا من العُدوان
مـن  مسلمينَ ويَعْرُب iiالخُذلان
نـصـراً  يعزُّ به ذوو iiالإيمان
أنـا  ما ولدتُكَ ، يا بُنيَّ ، لكي تُعذَّب في iiالسّجونْ!!.
أنـا مـا ولدتُكَ ، يا بُنيَّ ، لكي تزيدَ ليَ الشّجون ii!!
*                        *                       ii*
أنـا ما غرستُ الوردَ في الأحشاءِ كي أجنيه iiشوكا!!
أنـا مـا حَيَيْتُ العيشَ في البستانِ كي أحياهُ ضنكا!!
*                        *                       ii*
كيف الطّـيورُ تطـيرُ، يا ولدي ، ولم تُؤتَ الجناحا؟
أنـت الـجـنـاح،بُـنيَّ، للشيخِ الذي لقيَ الجراحا!
مَـنْ  لـي لـمُرِّ العيش . يا إسلامُ؟هل ألقاكََ iiشهْدا؟
مَـن لـي إذا هـوجُ الرّياح تَهُبُّ ؟ هل ألقاكَ سَدّا ؟
*                        *                       ii*
إنّـي  انـتـظرتُ شبابك الرّيّانَ ، يا إسلامُ ، iiدَهْرا
كـيـمـا  أرى فـي روضك الأطيار تغريداً iiوذكرا
*                        *                       ii*
لـكـنّ ذا الـحـلـم الجميل ، مع الشروق ، تبخّرا
يـا أيـهـا الـحـلـمُ الجميلُ ، ألا تعودُ مُبشّرا ii؟!
*                        *                       ii*
أنـا  فـي انتظارك ، فلْتعُدْ بدراً يُنير ليَ الطريقْ !!
أنـا فـي انتظارِك، فلتكُن حبل النجاةِ لذي iiالغريق!!
*                        *                       ii*
وإذا  أراد  الله  أمــراً  لا مَــرَدَّ ولا iiهُــروبْ
نـحـن  الـعبادُ ، ورحمةُ الدّيّان ترجوها iiالقلوبْ!!
*                        *                       ii*
يـا  ربّ فـرّجْ كـربَـنـا ! وارْحَم إلهي ، iiضعفنا
أحـسـنْ خـلاصَ أحـبّـةٍ فـهـمُ منائرُ دَرْبنا ii!!
وأطـلّ  إطـلال الرّبيع بوجهه الحسن iiالجميلْ
تـتـلألأ  الأنـوارُ فـيه فلا غروب ولا iiأفولْ
مـا هـذه الأنـوار تـشرق رغم عدوان وبيلْ
هي  شمس إسلام البطولة ، شمس إيمان iiأصيل
هـي شمس مَنْ قهر الظلامَ بدرْبه النّكد الطويل
هي طلعة رقصت لها الأشواق في الحلم الجميل
وجـهٌ تـوضّـأ من عبير الذّكر فاتّضح iiالدّليل
هـذي  سـبـيل الحقّ للأحرار لا تسمع iiلقيل
مـن رام عـلّـيـين فلْيسلُك كما سلك الرّسول
*                     *                    ii*
أبُـنـيّ  ، لا تـحزن فهذا الكرب آخره iiظليل
أبُنيّ ، لا ندري تقادير الإله ولا خيار ولا iiبديل
فـلـتَـصْـبرَنّ على قضاء الله فالأجر iiجزيل
أبُـنـيّ ، إن عـزّ الـلقاء ففي النّعيم لنا مقيل
فـهـنـاك نسعدُ باللقاء الحلو في كنف iiالجليل
لـكـنّـنـي أدعـو الإلـه لقاءَنا قبل iiالرّحيل

    قصائد مختارة من شعره

  1

المسجد الأقصى .. مسجد مبارك تُشدُّ إليه الرّحال ، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .. أرضه أرض رباط ، قضى الله سبحانه وتعالى بتقديسها ، وبارك فيها وفيما حولها .. هذا المسجد أكرمه الله تعالى بكرامات لم يُكرمها مسجداً غيره .. فمن صخرته الشّمّاء عرج رسولنا r إلى السّماء ، وعلى أرضه المباركة أمّ محمد r الأنبياء ، وفي أروقة الأقصى وساحاته أقام الصحابة دروسهم وحلقاتهم لنشر الإسلام في بلاد الشام ، ومن السّنن الجليلة التي دأب الصحابة على القيام بها ، الإكثار من زيارة الأقصى ، والإهلال منه بعمرة ..

هذه الأرض المباركة تآمر عليها الأعداء على مرّ الأيّام والسنين .. وفي عام 1967م وقع الأقصى أسيراً في يد يهود ، فعاثوا في حرمه الفساد ، وقاموا بإحراقه ، وأخذوا يتآمرون لهدم بنيانه لإقامة هيكلهم المزعوم ..

وكان للشعراء الإسلاميين دور محمود في الدّفاع عن هذا الصرح المقدس ، وإثارة الهمم لإنقاذه .. ومن هذا الدور قصيدة شاعرنا صالح التي نظمها في 21/5/1990م ، بعنوان : " إيه يا أقصى "

أبيات القصيدة ([10])

إيـه  يـا أقصى فما أقسى iiالبليّة
عَـجَزَ الوحشُ عن البطش iiالذي
طُـغَـمـةُ الكفرِ التي ما iiعَرَفت
أرْجَـعَـت عـهدَ "هُلاكو" iiلابساً
زرعـوهـا  فـي فلسطين وهل
هـم  أقـامـوهـا على iiأشلائنا
سـرطـانٌ هـيَ فـي iiمَـقدِسِنا
آخـذٌ فـي الـمـدِّ لا iiيـوقِـفُهُ
فـقُـصُورُ  العُرْبِ غشّاها iiالخَنا
مَـلأتْ أيـامَـهـا – يا ويليها-
*              *             ii*
إنّ هـذا الـدّاءَ لا iiيَـحْـسِـمُهُ
إنّـه  الـقُـرآنُ يَـبْـنـي iiأمّةً
إنّـه الـقـرآنُ يُـعـلـي iiرايةً
فـأجـيـبـوا  داعـيَ الله iiلكي
اسـألـوا التاريخَ عن عزٍّ iiمَضى
فـاخـلعوا يا قوم ، أثوابَ iiالخَنا
لا  تـكـونـوا مِـن هوانٍ iiوتداً
*              *             ii*
أيّـهـا  الـسـاسـةُ مـن أمّتنا
أنْـشَـبُـوا  المِخْلبَ في أحشائِنا
خَـلَـتْ  الـسَـاحة من مُعتصمٍ
غـيـرَ فـتـيـانٍ تنادوا iiللفداء
لـيـس فـي الـجُعْبةِ إلاّ iiحجرٌ
فـاسـألـوا  غزّةَ عن جيلِ الفدا
اسْـألـوا  كُـلَّ بـلادي عـنهمُ
بـذلـوا  الـرُّوحَ لـيحيا iiشعْبُنا
*              *             ii*
أيّـهـا  الـسـاسـة مـن أمّتنا
إيـهِ  يـا أقصى ، فهل iiأسْمَعتَهُمْ
إيـهِ يـا أقـصـى فهل iiحَدّثتَهم
إيـهِ يـا أقـصى ، فهل خَبّرتَهُمْ
إيـهِ  يـا أقـصى ، فهل أنبأتَهُم
كـم ألـوفٍ جُرِّعوا كأسَ iiالردى
وبـيـوتٍ أُخْـمِـدَت iiأنـفاسُها
يـا  لـهـا مـجزرةً قد iiصَعَقتْ
أيُّ  صَـخْـرٍ صنع القلبَ iiالذي
أيـهـا  الـمـجرم لن تنجوَ مِن
لـك يـوم فـيـه تـجني iiعلقماً






































فَـنُـيـوبُ  الغَدر ما أبقت iiبقيّهْ
مـارسـسَتْه طَغْمةُ الخَصم الدّنيهْ
غـيـر أحـقادٍ على خَيَرِ iiالبريّهْ
كـلَّ  زيـفٍ مِـن خداعِ المدنيّه
يََـزْرع  الـمجرمُ إلاّ الهَمجيّهْ ii؟
فـتـمـزّقْـنا ، ومِن غيرِ iiهَويّهْ
يَـبْـعـثُ الهولَ وأطيافَ المنيّهْ
أيُّ طـبٍّ فـي القصورِ iiالعربيّهْ
فـتـبـاهـتْ بـهَـوان التَبعيّهْ
بـفـجـورٍ  وفُـسوقِ iiالجاهليّهْ
*              *             ii*
غـيـرُ طِبٍّ يصْنَعُ النّفْسَ الأبيّهْ
تـسْـحَقُ الباطلَ والنّفس iiالغويّهْ
لـبني الإسلام في القدس iiالشجيّهْ
تـصـنعوا النّصرَ وأمجاداً iiعليّهْ
فـعـلامَ  الـيومَ ترضَون iiالدنيّهْ
والْـبـسـوا لـلـعزِّ أثواباً نقيّهْ
لا  تـكـونـوا لبني الكفرِ مَطيّهْ
*              *             ii*
طُـغْـمـةُ الكفرِ ، ذئابٌ iiبَشَريّهْ
ثـم  هـاجـوا برؤوسٍ iiبَرْبَريّهْ
يَـدفعُ  المكروه عن طُهْر iiالزّكيّهْ
وبـأيـديـهـم كـتابٌ iiوَوَصيّهْ
تـقـذفَ  الـخصمَ به كفٌّ iiأبيّهْ
فـي فـلـسطينَ وأرضٍ مَقْدسيّهْ
فـهـمُ الـرايةُ في جيلِ iiالقضيّهْ
في  ظِلالِ العزِّ والأرضِ iiالسخيّهْ
*              *             ii*
هل سَمِعْتم صَرْخة الأقصى العليّهْ
شَـهْقةَ  الطفلِ على صَدْرِ iiالوفيّهْ
عـن ضـحـايـانا وأجيالٍ فتيّهْ
كـيـف  قادَ العِلجُ للسِّجنِ iiصبيّهْ
كـيـف  ذاقَ الأهلُ ألوانَ المنيّهْ
بِـيـدِ الأوغـاد ، أشرارِ iiالبريّهْ
بـيـدِ الإجـرامِ ، يا هولَ iiالبليّهْ
كُـلَّ  راءٍ بـعـيـون iiالآدمـيّهْ
رضـيَ الـتمزيق للنفْسِ iiالزكيّهْ
قـبـضـةِ  اللهِ وأبـناءِ iiالقضيّهْ
ونـجـازيـك  على قدْر iiالرّزيّهْ

   قصائد مختارة من شعره

  2

المتتبّع لحركة أمّتنا عبر تاريخها الطويل يلاحظ أنّ قوّتها الكامنة تظهر على شكل انفجارات عاصفة تعصف بحالات الوهن والإعياء ، وتلقي عن كاهلها أشكال الظلم والاستبداد .. وهذه الميزة في الأمة الإسلامية لا تتوافر في غيرها لارتباطها بكتاب الله تعالى وقدرته المعجزة على بعث الحياة في موات النفوس ..

هذه القوّة الكامنة ظهرت في أرض الإسراء والمعراج ، عندما قامت الانتفاضة العارمة والثورة الشاملة التي شهدتها ساحة الصراع في أرضنا المباركة .. فكانت ثورة شاملة أيقظت النيام وحركت الغافلين ، وهزّت من نكصوا على أعقابهم وغدروا بالقضية .. هذه الثورة انطلقت من عرين غزة ، وعلت صيحتها فوق صخرة القدس ، وتأججت نارها في جبل النار ، وثارت ثائرتها في مثلث الرّعب ، وعمّت أرجاء فلسطين من أقصاها إلى أقصاها .. ثورة خطّط لها العلماء ، وقادها الشباب ، وأشعل فتيلها الفتيان ، وهتف لها الشيوخ ، وزغردت لها النساء .. إنها عزيمة من عزمات الإيمان ، وحالة من حالات النضج الجهادي الذي هو نوع من التجديد لشباب الأمة..

وهذه القصيدة نظمها الشاعر صالح جرّار – ابن جبل النار – في 15/10/1988م، ووجهها إلى فتيان الحجارة الذين فجّروا هذه القوّة ، وسطروا أسطورة المجد لأمتنا في هذا الزمان ، وردّوها إلى نهجها الأصيل ، وقادوها نحو غايتها النبيلة .

    أبيات القصيدة ([11])

تـلـفّـت  الدهرُ في زهْوٍ iiفحّياني
وراح يَـنْـظُرُ في سِفْرِ الخلودِ iiفما
عـنـوانـي  القمة الشَّمَّاءُ iiتعْشقُها
قـد سـطَّـر الدهرُ عنواني وزّينهُ
حـروفُـهُ مِن دَم الأبطالِ قد iiكُتبتْ
*               *               *
يـا مَـن تُؤرِّخُ أمجادَ الشعوب iiألا
فـالـظـلـمُ  فجّر بركاني وأطلقَهُ
كـم  عشتُ في بلدي حُرّاً بلا iiكدَر
حـتـى أتتْ دُولُ الطغيان iiتسلُبني
وتـدّعـي أنّـهـا لـلحقِّ iiحارسةٌ
فذي بلادي ، بقهر الحقّ ، قد سُلِبتْ
يـا  وَيـلهم مَزّقوا أهلي iiوموطنهم
*               *               *
هـذي فـلسطينُ نارَ البغي iiتُحرقُها
عـاد الـتـتارُ ولكن لا أرى قُطزاً
يـا  لـيـتَ مـعتصماً بالله iiتبلُغُهُ
يـا  ليتَ فينا صلاحَ الدينِ iiممتطياً
مـا  بـالُ قومي قد سدّوا iiمسامعهمْ
مـا بـالـهم فقدوا ميراثَ iiنخوتِهم
*               *               *
لا تـدّعوا أنَّ سيفَ البطشِ iiأفسدكمْ
هذي  انتفاضة شعبي ذروة iiشمختْ
تلك البطولات في الأقصى iiوجيرتهِ
مـن ذا رأى الفتية الأبطال iiتدهمُهمْ
مُـدَجـجـيـن سلاحَ الفتك iiتأكلهم
لـكـن  فِـتْـيتنا الأبطال في هِممَ
فـتيانُنا  في حِمى الرحمان iiثورتُهم
*               *               *
سـلاحُـهم حجرٌ من قُدْسِ iiأرضِهِمُ
يـا  لـلـحجارةِ ترميها iiسواعدُهم
تـناوبوا  الرميَ حتى كنتُ أحسبُهم
هـذا  يُـلـوّح بـالمقلاع iiمنتظراً
وهـذه امـرأةٌ مـن فـوق iiمنزِلها
وذا فـتـىً في زُقاق الحيِّ iiمرتقبٌ
أيـن  التفتَ رأيتَ الشعبَ iiمنتفضاً
هـذي  فـلسطينُ قد ماجتْ مدائنَها
فـسلْ "جنين" وسل شتى iiشوارِعِها
وسـائل  القدس أقصاها iiوصرختَها
وطـفْ  بـنـابُلُسٍ وأذكر بلاطتَها
فـيها  العجائبُ يرويها لكم iiحَجَري
أحـجـارُنـا  بجناحِ الحقِّ iiنَطْلقُها
أحـجـارُنا  باركَ الرحمان iiرميتَها
فـقل لمن يدّعي الأمجادَ من iiعَرَبٍ
فـحّـبـذا  الـمجدُ تبْنيه iiسواعدُنا












































أنـا الـمـدافع عن ديني وأوطاني
تـبـيّـن  الدهرُ فيه غيرَ iiعُنواني
كـلُّ  الـنسورِ!فَمن يرضى بقيعانِ
بـهـالـةِ  الـنورِ من آيات iiقرآنِ
هـل يُـكتبُ المجدُ إلاّ بالدمِ iiالقاني
*               *               *
تُـلقي عصاكَ لدى ثورات iiبركاني
كيف  السكوت على تحطيم iiأركاني
أعـانـقُ النورَ في حقلي iiوبُستاني
حـقَّ الـحياة على أرضي iiوبُلداني
مَـن  ذا يصدِّقُ قول الظالم iiالجاني
وسـلـمّـوهـا  لـشذاذٍ وقُرصانِ
والعرْبُ  لا هون في أكناف شيطانِ
*               *               *
أمـالـهـا نـجدةٌ من غيثِ iiعدنانِ
هل  أقفر العُرْبُ من راعٍ iiلأوطاني
هـذي  الـنـداءاتُ مِن أُمٍّ iiوفتيانِ
خـيـلَ  الجهادِ لفكّ المسجدِ العاني
واغـمضوا العينَ عن إنجادِ iiإخوانِ
فـاستعذبوا  العيشَ في ذلِّ iiوطُغيانِ
*               *               *
فـدونـكـم في بلادي ألف iiبرهانِ
تَـرَبَّـع الـمـجدُ أعلاها iiبسلطانِ
هـلاّ  رفـعـتم لها راياتِ iiعرفانِ
عـصابةُ الهُودِ من قاصٍ ومن iiدانِ
نـارٌ مـن الـحِقد تشبو مُنذُ أزمانِ
مـثـلُ  الجبالِ ، فإنَّ العزمَ iiربّاني
شـتّـانَ مـا بين رحمانٍ iiوشيطانِ
*               *               *
وسـاعـدٌ قـد نـما في ظِلِّ إيمان
فـتـسـتـحيلُ  كمقذوفات iiبُركانِ
طـيراً  أبابيل ترمي جيش iiعدوان
جـمـعَ  الـيـهودِ فيرميهم iiبإتقانِ
تـفـاجيءُ الهودَ إن لاذوا iiبجدرانِ
بالمولوتوف لحرق الخصم iiوالجاني
مـثلَ  النسورِ !! فهل نسرٌ iiكبِغثانِ
وذي قُـراهـا تـبدّت مثلَ iiطوفانِ
كم  من شهيدٍ قضى في صدِّ iiعدوانِ
وغـزّةَ  الأمَّ عـن أمـجـاد شُبّانِ
كـذا  الـخليلُ وما ضّمتهُ iiأوطاني
فـيها  البطولات هزّت كُلَّ iiطُغيانِ
فـأيـن مـن حَـقِّنا أهواءُ شيطانِ
وَرَمْـيَـةُ الـحـقِّ تعلو كُلَّ iiبُهتانِ
تـعـلّـموا المجدَ من أحجارِ iiفتيانِ
وتـعـتـلـي فـوقَهُ راياتُ iiقُرآنِ

 قصائد مختارة من شعره

  3

إننا نعيش في زمن طغت فيه حضارة الغرب على حضارة الإسلام .. حضارة الغرب التي تعتمد المادة أساساً لقيمها ، وتهتم بتغذية الجسد والنّفس ، وتنحرف بهما إلى المتع والشهوات .. أما حضارة الإسلام فتقوم على التوازن بين حاجات الرّوح والجسد والعقل ، وتعتبر الطهارة ، وتزكية الأنفس ، وتهذيب الأخلاق أُسُساً رئيسية من قيمها ..

وشاعرنا صالح الذي عاش حياته معلّماً ومربيّاً وموجّهاً للشباب ، كان له دور كبير في توجيه الأجيال التي درّسها وربّاها على الفضيلة وغرس فيها الأخلاق القويمة .. ومن توجيهاته الكريمة ، هذه القصيدة التي نظمها في 14/1/1986م ، لتنبيه المسلمين إلى شرور هذه الحضارة الزائفة ..

أبيات القصيدة ([12])

هـذي  الـحضارةُ في أدنى iiمعانيها
تُـقـيـمُ  لـلـجسم سلطاناً iiوهيمنةً
وآزرتْـهـا نـفـوسٌ ضلَّ iiهاجسُها
*                *               ii*
وشِـقوةُ  الناسِ ، مُذْ كانوا ، iiنفوسُهُمُ
بـئـس الـحـياةُ إذا كانت iiتوجّهُها
فـتـسـتـحيلُ  حياةُ الناس مجزرةً
*                *               ii*
يـا  حسرتاه على الإنسان قد iiعَمِيَتْ
يعمى عن الرشد في القرآن وا أسفا!!
سَـمّـى  الـفواحشَ فنّا من iiسفاهته
وأيـن مـا كـان من أخلاق iiمؤمننا
وأيـن أجـنـحـةٌ طِـرنا بها iiشُهُبَاً
أيـن  الأُلـى حملوا القرآن في رَشَدٍ
هـمُ الأبـاةُ ، وربُّ الـكونِ أرسلهم
شـقّوا  الطريق ، ونورُ الله iiمرشدُهم
هـذا قـتـيبةُ،شرق الأرضِ حرّرهُ!
حـتـى اسـتـقام لهم ما شاء iiربّهُمُ
*                *               ii*
فـأين نحن من الماضي iiالمجيدِ؟وهل
خُـنّـا الأمـانة والأخلاق وا iiأسفا!!
*                *               ii*
لو  غيّر القومُ ما في النفسِ iiلانكشفتْ
وبُـدّلـوا  بـهـبوط العيشِ iiأجنحةٌ
فـبـالصلاحِ  يظلُّ القومُ في iiشمَمٍ!!
























تـعطي الجسومَ وتنسى جوهرا iiفيها!
وتـنـبـري  لعذاب الروح iiتشقيها!
فـزيّـنـت  في دهاءِ سُوءَ iiحاديها!
*                *               ii*
تـؤُزُّ أجـسـادهـم شـرّاً فتُرْديها!
تـلـك النفوسُ ، وقد نامت نواهيها!
ويـمـخُـرُ الشرُّ في شتى iiنواحيها!
*                *               ii*
مـنـه الـبصيرةُ وامتدتْ غواشيها!
ويُـبـصـر  الغيَّ في دنياه iiتنزيها!
وراح يـسـفـك طُهْرَ الغيدِ حاميها!
يـروي  طـهارتَها التاريخُ iiتنويها؟!
فـدانـت  الأرضُ قاصيها ودانيها؟!
فـعـمَّ  نـورُهُـمُ الدنيا وما iiفيها؟!
لـيغسلوا الأرضَ من أدران طاغيها!
وسُـنّـةُ الـمصطفى تجلو iiخوافيها!
وطارقُ  الفتحِ ،أرض الغرب يهديها!
مـن الأمـور!!تـعالى الله iiمُجريها!
*                *               ii*
صُـنّا  الأمانةَ؟أم ضاعت iiغواليها؟!
فـاجـتـاح دولتَنا الإعصارُ مُنْهيها!
*                *               ii*
هـذي الـمفاسدُ،وانجابت iiطواغيها!
تـسـمـو  بـأمّـتِنا،واللهُ راعيها!!
وبـالـذنـوب يُـذِلُّ الله iiجـانيها!!

              

المصادر والمراجع

1-  ديوان شعر بعنوان " رحلة الأيام " ، 1989م .

2-  ديوان شعر بعنوان " جهاد وشهادة " ، 1990م .

3-  مجموعة شعرية مخطوطة ، نشرها في عدد من الصحف .

4-  رسالة شخصية من الشاعر إلى المؤلف في 4/8/1991م .

10- مجلة الأدب الإسلامي – العدد التاسع عشر 1419هـ .

([1] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص44 .

([2] ) ديوان " جهاد وشهادة " ، ص 98 .

([3] ) ديوان مخطوط .

([4] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص88 .

([5] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص 102 .

([6] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص24 .

([7] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص9 .

([8] ) ديوان " جهاد وشهادة " ص80 .

([9] ) ديوان " جهاد وشهادة " ، ص24 .

([10] ) ديوان " جهاد وشهادة " ، ص61 – 65 .

([11]) ديوان " جهاد وشهادة " ، ص8 – 13 . .

([12]) مجلة الأدب الإسلامي – العدد التاسع عشر – 1419هـ ، ص96 وديوان " رحلة الأيام " ، ص19-23 .