صالح جرّار
(1350 هـ–....) (1931–....)
صالح محمد جرار/جنين فلسطين |
حسني جرار |
* تقديم
* حياته ودراسته
* آثاره الأدبية والعلمية
* شعره
*نكبة فلسطين في شعره
* شاعر أبّ
*قصائد مختارة من شعره
تقديم
صالح جرّار أديبٌ ومُربّ من روّاد التربية والتعليم في الأردن وفلسطين .. وشاعر وطني إسلامي حمل قضية وطنه فلسطين ودافع عنها ، ونظم معظم أشعاره فيها ، وشجّع الشباب على مقاومة الغزاة الذين اغتصبوا أرض فلسطين وأشاعوا فيها الفساد..
حياته ودراسته
ولد الأستاذ صالح بن محمد بن محمود جرّار سنة 1931م في قرية " برقين " التابعة لمحافظة جنين بفلسطين ، ونشأ في أسرة ريفية متدّينة .. وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة القرية ، والثانوي في مدرسة جنين الثانوية ، ونال شهادة الدراسة الثانوية عام 1950م . وعمل معلماً في وزارة التربية والتعليم الأردنية من سنة 1951 – سنة 1981 ، كما عمل أمين مكتبة في مدارس تلك الوزارة . وحصل في أثناء عمله على شهادة الليسانس في اللغة العربية من جامعة بيروت العربية سنة 1975م بتقدير " جيد جداً " . كما حصل على مؤهلات في التربية والتعليم ، وفي علم المكتبات..
وبعد تقاعده من العمل بوزارة التربية والتعليم ، عمل معلماً في ثانوية جنين الشرعية ، وعمل مدرساً للغة العربية في مدرسة الإيمان التابعة للجنة زكاة جنين .
آثاره الأدبية والعلمية
1- ديوان شعر بعنوان " رحلة الأيام " ، صدر عام 1410هـ - 1989م .
2-ديوان شعر بعنوان " جهاد وشهادة " ، صدر عام 1411هـ - 1990م .. سجّل فيه جوانب مشرفة من بطولة وجهاد الأهل في فلسطين ، وبخاصّة بطولة الفتية المؤمنين .
3- مجموعة شعرية مخطوطة ، نشرها في عدد من الصحف في الضفة الغربية، والبلدان العربية ، منها صحيفة " هدي الإسلام " و " النهار " و " الدستور" الأردنية، وصحيفة " الشهاب " و " المجتمع " اللبنانية ، و" المنتدى " الخليجية ، و "الصراط " ، و " صوت الحق " ، و " الحرية " الصادرة في الأرض المحتلة عام 1948م.
4- كتاب مخطوط في علم المكتبات ، بعنوان " وقل ربِّ زدني علماً " .
5- كتاب مخطوط بعنوان " مقالات ورسائل أدبية " .
شعره
الأستاذ صالح شاعر ملتزم بالإسلام في حياته وسلوكه ، وفي تربيته لأسرته وتلاميذه .. شاعر أحب الشعر ونظمه ، وجعل منه وسيلة للدفاع عن وطنه وأمّته .. نظمه في مجالات عدّة ، في مقدّمتها الدعوة إلى الإسلام وحض الشباب عن الالتزام بتعاليمه .. ونظمه في المناسبات الإسلامية ، في ذكرى المولد النبوي الشريف ، وفي ذكرى الإسراء والمعراج وغيرها .. ونظمه في أحداث العالم العربي والإسلامي ، وفي مآسي المسلمين المعاصرة .. ونظمه في أمور الحياة والسلوك الاجتماعي الذي يمارسه الناس في حياتهم اليومية .. وكان لفلسطين وطن الشاعر النصيب الأوفى من شعره ، وكان للنكبات التي حلّت بها ، وللجهاد الذي خاضه شبابها ، الكثير من شعره .. وقد رسم في شعره صورة صادقة لحياة أبناء جنين وأبناء فلسطين الذين وقفوا في وجه المحتل الغاصب ، وتحمّلوا الأذى والاعتقال والتعذيب والاستشهاد دفاعاً عن أرض الرّباط .. وكانت له مساهمات ومشاركات شعرية وتربوية في جنين وغيرها في الأحداث والمناسبات الوطنية والاجتماعية ..
وكان لشعره دور في تجديد الهمم ، وتثبيت العزائم ، والحث على المكرمات ، والحضّ على الجهاد ، والدّفاع عن المقدّسات ..
انطلق شعره من تصوّره الإسلامي ، ومن فهمه لرسالة الشعر . .فهو يرى أن الشاعر المسلم لا بد أن يسخّر شعره في سبيل دعوة الإسلام ، وأن يذبَّ بشعره وبيانه عن عقيدته ودينه ، وعن قِيَمِهِ ومُثُلِه ، وعن فضائله وأخلاقه ، وأن يرعى الفطرة السليمة ونقاءها ، والوجدان الطاهر وبهاءه ..
استمع إليه وهو يصف الشباب الذين تربّوا على الإسلام ، والتزموا هدي القرآن، فقد نظم لهم قصيدة بعنوان " شباب الإسلام " ، وألقاها في احتفال أُقيم في مسجد جنين الكبير سنة 1407هـ ، لتكريم الطلاب المتفوقين الذين أنهوا الدراسة الثانوية في تلك السّنة ، وقد ألقى ولدُ الشاعر كلمة الطلاب إذ كان الأول في لواء جنين ومن العشرة الأوائل في الضفة الغربية ..
يقول شاعرنا في تلك القصيدة([1]) :
ألا إنّ الـهـداية في كتابٍ ألا يا ذا الجلال وذا العطايا فحين سألتُ ربَّي عِزّ ديني فـها إنّي أرى غُرّاً كِراماً أراهُـمْ يرفعون لواء دينٍ أراهم يرتدون ثياب طُهْرٍ تـراهُم يحملون العلمَ نوراً وغايتُهم رضا الرّحمان حقاً فـهيّا يا فتى الإسلام سَجِّلْ | بـه عَزَّ الأوائلُ بِبابِكَ قدْ وقفْتُ فهلْ أُجابُ؟ إذا هذا الشبابُ هو الجوابُ مـن الشُّبّان جمّعَهُمْ كتابُ هو الإسلامُ ما فيهِ ارْتيابُ وغـيـرْهمُ تُتَيّمهُ الكَعابُ ونـورُ العِلْم للدُّنيا شهابُ وأُسْوتُهم من الرُّسل اللُّبابُ بـأنّ الحقَّ يحميه الشّبابُ | والجَنابُ
ألا إنّ الـمـشُوقَ بلا جَناحِ فـعـالـج نار شَوْقِكَ باصطبارٍ عـلـى تقوى الإله بنوكَ شبّوا فَـدَعْـهُـمْ يـطلبوا العِلْمَ بِجدٍّ ألا فـلْـتـصْـبِرَنّ على فراقٍ فـمـا خُـلِق الشّبابُ لغير عِلْمٍ ألا فـاصْبِرْ ، فإنّ الصّبْرَ دِرْعٌ بـذكْـرِ الله عَـالِـجْ نارَ شَوْقٍ ولا تـجـزع فـفـي كَبَدٍ خُلِقْنا | !!ْفأقْصِرْ ، ياحنينُ ، عن الجماحِ ! ودَعْ لـلـه أَمْرَ ذوي الصَّلاحِ! وتـقـوى الله عُـنوانُ الفلاحِ ! وبـعـدَ الـجِـدِّ أفراح النجاح فـإنّ الـغـائـبـين لَفي كِفاحِ وتـحـقـيـقٍ لآمـالٍ فِـساح تُـحَـطّـمُ دونـها صُمُّ الرّماح فـذكـرُ الله طِـبٌّ لـلـجراح ولـم نُـخْـلَـق لِلَهْوٍ أو مِزاح |
يـا ويحكُمْ ! حتى لسانُ ذاكَ اللّسانُ لسانُ وحْي إلهكم!! قـرآنـكـم بـلسانكم مُتَنّزل عـربية صفحاتُ مجد تراثكم مـاعـزّ أقـوامٌ بموت لسانهم | نبيّكمأضـحى غريباً دائم لا تـهـجـروهُ ففيه عِزُّ حياةِ هذا – لعمري – أعظم النّفحات هـيا احفظوها رغم أنف دُعاةِ فـلِـسـانـكُم رمزٌ لكلِّ ثبات | الحَسَرات
مـا كـنـتُ أنسى جُهدَكَ كـم زهرةٍ في الرّوْض فاحَ أريجُها "شـوقـي" أصابَ بقوله في حقكم حـقّـاً فـإنـك يـا مُـعلِّمُ باعِثٌ كـم عـالِـم قـد كُنتَ ناسِجَ مجْدِهِ كَـمْ قـائِـدٍ ! كم صانِع ! كم مُنْتجٍ لـولا الـمـعلّمُ ما انْبَرَتْ أقمارُهُم هـذي الحضارَةُ أنتَ باعِثُ خيْرها بـورِكْـتَ يـا عـزْمَ المعلِّم بانياً سيظلُّ قدْرُكَ في القُلوب على المدى | المبذولافـي بـعـث أجيالٍ تكونُ بـجـهـود جَـنّـانٍ يـكدُّ طويلاً كـادَ الـمُـعـلّمُ أن يكون رسولا فـي الـنـاس خُلقاً طيّباً وعُقولا.. مـن خـيـط عُمْرِك تبتغيه جليلا صَـنَـعـوا بـجُـهدِكَ أمّةً وقبيلا تـغـزو السّماء لتكشفَ المجهولا مـا اسْـترشدوك وجُنِّبوا التضليلا هـذي الـنُّفوس على الهُدى تنزيلا نـوراً يُـشـعْـشِعُ بُكْرَةً وأصيلا | عُدولا
أُمّـاهُ يـا قـلـبَ الحياة وخير هادٍ المجدُ قد ضلَّ الطريق فهل أضأتِ له المنارا؟ قـد لـفّه اللّيلُ البهيمُ فهل بَعَثتِ له النّهارا ؟ قد كان حِجْركِ صانعَ الأمجاد عزّاً وازدهارا فـعـلامَ يـبدو مجدنا وكأنّه طيفٌ توارى ؟ هـلاّ سلكتِ سبيلَ أُختكِ حين عَزّ القومُ دارا هـيّـا فـغـذّي الطّفلَ بالإيمان تَلْقيهِ المنارا هـيّـا فـحِـجْرُ الأُمّ يبعثُ للعلا نوراً ونارا | للحيارى
.وللأستاذ صالح شعر اجتماعي جميل ، فيه لمسات إنسانية ، وتوجيه تربوي .. نظمه في أمور الحياة وفي السلوك الإجتماعي الذي مارسه ويمارسه الناس في حياتهم اليومية .. ومن ذلك قصيدته التي بعنوان " وداع الأبناء " .. والأبناء هبة من الله للإنسان ، وهم ثمرة الحياة ، ومعقد الآمال .. والأبّوة رحمة وعطف وحنان .. ويشاء الله سبحانه أن يسافر أبناء شاعرنا جميعاً في منتصف عام 1977م سفراً طويلاً، ويبقى صالح في جنين وحيداً .. فجاءت هذه القصيدة تصويراً صادقاً لمشاعر الأبّوة ، ولتجمع إلى صدقها عذوبة اللفظ ويسر التعبير وجمال التصوير .. يقول شاعرنا في هذه القصيدة([6]) :
مـا كُنتُ أُحسَبُ أنّني مـا أنتِ يا أحداقُ إلاّ صِبْيَتي " فمحمّدٌ " عقلي وحبّةُ مُهجتي والرّوحُ "نِسْرينٌ" أعيش بِسِّرها كـيفَ الحياةُ تكونُ بعد فِراقِهمْ مـا كـان يومُ البَيْن إلا طعْنَةً | سأُلاقيمـسَّ الجُنون بِفُرْقَة وبـحُـبّهم يجري دمُ الأعراق وكـذاكَ "إسـلامٌ" دم الـخَفّاق وَهُمو الوديعةُ في حِمى الخَلاّق أيـعـيشُ إنسانٌ بلا أرزاقِ ؟ نـجلاءَ قد نَفَذَت إلى الأعماق | الأحداقِ
لا حولَ لي يا قومُ في هذا الجوى رُبّـوا عـلـى حبّ الإله وهديه فـهـمُ الـكـبـارُ بفهمهم لكنّهم أنـسـى بهم همّ الحياة وضيقها | فـلـقـد رُزقـتُ أحبّتي فـتـزيّـنـوا بمكارم الأخلاقِ مـا شـبّ أكبرهم عن الأطواق مـع أنّـهـم سيلٌ من الإرهاق | برواقِ
ركضوا إلى سيارة السَّفرِ البهيج نـاديـتُهم : مهلاً بَنيَّ!! فإنّني فَـهـلُمَّ أولادي! وخفقةِ مهجتي فَـلـثمتُهم!وضممتُهم!وشمَمتُهم! إن الـحـيـاة تعاسةٌ وبشاشةٌ ودّعـتُهم والنارُ تحرق مُهجتي | بـعَـيْـنِهم ، ولدَ يْهمُ مُـتـسـاقطٌ كتساقُطِ الأوراق أُحْـي الـفُـؤاد بضمّةٍ وعِناق وَذخـرْتُ ذلك في دم الأعْراق وكـذا الـحـياةُ تباعُدٌ وتلاق وتـركـتُهم في صُحْبة الخَلاّق | أرماقي
وفي ذكرى المولد النبوي الشريف نظم قصيدة عام 1408هـ قال فيها([7]) :
وُلِـدَ الـحـبيبُ محمدٌ وُلَدَ الذي غرَسَ الحياة فضائلاً وُلـدَ الذي لولاهُ ما خفقَت لنا هيّا اشكرُوا ربّ الوجود فإنّهُ صلّى عليكَ اللهُ يا عَلَمَ الهُدى قد شاء ربُّكَ أن تكون مبشّراً وحباكَ من خُلُق السَّماء رفيعها | ببهائِهِمـيلاد فجرٍ بعد طول واخـتطَّ دَرْبَ رشادها بِحراءِ هـذي القُلوبُ بخشية ورجاء رَحِـمَ الوُجودَ بسيّدِ الرُّحَماء مـا أَشْرقَت شمسٌ من العلياء لـلـمـؤمنين ومنذرَ السُّفهاء حتى عُرفت بأشرف الأسماءِ | رجاءِ
ذاكَ الـعـراقُ عـراقُ المجدِ مِـنـهُ الـرّشـيـدُ ومَنْ كانوا أئمتَنا لـبَّـيـكِ أُختاه ، قد أسْمَعْتِ ُعتصِماً فـكـان ما كانَ من فتحٍ ومن عَجَبٍ لا غـروَ أنـتـم بـنو أُسْدٍ غطارفةٍ قـد هـالَ أعـداءَنـا راياتُ مجدكُم حـتـى غـلـى بهمُ حقدُ القرون فما فـأجْـمـعـوا أمرهم ألا يروا شُهَباً فـشُـهْـبُ بـغدادَ لا تُبقي صهاينةً | والشِّيَمِذاكَ الـعـراق عـراق السّيف في السّلم والحرب،فاذكُرْ قَولَ معتَصِمِ: بالله ، مـنـتـصـراً لـلحقّ والقيم فـي عُـقْـرِ رومـيَّةِ الأوغاد واللّمَمِ فـفـي "جنين" لكم صولاتُ كُلِّ كمي فـلـم تـقـرّ لـهـم عـينٌ ولم تنمِ نـسوا صلاحاً ، وذي تكريتُ كالأجم فـي أفـق بـغدادَ تمحو وحشةَ الظُّلَمِ فـي ظلّ مسجدنا الأقصى وفي الحرم | والقَلَمِ
نكبة فلسطين في شعره
نظم قصيدة في أواخر عام 1977م بعنوان " انصروا الله تنالوا نصره " ، استنجد فيها بصلاح الدين محرّر القدس من الصليبيين ، فقال([8]) :
قمْ صلاح الدين لـم تـعُـدْ تخفق فيهِ دعـوة الـحقّ به قد لـم يعد منبرُكَ الهادي أحرقوه بلظى العدوان * * * قـمْ صلاح الدين أذّنْ ليس في العُرْبِ سوى هم يَرَوْن القبلة الأولى غـير أن القومَ هانوا لو تراهم قذفوا الأعداء لـو تـراهم حين جدَّ | فانظرْحالة الأقصى رايـةُ الـفتح المبينْ لـبست ثوب المنون تُـنـاجـيـه العيون والـحِـقِـد الـدّفين * * * لـجـهـادِ الـمعتدينْ هَمْهمةِ النّكسِ المهَين بـأيـدي الـكافرين وارتـضوا ذُلَّ السّنين بـالـقـول الرّصين الـجِـدُّ ولّوْا مدبرين | الحزينْ
وفي جنين تجمّع فتية التيّار الإسلامي ليلة الجمعة المباركة 13 ربيع الأول سنة 1410هـ الموافق 13/10/1989م ، للاحتفال بذكرى مولد المصطفى r ، تجمعوا في خلّة الصّوْحَة ، الحي الغربي الجنوبي من جنين ، متحدّين أوامر العدو بمنع التجوّل ، وقاموا باستعراض حماسي ، واستعدّوا لمواجهة العدو بالحجارة والزجاجات الفارغة .. فسمع البغاةُ صوتهم الشامخ ، فهرعوا لمواجهتهم بالسلاح الفتّاك .
وفي الساعة السابعة والربع من تلك الليلة المباركة ، احتفلت السماء والأرض بعرس شهيد بطل من أولئك الفتية المؤمنين ، هو الشهيد البطل " مجاهد شحادة " ، الذي كان يسكن في خلّة الصوحة ، وكان عرساً ليس كأعراس الناس .. إنه عرسٌ ، شهوده ملائكة الرّحمن ، وأرواح الشهداء ، ورفقاء الجهاد من صحبة الأبرار ، وقلوب المؤمنين ، ودموع المحبين !!
وقد بدأ موكب عرسه من سور مسجد " عمر بن الخطاب " في خلّة الصوحة .. وعند شجرة زيتونة مباركة خرّ " مجاهد " ساجداً ، يروّيها بدمه الزكي الطاهر ! برصاص غادر من عدو لئيم كامن عند سور المسجد ، مترقباً مجيء الشبّان !!
وكان دور شاعرنا صالح تسجيل هذا الحدث بقصيدة رثاء لهذا الفتى الشهيد "مجاهد شحادة " ... فقال([9]) :
دربُ الـمـجاهد شائكٌ بـل يرتضيه مجاهدٌ حمل اللّوا فـإذا أراد الله نـال شـهـادةً أو أن يـعـودَ مُظفّراً قهرَ العِدا فـيـنالُ رضوان الإله بصدقه لـكـن مـنزلة الشهادة هُيّئت فـهـو المُقامُ يضم صفوةَ أمّتي بـاع الإلـه شـبـابَهُ وحياته * * * الـمـسـجد الأقصى يئنُّ بقيده حـمل اللواء "مجاهد" وصِحابُهُ لـكـنّنا عُزْلٌ وغاصبُ أرضنا وسـلاحُـنا حجرٌ وهمّهُ مؤمِنٍ حـجـرٌ يـقاومُ مدفعاً وقذائفاً فـاعْـجَبْ لمعركة تبايَنَ رميُها لا لن يظلَّ على المَدى جبروتهم | وطويللا يـرتـضيه العاجزُ والـحـسـنيان خيارُهُ المقبول وبـهـا الشهيدُ مُكرَّمٌ موصول ويـكـرُّ أخرى فالجهاد طويل فـي حـرب قوم دأبهم تضليل لـلـمصطفَيْن فليس ثمَّ هزيل فـمـع الـنّبي شهيدنا المقبول أبـشـر "مـجاهدُ" فالإله كفيل * * * والـمـسـلـمون مخبَّلٌ وذليل كـيـف الـقُـعودُ وإنّه لأُفول مَـلـكَ الـسّـلاح وإنّه لمهولُ ودعـاء ربّ الـكون والتهليل يـا لـلـشّجاعةِ سرُّها التنزيل رَمْـيُ الرّصاص ورمْيُنا سجّيل فالله يـنـصُـرُ جُـنْدَهُ ويُديلُ | المهزولُ
وإلى هؤلاء الأبطال " فرسان مرج الزهور " الذين سطّروا ملحمة جهادية خالدة أعادت إلى الأمة شيئاً من عزَّتها وكرامتها ، نظم شاعرنا صالح جرار قصيدة بعنوان : " صبراً أحبّتنا " ، قال فيها :
وأنـتمُ ،يا ذوي الإيمان، لـعـلّ إخـراجكم من قلب موطنكم قـد أُخرج المصطفى من ساح كعبتِهِ والله يـعـلـمُ أن الـنّـفـي أعنتكم وارحـمـتـاهُ لـكم ، أُبعدتُم سخطاً أُبـعـدتـم عـن تُرابٍ فيه مغرِسُكمْ أبـعـدتُـم عن غراس الدّار وا أسفا أبـعـدتُـم عـن رحاب القدس أُمّكُمُ أبعدتمُ عن ثرى الأقصى الذي شرُفَتْ شُـدّت إلـيـه رحالُ المسلمين كما فـهـل لـه من صلاح الدّين ثانيةً؟ * * * والآن يـا إخـوتي ، كونوا على ثقةٍ ونـحـن إخـوتكم –والله يحرسُكم- نـدعـو الـقدير بأسماءٍ له عَظُمتْ وأن يُـعـيـدَكُـمُ لـلأهل في شمَمٍ وأنتِ يا قُدسُ ، يا مسرى النبيّ ، غداً | فاصطبروافـالـصّبرُ جنتُكم في الموطن هـو الـبـشـير لعزّ الدين والظّفر فـكـان إخـراجُـه درسـاً لمعتبر لـكـنّ حـكـمتَهُ تخفى على البشر وذقـتُـمُ المُرَّ من بؤسٍ ومن ضَرَرِ وغـرسُ آبـائكم في سالف العُصُر كـيـف الـنَّماءُ لهذا الغرس والزَّهر بـلا وداعٍ، فـعـيـشُ الأُمّ في كَدَر أنـحـاؤُه بـإمـام الأنـجـم الزُّهُر سُـلّـتْ إلـيه سيوفُ الفتح والظَفر وهـل له بعد هذا الجدْب من مَطَرِ؟! * * * مـن أنّ صـبـركُم درْبٌ من الظّفَرِ نـبقى على العهد في يُسْرٍ وفي عُسْر ألاّ يُـرى لـطـغاةِ الأرض من أثرِ وتـلـبـس الدّارُ ما يحلو من الحِبَرِ يُـؤذّن النّصرُ في أقصاكِ، فانتظري | العسر
يـا نـصـرُ قـلْ للعزم أن يـا نـصر إنّك في العرين مجاهدٌ كـم وقـعةٍ قد كنت فارس ساحها عـمـلٌ بـلا قول ، فتلك شريعة صـبـراً أخـي فـإنّ أجرك دائمٌ فـلـقد ظفرتَ أبا صهيب بالرِّضا رضـوانُ ربّـك غـاية نسعى لها فاصبر كصبر السّائرين على الهدى | يتكلّماعَـيـيَ الـلّـسان فلا يجيدُ تكلُّما فـلِـواكَ يـبقى في الجهاد مقدّما كـم خـطّـةٍ قد كنت فيها الملهما نـزلـت بها الآيات من ربّ السّما صـبـراً أخـي فأنت نلتَ المغنما بـجـهـادِكَ المحتل ذاك المجرما مـهـمـا ألـمّ بـنا ومهما أبرما مـن قـبـلـنا كيما تظلّ الأحزما |
سـكـت البيانُ فلا يقولُ هو قولُ ربّي في الشهيد وقد نضا لا تحسَبَنْهُ الميْتَ في جوف الثّرى هو في مقام الصّدق ينعمُ بالرّضا هـو ذا نـزيـهٌ ، ثم قيسٌ بعدَهُ هو ذا نزيهٌ ، والصّحابُ جميعهُم حـبّاتُه الشّهداءُ في ساح الوغى * * * فـلـئِن بَكَتْ عيني نزيهاً ، إنها تـبـكـي مُحيّا أشرقتْ قسماتُه تـبـكـي رفـيقاً في أداء مهمَّةٍ مـا إنْ تـرجَّلَ عن جواد عطائِه | قصيدافـلـقـد تـلا قـولاً أغرّ ثـوب الـحـياة مجاهداً صِنْديدا فـهـو الـذي مُنِحَ الحياةَ خلودا مُـتـهـلّـلاً يـلقى النبي سعيدا وأبـو صُهيبٍ ، قد لقوا الموعودا أفـلا تـرى عِقداً أغرّ نضيدا؟! والـحـمزةُ المغوارُ زان الجيدا * * * تـبـكـي الوفاء وفعلَهُ المحمودا كـشـروق إيـمان يُظِلُّ سجودا فـي مـعهد الإيمان يقطُر جودا حتى ارتقى عرش الجِنان خلودا | مجيدا
شاعرٌ أبّ
إنّ حديث شاعرنا عن ولده إسلام حديث طويل .. طفلاً ، ويافعاً ، وشابّاً ، والذكريات عن هذا الابن حلوها ومرّها عديدة في المنزل وفي كل مكان حلّ فيه وكل بقعة شهدت آماله وآلامه .. فإسلام شابٌّ في مقتبل العمر ، وفي ريعان الشباب .. شاب نشأ وتربى في بيت التزم الإسلام عقيدة وسلوكا ومنهجاً في الحياة ، فكان نعم الابن لأب أديب صالح ..
هذا هو إسلام .. شاب مؤمن خلص إيمانه من كل شائبة ، وتحرّرت نفسه من كل خوف .. شابٌّ وطّن نفسه على الصبر والتضحية ، وثبت على طريق الحق ، وأقبل على سلعة الله الغالية ، وأخلص النّية وربأ بنفسه أن يكون مع الغاوين .
وقضى الله سبحانه بأن يقع إسلام أسيراً في أيدي الأعداء الصهاينة ، وذلك في 16/8/2002م .. أما والده الوقور ، المؤمن الصابر ، الذي لا يعرف اليأس ، وإنما ينتظر إشراقة الفجر ، فقد احتسب وصبر . ولما اشتد به الحنين إلى ولده الأسير ، وإلى إخوانه من الشباب الذين دافعوا عن وطنهم وأمتهم ، نظم قصيدة بعنوان "حصاد عُمْر" ضمّنها نجاوى فكره ، وذوب نفسه المحترقة . فكانت هذه القصيدة تعبيراً عن خلجات نفسه ، وتصويراً لومضات مشاعره وصدق عاطفته .. يقول فيها :
مَـنْـذا الـذي تبكيه بعد فراقِهِ؟ مـنـذا الـذي ودّعت بعد غيابه مـنـذا الذي قد غاب بعد رحيله مـنـذا الـذي يفديه كلُّ مجاهدٍ هوَ أنتَ يا وطني ، ومعقِلَ عزّتي كـم من شهيد قد قضى من أجلِهِ ومُـهَـجّـرٍ حُرِمَ الحياة بأرضه كـم مِـن أسـيرٍ راسفٍ بقيوده حـمـل الأمانة في الجهاد وإنّهُ | مَـنْذا الذي ابيضّت له طِـيبَ الحياةِ ، وعزّة السلطان؟ صِـدْقُ الـوفاء، ومَنهلُ الظّمآن؟ بـالرّوح كي يبقى على الأزمان؟ هو أنت يا أقصى ، وقلبَ كياني كـم مـن جـريحٍ خرّ كالبنيان ومـشـرّدٍ قـد تـاه في البلدان قـد خـانـه الأوغادُ في الميدان يـبـغـي حـياةً للثّرى الظمآن | العينان؟!
أتُـرى تـعودُ إليَّ إسلامَ أتـعـودُ يا إسلامُ تروي سمْعَنا أتـعودُ تمسحُ بالحنان جراحنا أتـعـودُ كـلُّ الذّكريات حقيقةً أنـا بـالسّنين الغابراتِ مولَّهٌ أنـا بـالـعهود الخالياتِ مُتيّمٌ حتى قضى الدّيّانُ أن نشقى بهم * * * مـنـذا سِواكَ إلهنا يَهَبُ المُنى لاهُـمَّ قـد ماتَتْ شهامةُ ساسةٍ لـم يبقَ إلاّكَ الرّحيمُ فهبْ لنا | النُّهىببشاشةِ الوجهِ الجميل الهاني ؟ بنَدَى الحديث وطُرفة الشُّبان ؟ أتـعـودُ تُبْصِرُ بَدْرَكَ العينان وتُـنـيرُ بالجُبّ الجميل كياني إذ أنتمُ في الحِضنِ نبضُ جَناني والـوُلدُ حولي، والحَنينُ عناني فـأصابهم سهمُ الزمان الجاني * * * مـنـذا يـخلّصنا من العُدوان مـن مسلمينَ ويَعْرُب الخُذلان نـصـراً يعزُّ به ذوو الإيمان |
أنـا ما ولدتُكَ ، يا بُنيَّ ، لكي تُعذَّب في أنـا مـا ولدتُكَ ، يا بُنيَّ ، لكي تزيدَ ليَ الشّجون !! * * * أنـا ما غرستُ الوردَ في الأحشاءِ كي أجنيه شوكا!! أنـا مـا حَيَيْتُ العيشَ في البستانِ كي أحياهُ ضنكا!! * * * كيف الطّـيورُ تطـيرُ، يا ولدي ، ولم تُؤتَ الجناحا؟ أنـت الـجـنـاح،بُـنيَّ، للشيخِ الذي لقيَ الجراحا! مَـنْ لـي لـمُرِّ العيش . يا إسلامُ؟هل ألقاكََ شهْدا؟ مَـن لـي إذا هـوجُ الرّياح تَهُبُّ ؟ هل ألقاكَ سَدّا ؟ * * * إنّـي انـتـظرتُ شبابك الرّيّانَ ، يا إسلامُ ، دَهْرا كـيـمـا أرى فـي روضك الأطيار تغريداً وذكرا * * * لـكـنّ ذا الـحـلـم الجميل ، مع الشروق ، تبخّرا يـا أيـهـا الـحـلـمُ الجميلُ ، ألا تعودُ مُبشّرا ؟! * * * أنـا فـي انتظارك ، فلْتعُدْ بدراً يُنير ليَ الطريقْ !! أنـا فـي انتظارِك، فلتكُن حبل النجاةِ لذي الغريق!! * * * وإذا أراد الله أمــراً لا مَــرَدَّ ولا هُــروبْ نـحـن الـعبادُ ، ورحمةُ الدّيّان ترجوها القلوبْ!! * * * يـا ربّ فـرّجْ كـربَـنـا ! وارْحَم إلهي ، ضعفنا أحـسـنْ خـلاصَ أحـبّـةٍ فـهـمُ منائرُ دَرْبنا !! | السّجونْ!!.
وأطـلّ إطـلال الرّبيع بوجهه الحسن تـتـلألأ الأنـوارُ فـيه فلا غروب ولا أفولْ مـا هـذه الأنـوار تـشرق رغم عدوان وبيلْ هي شمس إسلام البطولة ، شمس إيمان أصيل هـي شمس مَنْ قهر الظلامَ بدرْبه النّكد الطويل هي طلعة رقصت لها الأشواق في الحلم الجميل وجـهٌ تـوضّـأ من عبير الذّكر فاتّضح الدّليل هـذي سـبـيل الحقّ للأحرار لا تسمع لقيل مـن رام عـلّـيـين فلْيسلُك كما سلك الرّسول * * * أبُـنـيّ ، لا تـحزن فهذا الكرب آخره ظليل أبُنيّ ، لا ندري تقادير الإله ولا خيار ولا بديل فـلـتَـصْـبرَنّ على قضاء الله فالأجر جزيل أبُـنـيّ ، إن عـزّ الـلقاء ففي النّعيم لنا مقيل فـهـنـاك نسعدُ باللقاء الحلو في كنف الجليل لـكـنّـنـي أدعـو الإلـه لقاءَنا قبل الرّحيل | الجميلْ
قصائد مختارة من شعره
1
المسجد الأقصى .. مسجد مبارك تُشدُّ إليه الرّحال ، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .. أرضه أرض رباط ، قضى الله سبحانه وتعالى بتقديسها ، وبارك فيها وفيما حولها .. هذا المسجد أكرمه الله تعالى بكرامات لم يُكرمها مسجداً غيره .. فمن صخرته الشّمّاء عرج رسولنا r إلى السّماء ، وعلى أرضه المباركة أمّ محمد r الأنبياء ، وفي أروقة الأقصى وساحاته أقام الصحابة دروسهم وحلقاتهم لنشر الإسلام في بلاد الشام ، ومن السّنن الجليلة التي دأب الصحابة على القيام بها ، الإكثار من زيارة الأقصى ، والإهلال منه بعمرة ..
هذه الأرض المباركة تآمر عليها الأعداء على مرّ الأيّام والسنين .. وفي عام 1967م وقع الأقصى أسيراً في يد يهود ، فعاثوا في حرمه الفساد ، وقاموا بإحراقه ، وأخذوا يتآمرون لهدم بنيانه لإقامة هيكلهم المزعوم ..
وكان للشعراء الإسلاميين دور محمود في الدّفاع عن هذا الصرح المقدس ، وإثارة الهمم لإنقاذه .. ومن هذا الدور قصيدة شاعرنا صالح التي نظمها في 21/5/1990م ، بعنوان : " إيه يا أقصى "
أبيات القصيدة ([10])
إيـه يـا أقصى فما أقسى عَـجَزَ الوحشُ عن البطش الذي طُـغَـمـةُ الكفرِ التي ما عَرَفت أرْجَـعَـت عـهدَ "هُلاكو" لابساً زرعـوهـا فـي فلسطين وهل هـم أقـامـوهـا على أشلائنا سـرطـانٌ هـيَ فـي مَـقدِسِنا آخـذٌ فـي الـمـدِّ لا يـوقِـفُهُ فـقُـصُورُ العُرْبِ غشّاها الخَنا مَـلأتْ أيـامَـهـا – يا ويليها- * * * إنّ هـذا الـدّاءَ لا يَـحْـسِـمُهُ إنّـه الـقُـرآنُ يَـبْـنـي أمّةً إنّـه الـقـرآنُ يُـعـلـي رايةً فـأجـيـبـوا داعـيَ الله لكي اسـألـوا التاريخَ عن عزٍّ مَضى فـاخـلعوا يا قوم ، أثوابَ الخَنا لا تـكـونـوا مِـن هوانٍ وتداً * * * أيّـهـا الـسـاسـةُ مـن أمّتنا أنْـشَـبُـوا المِخْلبَ في أحشائِنا خَـلَـتْ الـسَـاحة من مُعتصمٍ غـيـرَ فـتـيـانٍ تنادوا للفداء لـيـس فـي الـجُعْبةِ إلاّ حجرٌ فـاسـألـوا غزّةَ عن جيلِ الفدا اسْـألـوا كُـلَّ بـلادي عـنهمُ بـذلـوا الـرُّوحَ لـيحيا شعْبُنا * * * أيّـهـا الـسـاسـة مـن أمّتنا إيـهِ يـا أقصى ، فهل أسْمَعتَهُمْ إيـهِ يـا أقـصـى فهل حَدّثتَهم إيـهِ يـا أقـصى ، فهل خَبّرتَهُمْ إيـهِ يـا أقـصى ، فهل أنبأتَهُم كـم ألـوفٍ جُرِّعوا كأسَ الردى وبـيـوتٍ أُخْـمِـدَت أنـفاسُها يـا لـهـا مـجزرةً قد صَعَقتْ أيُّ صَـخْـرٍ صنع القلبَ الذي أيـهـا الـمـجرم لن تنجوَ مِن لـك يـوم فـيـه تـجني علقماً | البليّةفَـنُـيـوبُ الغَدر ما أبقت مـارسـسَتْه طَغْمةُ الخَصم الدّنيهْ غـيـر أحـقادٍ على خَيَرِ البريّهْ كـلَّ زيـفٍ مِـن خداعِ المدنيّه يََـزْرع الـمجرمُ إلاّ الهَمجيّهْ ؟ فـتـمـزّقْـنا ، ومِن غيرِ هَويّهْ يَـبْـعـثُ الهولَ وأطيافَ المنيّهْ أيُّ طـبٍّ فـي القصورِ العربيّهْ فـتـبـاهـتْ بـهَـوان التَبعيّهْ بـفـجـورٍ وفُـسوقِ الجاهليّهْ * * * غـيـرُ طِبٍّ يصْنَعُ النّفْسَ الأبيّهْ تـسْـحَقُ الباطلَ والنّفس الغويّهْ لـبني الإسلام في القدس الشجيّهْ تـصـنعوا النّصرَ وأمجاداً عليّهْ فـعـلامَ الـيومَ ترضَون الدنيّهْ والْـبـسـوا لـلـعزِّ أثواباً نقيّهْ لا تـكـونـوا لبني الكفرِ مَطيّهْ * * * طُـغْـمـةُ الكفرِ ، ذئابٌ بَشَريّهْ ثـم هـاجـوا برؤوسٍ بَرْبَريّهْ يَـدفعُ المكروه عن طُهْر الزّكيّهْ وبـأيـديـهـم كـتابٌ وَوَصيّهْ تـقـذفَ الـخصمَ به كفٌّ أبيّهْ فـي فـلـسطينَ وأرضٍ مَقْدسيّهْ فـهـمُ الـرايةُ في جيلِ القضيّهْ في ظِلالِ العزِّ والأرضِ السخيّهْ * * * هل سَمِعْتم صَرْخة الأقصى العليّهْ شَـهْقةَ الطفلِ على صَدْرِ الوفيّهْ عـن ضـحـايـانا وأجيالٍ فتيّهْ كـيـف قادَ العِلجُ للسِّجنِ صبيّهْ كـيـف ذاقَ الأهلُ ألوانَ المنيّهْ بِـيـدِ الأوغـاد ، أشرارِ البريّهْ بـيـدِ الإجـرامِ ، يا هولَ البليّهْ كُـلَّ راءٍ بـعـيـون الآدمـيّهْ رضـيَ الـتمزيق للنفْسِ الزكيّهْ قـبـضـةِ اللهِ وأبـناءِ القضيّهْ ونـجـازيـك على قدْر الرّزيّهْ | بقيّهْ
قصائد مختارة من شعره
2
المتتبّع لحركة أمّتنا عبر تاريخها الطويل يلاحظ أنّ قوّتها الكامنة تظهر على شكل انفجارات عاصفة تعصف بحالات الوهن والإعياء ، وتلقي عن كاهلها أشكال الظلم والاستبداد .. وهذه الميزة في الأمة الإسلامية لا تتوافر في غيرها لارتباطها بكتاب الله تعالى وقدرته المعجزة على بعث الحياة في موات النفوس ..
هذه القوّة الكامنة ظهرت في أرض الإسراء والمعراج ، عندما قامت الانتفاضة العارمة والثورة الشاملة التي شهدتها ساحة الصراع في أرضنا المباركة .. فكانت ثورة شاملة أيقظت النيام وحركت الغافلين ، وهزّت من نكصوا على أعقابهم وغدروا بالقضية .. هذه الثورة انطلقت من عرين غزة ، وعلت صيحتها فوق صخرة القدس ، وتأججت نارها في جبل النار ، وثارت ثائرتها في مثلث الرّعب ، وعمّت أرجاء فلسطين من أقصاها إلى أقصاها .. ثورة خطّط لها العلماء ، وقادها الشباب ، وأشعل فتيلها الفتيان ، وهتف لها الشيوخ ، وزغردت لها النساء .. إنها عزيمة من عزمات الإيمان ، وحالة من حالات النضج الجهادي الذي هو نوع من التجديد لشباب الأمة..
وهذه القصيدة نظمها الشاعر صالح جرّار – ابن جبل النار – في 15/10/1988م، ووجهها إلى فتيان الحجارة الذين فجّروا هذه القوّة ، وسطروا أسطورة المجد لأمتنا في هذا الزمان ، وردّوها إلى نهجها الأصيل ، وقادوها نحو غايتها النبيلة .
أبيات القصيدة ([11])
تـلـفّـت الدهرُ في زهْوٍ وراح يَـنْـظُرُ في سِفْرِ الخلودِ فما عـنـوانـي القمة الشَّمَّاءُ تعْشقُها قـد سـطَّـر الدهرُ عنواني وزّينهُ حـروفُـهُ مِن دَم الأبطالِ قد كُتبتْ * * * يـا مَـن تُؤرِّخُ أمجادَ الشعوب ألا فـالـظـلـمُ فجّر بركاني وأطلقَهُ كـم عشتُ في بلدي حُرّاً بلا كدَر حـتـى أتتْ دُولُ الطغيان تسلُبني وتـدّعـي أنّـهـا لـلحقِّ حارسةٌ فذي بلادي ، بقهر الحقّ ، قد سُلِبتْ يـا وَيـلهم مَزّقوا أهلي وموطنهم * * * هـذي فـلسطينُ نارَ البغي تُحرقُها عـاد الـتـتارُ ولكن لا أرى قُطزاً يـا لـيـتَ مـعتصماً بالله تبلُغُهُ يـا ليتَ فينا صلاحَ الدينِ ممتطياً مـا بـالُ قومي قد سدّوا مسامعهمْ مـا بـالـهم فقدوا ميراثَ نخوتِهم * * * لا تـدّعوا أنَّ سيفَ البطشِ أفسدكمْ هذي انتفاضة شعبي ذروة شمختْ تلك البطولات في الأقصى وجيرتهِ مـن ذا رأى الفتية الأبطال تدهمُهمْ مُـدَجـجـيـن سلاحَ الفتك تأكلهم لـكـن فِـتْـيتنا الأبطال في هِممَ فـتيانُنا في حِمى الرحمان ثورتُهم * * * سـلاحُـهم حجرٌ من قُدْسِ أرضِهِمُ يـا لـلـحجارةِ ترميها سواعدُهم تـناوبوا الرميَ حتى كنتُ أحسبُهم هـذا يُـلـوّح بـالمقلاع منتظراً وهـذه امـرأةٌ مـن فـوق منزِلها وذا فـتـىً في زُقاق الحيِّ مرتقبٌ أيـن التفتَ رأيتَ الشعبَ منتفضاً هـذي فـلسطينُ قد ماجتْ مدائنَها فـسلْ "جنين" وسل شتى شوارِعِها وسـائل القدس أقصاها وصرختَها وطـفْ بـنـابُلُسٍ وأذكر بلاطتَها فـيها العجائبُ يرويها لكم حَجَري أحـجـارُنـا بجناحِ الحقِّ نَطْلقُها أحـجـارُنا باركَ الرحمان رميتَها فـقل لمن يدّعي الأمجادَ من عَرَبٍ فـحّـبـذا الـمجدُ تبْنيه سواعدُنا | فحّيانيأنـا الـمـدافع عن ديني وأوطاني تـبـيّـن الدهرُ فيه غيرَ عُنواني كـلُّ الـنسورِ!فَمن يرضى بقيعانِ بـهـالـةِ الـنورِ من آيات قرآنِ هـل يُـكتبُ المجدُ إلاّ بالدمِ القاني * * * تُـلقي عصاكَ لدى ثورات بركاني كيف السكوت على تحطيم أركاني أعـانـقُ النورَ في حقلي وبُستاني حـقَّ الـحياة على أرضي وبُلداني مَـن ذا يصدِّقُ قول الظالم الجاني وسـلـمّـوهـا لـشذاذٍ وقُرصانِ والعرْبُ لا هون في أكناف شيطانِ * * * أمـالـهـا نـجدةٌ من غيثِ عدنانِ هل أقفر العُرْبُ من راعٍ لأوطاني هـذي الـنـداءاتُ مِن أُمٍّ وفتيانِ خـيـلَ الجهادِ لفكّ المسجدِ العاني واغـمضوا العينَ عن إنجادِ إخوانِ فـاستعذبوا العيشَ في ذلِّ وطُغيانِ * * * فـدونـكـم في بلادي ألف برهانِ تَـرَبَّـع الـمـجدُ أعلاها بسلطانِ هـلاّ رفـعـتم لها راياتِ عرفانِ عـصابةُ الهُودِ من قاصٍ ومن دانِ نـارٌ مـن الـحِقد تشبو مُنذُ أزمانِ مـثـلُ الجبالِ ، فإنَّ العزمَ ربّاني شـتّـانَ مـا بين رحمانٍ وشيطانِ * * * وسـاعـدٌ قـد نـما في ظِلِّ إيمان فـتـسـتـحيلُ كمقذوفات بُركانِ طـيراً أبابيل ترمي جيش عدوان جـمـعَ الـيـهودِ فيرميهم بإتقانِ تـفـاجيءُ الهودَ إن لاذوا بجدرانِ بالمولوتوف لحرق الخصم والجاني مـثلَ النسورِ !! فهل نسرٌ كبِغثانِ وذي قُـراهـا تـبدّت مثلَ طوفانِ كم من شهيدٍ قضى في صدِّ عدوانِ وغـزّةَ الأمَّ عـن أمـجـاد شُبّانِ كـذا الـخليلُ وما ضّمتهُ أوطاني فـيها البطولات هزّت كُلَّ طُغيانِ فـأيـن مـن حَـقِّنا أهواءُ شيطانِ وَرَمْـيَـةُ الـحـقِّ تعلو كُلَّ بُهتانِ تـعـلّـموا المجدَ من أحجارِ فتيانِ وتـعـتـلـي فـوقَهُ راياتُ قُرآنِ |
قصائد مختارة من شعره
3
إننا نعيش في زمن طغت فيه حضارة الغرب على حضارة الإسلام .. حضارة الغرب التي تعتمد المادة أساساً لقيمها ، وتهتم بتغذية الجسد والنّفس ، وتنحرف بهما إلى المتع والشهوات .. أما حضارة الإسلام فتقوم على التوازن بين حاجات الرّوح والجسد والعقل ، وتعتبر الطهارة ، وتزكية الأنفس ، وتهذيب الأخلاق أُسُساً رئيسية من قيمها ..
وشاعرنا صالح الذي عاش حياته معلّماً ومربيّاً وموجّهاً للشباب ، كان له دور كبير في توجيه الأجيال التي درّسها وربّاها على الفضيلة وغرس فيها الأخلاق القويمة .. ومن توجيهاته الكريمة ، هذه القصيدة التي نظمها في 14/1/1986م ، لتنبيه المسلمين إلى شرور هذه الحضارة الزائفة ..
أبيات القصيدة ([12])
هـذي الـحضارةُ في أدنى تُـقـيـمُ لـلـجسم سلطاناً وهيمنةً وآزرتْـهـا نـفـوسٌ ضلَّ هاجسُها * * * وشِـقوةُ الناسِ ، مُذْ كانوا ، نفوسُهُمُ بـئـس الـحـياةُ إذا كانت توجّهُها فـتـسـتـحيلُ حياةُ الناس مجزرةً * * * يـا حسرتاه على الإنسان قد عَمِيَتْ يعمى عن الرشد في القرآن وا أسفا!! سَـمّـى الـفواحشَ فنّا من سفاهته وأيـن مـا كـان من أخلاق مؤمننا وأيـن أجـنـحـةٌ طِـرنا بها شُهُبَاً أيـن الأُلـى حملوا القرآن في رَشَدٍ هـمُ الأبـاةُ ، وربُّ الـكونِ أرسلهم شـقّوا الطريق ، ونورُ الله مرشدُهم هـذا قـتـيبةُ،شرق الأرضِ حرّرهُ! حـتـى اسـتـقام لهم ما شاء ربّهُمُ * * * فـأين نحن من الماضي المجيدِ؟وهل خُـنّـا الأمـانة والأخلاق وا أسفا!! * * * لو غيّر القومُ ما في النفسِ لانكشفتْ وبُـدّلـوا بـهـبوط العيشِ أجنحةٌ فـبـالصلاحِ يظلُّ القومُ في شمَمٍ!! | معانيهاتـعطي الجسومَ وتنسى جوهرا وتـنـبـري لعذاب الروح تشقيها! فـزيّـنـت في دهاءِ سُوءَ حاديها! * * * تـؤُزُّ أجـسـادهـم شـرّاً فتُرْديها! تـلـك النفوسُ ، وقد نامت نواهيها! ويـمـخُـرُ الشرُّ في شتى نواحيها! * * * مـنـه الـبصيرةُ وامتدتْ غواشيها! ويُـبـصـر الغيَّ في دنياه تنزيها! وراح يـسـفـك طُهْرَ الغيدِ حاميها! يـروي طـهارتَها التاريخُ تنويها؟! فـدانـت الأرضُ قاصيها ودانيها؟! فـعـمَّ نـورُهُـمُ الدنيا وما فيها؟! لـيغسلوا الأرضَ من أدران طاغيها! وسُـنّـةُ الـمصطفى تجلو خوافيها! وطارقُ الفتحِ ،أرض الغرب يهديها! مـن الأمـور!!تـعالى الله مُجريها! * * * صُـنّا الأمانةَ؟أم ضاعت غواليها؟! فـاجـتـاح دولتَنا الإعصارُ مُنْهيها! * * * هـذي الـمفاسدُ،وانجابت طواغيها! تـسـمـو بـأمّـتِنا،واللهُ راعيها!! وبـالـذنـوب يُـذِلُّ الله جـانيها!! | فيها!
المصادر والمراجع
1- ديوان شعر بعنوان " رحلة الأيام " ، 1989م .
2- ديوان شعر بعنوان " جهاد وشهادة " ، 1990م .
3- مجموعة شعرية مخطوطة ، نشرها في عدد من الصحف .
4- رسالة شخصية من الشاعر إلى المؤلف في 4/8/1991م .
10- مجلة الأدب الإسلامي – العدد التاسع عشر 1419هـ .
([1] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص44 .
([2] ) ديوان " جهاد وشهادة " ، ص 98 .
([3] ) ديوان مخطوط .
([4] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص88 .
([5] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص 102 .
([6] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص24 .
([7] ) ديوان " رحلة الأيام " ، ص9 .
([8] ) ديوان " جهاد وشهادة " ص80 .
([9] ) ديوان " جهاد وشهادة " ، ص24 .
([10] ) ديوان " جهاد وشهادة " ، ص61 – 65 .
([11]) ديوان " جهاد وشهادة " ، ص8 – 13 . .
([12]) مجلة الأدب الإسلامي – العدد التاسع عشر – 1419هـ ، ص96 وديوان " رحلة الأيام " ، ص19-23 .