المجاهد الشيخ البشير الإبراهيمي
المجاهد الشيخ البشير الإبراهيمي
عبد الله الطنطاوي
إذا ذكرت الجزائر واستعمارها، وجهادها من أجل التخلص من الاستعمار الفرنسي المتوحش.
وإذا ذكر رجالاته البارزون الذين قادوا نهضتها، وأسسوا لتحررها من أوهاق التخلف والجهل، وانتشالها من دركات الانحطاط التي كانت تتردى فيها بفعل الاستعمار.
تبادر إلى الذهن ثلاثة رجال، وأي رجال، إنهم: الشيخ عبد الحميد بن باديس.
والشيخ البشير الإبراهيمي.
والأستاذ الفضيل الورتلاني.
ولا يستطيع دارس للجزائر في القرن العشرين، إلا الوقوف عند هؤلاء الرجال الذين كانت لهم أدوارهم الكبيرة في النهوض بالجزائر خاصة، وبالشعب العربي والأمة الإسلامية عامة.
نشأة الإبراهيمي:
ولد محمد البشير الإبراهيمي في الثالث عشر من شوال 1306هـ الرابع عشر من حزيران 1889 في قرية أولاد إبراهيم، جنوب مدينة سطيف شرق الجزائر، وهو من حفدة إدريس بن عبد الله، مؤسس دولة الأدارسة في المغرب الأقصى، وأسرته أسرة علم وفضل ودين، اشتهرت بها من قديم.
صفاته:
إنه شيخ وقور، حاد النظرات، أبيض اللون، مربوع القامة، عريض الجبين، ذو لحية خفيفة مستديرة، حلو الصورة، ظريف المنطق.
وكان مهيباً يحترم العلماء، ويخدمهم ويؤثر مجالسهم على مجالس سواهم، وكان متسامحاً مع الإخوان والبسطاء، أنوفاً عيوفاَ شامخاً مع المستكبرين.
وكانت له حافظة نادرة كأنها مسجل لا يفوتها حرف مما يلقى عليها، إلى جانب ذكاء حاد، وعقل حصيف، وذرابة لسان، وفصاحة بيان، وقوة جنان، جعلت منه خطيباً مفوهاً يهز المنابر، وكان من أوفى الأوفياء لإخوانه وأصدقائه وتلاميذه، يقف إلى جانبهم في الملمات.
تحصيله العلمي:
كان والده أول من اعتنى به وبتعليمه مبادئ القراءة والكتابة، وتحفيظه القرآن الكريم، ثم أدخله كتَّاب القرية، وهو ابن ثلاث سنين، ليتعلم القرآن الكريم ويحفظه، ثم تولاه عمه الشيخ محمد المكي الإبراهيمي، عالم الجزائر في عصره في علوم النحو والصرف واللغة والفقه، بحيث لا تكون للإجازات العلمية قيمتها الحقيقية في هذه العلوم إلا إذا كانت ممهورة بتوقيعه، وكان طلاب العلم يؤمون مسجده الحافل بهم، لينالوا مما عنده من علوم، وهو يقوم بإيوائهم وإطعامهم.
تسلمه عمه هذا، وكان في السابعة من عمره، ووضع له نظاماً تعليمياً صارماً، وحدد له ساعات النوم والراحة، واستجاب الطفل النابغة لما يريده منه عمه، وساعدته ذاكرته العجيبة على حفظ القرآن العظيم، ثم ألفية ابن مالك، وألفية ابن معطي في النحو، وألفية الحافظ العراقي في السير والأثر، مع جمع الجوامع في الأصول، وتلخيص المفتاح للقزويني، ورقم الحلل لابن الخطيب، وأكثر رسائل البلغاء الأندلسيين من أمثال: ابن شهيد، وابن برد، وابن الخطيب، مع دواوين المشارقة، كالمتنبي، وأبي تمام، والبحتري، وديوان الحماسة، وكثيراً من أشعار ابن الرومي، والشريف الرضي، وحفظ المعلقات، والمفضليات، وأكثر كتب اللغة، مثل كتاب الفصيح لثعلب، وإصلاح المنطق لابن السكيت، وسواها من المتون والقصائد والكتب التي قرأها وحفظها وهو فتى، ومنها موطأ الإمام مالك وبذلك كان استثناء بين ملايين الفتيان، يشير إلى مستقبل علمي مشرق للفتى الإبراهيمي المبشر بالنبوغ المبكر.
واستمر الفتى في تحصيله العلمي، وارتحل وسافر ولقي العلماء والأدباء من أجل ذلك، حتى صار عالماً بالحديث الشريف وروايته، وكان يعطي الإجازات في ذلك، ومفسراً له لمحات وإبداعات جديدة في علم التفسير، وكان معلماً بارعاً للتاريخ العربي الإسلامي يتطرق إلى فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع، وعلم الأخلاق، هذا إلى جانب العلوم اللغوية والشرعية الأخرى، والعلوم العصرية التي كان العلماء يجافونها ويبتعدون عنها، مثل علم النفس.
وكان الذي يرى الإبراهيمي ويسمعه يراه آية من آيات الله، وقد حيزت له سائر العلوم.
المعلم:
فوجئ البشير الفتى بوفاة عمه العالم المربي صاحب الفضل الكبير عليه، وهو في الرابعة عشرة من عمره المبارك، فانبرى الفتى للتدريس، وفرح الوالد بابنه الذي غدا أستاذاً وشيخاً يعلم الناس، فتبرع بإيواء الطلاب الذين يعلمهم ابنه الفتى وبإطعامهم، كما كان يفعل أخوه المكي المتوفى، واستمر على ذلك حتى بلغ الفتى العشرين من العمر.
في مجامع اللغة العربية:
لقد طبقت شهرة الإبراهيمي الآفاق الثقافية والأدبية العربية والإسلامية، وعرف في الأوساط السياسية زعيماً ومجاهداً كبيراً، وعرضت عليه مناصب رفيعة، كمشيخة الأزهر، فأباها كلها في شمم، ورضي منها العضوية في المجامع اللغوية العربية، كالمجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية حالياً) سنة 1945م، ومجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1954م ومجمع اللغة العربية في بغداد، وكانت ثقة المجمعيين به، وبعلمه، وحفظه، وروايته، وأدبه بلا حدود.
رحلاته:
1- رحلته إلى المدينة المنورة:
هاجر والده مع أسرته إلى المدينة المنورة عام 1908م هرباً من الاستعمار الفرنسي وبقي ولده البشير في الجزائر يتابع رسالته التربوية والتعليمية، ثم حن الولد إلى أبيه وأمه، فغادر الجزائر عام 1911م وقد أربى على العشرين من عمره، وكله شوق إلى أسرته وإلى العب من مناهل العلم والدين في الحجاز، مهبط الوحي، وحاضنة الحرمين الشريفين حيث العلماء وكتب العلم.
مر في رحلته بتونس وليبيا، ومصر التي أقام فيها ثلاثة أشهر أمضاها مع العلماء، يرتاد مجالسهم في الأزهر وسواه، ويزورهم في بيوتهم، وليس له من أرب سوى التزود مما عندهم من ألوان العلوم الشرعية والعربية والأدبية، وقد أفاد منهم علماً وأدباً غزيرين، وبهر من لقيه منهم بما حواه صدره ورأسه، وأقروا لهذا الشاب الجزائري بالنبوغ المبكر.
وصل إلى المدينة المنورة أواخر عام 1911م وانطلق إلى حلقات العلم، واختار من بين علمائها من وثق به وبعلمه، وإلى المكتبات العامة والخاصة التي وجد فيها ضالته من الكتب المخطوطة والمطبوعة، وأكبَّ عليها يلتهمها التهاماً، وكان في المدينة يعلم الناس، كما يتعلم من علمائها الثقات.
وفي هذه المرحلة تفتح ذهنه للأعمال العامة، فشارك بآرائه في الحالة السياسية التي تسود الدولة العثمانية، وعلاقة العرب بها، وفي الإصلاح العلمي بالحرم المدني.
2- رحلته إلى دمشق:
وصل الإبراهيمي إلى دمشق بداية عام 1917م والتقى كبار العلماء الذين رحبوا به، وخاصة الشيخ محمد بهجت البيطار، وفي دمشق سطع نجمه، وانشدّ الناس إلى دروسه في المسجد الأموي، فاتصل به واليها المستبد جمال باشا السفاح، وأراد أن يكون في خدمته، يخدم سياسته بلسانه وقلمه، واستطاع الإبراهيمي التخلص من السفاح بحيلة لطيفة، ولكنه استجاب لأمره بأن يكون أستاذاً للغة العربية في المدرسة السلطانية ولم يمض على تدريسه فيها إلا القليل، حتى ذهب السفاح والدولة العثمانية، وصار التعليم في تلك المدرسة كله عربياً، وصار الإبراهيمي أستاذاً للآداب العربية، وتاريخها، وتطورها، وفلسفتها في ذلك المكتب أو المدرسة التي كانت أشبه بالمعهد، وكان الإبراهيمي مستمراً في إلقاء دروسه وخطبه في الجامع الأموي، وفي الندوات العلمية، والمجالس الأدبية، والمنتديات السياسية التي تتناول الأوضاع السياسية في سورية وفي الوطن العربي، وقد طلب منه الملك فيصل الأول أن يعود إلى المدينة المنورة ليتولى إدارة المعارف فيها، فأبى، لأنه كان قرر العودة إلى وطنه الجزائر.
والحق.. كان للإبراهيمي دوره في بناء صرح النهضة في سورية، وكان هو سعيداً بإقامته فيها. يقول ".. فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الخضراء في حياتي المجدبة، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر، وأنني كنت فيها أقرّ عيناً، وأسعد حالاً".
وكان يوم مغادرته دمشق يوماً مشهوداً سفح فيها أصدقاؤه ومحبوه وتلاميذ الدموع. قال: "ويا يوم الوداع ما أقساك، وإن كنت لا أنساك، لا أنسى بعد ثلاثين سنة، ولن أنسى ما حييت موقف الوداع بمحطة البرامكة، والأستاذ الخضر "محمد الخضر حسين" يكفكف العبرات، وتلامذتي الأوفياء.. يقدمون إلي بخطوطهم كلمات في ورقات، ما زلت محتفظاً بها احتفاظ الشحيح بماله.."
3- رحلته إلى مصر:
وزار مصر مرة أخرى عام 1952ن واستقر بها، وعندما اندلعت ثورة التحرير في تشرين الثاني 1954م تضاعف نشاط الشيخ في القاهرة، فكان يلقي الخطب والمحاضرات، ويقدم الأحاديث الإذاعية في إذاعة صوت العرب، شارحاً قضية الجزائر، وجرائم الاستعمار الفرنسي، وداعياً إلى مؤازرة الجزائر في محنتها بالاستعمار الهمجي، وكان يدبج المقالات العلمية والأدبية والفكرية في المجلات والصحف، كما شارك في تشكيل ندوة أدبية اجتماعية فلسفية شرعية في القاهرة، وأطلقوا عليها اسم (ندوة الأصفياء) ضمت عدداً من كبار الأدباء والشعراء والنقاد، من أمثال أحمد حسن الزيات، والشاعر محمد علي الحوماني، والكيلاني، والشوباشي، ودراز، ووافي، وسواهم، وفي هذه الندوة ألقى البشير محاضرته القيمة (مشكلة العروبة في الجزائر).
مؤلفاته:
1- بقايا فصيح اللغة العربية في اللهجة العامية في الجزائر.
2- النقايات والنفايات في لغة العرب.
3- أسرار الضمائر العربية.
4- التسمية بالمصدر.
5- الصفات التي جاءت على وزن "فعل" بفتح العين.
6- نظام العربية في موازين كلماتها.
7- الاطراد والشذوذ في العربية.
8- رسالة في ترجيح أن الأصل في الكلمات العربية ثلاثة أحرف لا اثنان.
9- رسالة في مخارج الحروف وصفاتها بين العربية الفصيحة والعامية.
10- ما أخلت به كتب الأمثال من الأمثال السائرة.
11- حكمة مشروعية الزكاة في الإسلام.
12- شعب الإيمان.
13- عيون البصائر في خمسة أجزاء.
14- كاهنة أوراس (رواية).
15- رواية الثلاثة: وهي مسرحية شعرية تقع في 881 بيتاً.
16- ملحمة شعرية في ستة وثلاثين ألف بيت في تاريخ الإسلام والمجتمع الجزائري والاستعمار.
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:
التقى الشيخان: عبد الحميد بن باديس، والبشير الإبراهيمي في المدينة المنورة عام 1913م وكان لقاؤهما مباركاً، أمضيا فيه العديد من الليالي وهما يتدارسان ما آلت إليه أحوال الجزائر، بسبب الاستعمار الفرنسي، وقد هداهما تدارسهما هذا إلى وضع الأسس الأولى التي قامت عليها جمعية العلماء المسلمين بعد ثمانية عشر عاماً (1931م) وبذلك يكون الشيخان منظري فكرة تأسيسها، ومطبقيها في الجزائر مع الشيخ العربي التبسي.
وقد كان لهما تأثيرهما الكبير في الحياة السياسية والاجتماعية، وكان إشهار الجمعية بعد عام من الاحتفالات الكبرى التي أقامتها السلطات الاستعمارية في الجزائر، بمناسبة مرور مئة عام على احتلالها، وخطب فيها خطيبها أمام ممثلي الدول الذين حضروا تلك الاحتفالات وقال:
".. ألا فلتعلموا أن مغزى هذه المهرجانات هو تشييع جنازة الإسلام بهذه الديار".
الأمر الذي عجل بظهور جمعية العلماء المسلمين هذه، لتكون بالمرصاد لتلك الدعاوى التي زعمت أن الشعب الجزائري العربي المسلم، قد مسخ.
انطلقت الجمعية بعلمائها وأبنائها في تعليم الجزائريين لغتهم العربية، ومبادئ دينهم الإسلامي الحنيف، سواء من كان منهم في الجزائر أو في فرنسا.
واستمرت الجمعية في نشاطها حتى عطلتها السلطات الاستعمارية عام 1956م.
وعندما توفي ابن باديس في 16/4/1940م اجتمع المجلس المذكور، وانتخب الإبراهيمي رئيساً للجمعية، مع أنه كان منفياً في (آفلو) في الجنوب الوهراني.
وقد تحرك الإبراهيمي –بعد عودته من منفاه- حركة هائلة في طول البلاد وعرضها، مبشراً ونذيراً، يخطب، ويحاضر، ويدرس، ويعلم، لا يعرف كلالاً ولا مللاً، يفتتح المدارس والمساجد، وقد بنيت كلها على طراز إسلامي موحد، بأموال الشعب، وبأيديه الطاهرة، ويقيم الحلقات فيها، ويدعو الناس إلى التمسك بدينهم ولغتهم، وينفرهم من الاستعمار وحضارته وفساده وانحلال أخلاقه، وكان له أكبر الأثر في توعية الناس وتعبئتهم ضد الاستعمار وثقافته، محرضاً على التحرير، وكان شعار الجمعية: "الإسلام ديننا –الجزائر وطننا- العربية لغتنا".
تصديه للاستعمار:
احتلت فرنسا بلاد الجزائر عام 1830 ومنذ ذلك الحين، دأبت على فرنسة الجزائر، فأعلنت حرباً شعواء على دينها، ولغتها، وأعرافها وتقاليدها، وفرضت اللغة الفرنسية لغة رسمية للبلاد، زاعمة أن الجزائر جزء من فرنسا، وعليها أن تتمثل لغتها وقيمها وفسادها ومواخيرها، وقد وصف الإبراهيمي الاستعمار الفرنسي بقوله:
"جاء الاستعمار الفرنسي إلى هذا الوطن، كما تجيء الأمراض الوافدة، تحمل الموت وأسباب الموت..".
وجاءت فرنسا بجيش من المبشرين الذين يعملون لتنصير المسلمين، وقد قال (لوفبيو) كاتب الجنرال (بيجو) –أحد الجنرالات البارزين في الحملة الفرنسية على الجزائر:
"إن العرب لا يطيعون فرنسا إلا إذا أصبحوا مسيحيين".
وقال: "آخر أيام الإسلام قد دنت، وفي خلال عشرين عاماً لن يكون للجزائر إله غير المسيح، أما العرب، فلن يكونوا ملكاً لفرنسا، إلا إذا أصبحوا مسيحيين جميعاً".
يقول الإبراهيمي:
".. فقد حولت –فرنسا- بعض المساجد الكبرى كنائس، وعمرتها برجال الكنيسة المسيحيين، وناهيك بمسجد (كتشاوة) العظيم الذي حولته (كاتدرائية) عظمى في العاصمة".
وكان من سياسة المستعمرين تمزيق الوحدة الوطنية، بإثارة النعرات القبلية والطائفية، وتهديم دور الثقافة والعلم، إلى غير ذلك من ألوان التخريب التي تصدى لها الإبراهيمي مع إخوانه في جمعية العلماء المسلمين الأمر الذي أثار الاستعمار عليه، فضايقه، وعندما اندلعت الحرب الكونية الثانية، طلبت منه إدارة الاحتلال إلقاء سلسلة أحاديث في الإذاعة الجزائرية، يشرح فيها ويؤيد موقف فرنسا من تلك الحرب، لاستمالة الرأي العام الجزائري نحوها، فأبى الإبراهيمي ذلك، فعاقبته بالنفي إلى قرية (آفلو) في الجنوب الوهراني، ووضعته تحت الإقامة الجبرية في 6/4/1940م كما أوقفت ابن باديس عن ممارسة نشاطه في قسنطينة، وقد توفاه الله بعد عشرة أيام من هذه القرارات الجائرة، ولم يشهد الإبراهيمي تشييع جنازة أخيه ورفيق دربه، رحمهما الله تعالى.
وقد تعرض الإبراهيمي للسجون والمعتقلات بتهم شتى، أهمها التحريض على الثورة ضد الاستعمار، وتعرَّض لصنوف العذاب فيها، في كل مرة اعتقل فيها، وكان من أهم القضايا التي تصدى فيها للاستعمار وتحداه، تفنيد مزاعمه وشبهاته حول الإسلام والمسلمين، ودعوته إلى اللغة العربية وعاء الإسلام، والإسلام واللغة العربية هما أهم ما يميزان الشخصية الجزائرية، ويحميانها من الفرنسة والتغريب والتمزيق، ويحررانها من الاستعمار.
قضايا المسلمين:
لم يقتصر جهاد الإبراهيمي ضد الاستعمار على وطنه الجزائر، بل كان يطوف بعقله وجسمه وقلمه بقاعَ العالم الإسلامي، وينتصر لقضايا العروبة والإسلام في كل مكان، في مصر، وفي بلاد الشام، وفي كشمير وأندونيسيا والعراق، وبلاد المغرب العربي كلها، وكانت قضية فلسطين على رأس اهتماماته.
القضية الفلسطينية:
لقد شغلته هذه القضية في وقت مبكر، وعرف خطورة الصهيونية على فلسطين وعلى العالمين: العربي والإسلامي، وشكل مع مجموعة من إخوانه (جمعية إعانة فلسطين) عام 1948م، وشكلت لجنة مالية لجمع الهبات والتبرعات تحت إشراف الإبراهيمي، جمعت تسعة ملايين فرنك قديم، وسٌلّمت إلى السفير المصري في باريس، ليقوم بتسليمها إلى جامعة الدول العربية، وقامت الجمعية بنشاط واسع لصالح القضية، وبعثت نحو مئة مجاهد ليشاركوا إخوانهم المجاهدين في فلسطين، وكتب الإبراهيمي مقالات نارية رائعة في نصرة الفلسطينيين، نشرها في مجلة (البصائر) عام 1948م ومنها (تصوير الفاجعة) و(موقف قرار تقسيمها) و (العرب واليهود في الميزان عند الأقوياء) و(عيد الأضحى وفلسطين) وسواها من المقالات التي شرحت القضية، وفضحت اليهود والصهيونية، ونددت بتخاذل العرب تجاهها.
وحضر الإبراهيمي المؤتمر الإسلامي في القدس ممثلاً للجزائر، وكان في اللجنة التي شكلها المؤتمر برئاسة الشيخ علي الطنطاوي، من أجل الدعاية لفلسطين، وكلفت اللجنة بالطواف على العالم الإسلامي لتعريف المسلمين بالقضية، ودعوتهم إلى دعمها مادياً ومعنوياً.
المراجع:
- البشير الإبراهيمي: نضاله وأدبه - محمد مهداوي.
- الصداقة بين العلماء - محمد بن إبراهيم الحمد.
- النهضة الإسلامية في سير أعلامها: د. محمد رجب البيومي.
- ذكرياتي ج1 وج5: علي الطنطاوي.
- أعلام وأصحاب أقلام: ج3، أنور الجندي.
- الموسوعة الحركية، فتنحي يكن.
- سجل ذكرياتي: محمد محمود الصواف.
- الأعلام للزركلي.