الشيخ سعيد العبد الله
( 1341 هـ (1923م) - 1425 هـ (2004م
أسامة السيد عمر
هو سعيد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مصطفى ابن الشيخ عبيد بن الشيخ صالح الحسي نسبة لمنطقة الإحساء في المملكة العربية السعودية ، منشأ أسرة الشيخ والتي غادرها أجداده قبل ثلاثمائة عام تقريباً ، واستوطنوا شمال سورية في قرية ( تادف ) قرب حلب ، ثم انتقل قسم منهم واستوطنوا شرق محافظة حماة وهم أسرة الشيخ ، واستوطن قسم منهم غرب محافظة حمص .
· ولد في قرية الجنان التابعة لمدينة حماة عام 1341 هـ الموافق 1923 م، وفي عامه السادس كف بصره إثر علاج شعبي لعينيه ، وكان ذلك خيراً له .
· بدأ تعليمه وقرأ القرآن من عامه السابع بعد أن كف بصره ، وحفظه على شيخه الشيخ عارف النوشي في قرية الجنان ، وبعد حفظه للقرآن انتقل إلى مدينة حماة ، ودرس على علمائها من العلوم المختلفة وعلوم القرآن والقراءات ، فتلقى القراءات السبع على شيخه الشيخ نوري أسعد الشحنة ، وكان كفيفا ، وأتم القراءات الثلاث المتممة للعشر على شيخه العلامة الشيخ عبد العزيز عيون السود أمين الإفتاء في مدينة حمص ، ودرس الفقه الشافعي على شيخه الشيخ توفيق الصباغ الشيرازي ، والفقه الحنفي على الشيخ زاكي الدندشي ، والشيخ محمد الحامد علامة حماة ، ودرس أصول الفقه على الشيخ محمود العثمان ، والأدب والبلاغة على الشيخ سعيد زهور ، والصرف على الشيخ عارف قوشجي ، والتفسير على الشيخ مصطفى علوش ، ومن شيوخه الشيخ سعيد الجابي الذي حارب البدع ونصر السلف ، وكان شيخ السلف في عصره ، رحم الله الجميع .
· بعد وفاة شيخه الشيخ نوري أسعد الشحنة عين الشيخ سعيد العبد الله بإجماع العلماء خلفا لشيخه لمشيخة الإقراء في حماة ومدرساً للقرآن وعلومه في مدرسة دار العلوم الشرعية التي تخرج منها عام 1940 م بعد أن أجيز من الشيخ نوري الشحنة بالقراءات السبع وأجيز من الشيخ عبد العزيز عيون السود بالدرة ( والطيبة شفويا ) .
· أسس معهد دار الحفاظ والدراسات القرآنية في مدينة حماة ، الذي تخرج منه عدد كبير من حملة القرآن الكريم ، وتوزعوا في البلاد ينشرون هذا الخير في ربوع العالم الإسلامي
· كان لا يشبع من العلم ، بكافة أنواعه ، فقد كان موسوعة في العلوم ، فإلى جانب علمه بالقرآن والقراءات ، كان مرجعا في التفسير والفـقه والحديث ، بحرا في علوم اللغة وآدابها ، يطرب لسماع الشعر ، ويحفظ الكثير من الأشعار والمتون في جميع العلوم والفنون ، وقد نظم العديد من القصائد والمنظومات التي تدل على التمكن في لغة الضاد لغة القرآن الكريم
· كانت مكتبته العامرة ولا تزال مرجعا لطلاب المعرفة ، لما حوت من مراجع قيمة في مختلف العلوم والفنون .
· أدخل التقنية الحديثة في تلقي العلم وتلقينه ، فكان من أوائل مَن أدخل التسـجيل الصوتي ، فكان يكلف بعض تلاميذه بالقراءة ، أو تسجيل المتون ، أو كتب التفسير والقراءات واللغة والحديث ، ثم يعود إليها ليسمعها ، حتى تكونت عنده مكتبة صوتية لا تقل قيمة عن المكتبة المقروءة ( وكان لي الشرف أن سجلتُ لـه العديد من الكتب القيمة ) .
· كان مثالاً صادقاً لعلماء السلف إخلاصاً وكرماً وخلقاً وفضلاً . فقد امتاز بدماثة الخـلق ، وقوة الحجة ، والكرم المفرط ، حيث كان هو الذي ينفق على طلابه الذين حملوا هذا العلم الشريف ويكرمهم ، ويسأل عنهم ، ويتصل بـهم ، ويعمل على خدمتهم ، وتيسير سبل العمل لهم ، حتى إنه كان يتفقد أبناءهم وعائلاتهم في حياتهم وبعد وفاتهم .
· كان حنفي المذهب ، ولكنه يتتبع الدليل ، سلفي العقيدة ، مع روحانية شفافة ، يحب العلماء السابقين ويعنف من ينتقدهم ، أو ينتقص منهم
· ظل طيلة حياته المباركة يسعى لعمل الخير ، فبنى العديد من المساجد في القرى والمــدن ، وكان يساهم في جمع التبرعات لكل عمل خيري ، فكان ولا يزال مقصداً لكل مَن يسعى في مشروع خيري .
· في عام 1966 م تزوج الشيخ ورزق بثلاثة ذكور هم ( عبد الله ومحمد عبد الحكيم وعـبد الباري ) وكلهم من حفظة القرآن الكريم ومن الجامعين للقراءات ) ، وخمس بـنات ( اكتسبن منه العلم والخلق والأدب )
· ترك مدينته حماة عام 1979 م وغادرها إلى مكة المكرمة حيث عرف أهل الفضل لـه فضـله ، فعيّن مدرساً للقرآن والقراءات في جامعة (أم القرى ) ، وأصبح بيته مركزاً علميا ، نهل منه شداة العلم ومحبو القرآن من جميع البلدان الإسلامية ، وبعد أن كان فضله مقصوراً على مدينة حماة ، أصبح له طلاب من شرقي المعمورة وغربيها ، وأخذ منه الإجازة في القراءات المئـات وما زال ـ أمد الله في عمره ـ يقرئ صباح مساء في منزله العامر بمكة المكرمة بعد انتهائه من الجامعة .
· خلال إقامته في السعودية ، كان يقوم بزيارة ( دولة قطر ) ، حيث كان يستدعيـه (الشيخ عبد الله إبراهيم الأنصاري مدير إدارة إحياء التراث الإسلامي ـ رحمه الله ـ ) كل سنة في رمضان ، فيعقد الحلقات والندوات القرآنية للذكور والإناث ، وكان ممن قرأ عليه الشيخ عبد الله الأنصاري ـ رحمه الله ـ والشيخ الدكتور حسن عيسى عبد الظاهر والشيخ عنتر حشاد ـ رحمه الله ـ والشيخ رأفت وافي ـ رحمه الله ـ والشيخ عبد اللطيف زايد ـ رحمه الله ـ والدكتور سامي التايه ، والدكتور حسان محمد سعيد مبيض والدكتور أحمد حازم تقي الدين والأستاذ وصفت الشيخ وغيرهم الكثير من الرجال والنساء ، فأرسى نواة طيبة من حفظة القرآن الكريم ومجوديه وجامعي القراءات من ذكور وإنـاث ، فقامت نهضة قرآنية في هذا البلد الصغير أخذت تزاحم في الفضل أكبر بلدان العالم الإسلامي ، فكثرت المدارس والحلقات القرآنية ، وزاد عدد الحفظة ، وأقيمت المسابقات لحفظ كتاب الله تعالى ورصدت لها الجوائز القيمة ، وأسست وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قسم تحفيظ القرآن الكريم ، وهو يضم المئات من المراكز ، والآلاف من الطلاب والطالبات ، كما أسست وزارة التربية والتعليم وحدة التحفيظ ، ويتبعها أيضا مراكز عديدة للكبار والصغار والذكور والإناث ، هذا إلى جانب العديد من المراكز الخاصة لتحفيظ القرآن الكريم التي افتتحها أهل الخير للذكور والإناث لحفظ القرآن وتعليم تلاوته وعلومه ، وما زالت قطر تنهل من رحلة الشيخ إليها عظيم الفائدة وبالغ الأثر في خدمة كتاب الله تعالى .
· بعض المجازين من الشيخ في القراءات :
1. الشيخ محمد نبهان المصري ( العشر )
2. الشيخ فؤاد جابر المصري ( العشر )
3. الشيخ عبد الله حامد السليماني ( العشر )
4. الشيخ أمين إدريس فلاتة ( العشر )
5. الشيخ عمر بن محمد السبيل ـ إمام الحرم المكي ( عدة قراءات )
6. الشيخ محمد عبد الحكيم سعيد العبد الله ( القراءات السبع )
7. الشيخ عبد البارىء بن سعيد العبد الله ( عدة قراءات )
8. الشيخ حاتم طبشي ( ست قراءات )
9. الشيخ محمد الأزوري ( العشر )
10. الشيخ فائز عبد القادر شيخ الزور ( عدة قراءات )
وغيرهم ممن أخذ العشر وقراءات وروايات متفرقة ومتعددة كل حسب قراءته ومنشئه وبلده .
هذا غيض من فيض من سيرة الشيخ العطرة ، ولا نستطيع أن نجمع فضائل شيخنا ـ أطال الله في عمره ـ فيكفي أن نقول : إنه بقية السلف الصالح ، وحامل راية القرآن الكريم ( علما وعملا ، قولا وتطبيقا ، خلقا وفضلا ، همة ونشاطا ، بذلا وعطاء ، مظهرا ومخبرا ) ، وحامل راية الإسلام (دعوة له وجهادا في سبيله ، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، سعيا في الخير ومحاربة للشر ، انتصارا للسنة ومحاربة للبدعة ، نشرا للعلم ومحاربة للخرافة والجهل ، واعترافا لأهل الفضل بفضلهم من السابقين والمعاصرين )