عبد السلام محمد يس المسيدى
فررت من المجلس العمومي البريطاني
ودرست اللغة الإنجليزية باللغة الفرنسية
عبد السلام محمد يس المسيدى
أسامة محمد أمين الشيخ
/مصرعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
بارقة أمل مضيئة فى مجتمعنا ونجم ساطع فى سماء اللغة الإنجليزية ورائد من رواد التعليم فى محافظة قنا ومدينة قوص ، وشبرا ، ذلك الفتى الصعيدى الذى اقتحم المجلس العمومى البريطانى بعفوية وطيبة ، وبأسلوب عذب ، وتم تقديم الدعوة له لحضور جلسة مجلس البريطانى ضيفنا هو "عبد السلام محمد يس المسيدى" تاريخ كبير ورحلة طويلة ، من مواليد أكتوبر 1935م فى قوص لأسرة متوسطة الحال ، حفظ نصف القرآن الكريم تقريباً على سيد الشيخ / حامد خميس – فى كتاب الشيخ منصور – وكان عمر فى الخامسة إلى السابعة، وعند استرجاعه لذاكرته قال ضيفنا، إننى كنت سريع الحفظ ، وكان معى لوح وحبر وريشة وفى عام1942م دخلت مدرسة العليقات الأولية وكان ناظرها السيد/محمود عجلان، وقام بالتدريس لى الحاج فرغلى – حسن العمدة – محمود قطمه – وفى الصف الثالث دخلت المدرسة الابتدائية وكانت فى قصر طوبيا 1944م وتخرجت 1984م وحصلت على المركز السادس على مستوى المحافظة وأعطتنى المديرية عشرة جنيهات وكان يدرس لى فى الابتدائية محمد على الساعى وأول من حببنى فى اللغة الإنجليزية أ / إبراهيم تادرس – وكان مدرساً من الإسكندرية ، وأول من يومها وأنا قررت أن أكون معلماً للإنجليزية فصورته لا تزال محفورة فى ذاكرتى ، ودخلت المدرسة الثانوية
فى قوص الصف الأول والثانى وفى مدرسة قنا الثانوية الصف الثالث والرابع والخامس ، وكان معى - خليل محمد خليل ، محمود أحمد خليل ، محمود أمين الشيخ ، إبراهيم الشيخ – وفى قنا سكنت فى شارع الشنهورية بمنزل لا ماء فيه ولا كهرباء وكنا نذاكر على لمبة جاز وننام على سرير من الجريد وكانت الحجرة أجرتها 90 قرش فى الشهر وكان معى طلعت عبد المقصود وعبد العزيز عبد المقصود ، وكان بالمدرسة أربعة مدرسين فرنسيين الجنسية لتدريس اللغة الفرنسية ، وذلك فى أوائل الخمسينات وكان منهم مسيو "دبوية" وبعد 15 سنة التقيت به فى الكونغو كينشاسا وحصلت على الثانوية العامة 1954م قسم أدبى والتحقت بكلية الأداب جامعة القاهرة ، وكنت أول من تخصص فى الإنجليزية من قوص وأول من حصل على الليسانس فى الإنجليزية عام 1958 وكانت القاهرة مرحلة فيها نور وظلام النور فى البداية حيث كانت أعيش فى المدينة الجامعية فى السنة الأولى والثانية وكانت أجرة المدينة خمسة جنيهات وبعد ذلك تم رفعها على سبعة جنيهات وكانت الحياة غير ميسورة بالنسبة لأسرتى فخرجت من المدينة ى الصف الثالث والرابع وسكنت فى بين السرايات فى شقة مع عبد الكريم عجلان ومحمد عجلان ، ثم سكنت الحاج / عبد الكريم الامشيطى – فى شقة بالجيزة ، وكانت الكلية تضم أرقى الطبقات وأغناها وأكثرها تحضراً وكان معى صديق أمه إنجليزية ولم استطع مسايرة الطبقات المتقدمة ولا التعايش معهم ولكنت كنت كثير المناقشة والجدال مع أساتذتى فمثلاً مع د / محمد يس العيوطى – ناقشته فى إحدى الروايات وأخذنا المحاضرة كلها فى المناقشة وأخرى مع زميلة فلسطينية حول القضية الفلسطينية ، حصلت على ليسانس الآداب سنة 1958 وتم تعيينى فى المدرسة التجارية بقنا من 58 إلى 63 أى لمدة خمس سنوات وكان الموجه الخاص بنا اسمه إدوارد ، والذى نقلنى إلى مدرسة قوص الثانوية بنين لمدة ثلاثة شهور ثم انتقلت إلى القاهرة وعملت فى مدرسة شبرا التجارية بنين ، وسكنت وتزوجت فى شبرا وعشت فى القاهرة حتى عام 1967م وتمت إعارتى إلى حكومة الكونغو كينشاسا حيث قمت بتدريس اللغة الإنجليزية وشرحها باللغة الفرنسية اللغة الرسمية للبلاد وعشت أربع سنوات فى إحدى المحافظات التى تشتهر بالألماظ واسمها (لولوا بور) وعشت بمفردى وكانت اللغة الشعبة القومية للكونغو اسمها (شلوبا) غير مكتوبة ، وكنت أقيم فى فندق وهى مدينة متحضرة يعيش فيها البلجيك على نفس النمط البلجيكى ، وذات مرة لم تصرف مرتباتنا لمدة ستة شهور ، وبعد ماصرفنا المرتبات ذهبنا إلى أرقى المطاعم لكى نتناول وجبة الغذاء وكانت الوجبة تسمى (منين) اى طبق اليوم وبعد الطعام طلبنا الحساب فكان 12 جنية فسألناه أنها وجبة غالية فقال أنه لحم قرود ممتاز ، فقمت بإرجاع كل ما دخل جوفى وزرت دول كثيرة مثل فرنسا – انجلترا – إيطاليا – أثينا – بروكسل – لبنان – غانا – نيجيريا – الكونغو ، وفى انجلترا وأنا أسير فى إحدى الشوارع استرعى انتباهى مبنى قديم ذات هيبة وقيمة عظيمة فدخلته وبعد خطوات تقدم على جندى أو عسكرى ونادانى وسألنى لماذا دخلت هنا فقلت له أين نحن وما هذا المبنى فقال لى كيف تدخل مكان لا تعرفه ، وقادنى إلى الاستعلامات وأخبرونى أنن داخل مجلس العموم البريطانى ، وأخذوا جواز السفر الخاص بى ودار بينى وبينهم حوار وفوجئت بهم يقدمون لى دعوة لحضور الجلسة المنعقدة فى مجلس العموم البريطانى وفى شرفة كبار الزوار للمجلس وكان شرف عظيم لى وبعد انتهاء الإعارة عدت إلى مدرسة التجارة بشبرا ، وكان يوم 28 سبتمبر عام 1971م وكانت مصر تحتفل بذكرى وفاة الراحل جمال عبد الناصر الأولى فعدت ثانى يوم واستلمت العمل وبعد أن اشتريت 119 فداناً زراعياً من أجود الأراضى الزراعية بالمخزن طلبت العودة إلى قوص ، واستلمت العمل بتجارة قوص عام 1974م ، ثم موجه إعدادى ، ثم موجه ثانوى ، ثم موجه أول ، ثم موجه عام ، وقمت بالتدريس فى الجامعة بكلية الآداب وتربية إنجليزى لمدة ثمان سنوات فى الفترة من 80 إلى 88 ، وقمت بتدريس الأدب الإنجليزى مادة الدراما ومن أشهر تلاميذى د/ أحمد حسين ، و د/ مصطفى الدندراوى، و د/ بكير – بكلية آداب وتربية بقنا ، ومن المشاهير فى حياتى الكاتب الكبير / عباس العقاد – مررت فى صالونه الأدبى فى شقته بمصر الجديدة وكان يوم الجمعة من كل أسبوع وكان يضم أنيس منصور ، فاروق جويده وكبار الكتاب والشعراء وسألته يا أستاذ عباس – هل هناك ما يمكن أن نسميه أيدلوجية عربية – فنظر إلى نظرة عدم ارتياح وقال ما معنى أيدلوجية فقلت إنها مجموعة القيم والأفكار والفلسفات التى تحكم المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً فوافقنى على هذا التعريف وقال بدبلوماسية شديدة ليس من السهل أن تجمع المجتمع فى أيدلوجية واحدة ، وعن تكريمى فقد أرسلت لى الوزارة (وزارة التربية والتعليم) خطاب شكر لأننى وضعت امتحان اللغة الإنجليزية للشهادة الإعدادية وكان وكيل وزارة التربية والتعليم بقنا هو أ / لطفى عبد الله حميد – ووضعت قطعة إحدى الامتحانات عن صديقى شيخ شعراء الصعيد الراحل محمد أمين الشيخ ، وكان الامتحان للشهادة الإعدادية وقد ربطتنى علاقة صداقة وود كبير بينى وبين الراحل فقد تعرفت عليه فى شقة بإمبابة حيث كان طالباً فى كلية أصول الدين وكان يعمل معلماً إحدى المدارس الخاصة أثناء تدريسه فى الأزهر وكان رفيقى فى جولات التوجيه بالمدارس الثانوية وكنا نستقل سيارة "بيجو" معاً نذهب بها إلى المدارس سوياً ويقول أ / عبد السلام – استرجعت ذاكرتى فجأة أننى اشتريت سيارة من فرنسا بيجو 204 وتأخرت فظلت فى ميناء الإسكندرية حتى تحولت إلى المزاد فذهب إلى المزاد لكى أجد حلا لها ولكن الظروف كانت ضدى إلى أن شاهدنى عامل المزاد حاشراً لا أدرى ماا أفعل فتحث معى ومن لهجتى أدرك أننى من الصعيد فسألنى فقلت له أنا من قوص فأخبرنى أنه من "الحلة" وساعدنى حتى تم الإفراج عن السيارة ، وعن عائلتى فأخى الحاج / فكرى ، وأخى د / الطواب ، وأبنائي فهم أسامة ومحمد وثلاث بنات .
