عبد الحميد الديب
عبد الحميد الديب
الشاعر البائس
بقلم : أحمد الجدع
سأل أحد المتصفحين لموقع أدباء الشام على شبكة الإنترنت عن قائل هذا البيت :
إن حـظـي كـدقيق بين شـوك نـثـروه
وسأل عن تتمة الأبيات وعن قائلها .
وقد أثار هذا السؤال في نفسي ذكريات عزيزة .
كان ذلك عام 1961م أي قبل أكثر من أربعين عاماً ، عندما كنت أعمل مدرساً في بلدة "الخرمة" التابعة لمنطقة الطائف التعليمية في الحجاز من الجزيرة العربية ، وكان عمري آنذاك عشرين عاماً.
إن حظي كدقيق ثم قالوا لحفاةٍ صعب الأمر عليهم إن من أشقاه ربي |
|
بين شوك يوم ريح اجمعوه قيل يا قومي اتركوه كيف أنتم (تسعدوه) |
نثروه
إن من أشقاه ربي | أبداً لن | تسعدوه
فمن هو عبد الحميد الديب ؟
يا معشر الديب وافى كل مغتربٍ ذبحتهم الشاة قرباناً لعيدكم |
|
إلا غريبكم في مصر ما والدهر قدمني للبؤس قربانا |
بانا
ليت العباد كلاب ، إن كلبتنا | لما تزل لحفاظ الودّ | عنوانا
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوّت إنسانٌ فكدتُ أطيرُ
أقيموا بني أمي صدور مطيكم ولي دونكم أهلون سيد عملسُ |
|
فإني إلى قوم سواكم وأرقطُ ذهلولٌ وعرفاءُ جيألُ |
لأميلُ
وداعاً شبابي في ربيع شبابي وأهلاً حسابي فبل يوم حسابي
ولكن حظي بدل النور وبؤت من الأيام وهي هوامع أمانيّ تغريها الخطوب رأيتها ولو أن وهاب الحظوظ أراد لي ولكنها ماتت بليلة عرسها |
ظلمةً
|
وبدل ما أشدو نعيب بحظ العطاش من جهام سحاب كأشلاء قتلى في رؤوس حراب سلامة إحداها لخفف ما بي ومن دمها الغالي تخذت خضابي |
غراب
لم يخلق الحزن إلا في لو ذاق هذا الورى معشار محنتنا |
جوانحنا
|
ولا المدامع إلا في ما فارقوا عيشهم دنيا ولا دينا |
مآقينا
رضيت ومن يمرن على حزنه يرضى ويا سامر الدنيا وموكب يُسرها |
|
فيا ظلَّ أحلام تقلص وانقضا تجافيت بي نفلاً وأنكرتني فرضا |
حظي ومصرعه في لين بين النجوم أناس قد رفعتهمُ وكنت نوح سفين أرسلت حرماً وليس لي من حبيب في دياركم لم أدر ماذا طعمتم في موائدكم |
أخلاقي
|
وفيض عطفي على قومي وإشفاقي إلى السماء ، فسدوا باب أرزاقي للعالمين ، فجازوني بإغراقي إلا الحبيبين أقلامي وأوراقي لحم الذبيحة أم لحمي وأخلاقي |
كأني عبلة والبؤس عنتر |
|
وهام بي الأسى والبؤس حتى |
هنا يأيها المزنوق طرطر !! |
|
كأني حائط كتبوا عليه |
إذا هممت أن تختار من شعر الديب وقعت في حيرة ، فهو شاعر مقتدر ومتفوق وتود لو
أكثرت من عرض إبداعاته ، وكلما تركت قصيدة أسفت لأنك كنت تود لو عرضتها .
كل الحياة بهذه الفأس حَسْب ابن بَجْدَتِها وحاملها بين المروج عروسها تُجْلى كم أنبتت في قاحِلٍ ذهباً هي فرحة ، إلا إذا حُمِلَتْ في يومها غَرْسٌ .. وفي غدها وتُرَى على كَتِفٍ مجرحة |
|
من أخمص الدنيا إلى بين البرية عِزَّة النفس وتُزَفُّ من عُرْسٍ إلى عرس وجَرَتْ على الأزهار كالكأس لِتَشُقَّ مَثْوَى المَيْتِ بالرمس جنى لما أجدته في أمس كالتاج مُلْتَمِعاً على الرأس ! |
الرأس
سجنوا عليكَ الكون ، أم تَخِذوا عذابك ، أو نعيمك شهوة نَمْ يا ضرير ، ففي عماكَ سعادة ألاّ ترى أثَرَ الطغاة وجورهم ألا ترى الدنيا شخوص رواية صادوك ، فاتخذوك لعبة ملجإ لم يرحموك على عماك ، كأنهم في "الغرب" كل اللاجئين تخالهم وهم بمصر معذبون أذلة يَحْيَوْنَ في ظل الإسار وضيقه ثاروا وثاروا .. والحكومة لَمْ تَزِدْ وهم كباقي الشعب في بأسائه |
سَجَنُوكا
|
لو أنصفوا في ظلمهم وتقاسموك ، كأنَّهُم خلقوكا ! ألاّ ترى عيناك مَنْ ظَلموكا عرضاً ذبيحاً ، أو دماً مسفوكا ضَلَّت .. وضَلُّوا شرعة وسلوكا كم عذَّبوكَ به وكم ضربوكا حسبوا العذاب على العمى يهنيكا بين النعيم المستقر ملوكا ملكوا مِنَ الرِّقِّ المهين صُكوكا بأشد من عيش السجون حُلوكا إلاّ ظنوناً حولهم وشكوكا .. ! ظِلُّ الحُنوِّ به غدا متروكا |
قتلوكا
رعاك الله "مارستان" حَوَيْتَ الصابرين على البلايا ومن هبطوا بهم من صَرْحِ عِزٍّ تراهم خائفين .. فإن أُثِيروا وإن سئلوا عن الأسرار كانوا ورب مهرج منهم بقولٍ فإن يغضب بقارصَةٍ تباكى يعذبه عبادك كل يوم وكم في مصر من غِرٍّ غَبيٍّ ولو عدلوا لأمسى "خانكياً" |
مصر
|
فإنَّكَ دارُ عقل لا ومَنْ نَزَلوا على حكم السنين إلى أغلال إذلال وَهُون بِمَهْزَلَةٍ فآساد العَرين كمن أخذوا عن الروح الأمين يُريكَ الجد في ثوب المجون فأبكى العين بالدمع الهَتون ويَصْلَى الضَّيْمَ حيناً بعد حين تمتع بالجميل وبالثمين يُعذّب بالشمال وباليمين |
جنون
أقَتَلْتِهِمْ بالحُسن أم قتلوكِ دار النبوة .. والعروبة .. والهدى جهلوا عليك ، وما دروك فأمعنوا تِيهِي "فلسطين الدماء" على الورى فلَربَّ ظبي من بنيك مُهفهف نامت عيون الناس إلا عينه ولرب شيخ من بنيك محطم تعس اليهود فما لهم من ذمة |
|
الشمس أمك .. والهلال خَفَروا ذِمامَكِ بالدم المسفوك في قتل قومك .. ليتهم عرفوك إنَّ الملائك والملوك بنوك بجماله وحسامه يفديك !! حتى يصيب الثأر من راميك بَهَرَ الوجود صِباً .. لكي يحميك لو لم تكوني مُرّةً أكلوكِ |
أبوك
برامكةٌ وليس لهم مدحتهم فما شرفوا بشعري وصغت هجاءهم فإذا الأهاجي |
رشيد
|
وأقيال وكلهم لخستهم ، وما شرف القصيد على الأفواه لحن أو نشيد |
عبيد
راجع زمانك أيهذا لم يبق من مجد الزعامة كله |
الكاس
|
فاليوم لا نحس ولا "نحّاس" إلا قميص أزرق ولباس |
"كُلوا" الحكومة أو موتوا من مَن حرَّموا اللحم في يومين، هَلْ علموا حكومة الفقر و الأيام قَبْلَهُمُوا |
الجوع
|
صوت الضعيف المُرَجَّى غير أن ليس في حُكْمِهِمْ زَيْدٌ لتشريع ؟ على الورى حَرَّمَتْهُ ألْفَ أسبوع ؟! |
مسموع
كما ضاع عقد على خالصة |
لقد ضاع شعري على بابكم |