محمد أمين المصري

(1333 – 1397 هـ 1914 – 1977 م)

عالم، محدث، مرب، عرفته جامعة دمشق ومساجد دمشق (مسجد المرابط) خاصة بدروسه المتميزة التي تجمع بين العلم والعاطفة الصادقة القوية، نشأ في دمشق وقرأ على  علمائها من أمثال الشيخ بدر الدين الحسني والشيخ أبي الخير الميداني، ثم رحل إلى مصر لطلب العلم في الأزهر، وحصل على الشهادة العالمية عام 1941.رجع إلى سورية مدرساً في ثانوياتها وداعيـاً إلى الله في مساجدها وفي عام 1951 عين ملحقاً ثقافياً في السفارة السورية في باكستان، وهناك استغل فرصة وجوده  فنشط في نشر اللغة العربية وألف كتاباً في ذلك. وتعرف على علماء باكستان   والمحدثون منهم خاصة، كما عقد الصلات القوية مع الشيخ أبي الأعلى المودودي رحمه الله.

سافر عام 1956 إلى بريطانيا للتحضير لرسالة الدكتوراه، وكان موضوعها (معايير النقد عند المحدثين) ورجع إلى سورية عام 1959 مدرساً في كلية الشريعة، ولكنه لم يكتف بالتدريس الأكاديمي كما يفعل الكثير من أمثاله، ولكن كانت له جلسات علمية وخاصة في التفسير، ولو جولات على القرى يحدث الناس عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أنسى حديثه في إحدى القرى القريبة من دمشق، وأهلها فيهم شيء من الجفاء والقسوة، لا أنسى كيف كانوا يبكون أثناء حديث الشيخ عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن الشيخ خطيباً مفوهاً ولكنه كان محدثاً بارعاً قلَّ نظيره.

في عام 1965 كان حكم حزب البعث على أشده تعنتاً وأذى للناس وللمسلمين خاصة، وكان للشيخ في هذه السنوات تجربة مؤلمة مع بعض الدعاة في دمشق، كما كان له تجربة في مسجد المرابط مع من يشاركه في الدروس، وقد رأى بعد أحدهم عن منهج أهل السنة، ورأى سكوت الناس وخاصة أهل المال عن الانحراف الواقع، لهذه الأسباب قرر مغادرة سورية وودعها وهو يردد قوله تعالى: [ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها] وتعاقد مع المملكة العربية السعودية مدرساً في جامعة أم القرى في مكة المكرمة. وهناك شارك في تأسيس قسم الدراسات العليا. وكان له طلابه ومحبيه، وكانت له أحاديث في الإذاعة والتلفاز ثم انقطع عن التلفاز وأذكر أنه قال لي: كيف تظهر هذه (اللحية) وأشار إلى لحيته ويظهر بعدها الموسيقى والأغاني ثم انتقل إلى الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية رئيساً لقسم الدراسات العليا، ولم ينفك عن دروسه ومحاضراته وكلها في التفسير والسيرة النبوية، والتفسير يحوم كله حول سورة الأنفال أو سورة آل عمران للحديث عن غزوة بدر أو غزوة أحد. وفي عام 1977 دعي إلى مؤتمر إسلامي في ألمانيا، سافر بعدها إلى سويسرا لإجراء عملية جراحية، توفي على أثرها ونقل جثمانه إلى مكة ودفن فيها رحمه الله رحمة واسعة.

كان الموضوع الرئيس الذي شغل بال الشيخ هو التربية والتربية الجهادية خاصة، ولذلك كان يكثر من الحديث عن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة حياته وسيرة أصحابه، وكان يقول: إن الطفل في الأسرة المسلمة يجب أن ينام على أحاديث الجهاد، وكان ينتقد طرق التعليم في المدارس الحكومية التي تبلد الطالب ولا تجعله ينطلق علمياً وتربوياً.

كان للشيخ بحوث مهمة في التربية جمعت في كتاب: المسؤولية وكتاب المجتمع الإسلامي، وجمعت محاضراته في تفسير سورة الأنفال بعنوان: من هدي سورة الأنفال، وله من الكتب: وسائل التربية الإسلامية، تعلم العربية لغير الناطقين بها، وله محاضرات ودروس في سورة آل عمران لم تطبع بعد.