الدكتور إبراهيم عوض بين الأدب والفكر الإسلامي
عرفت الدكتور إبراهيم عوض منذ سنوات، وحاولت الاتصال به ونجحت فى هذا بفضل أخى الحبيب الكاتب الصحفى محمود حلمى القاعود، وتكررت الزيارات المتعددة له بالإضافة إلى اتصالى الشبه يومى به .. نتجاذب أطراف الحديث عن قضايا شتى وتتدفق الإجابات منه عبر الأثير وأحس بالدفء معه من حديثه الجامع المانع لكل القضايا الأدبية واللغوية والتاريخية والفكرية والإسلامية ..هو شخصية تسلب اللب والقلب معا.. يذكرك بالعظماء لأنه أحدهم فى تواضعه الجم وكرمه اللانهائى..نتناول بعض جوانبه الفكرية فى السطور التالية ..لأنه يستحق الدراسات التى تستغرق المجلدات، حيث لا يمكن أن تصل لشاطئه الآخر ابداً من غزارة إنتاجه الذى لا يتوقف.. فكل يوم يدلى بالجديد المبتكر ..فهو يرهق الباحثين عن المعرفة من الجرى وراء إنتاجه الجديد، وهو فى هذا ينضم إلى قافلة المفكرين الموسوعين فى أدبنا القديم وعلى رأسهم: الإمام جلال الدين السيوطى، وابن فضل الله العمرى، والمقريزى، والنويرى، وابن حجر العسقلانى، والمحدثين ومنهم:عباس محمود العقاد، وأنور الجندى، وأحمد شلبى، وعبدالرحمن بدوى، وغيرهم..
تعددت نشاطاته بين الدرس الأدبى بحكم تخصصه الرفيع كأستاذ للدراسات الأدبية والنقد فى كلية الآداب جامعة عين شمس حيث جاءت مؤلفاته نصفها فى النقد ونصفها الآخر فى الدراسات الإسلامية، وهذا ليس بمستغرب لديه، فمنذ أن أمسك بالقلم وهو موزع النشاط فى هذه المجالات بحكم درساته الأولى فى الأزهر الشريف حتى المرحلة الثانوية، وحفظ القرآن فى طفولته، ودرس الفقه، والتفسير، والتاريخ، والسير واالتاريخ، والعلوم اللغوية على الطريقة الأزهرية القديمة التى كانت تخرج علماء فطاحل، كانوا الحصن الحصين للإسلام، أما اليوم فقد تغير الحال بفعل القوانين التى ألجمت الأزهر وصرفته عن دوره الحقيقى فى نشر العلم والثقافة الإسلامية، وعندما سئل عن ذلك قال: "كما أننى خريج قسم اللغة العربية (من آداب القاهرة)، وأقسام اللغة العربية تدرس الإسلام شريعة وتفسيراً وحديثاً وتاريخاً. أى أننى إذا كنت أكتب فى الدراسات الإسلامية فليس هذا بالمستغرب. أليس كذلك؟ وعلى هذا فلو ذهبت تعد كتبى لوجدت نصفها تقريباً فى الأدب والنقد، ونصفها الآخر فى الإسلاميات. زد على ذلك أن هناك هجوماً شرساً ضد الإسلام ازداد فى العقود الأخيرة. فإذا لم يتصد واحد مثلى لذلك الهجوم، فمن يفعل؟ كذلك ينبغى التنبه إلى أنه لولا الإسلام ما كانت اللغة العربية قد أتت إلى مصر، ولما تأدب المصريون بأدب العرب واتخذوا من تاريخهم تاريخاً لهم. فما الغرابة إذن فى أن أجمع بين الكتابة فى الإسلاميات والكتابة فى الأدب والنقد العربى؟".
أثرى الدكتور عوض المكتبة العربيى بعشرات الكتب توعت بين النقد، والأدب، والتفسير، والدراسات الإسلامية، والردود فعلي سبيل التمثيل لا الحصر قدم في التفسير والدراسات القرآنية "المستشرقون والقرآن"، و"السجع في القرآن"، "سورة طه".. مصٍدر القرآن - سورة يوسف - سورة المائدة - القرآن والحديث (مقارنة أسلوبية).
وفي التراجم والنقد وتاريخ الأدب مما قدمه: معركة الشعر الجاهلي بين الرافعي وطه حسين - المتنبي - لغة المتنبي - المتنبي بإزاء القرن الإسماعيلي - عنترة بن شداد - النابغة الجعدي وشعره - أصول الشعر العربي - مع الجاحظ - المرايا المشوهة - في الشعر الجاهلي - في الشعر الإسلامي والأموي - شعراء عباسيون - فصول من النقد القصصي - نقد القصة في مصر - محمد حسين هيكل - محمد لطفي جمعة -القصاص محمود طاهر لاشين - في الشعر العربي الحديث - أدباء موديرن - دراسات في المسرح - د. محمد مندور.
كما تصدي بعدد من الكتب للذين حاولوا النيل من الإسلام والقرآن والرسول صلي الله عليه وسلم, وأغلب هؤلاء -للأسف- من المأسٍلمين أعداء الإسلام، ومن هذه الكتب: "وليمة لأعشاب البحر: بين قيم الإسلام وحرية الإبداع"، و"العار: هتك الأستار عن خفايا كتاب: فترة التكون في حياة الصادق الأمين لخليل عبدالكريم"، و"افتراءات الكاتبة البنجلاديشية: تسليمة نسرين علي الإسلام والمسلمين"، و"دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية: أضاليل وأباطيل"، و"ماذا بعد إعلان سلمان رشدي توبته؟ دراسة فنية وموضوعية للآيات الشيطانية". ..
وقد ولد الدكتور إبراهيم محمود عوض فى قرية "كتامة الغابة" مركز طنطا فى محافظة الغربية فى 6/1/1948 حفظ القرآن الكريم فى صغره وهو طفل لم يتعد الثامنة وجوده وقرآه بالقراءات المتعددة، ثم ينتسب للأزهر الشريف بالمعهد الأحمدى بمدينة طنطا، وظل به حتى المرحلة الثانوية وحول أوراقه إلى المدرسة الأحمدية الثانوية ليحصل على شهادة البكالوريا ثم يلتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة ويتلقى العلم على أيدى فطاحل العلم فى هذه الكلية العريقة منهم: الأستاذ الدكتور شوقى ضيف الذى يعتز بأستاذيته وصداقته بعد ذلك ومنهم أيضا الدكتور حسين نصار، وشكرى عياد، وعبدالحميد يونس، وعبدالعزيز الأهوانى، وسهير القلماوى، ومحمد مصطفى حلمى، ويوسف خليف، وغيرهم، ويتخرج بتفوق 1970 ثم يذهب فى بعثة إلى بريطانيا، حصل الدكتور إبراهيم عوض على الدكتورية من جامعة أوكسفورد سنة 1982 فى "النقد القصصى فى مصر منذ بداياته فى أواسط القرن التاسع عشر الميلادى إلى ثمانينات القرن الماضى"، وقمت بترجمتها ونشرت عدة مرات.. ذهب إلى هناك مزوداً بمضاد حيوى يحميه من الذوبان فى ثقافة الأمم الأخرى ولكنه يأخذ مما يتفق وثقافتنا العربية الأصيلة، لم نراه يخوض فى أفكار شاذة كغيره، وإنما استفاد إلى أبعد حد من الآخر لخدمة أمته وثقافته، لا للانتقاص منها على حساب الثقافة الغربية وألف فى ذلك مايزيد عن مائتى وخمسن كتاباً فى كل العلوم العربية والإسلامية،.
معارك أدبية وقضايا إسلامية:
وقد خاض الدكتور إبراهيم عوض معارك فكرية مع رموز العلمانية والتغريب فى عصره منهم الدكتور محمد على مراد، الذى زعم بأن ابن هشام كان عميلا للدولة ولون سيرته بلون السياسى للدولة ، فكتب كتابه المسمى: "إبطال القنبلة النووية الملقاة على السيرة النبوية"، وهو عنوانٌ مستوحًى مما قاله الدكتور مراد نفسه حين وصف له رسالته هذه فى خطاب منه إليه بأنها سوف يكون لها عند نشرها على الجمهور وقع القنبلة النووية، فأراد أن يقول له إن كتابه هذا هو بمثابة نزع الفتيل من تلك القنبلة قبل انفجارها.
كما كانت معركته مع خليل عبد الكريم، الكاتب الشيوعى الذى ابتدع فكرة اليسار الإسلامى فى مؤلفات تحمل اسمه (وإن كان الدكتور عوض يشك فى أنه هو مؤلفها الحقيقى أو الكامل) تهاجم الإسلام والصحابة والقرآن هجوما عنيفا يتسم بالرعونة والسفاهة ومجافاة المنطق والتنكر لحقائق التاريخ، وتنقل عن أعداء الإسلام نقلا وتحاول فى الوقت ذاته أن تظهر بمظهر اللوذعية فتصدى له الدكتور عوض فى كتابه: "اليسار الإسلامى وتطاولاته المفضوحة على الله والرسول والصحابة"، وأمسك فيه بأهم ما ينسب لخليل عبد الكريم من كتب ولم أترك كتابا منها إلا ومسح به الأرض كما نقول فى مصر، مبينا ما فيه من فهاهة وتهجم سافل وجنوح عن المنطق ومجافاة للتاريخ الحق.
كما رد على سلوى بكر فى روايتها "البشمورى" فوجد فيها التجنى على التاريخ والحقيقة وهى رواية متهافتة لا يصح صدروها عن قلم مبتدئة فى دنيا الأدب اسمها: "البشمورى"، فجعلت عصر المأمون كله كتلة من المظالم. فهل يصح اختزال عصر المأمون، وهو من أزهى عصور الازدهار الحضارى فى تاريخ العالم، فى تلك المظالم التى ركزت عليها الكاتبة بالباطل؟ أين التفتح الثقافى؟ أين الرواج الاقتصادى والنعمة التى كان يعيش فيها الناس بوجه عام؟ لقد انتقل راوى "البشمورى" إلى بغداد، بل لقد دخل قصر الخلافة يشتغل مساعدا لكبير الطباخين، فلم نر من قصر الخلافة إلا مجلسا للخليفة ترقص فيه امرأة لعوب تثير الشهوات. فهل هذا هو كل ما كان يجرى فى مجلس المأمون، إن كان مجلس المأمون يعرف الراقصات العاريات أصلاً؟ ألم يكن هناك علماء يتناقشون فى حضرته ويشاركهم مداولاتهم الفكرية؟ ألم يكن هناك رجال دولة يستشيرهم الخليفة ويتناول معهم شؤون الأمة وكيفية تدبيرها؟ ألم يكن هناك أصحاب شكاوى يلجأون إليه لإنصافهم؟ أليس إلا الراقصات؟ وعلى نفس الشاكلة نجد الرواية تركز فى عصر المعتصم على العيارين والتذمر والفتن وحدها، وكأن الدولة فى عهد ذلك الخليفة العظيم لم تك تحتوى على أى خير. الحق أنه لو لم يكن له من فضل إلا أنه أدب الروم وغزا بلادهم وجعلهم يتلفتون حولهم فى ذعر لكان ذلك حسبه من المجد والفخار والخلود فى صحائف التاريخ المنيرة.
كما رد على شريف الشوباشى، وكيل وزارة الثقافة المصرى للشؤون الخارجية، كتابا عنوانه "لتحيا اللغة العربية: يسقط سيبويه"، تناول فيه اللغة العربية الفصحى والكلام الذى يثور فى العصر الحديث بين الحين والحين عن صعوبة قواعدها عارضًا الوسائل التى يراها كفيلة بالقضاء على هذه الشكوى مع الحفاظ على الفصحى فى ذات الوقت حسبما جاء فى كلامه وقد تصدى له الدكتور إبراهيم عوض فى الندوات واللقاءات التليفزيونية وألف كتابا فى هذا الشأن يرد فيه على شريف الشوباشى بعنوان"لتحيا اللغة العربية يحيا سيبويه".. رد فيه حجج الشوباشى الواهية.
وقد تتبع الدكتور إبراهيم عوض الأفكار المارقة التى تسىء عمداً إلى الإسلام وتشهر برسوله وتعاليمه وتناولها بالرد سواء فى كتب أو مقالات مشباكية "أى على شبكة الانترنت"، وفى هذه الردود تزاحمه الأفكار الكثيفة لديه والتى تنبىء عن موسوعية صاحبها وهو فى هذا ينحو منحى العقاد صاحب الردود المفيدة فى إسلامياته بالرغم من أن العقاد كان متفرغاً تاماً لأفكاره وأبحاثه وكتبه ومشروعه الفكرى، ولم يكن متزوجا بالتالى لم يكن يعول أولاداً ولم يتعرض لأتراح الحياة وتعقيداتها..أما الدكتور إبراهيم عوض فشغل بالوظيفة والأولاد الذين حصلوا على الدرجات العليا فى الجامعات ويشغلون مواقعا مرموقة بها فرغم هذه الأعباء نراه يكثر من أبحاثه التى اشتهرت وبلغت الآفاق.
وقد وقف الدكتور إبراهيم عوض طويلا أمام افتراءات المبشرين والمستشرقين وسفراءهم فى بلادنا، وأطلع على أعمال بعضهم وقرأ مؤلفاتهم فى كتبهم الأصلية، فعرف ما يضمر القوم من حقد وبغى على الإسلام ورسوله لم يتحررون منه حتى اليوم، ويرى الدكتور عوض أن المستشرقين غير المسلمين تفسيرات ثلاثة لنبوة محمد: أنه كان كذابا مخادعا عن سبق إصرار، أو أنه كان واهما مخدوعا يظن أنه نبى على حين أنه لم يكن كذلك، أو أنه كان مريضا بمرض عصبى هو السبب فى الهلاوس أو الهستيريا التى كان يتخيل معها مشاهدة جبريل وسماعه بينما الحقيقة أنه لم يكن هناك ما يُرَى ولا ما يُسْمَع، بل لم يكن هناك جبريل أصلا. إنْ هى إلا أوهام خيلها له المرض النفسى الذى كان يعانى منه. وقد تناول تلك الشبهات الثلاث وفصّل القول فيها وفى تفنيدها تفصيلا فى كتابه: "مصدر القرآن- دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحى المحمدى".
ورد على لويس عوض فى كتاب بعنوان "الفضيحة" تناول فيه كتابه "مقدمة فى فقه اللغة" الذى صدر عن هيئة الكتاب وتم سحبه تحت الضغط الشعبى فتولى نشره ناشرٌ صفيق مثلما ينشر لشذاذ الآفاق فى بلادنا، ويعتبر الدكتور عوض أن أمثال لويس عوض وسلامة موسى حينما يكتبان عن شىء يتعلق بالعروبة والإسلام فهما لا يكتبان شيئا علمياً ولا له صلة بالعلم من فريب أو من بعيد، كما يعتبر أن كتاب عوض: "مقدمة فى فقه اللغة العربية" كله جهل وبهلوانية وتدليس وشغل ثلاث ورقات، وقد رد عليه وبين حقيقته وحقيقة صاحبه.
كما رد على الدكتور طه حسين، فى أكثر من دراسة، ويقول عنه أنه صاحب أسلوب له حلاوة العسل، وأنه يجمع بين الثقافة العربية وثقافة الغرب، لكنه قد اختار الميل إلى الغرب بكل كيانه، وهو يعد هذا خيانة. كما أنه أحد من يَتَوَلَّوْن كِبْر ما نراه الآن من التحاق صريح بقوى الغرب التى أتت إلى بلادنا فاحتلتها وأخذت تتدخل فى شؤوننا تريد القضاء على قرآننا وإسلامنا. "
ولم يتوقف الدكتور عوض يوماً عن مجابهة هؤلاء فكال لهم فى كتبه، وأبحاثه ومقالاته المطولة على المشباك ونذكر منها كتب التى كنا نود استعراضها لولا ضيق المقام نذكر منها: "المستشرقون والقرآن"، و"مصدر القرآن..دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحى المحمدى"، و"افتراءات الكاتبة البنجلاديشية على الاسلام والمسلمين ..دراسة نقدية لرواية العار"، و"إبطال القنبلة النووية الملقاة على السيرة النبوية..خطاب مفتوح إلى الدكتور محمود على مراد"، و"دائرة المعارف الاسلامية الاستشراقية..أضاليل وأبطاليل"، و"اليسار الإسلامى وتطاولته المفضوحة على الله ورسوله"، و"لكن محمد لا بواكى له ..الرسول يهان فى مصر ونحن تائهون"، "عصمة القرآن وجهالات المبشرين"، و"الفراقان الحق: فضيحة العصر"، و"الرد على ضلالات زكريا بطرس"، و"الإسلام الديمقراطى المدنى – الشركاء والموارد والاستراتيجيات (ترجمة تقرير مؤسسة راند الأمريكية لعام 2003عن الإسلام والمسلمين فى أرجاء العالم)..
إبراهيم عوض وتفسير القرآن وعلومه:
قام الدكتور إبراهيم عوض بتفسير عددا من سور القرآن الكريم وهى سورة المائدة والنساء ومنهجه فى التفسير كان يميل إلى الانتفاع من المنهج الأسلوبى في دراساته للقرآن الكريم، وبخاصة في مجال التفرقة بينه وبين الحديث النبوى، والتمييز بين المكي والمدني منه، كما تصدى لأقوال المستشرقين ومزاعمهم وأكاذيبهم، كما ناقش آراء المفسرين المسلمين من غير العرب مثل المودودى، وكذلك عقد مقارنة بين القرآن العهد القديم فى الأمور المتناظرة ثم تطرق لقضايا السورة التشريعية مثل حدة الردة وخبر أهل الكتاب كما فى سورة المائدة، ونفى ما يزعم الزاعمون من أن هناك آيات وسورا كانت موجودة فيه ثم أسقطت، مثل آيتى الغرانيق وسورة "النورين"، وقد زعم فريق من الشيعة أن القرآن الكريم قد سقطت منه بعض النصوص التى تتحدث عن حق سيدنا على رضى الله عنه وذريته فى إمامة المسلمين بعد النبى صلى الله عليه وسلم ومن هذه النصوص فى زعمهم سورتان كاملتان تسميان "الولاية"، و"النورين"، وقد تلقفت طائفة من المستشرقين والمبشرين هذه الورقة وأخذت تلعب بها بغية إثارة الشك فى النص القرآنى أو على الأقل بلبلة المسلمين والعمل على إغاظتهم وإيقافهم موقف المتهم المدافع عن نفسه بما يخلفه ذلك الموقف فى نفس صاحبه عادة من إحساس بالحيرة والدونية، ولقد رأى الدكتور عوض أن يدرس إحدى السورتين دراسة علمية فى كتاب له بعنوان "سورة النورين" فحلل أسلوب السورة ليرى مدى اقترابه من الأسلوب القرآنى أو ابتعاده عنه فثبت له على نحو قاطع أنها لا تمت للقرآن بأى وشيجة، وأن التزييف فيها والركاكة واضحان تمام الوضوح إلى جانب تناقضاتها وسخف معانيها فمازالت يرد عليها آية آية يكشف عن فساد ألفاظها وتصوراتها ..
وله أكثر من كتاب تناول فيه بالدراسة النقدية التحليلية عددا من الترجمات القرآنية التي قام بها فرنسيون وإنجليز، وأغلبهم من المستشرقين، مبينا عيوب تلك الترجمات ومفندا المزاعم التي ادعاها بعض الدارسين الغربيين عن القرآن. كما أنه في الكتب التي درس فيها بعض السور القرآنية كان حريصا على أن يرجع إلى ما كتبه المستشرقون والمسلمون غير العرب في ذات الموضوع، بالإضافة إلى أنه يبدأ دائما كل دراسة من هذا النوع برصد السمات الأسلوبية التي تؤكد مكية السورة أو مدنيتها، فضلا عما تنفرد به السورة من خصائص أسلوبية لا تشاركها فيه أية سورة أخرى..كما ألف كتابين فى غاية الأهمية "مسير التفسير"، و"من الطبرى إلى سيد قطب".
وفى النهاية نقول: هذا قليل من كثير عن الدكتور إبراهيم عوض، هذا الرجل الموسوعى الذى يعجر المرء للوصول إلى شاطئه الآخر فى محيطه العلمى المتشعب الذى برع فى مجالات عدة من المعرفة فى العلوم اللغوية والأدبية والنقد والترجمة والتاريخ والفكر الإسلامى والعلوم الإسلامية.. فهذه المقالات قصد منها التعريف بجوانب من جوانب فكره وعلمه ..
وسوم: العدد 645