الشيخ عبد الغني علي الدقر
(1335- 1423 هـ )
(1916- 2002م)
من علماء دمشق، أديب لغوي، محقق باحث، وداعية إلى الله، عرف بالحكمة والهدوء، حسن الأخلاق، عفيف النفس، محمود السيرة.
المولد والنشأة :
هو الشيخ عبدالغني بن الشيخ محمد علي الدقر، ولد في دمشق عام 1335هـ - 1916م في أسرة دمشقية عريقة، فوالده العالم الكبير رائد النهضة العلمية في بلاد الشام الشيخ علي الدقر.
تعليمه :
بدأ قراءة القرآن الكريم على الشيخ عزو العرقسوسي، فأتقن على يديه، ثم انتقل إلى المدرسة التجارية، فأمضى فيها ست سنوات. وحفظ الكثير من المتون التعليمية في الفقه والنحو، فعينه مدير المدرسة معلماً فيها، ولم يزل فتى يافعاً.
في الثانية عشرة من عمره، انتقل إلى حلقات أبيه في جامع السادات، وجامع السنانية، والمدرسة السيبائية، فتلقى فيها العلوم الشرعية والعربية.
ثم اهتم بالعربية فدرس كتاب الكامل للمبرد، والأمالي لأبي علي القالي، وكتب الجاحظ والمزهر في علوم اللغة للسيوطي، وكتب الأدب الحديث كالمنفلوطي، والزيات، والعقاد.
استفاد من بعض الأدباء، اللغويين في دمشق، كالأستاذين : التنوخي، والنكدي.
وقرأ (أمالي) القالي على العلامة اللغوي الكبير الشيخ عبد القادر المغربي، وقرأ المعلقات وشروحها وسواها من أمات الكتب التي تتحدث عن الأدب الجاهلي، والإسلامي والعباسي، وحفظ الكثير منها ومن شواهدها ونوادرها وطرائفها، فكان مكتبة تمشي على قدمين.
أعجب به العلامة محمد كرد علي، مؤسس المجمع العلمي العربي بدمشق، ورئيسه، ودعاه لإلقاء محاضرات في المجمع، وكلفه بتحقيق كتاب ( تاريخ دمشق) لابن عساكر، فحقق منه الجزء السابع، وفهرس كثيراً من المخطوطات في المجمع، وفي المكتبة الظاهرية في الفقه الحديث.
كانت له مجالس علم وأدب مع العلامة الشيخ عبد الكريم الرفاعي، قرأ معه كتابي: المحلى، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم، ومع الشيخ المؤرخ العلامة نايف عباس الذي تدارس معه (علم البيان) تلبيه لرغبة الشيخ بهجت البيطار، ومع أخيه وأستاذه الشيخ أحمد الدقر، وسواهم من العلماء والأدباء والشعراء كالأستاذ النحوي العلامة سعيد الأفغاني، والشيخ علي الطنطاوي فقد تدارسوا معاً كتاب (الرسالة) للإمام الشافعي وسواه.
لم ينل شهادة قط منها، ولم يدرس في جامعة قط، وكان أساتذة الجامعات وحملة الشهادات تلاميذ عنده، قال عنه الشيخ علي الطنطاوي: ( عليكم بالبقية الباقية من أقطاب الأدب، أطلقوا أيديهم في مناهج العربية وكتبها، لا تجعلوا الشهادات وحدها هي الميزان : فإن كثيراً ممن أعرف اليوم ذوي معرفة الأدب العربي الحق ممن درس كتبه الكبرى، كالكامل للمبرد، والأمالي للقالي، لم يكونوا يحملون شهادة، وإن كان يقعد بين أيديهم ويتلقى عنهم حملة الشهادات من أساتذة الجامعات من هؤلاء الذين أعرفهم محمود محمد شاكر في مصر، وعبد الغني الدقر في الشام) ذكريات : 302/8
كان الشيخ عبدالغني الدقر ذا اطلاع واسع على الكتب مخطوطها ومطبوعها وخاصة تلك التي لها صلة بالأدب واللغة والنحو والرجال، إنه قارئ من الطراز الأول، يقرأ من بعد صلاة الفجر، حتى قبيل الغروب، يقرأ، ويقرأ، ويقرأ، وينتقد، ويعقب، ويستدرك ويصحح، ويقول عن نفسه : (لا أستسلم لكتاب أو رأي) حتى وصفه شيخ القراء من الشام الشيخ محمد كريم راجح، بالعالم الحر، ونقول فيه ما قاله هو في رثاء شيخه وزميله العلامة الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت : ( لقد كان عالماً حقاً، وحسبه من نعوت الكمال أن تكون هذه صفته، وما أندرها فيمن ينتسبون في هذا العصر إلى العلم) تاريخ علماء دمشق : 829/2 وكذلك كان الشيخ عبد الغنى فقد كان آية في فهم اللغة العربية، يتكلم فيخرج الحرف من مخرجه، مشتملاً على صفته، كأن جاء من خيام ربيعة ومضر.
كان فقيهاً حراً، شافعي المذهب لا يتعصب للمذهب، يقدم رأيه ولا يفرضه، يأخذ من الجميع ثم يعود إلى رأيه المصحوب بالدليل الصحيح الثابت من الكتاب والسنة المطهرة.
صفاته:
كان طلق المحيا واللسان، دؤوباً على طلب العلم، صابراً على استنباط الأحكام، وفهم ما يشكل على العلماء من أمثاله، متسامحاً مع المخالفين له في الرأي، ويتمتع بأسلوب تحليلي قائم على البرهان والدليل، وكان الكتاب جليسه وأنيسه حتى وفاته، وكان بعيداً عن الأضواء، يؤثر عليها كتابه وأصدقاءه وتلاميذه وبيته، وكان يجيد السباحة والرماية، وركوب الخيل، ويحب الصيد.
المعلم ..الداعية:
بدأ مسيرة التعليم معلما في مدرسة التجارة وهو دون الثانية عشرة من العمر، ثم انتدبه والده لتعليم النحو، وهو في الخامسة عشرة، فدرس تلاميذه عدداً من كتب النحو، مثل الآجرومية للأزهري، وقطر الندى، وشذور الذهب لابن هشام، وشرح ألفية ابن مالك في النحو لابن عقيل. ثم درس الأدب في (معهد العلوم الشرعية الإسلامية) التابع للجمعية الغراء. ثم في ثانوية (سعادة الأبناء) التابعة للجمعية الغراء مدرساً ومديراً، وكانت له حلقات علم في جامع المرابط دامت سنوات، درس فيها تفسير الكشاف للزمخشري في إعجاز القرآن الكريم، وحلقة في كتاب الكامل للمبرد، وحلقة في الحديث، يقرأ فيها من البخاري ومسلم، مع شرح الحديث، وبيان المستفاد منه. وكان له درس أسبوعي في منزل أخيه الشيخ أحمد، في الحديث الشريف مرة، وفي (الرسالة القشيرية) أخرى، وله درس أسبوعي في جامع الحمد يقرأ فيه من صحيحي البخاري ومسلم، وكانت له دروس أسبوعية لطلبة العلم منها ما كان في دراسة اللغة والأدب، ومنها في الفقه المقارن، وفقه الحديث، وأصول الفقه.
وأسهم في تعديل مناهج المعاهد الشرعية التابعة للجمعية الغراء، وأدخل عليها العلوم الكونية من فيزياء وكيمياء، ورياضيات، والتاريخ، والجغرافيا، واللغة الأجنبية، إلى جانب العلوم الشرعية والعربية.
أنشطته الإعلامية :
كان الشيخ عبد الغني يكتب، ويحاضر، وله أحاديث في الإذاعة السورية، ومحاضرات في مساجد دمشق، وفي المجمع العربي بدمشق، وله مقالات في صحف ومجلات كبرى منها:
مجلة (الرسالة) القاهرية، و(حضارة الإسلام) الدمشقية ومجلة (المرأة) وجريدة (الأيام) الدمشقية.
مؤلفات الشيخ عبد الغني الدقر :
- مختصر تفسير الخازن، المسمى : لباب التأويل في معاني التنزيل، اختصره الشيخ في ثلاثة مجلدات كبيرة، من المقطع الكبير، وجاءت في 1725صفحة.
- الإمام الشافعي : فقيه السنة الأكبر، وهو الكتاب الثاني في سلسلة (أعلام المسلمين) التي تصدر عن دار القلم بدمشق، صدر عام 1392هـ - 1972م في أربع مئة صفحة من القطع العادي.
- الإمام النووي شيخ الإسلام والمسلمين، وعمدة الفقهاء والمحدثين، صدر هذا الكتاب القيم عام 1395هـ - 1975م عن دار القلم بدمشق، في 215 صفحة من القطع العادي.
- أحمد بن حنبل : إمام أهل السنة، صدر في هذا الكتاب عن دار القلم بدمشق ضمن سلسلة (أعلام المسلمين) عام 1399هـ - 1979م.
الإمام مالك بن أنس : إمام دار الهجرة، صدر عن دار القلم بدمشق في سلسلة (أعلام المسلمين) عام 1402هـ - 1982م.
- سفيان بن عيينة شيخ من شيوخ مكة في عصره، وهو من ضمن سلسلة (أعلام المسلمين) التي تصدرها دار القلم بدمشق صدر سنة 1412هـ - 1992م.
- الإمام سفيان الثوري : أمير المؤمنين في الحديث، صدر عن دار القلم بدمشق ضمن سلسلة (أعلام المسلمين) سنة 1415هـ - 1994م.
- تاريخ مدينة دمشق.
- معجم النحو، وهو (أول كتاب في النحو، أكبر من متوسط صنف عام 1395هـ - 1975م، صدر عن المكتبة العربية بدمشق.
- معجم القواعد العربية في النحو والتصريف وذيل بالإملاء، وصدرت طبعته الأولى عام 1404هـ - 1984م عن دار القلم بدمشق.
- شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، صدر عن دار الكتب العربية بدمشق في 654 صفحة من القطع الكبير.
- محاضرات في الدين والتاريخ والاجتماع، وهو أول كتاب صدر للشيخ عبدالغني عام 1372هـ - 1953 بتشجيع من (الجمعية الغراء) بدمشق..
- لمحات من الكتاب والنبوة والحكمة، صدر عن دار اليمامة بدمشق.
- صحيح الأدعية والأذكار، صدر عن دار القلم بدمشق سنة 1379هـ - 1977م
- قصة إبليس والراهب، صدرت عن دار الهجرة سنة 1398هـ- 1978م في 52 صفحة.
- الدعوة في القرآن وإلى القرآن، صدر عن دار الهجرة سنة 1406هـ - 1986م في سبعين صفحة.
- فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية – الفقه الشافعي، صدر عن المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1383هـ 1963م في 355 صفحة.
- تحقيق كتاب، قواعد الأحكام في مصالح الأنام تأليف العز بن عبد السلام، صدر عن دار الطباع بدمشق سنة 1412هـ - 1992م.
- تحقيق كتاب : تحرير ألفاظ التنبيه، أو لغة الفقه للإمام النووي.
- له ديوان شعر مخطوط.
وفاته :
توفي رحمه الله في دمشق مساء الخميس 15 شوال 1423هـ - 19 كانون الأول عام 2002م.
وسوم: العدد 646