الأستاذ الدكتور المربي معاذ سعيد حوى
1969- معاصر
معاذ سعيد حوى، أحد أبرز علماء الدين السنة في الأردن، ومن المتخصصين في مجال تزكية النفس وتربيتها. والده سعيد حوى أحد أبرز علماء الإخوان المسلمين في سورية، أخذ عن والده حب العلم والدين والقيم، وأعطى جانب التربية والتزكية حقه من الدراسة والبحث حتى صار علماً في ذلك رغم حداثة سنه .
مولده ونشأته :
ولد في المدينة المنورة سنة 1389 هـ/ الموافق 1969م. نشأ في بيت علم ودين ودعوة، فوالده سعيد حوى المولود في حماه في سوريا والمتوفى سنة 1989م، ومن أشهر العلماء والدعاة المعاصرين الذين لهم أثر كبير في مسيرة الدعوة والفكر الإسلامي ، وإخوته د. محمد ، ود. أحمد من العلماء والدعاة البارزين في سورية .
طلبه للعلم :
بدأ معاذ حوى دراسته في مدارس سوريا، ثم أكمل دراسته الابتدائية وحتى الثانوية العامة في مدارس عمان في الأردن.
توجه معاذ حوى من طفولته إلى كتاب الله تلاوة وحفظاً وتفهماً ودراسة، كما اهتم بالعلم الشرعي من صباه، وكان لوالده ووالدته كبير الأثر في ذلك، وقد استفاد كثيراً من كتب والده، كما استفاد من القراءة على والده وملازمته في دروسه ومجالسه، وترعرع بين يديه. وبعد وفاة والده تتلمذ على الشيخ علي أبو زيد المتوفى سنة 1997م.
درس الشريعة الإسلامية في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، وحصل على درجة البكالوريوس فيها.
ثم أتم دراسته في الجامعة نفسها فدرس الماجستير ، وكانت رسالة الماجستير في الفقه وأصوله بعنوان: "السمسرة وأحكامها في الفقه الإسلامي"
وحصل على الدكتوراه فيها، وكانت رسالة الدكتوراه في الفقه وأصوله بعنوان "المنهج الاجتهادي عند الإمام البخاري في صحيحه".
أبرز شيوخه وأساتذته :
وقد استفاد من أساتذة الجامعة علماً ومنهجية وأدباً، وكان من أبرز أساتذته الذين انتفع منهم:
1-الدكتور محمد نعيم ياسين .
2- والدكتور أحمد نوفل .
3- والدكتور راجح الكردي .
4- والدكتور فتحي الدريني .
5-والدكتور ماجد أبو رخية .
6- والدكتور سلطان عكايلة .
7- والدكتور ياسين درادكة .
8- والدكتور علي الصوا .
9- والدكتور شرف القضاة،...... وغيرهم كثير.
جهوده :
يعمل إماماً وخطيباً ومدرساً في مسجد الأوابين في منطقة صويلح أحد مساجد عمان، منذ سنة 1993م، ويعقد فيه دروساً أسبوعية، في العقيدة والفقه والتزكية والأخلاق والتفسير والحديث.
ويقوم أيضاً بعقد عدد من الدورات في التزكية في الأردن واليمن.
وقد قام الشيخ بتدريس عدد من الكتب الشرعية في العقيدة الإسلامية والفقه الإسلامي والحديث النبوي الشريف وكتب التزكية والسلوك، كما أعطى كثيراً من الدورات في علم التزكية.
تعريف بمنهجية الشيخ في العلوم الشرعية والعمل الدعوي:
المنهج والطريق الذي يرتضيه الشيخ في العلوم الشرعية:
ـ الرجوع في جميع مسائل العلم ـ صغيرها وكبيرها ـ إلى أدلة الشرع، والحرص على الدليل الصحيح، فإن مرجع المسلم في معرفة دينِه القرآنُ الكريم والسنةُ الثابتةُ عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، سواء في مسائل العقيدة أو الفقه أو التزكية أو الدعوة، والمسلم العاقل الصادق لا يقبل أن يأخذ أي علم إلا من الأدلة الصحيحة المقبولة.
ـ ترك الحديث الضعيف والموضوع، وعدم الاستدلال بهما، وقد يذكر الشيخ حديث ضعيفاً على سبيل الخطأ أو النسيان، أو يكون مما اختلف العلماء في تصحيحه، ويرجح الشيخ صحته أو حسنه.
ـ الرجوع في المسائل الخلافية إلى الأصول الصحيحة وإلى فهم السلف وفقه الأئمة المجتهدين، مع التزام ما هو أقرب إلى الأدلة وأقوى في الدلالة، مع التماس العذر للمخالف قدر الإمكان، فيما كان له فيه شبهة أو دليل مرجوح، ولم يكن شذوذاً أو انحرافاً.
ـ يرى الشيخ أن على المسلمين أن يهتموا بسائر العلوم الشرعية والأعمال الشرعية المطلوبة وخاصة الفرائض وفرائض الكفاية، وأنه لا ينبغي أن يكون الاهتمام بشيء من العلوم أو الأعمال على حساب غيره، وإذا تخصص أحدنا في جانب، فلا ينبغي أن يهمل الجوانب الأخرى، وعلى كل مسلم وعالم وعامل للإسلام أن يحترم التخصص، فالمتخصص في علم من العلوم أو عمل من الأعمال يقدَّم على غيره.
ـ والشيخ مع اهتمامه بالتزكية وتخصصه فيها؛ فإنه لم يهمل سائر العلوم الشرعية، بل جعل العلوم الشرعية عوناً ورافداً لعلم التزكية، فاستعمل علم الإيمان والعقيدة واستعمل الفقه وأصوله والحديث ومصطلحه واللغة وغيرها من العلوم الشرعية لرفد علم التزكية، كما يظهر في كتبه التي ألفها في التزكية وموقعه المتخصص بالتزكية.
ـ يحرص الشيخ من خلال دروسه وخطبه أن يدعو إلى وحدة الأمة واجتماعها والتعاون بينها، ويدعو طلابه وسائر المسلمين إلى حسن التعامل مع الخلاف حتى لا يكون سبباً في الفرقة بين المسلمين وسبباً في الانشغال عن واجباتهم المهمة لنصرة دين الله، وسبباً في الانشغال عن أعدائهم.
ـ كما يدعو المسلمين إلى أن يتخصص كل مسلم فيما يستطيعه من خدمة للإسلام وإقامة فرائضه، مع حرص كل واحد أن يكون صالحاً في نفسه، عالماً بالقدر الأدنى الذي يحتاجه من العلوم.
-يحرص الشيخ في كثير من مسائل العلم أن يظهر التوافق بين أدلة الشريعة مع العقل السليم والفكر المنطقي، ليكون ذلك سبيلاً لإقناع المعرضين والكافرين، وليكون ذلك أدعى إلى رسوخ الحق في نفوس المسلمين.
المؤثرات في توجه الشيخ معاذ واهتمامه بالعلم والدعوة والتزكية :
مَنَّ الله على الشيخ معاذ أن نشأ في بيت علم وعبادة ودعوة وتضحية، في بيت والده الشيخ سعيد حوى رحمه الله، فكان لذلك أعظم الأثر في حياته، وفي نشأته على حب العلم والطاعة لله، وقد كان لنصائح والده الشيخ سعيد حوى رحمه الله وتوجيهاته أثر في التوجه نحو طلب العلم والاجتهاد في العبادة وإصلاح القلب، كما كان لأمه حفظها الله أثر عظيم في دفعه نحو متابعة العلم وتشجيعي على صحبة الصالحين.
وبيئة الصلاح في البيت اختصرت عليه طريق العلم والسلوك والدعوة، فالموجه والمعلم والشيخ والمربي معه في البيت على الدوام، وأثر والدته في ذلك لم يكن بأقل من أثر والده، جزاهما الله عنه خير الجزاء.
وبيئة العلم في البيت اختصرت عليه أشواطاً كثيرة في طلب العلم، خاصة وأنه كان يتولى الطباعة على الآلة الكاتبة لكثير من كتب والده، قبل إرسالها إلى المطبعة لتطبع وتنشر، فكان لذلك أثر في تعرُّفه على كثير من جوانب العلم من خلال كتب والده، وخاصة ما استفاده حين طباعة الأساس في السنة بأقسامها الثلاثة المطبوعة: قسم السيرة وقسم العقيدة وقسم العبادات.
وقد استطاع والده رحمه الله يحمِّله هَمِّ الدعوة إلى الله، والحرص على كل مسلم، والحرص على هداية البشرية ودعوتهم.
قد كان لمنهجية والده الشيخ سعيد في الحرص على الحق والصواب دون تعصب أو تقليد، وكان لمنهجيته في الحرص على الدليل الصحيح، والبعد عن الضعيف والدليل المتوهم؛ كان لهذين الأمرين أثرٌ في توجيهه إلى البحث عن الدليل والتمسك به والحرص على الاستدلال به، وترك التعصب إلى رأي إذا بان له خطؤه.
وقد كان ذلك من أسباب اختياره موضوع رسالة الدكتوراه عن البخاري: (المنهج الاجتهادي عند الإمام البخاري في صحيحه).
وقد كان من توجيهات والده له ولإخوانه في آخر حياته أن يتابعوا دراستهم الجامعية إلى الدكتوراه، وأن يتولوا إمامة مسجد، وكان يعلل ذلك بأن الجامعات هي الوسيلة الأقوى لنشر العلم في هذا الزمان، وأن المساجد هي الوسيلة الأقوى والأوسع للدعوة والوعظ من خلال الخطابة والتدريس فيها، وقد يسر الله له ولإخوانه إتمام الدكتوراه، والإمامة والتدريس في المساجد، وكان لارتباطهم بالمساجد والتدريس أثر في التعلق بالقرآن السنة، وفي نمو العلم، وحمل الدعوة، وتطور أسلوب التعليم والدعوة.
وقد كان التزكية وعلم التزكية من اهتمامات والده الشيخ سعيد حوى، لأهميتها وحاجة الفرد والأمة إليها، فأخذ الشيخ معاذ هذا الاهتمام من والده، وتابع مسيرة والده في تحرير علم التزكية مما دخله من دخن وتحريف وبدع وشطحات، والاقتصار على ما ثبت من هذا العلم في الكتاب والسنة الصحيحة.
وبعد :
رحل فضيلة الشيخ سعيد حوى – رحمه الله – وترك وراءه كنزاً من كنوز العلم ، وخلف وراءه منجماً من الذرية الصالحة ، ولا تحسبوا قولي هذا من باب المبالغة والحب ، لأنكم لو عرفتم الأستاذ المحدث محمد حوى ، والأستاذ الفقيه أحمد حوى ، والأستاذ المربي معاذ حوى لعرفتم أنني ما كنت مبالغاً بل كنت مقصراً في الوصف اللهم أدم لنا هذه الثلة المباركة من آل حوى ، وانفعنا والمسلمين بعلومهم وسلام على سعيد حوى في الخالدين .
وسوم: العدد 655