العلامة المجاهد القائد اللواء الركن محمود شيت خطاب

الشيخ حسن عبد الحميد

ولد في الموصل / العراق عام ١٩١٩ 

من رموز المجاهدين المعاصرين ، حمل لواء الإسلام في الساحات العسكرية يوم كان المقاتلون يقاتلون للعروبة 

نشأ نشأة إسلامية ملتزمة ، ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 

درس العسكرية في العراق وبريطانيا ، شارك في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ وأبدع فيها ، فكان قائدا لقوات الجيش العراقي الذي دخل جنين محررا ، وبقيت المراسلة والمحبة مع أهلها حتى قبيل وفاته 

قال فيها شعرا بعد استرداد قواته لها من الصهاينة قبل انصراف قواته إلى العراق بعد الهدنة :

هذي قبور الخالدين وقد قضوا 

         شهداء حتى ينقذوا الأوطانا 

المخلصون تسربلوا بقبورهم 

              والخائنون تسنموا البنيانا 

مرج ابن عامر خضبته دماؤنا 

               أيصير ملكا لليهود مهانا 

أجنين يابلد الكرام تجلدي

            ماضاع حق ضرجته دمانا

إني لأشهد أن أهلك قاوموا

          غزو اليهود وصاولوا العدوانا

تقلد مناصب وزارية عدة في العراق ، وشارك في عضوية لجان عربية وإسلامية عديدة ، ومؤلفاته العسكرية تعد مرجعا للعسكريين .

لما ذهب للدراسة في الكلية العسكرية بلندن سأله عميدها لماذا قدمت ؟؟

فأجاب لتلقي الجديد في العلوم 

قال العميد : بل قدمت لتتعلم مغازلة الفتيات ؟؟ فكتم غيظه ، وقال إنه يحكم علينا بما شاهده من سواي ؟؟

لما ذهب للسكن وجد فتاة تنظف غرفته ، انتظر في البهو حتى خرجت الفتاة ، فقدمت إليه وسألته هل لديك توجيهات ؟

قال : لاتحضري إلى الغرفة وأنا موجود

رحب بالجانب العلمي من الحضارة الغربية ، ورفض ماعداه من المبادئ والأخلاق والعادات والسلوك الغربي الذي انحدر إلى الحضيض في العلاقات الجنسية والاباحية ، وغيرها من المبادئ المادية ؟؟؟

بعد تخرجه ضابطا عام ١٩٣٧ كان من تقاليد الجيش أن تولم وليمة للضباط الجدد ، فجاء قائد الكتيبة وملأ كأسا من الخمر وأمرني أن أبدا حياتي بشرب الخمر ، وكان الليل قد أرخى سدوله ، وكانت النجوم تتلألأ في السماء ، كان قائد الكتيبة عقيد يحمل على كتفيه رتبة عسكرية تعادل ١٢ نجمة ، قال له : إني أطيعك في أوامرك العسكرية ، وأطيع الله في أوامره ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، أنظر إلى السماء لترى كم تحمل من نجوم وهي أكثر من نجومك ، فمضى القائد وهو غضبان . 

كان وثيق الصلة بالرئيس عبد السلام عارف  وصحبه في زيارة لمصر ، وهناك في القاهرة طلب خطاب من عبد السلام عارف أن يتوسط لدى صديقه العبد الخاسر عبد الناصر للافراج عن سيد قطب ، وتم ذلك بحضوره ، وطلب خطاب من عبد الناصر أن يسمح له بزيارة سيد في السجن فسمح له ، وأخبره بالوساطة فقال له سيد رحمه المولى في حزن : سامحكم الله ، لو شاورتموني لرفضت الوساطة ، وحين أفرج عن سيد من السجن أهدى مؤلفاته لعبد السلام عارف ولمحمود شيت خطاب ، روى ذلك الأديب عبد الله الطنطاوي عما حدثه الخطاب عن زيارته لمصر .

شارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد الانجليز ١٩٤١ وأصيب بشظايا من قنابل الإنجليز ، وتعرض لمؤمرات الشيوعيين أيام عبد الكريم قاسم ، وناله التعذيب الشديد ، حيث اعتقل ١٨ شهرا ، وأصابته كسور كثيرة ، فأصبح لايستطيع الكتابة ولا التوقيع إلا بصعوبة 

 كان كاتبه وناشر مقالته في مجلة فلسطين المحتلة الأخ الدكتور محمد وليد حياني عندما كان طالبا في الدراسات العليا في العراق 

حضر الأديب الأريب الشيخ عبد الله الطنطاوي إلى الحياني وقال له تعال أدلك على رجل من بقايا الصالحين في الأرض ، فلازمه ست سنوات ، عرف فيه الطيبة والشجاعة والكرم والصبر على المحن ، والرضا بالقدر حيث  لم يرزق بالبنين من زوجتيه بل البنات والصبر على الآلام .

يعد من المؤسسين للمجمع العلمي العراقي ، وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، تم اختياره رئيسا للجنة المصطلحات العسكرية في الجيوش العربية ، فدعا لوضع معجم عسكري موحد ، عضوا مؤسسا لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة ، من اوئل العسكريين الذين كتبوا في التاريخ الإسلامي ،  ومن أعلام المؤرخين 

قائد يعرف خصمه ويدرك مراميه ، حتى أنه ليتوقع الحرب والهجوم ، لقد علم وتوقع هجوم اليهود سنة ٦٧ قبل أن يعلنوه رحمه الله .

علاقته قوية بعلماء العراق أمثال أمجد الزهاوي ومحمد محمود الصواف وعبد الكريم زيدان وغيرهم 

كانت القضية الفلسطينة هاجسه ، والصهوينة أعدى أعدائه ومحور تفكيره وهمومه ، وكان يرى ( أن العلاج لها هو الجهاد ، فاسرائيل لاتفهم غير لغة القوة ، وهي الطريق لتحرير فلسطين ، وأن الإسلام هو الحل لسائر القضايا السياسية والعسكرية والإجتماعية للأمة الإسلامية ، فنحن أمة أعزنا الله بالإسلام فإذا طلبنا العزة بغيره أذلنا الله ) جل كتاباته عن القدس ، وكان همه الأكبر أن لا يحصل صدام بين جناحي المقاومة حماس وفتح ويعتبر الشيخ أحمد ياسين إمام المجاهدين .

درّس في مصر العلوم العسكرية العربية وكان من تلاميذه معمر القذافي ، طلب منه مرة شيخ الأزهر عبد الحليم محمود أن يكتب للقذافي لمساعدة الأزهر في بناء المدارس الشرعية في الأرياف ، فأخذ ورقة صغيرة وكتب للقذافي ماطلب شيخ الأزهر بكلمات ، فأرسل القذافي ٣ ملايين دولار للأزهر إكراما لاستاذه الخطاب 

كان شيد المراس لايساوم على المبادئ ولو كان محاوره ضيفا في بيته أمثال القوميين الذين يزورنه في الأعياد والمناسبات .

كتبه كثيرة تجاوزت ال ١٢٠ كتابا أهمها

المصطلحات العسكرية في القرآن ، دروس عسكرية في السيرة النبوية ، غزوة بدر الكبرى ، العسكرية العربية الإسلامية ،الصديق القائد ، الفاروق القائد ، عمرو بن العاص ، خالد بن الوليد

ومن أروع كتبه ( قادة الفتح الاسلامي ) وهي سلسلة عظيمة من عدة أجزاء ، كل جزء مخصص لقائد معين : 

قادة فتح بلاد ماوراء النهر 

قادة فتح الاندلس  ... وهكذا 

أعظم كتبه ( الرسول القائد )  والعسكرية العربية الاسلامية ) وغيرها الكثير 

زار الكويت أواخر ال ٦٩ وحاضر فيها وقال إن الحكومات العربية غير جادة في محاربة اسرائيل ، وعبّر عن قناعاته 

وتحدث عن الاضطهاد الذي يمارس ضد الشعوب ، وتصرف الحكام في مقدرات البلاد وفق أهوائهم ونزواتهم ، وابتعادهم عن التعبئة الإيمانية للجنود ، فكانت الأغاني الوطنية هي زاد الجنود ، وصور الزعيم والممثلين والممثلات ، والمغنين والمغنيات هي سلاحهم ، من هنا كانت الهزيمة الكبرى ، وضياع المقدسات ، وانتهاك الحرمات ؟؟؟

وصفه المؤلف الإسرائيلي صاحب كتاب ( الحرب بين العرب وإسرائيل ) بأنه أكبر عقل استراتيجي في العالم العربي ، لكن لايوجد من يستفيد منه ؟؟؟؟

قال عنه الإمام العلامة الشيخ محمد أبو زهرة ( يسير بفكره وقوله وعمله في خط مستقيم كاستقامته ، وقد جمع الله له من الصفات ماتسمو به واحدة منها عن سفاسف الأمور ، وتتجه إلى معاليها ) 

قال عنه شاعر العراق وليد الاعظمي 

يراقب الله في سر وفي علن 

       يقضي الليالي بتسبيح وتحميد 

وبالتلاوة في الأسحار متعته 

              وبالمناجاة للمولى وتوحيد 

ذاق الأذى في سبيل الله محتسبا 

            ما كان عاناه في أيامنا السود 

من اضطهاد وتعذيب وسخرية 

          يشيب من هولها شعر المواليد 

فما استكان لطاغوت ولا صنم 

               ولا تهيب من أحفاد نمرود 

اقرأ عنه كتاب شيخ أدباء حلب عبد الله الطنطاوي في سلسلة علماء ومفكرون معاصرون ( اللواء الركن : محمود شيت خطاب ، المجاهد الذي يحمل سيفه في كتبه )

توفي رحمه المولى  صباح يوم ٢٣ شعبان ١٤١٩ ( ١٩٩٨) حيث كان جالسا على كرسي عتيق تحت درج منزله و بعد أن أستمع لقراءة سورة يسن من ابنته ، وكان يقرأ معها ، فأحس بجفاف في الحلق بعد الانتهاء من قراءة يسن ، فأخذ يردد أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، وكررها مرات ومرات ، ثم أسلم روحه لبارئها 

رحمه المولى وأسكنه فسيح جناته مع النيين والصديقيين والشهداء 

كتبت هذه الخاطرة وأنا أرى ضباط جيشنا وهم يقصفون الوطن ويدمرون مساجده وأسواقه ومستشفياته بالحاويات والصواريخ والغازات السامة مع من أحضروا من الروس والمجوس  قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل

والله أكبر والعاقبة للمتقين