السيرة الشخصية لجلال السيد

من تراجم الرجال:

السيرة الشخصية لجلال السيد

(آراء و مواقف)

جلال السيد مواطن سوري، من أعلام القرن العشرين و من المواطنين الأصلاء، ولد في مدينة دير الزور سنة 1913م، و توفي سنة 1992م، بعد معارك وطنية و في عهدي الاستعمار و الاستقلال سجن و عذب فكان مثله في هذه مثل أي صاحب قضية. فهو لم يبال بالسجن و التعذيب، مادام يعمل لمصلحة الوطن.

 وقد كان وجيها في شخصه، مثّل دير الزور في المجلس النيابي لأكثر من مرة، و اشترك في مؤتمر عصبة العمل القومي الذي عقد في لبنان بـ(قرنابل) سنة 1933، كما رأس المؤتمر التأسيسي الأول لحزب البعث، في عام 1947م، و كان أحد الثلاثة الأول الذين تزعموا التأسيس، و هم: ميشيل عفلق، و صلاح الدين البيطار، و جلال السيد. ثم لم يلبث أن انسحب من الحزب سنة1955م بعد خلافات مع زملائه و بعد جلاء الموقف الذي حتّم على الشرفاء، أن ينسحبوا منه، و أن يخرجوا عليه، و أن يقولوا كلمة الحق التي لابد أن تقال، سيما في تلك المواقف العصبية " لقد عاصر في الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي الموجة العارمة للقومية العربية، و فاض غمار اندفاعاتها و خصوماتها و قضاياها.

 وقد اتسم تاريخه السياسي بالشجاعة و الجرأة، و القدرة على مواجهة الخصوم" بالفكرة و بالرأي الصائب. و لشجاعته هذه سجن في عهد الفرنسيين و في عهد حزب البعث، و ذلك لفترات، و مازاده ذلك إلا إيمانا و تثبيتا بالقضية و الموقف اللذين يعمل من أجلهما. ولعل رأيه في الدينين المسيحي و الإسلامي يدل على طبيعة تلك الشخصية التي كان يمتلكها و على مؤهلاته الثقافية التي تسمح له بذلك!!

أولا – رأيه في الدين المسيحي:

 يرى جلال السيد أن الدين المسيحي غريب على الأمم الغربية التي تدين به فهو وافد على الغرب. وفضلا عن ذلك فالمسيحية ليست ديانة تشريعية سنت السنن للأمور الدنيوية في مختلف ميادنيها، الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية كما أن أتباعها على جانب كبير من القصور العلمي، وقد وقفوا ضد الدفقة العلمية التي ظهرت في العصور الأخيرة وقد كانوا يومئذ أمام أمرين لا ثالث لهما فإما أن يقفوا ضد التقدم العلمي لأوربا بكاملها، و إما أن ينفلتوا من استغلال رجال الدين المسيحي وقد كان لهم ما أرادوا!!! وقد كان رأيه في ذلك: " أن الدول الغربية عندما تبتعد عن الدين المسيحي، فإنها تقترب من قوميتها و كيانها، و تركيبتها الاجتماعية، و تفصح عن وجودها. وقولها: بفصل الدين عن الدولة ليس خطأ وذلك تبعا لرأى المتدينين و سواهم فالدين المسيحي دين روحاني يكتفي بالجانب التهذيبي للفرد، و لايتدخل بشؤونه الأخرى.

 ثانيا – رأيه في الإسلام:

 يرى السيد جلال السيد أن الدين الإسلامي دخل في كل صغيرة أو كبيرة من حياة الإنسان، فهو ينظم حياته كلها، مأكله، و مشربه، و منامه، وزوجه، و دينه، و ماله، و سائر شؤونه الحياتية الأخرى.

 و كما يقولك " إن ضرب الكتاب الفرنسيين على وترخطير جدا وهو – فصل الدين عن الدولة – وتلقف كثير من المثقفين العرب هذا المفهوم، على أنه مفهوم تقدمي حضاري عصري راق يعد خطأ، وقد فاتهم أن هذا المفهوم إن صح على الدين المسيحي فإنه لايصح على الدين الإسلامي. و أن فصل هذا الدين – يقصد الدين الإسلامي. عن حياة العرب يعني أن الفصل سيكون مابين جسمين التحما معا التحاما حتى أن الفصل يعرضهما كليهما للفناء. فالإسلام لم يقف عثرة في طريق العلم؛ بل هو الذي يحث على العلم و التعلم. و من ناحية أخرى فابتعاد العرب عن دين الإسلام يعد ابتعادا عن العربية التي عبرت عن نفسها، بالإسلام في كثير من المراحل التاريخية السابقة، و إن تقليد الأوربيين في دعوتهم إلى فصل الدين عن السياسة، هو تقليد يطعن العرب به أنفسهم، بل هو تفكيك لكيانهم. و في هذه القضية يجب الأخذ بمبدأ (القياس) مع الفارق المعروف في المنطق.

 ويقيني أن الغرض في هذه الدعوة لايقل خطورة عن الجهل. و أعداء العرب لم يتركوا فرصة إلا انتهزوها و لا بابا إلا ولجوه" وذلك كجزء من هجمتهم الشرسة ضد العرب و المسلمين.

 التعقيب الخاتم:

 جلال السيد هو ثالث الثلاثة من مؤسسي حزب البعث في أربعينيات القرن الماضي. فزميلاه الأولان هما: ميشيل عفلق و صلاح الدين البيطار، وقد أدى المطاف بميشيل عفلق، و هو الرفيق المؤسس، وقد أمضى حياته في الذود عن البعث إلى اعتناق الدين الإسلامي. وقد أوصى حين موته أن يدفن في مقابر المسلمين و أن يصلى عليه. وقد مات في بغداد سنة 1988م، وصلّ عليه مع المصلين ولداه ويبدو أنه نقل الإسلام لعائلته قبل أن يموت. و كتابه في سبيل البعث لايخلو من بعض المفاهيم الإسلامية.

 أما صلاح الدين البيطار فقد خرج من سورية بعد الانقلاب على القيادة القومية سنة1966م، ويمم وجهه صوب فرنسا، و هناك أنشأ مجلة كتب في عددها الأول مقالا و سمه بـ(عفوك ياشعب سورية العظيم). و كان مما قاله فيه: اقتلوا هذه الدولة الطائفية قبل أن تولد، و كانت النتجية أن اغتالته المخابرات السورية في باريس، فحمل إلى العراق، و هناك دفن في مقبرة أم الطبول التاريخية.

 و من سيرة العمداء الثلاثة: ميشيل عفلق، و صلاح الدين البيطار، و جلال السيد، نلاحظ، أن البعث انتهى من حيث

بعد أن وصل إلى قيادته الطائفيون. بعد أن ييم وجهه صوب إيران الصفوية. وبعد أن استقدم الأجنبي ليستقوي به على شعبه.

وسوم: العدد 745