يوم في حياتنا
سالم الزائدي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم ".
عند دراستنا لحالة من حالات المجتمع التي يقف الإنسان حائرا ً في تفسيرها والتي يلخصهـا يوم في حياتنا: إننا نلاحظ التأثر والتأثير على الحضور داخل المسجد في صلاة الجمعة ، وكيف أن المسلم يسمع و ينصت إلى خطبتها، وكلمات الأمام التي تهبط من المنبر على المصلي كأنها زلازل يهز كيانه، وكثيراً ما نرى أحد المصلين ذائبـاً في دموعه بل أحياناً، الخطيب نفسه تخنقه شهقاته وانفعالاته .. ومع ذلك، إذا ما أتم هذا المستمع صلاته وخرج من المسجد، فإن الحقيقة التي زلزلت كيانه في المسجد، لم تتبعه إلى الشارع. فالمسلم حين يتخطى عتبة المسجد ينتقل من حال إلى حال آخر فالإيمان وحده لا يكفى لأنه يحتاج إلى برهان، آلا وهو العمل، والعمل هو التطبيق.
وهذا يعنى أن هناك أولاً انفصالاً بين العنصر الروحي الذي يتجسد داخل المسجد والعنصر الاجتماعي الذي يلعب دوره خارج المسجد، وثانياً : هناك افتراق بين المبدأ السامي للدين والحيــاة العملية التي يعيشها المرء.
والمسلم اليوم يعيش حقيقة هذا الانفصال الذي يمزق شخصيته شطرين :
الشطر الأول .. ينظم سلوكه المسجد حيث يشعر بدفء في قلبه ودفء في نفسه.
الشطر الثاني .. ينظم سلوكه الشارع حيث البرد يحتل قلبه وينعكس على تصرفاته الخارجية بأشكال مختلفة مثل: العصبية، الانتهازية، العنف الأسري " أطفال شوارع " ، ضحايا طرق، اغتصاب واختطاف وفقر.
إن العقيدة أي عقيدة لا تظهر قوتها الحقيقية ولا يظهر أثر نجاحها و تأثيرها، إلا من خلال سلوك أصحابها ومعاملاتهم مع غيرهم. فالإسلام دين عقيدة وإرادة وعمل لا يتخلى أحدهما عن الآخر، وحري بمن لا يعرف الإسلام بحقيقته ومضمونه ، أن يتعرف عليه من أخلاق صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في تصرفاتهم وأعمالهم وفعاليتهم في المجتمع .
غايتنا تكمن فى الفهم والتطبيـــــق. والمطلوب: إطلاق الفكر على مرجعية المفكرين المعاصرين ووجود مؤسسات تتبنى تفسير القرآن وتطبيقاته وإسقاطه على مجتمع اليوم بشكل صحيح وواضح. كذلك لابد من إعادة دمج المساجد في حياة الإنسان من خلال مناقشة ومعالجة المشاكل اليومية الحياتية .
"إن المآسي التي يعيشها العالم الإسلامي الآن، والتي نسمع عنها كل يوم ؛ هي نتيجة حتمية للجهل والغموض في تطبيق القرآن والسنة النبوية التي هي مرجعيتنا، والتي يجب أن تخرج من نطاق المفاهيم الجامدة إلى إطار عملياتي يخدم الحياة المعاصرة والشريعة في آن معا ً ، مما سيقدم خدمة جليلة للإسلام والمسلمين، وسيشعرنا هذا بالصدق مع الله ورسوله، وبأنه تعالى لم يكفلنا ما لا طاقة لنا به ؛ بل كلفنا بما يسعدنا ويحقق لنا نتائج عظيمة جداً في حياتنا".
ويقول الشاعر فرج ابوالجود في قصيدته : هو الإســلام
هو الإســلام ديني واعتقادي ومِنهاجي ولو نزعوا فــــؤادي
وديــــنُ الله لا ديـــنٌ ســـواهُ طـــــريقٌ مستقيـــمٌ للرشـادِ
هو الشـرعُ القويمُ لكلِ عصرٍ أليس اللهُ أعلـــمُ بالعبـــــادِ؟
وللإسلام عطـــرٌ يا صديقي ورائحـةٌ تعطـــــــرُ كل نــادي
هو الأخلاقُ في أسمى معانٍ لها كالجودِ في يوم الحصادِ
ولكن دعــــوةٌ وسطٌ تنادي إلى وسطيــــةٍ دون اشتدادِ
هو الدين الذي ما جـــاء إلا ليصلحنا وإصــــلاح البــــلادِ