أعبد ربك في أيّ مكان
معمر حبار
منذ 10 دقائق، جلس ليعد مقالة يوم الغد، إذ بالابن وهو في مرحلة التحضيري، يحمل قصة صغيرة بين يديه، و يطلب من الأب أن يقرأ له قصة، يختارها الطفل عادة، بعد أن يشتريها الأب.
كانت القصة لسيّدنا يونس عليه السلام من إعداد الأستاذ: محمد عبد الحفيظ، دارالنشر أطفالنا، الجزائر، من 12 صفحة، نصفها رسوم التي أعدّها الأستاذ: ماهر عبد القادر.
ليست من صلاحيات هذه الأسطر أن تعرض القصة، فهي منشورة عبر كتب التراث، وغيرها. لكن العبرة المستوحاة من القصة، هي التي كانت وراء هذه الأحرف ..
إن سيّدنا يونس عليه السلام، عبد ربه وهو في بطن الحوت، واستغفر ربه، وهو في ظلمات بعضها فوق بعض. وندم على قرار هجرة قومه، بعد أن تأكد من الأمن والسلامة.
إن عبادة الله أوسع من المكان، وإن رحمته تصل عبده، ولو كان في بطن الحوت. وإن عفوه يشمل عباده، ولو هجروا عباده. ومادام الأمر كذلك، فاعبده حيث أنت. فعظمة العبادة، تسبق قداسة المكان، والمكان يعلو ويرتفع، بمناجاة العبد لربه، ولو كان في القيد، وبين الجدر.
ثم التفت لأبناءه وقال: احمدوا ربكم على نعمه الظاهرة والباطنة، التي لم يحلم بها الأب، ناهيك عن الجد، وأدوا حق بعضها، تنالون الأجر كله. وليكن قدوتكم في البر والطاعة، سيّدنا يونس عليه السلام، حين عبد ربه في أضيق الأمكنة، وأخطرها وأشدها ظلمة. وكم كان عظيما، حين بادل إساءة قومه له عليه السلام، بالعفو بعد الذي عايشه من هول ومخاطر.
ويتوقف الآن قليلا، ليؤدي حق الشكر والثناء لأصغر الأبناء، لأنه كان سببا في هذه الأسطر، وألهمه في استنباط العبر، التي تنقل لقرائه، عسى أن ينفع الجميع.