إشراقات من سورة الأنعام 11
إشراقات من سورة الأنعام :
كيف يتعامل المجاهدون من الناس .!؟
د. فوّاز القاسم / سوريا
يجب أن يكون مفهوما لأصحاب الدعوة الإسلامية ، والجهاد الإسلامي , أنهم حين يدعون الناس لإعادة إنشاء هذا الدين , يجب أن يدعوهم أولا إلى اعتناق العقيدة ، حتى ولو كان الناس يدّعون أنهم مسلمون ، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون . يجب أن يعلموهم أن الإسلام هو أولا إقرار عقيدة : لا إله إلا الله بمدلولها الحقيقي وهو رد الحاكمية لله في أمرهم كله , وطرد المعتدين على سلطان الله بادعاء هذا الحق لأنفسهم . . إقرارها في ضمائرهم وشعائرهم , وإقرارها في أوضاعهم وواقعهم . .
ولتكن هذه القضية هي أساس دعوة الناس إلى الإسلام كما كانت هي أساس دعوتهم إلى الإسلام أول مرة . . هذه الدعوة التي تكفل بها القرآن المكي طوال ثلاثة عشر عاما كاملة . .
فإذا دخل في هذا الدين - بمفهومه هذا الأصيل - عصبة من الناس , فهذه العصبة هي التي تصلح لمزاولة النظام الإسلامي في حياتها الاجتماعية ; لأنها قررت بينها وبين نفسها أن تقوم حياتها على هذا الأساس ; وألا تحكم في حياتها كلها إلا الله .
وحين يقوم هذا المجتمع بالفعل يبدأ عرض أسس النظام الإسلامي عليه ; كما يأخذ هذا المجتمع نفسه في سن التشريعات التي تقتضيها حياته الواقعية , في إطار الأسس العامة للنظام الإسلامي . . فهذا هو الترتيب الصحيح لخطوات المنهج الإسلامي الواقعي العملي الجاد . .
ولقد يخيل إلى بعض المخلصين المتعجلين , ممن لا يتدبرون طبيعة هذا الدين , وطبيعة منهجه الرباني القويم , المؤسس على حكمة العليم الحكيم , وعلمه بطبائع البشر وحاجات الحياة . .
نقول لقد يخيل لبعض هؤلاء أن عرض أسس النظام الإسلامي - بل التشريعات الإسلامية كذلك - على الناس مما ييسر لهم طريق الدعوة , ويحبب الناس في هذا الدين !
وهذا وهم تنشئه العجلة ! وهم كالذي كان يقترحه المقترحون:أن تقوم دعوة رسول الله [ ص ] - في أولها تحت راية قومية , أو اجتماعية , أو أخلاقية , تيسيرا للطريق
إن النفوس يجب أن تخلص أولا لله , وتعلن عبوديتها له , بقبول شرعه وحده ورفض كل شرع غيره . . من ناحية المبدأ . . قبل أن تخاطب بأي تفصيل عن ذلك الشرع يرغبها فيه !
إن الرغبة يجب أن تنبثق من الرغبة في إخلاص العبودية لله , والتحرر من سلطان سواه . . لا من أن النظام المعروض عليها . . في ذاته . . خير مما لديها في كذا وكذا على وجه التفصيل .
إن نظام الله خير في ذاته , لأنه من شرع الله . ولن يكون شرع العبيد يوما كشرع الله . . ولكن هذه ليست قاعدة الدعوة . .
إن قاعدة الدعوة أن قبول شرع الله وحدة ورفض كل شرع غيره هو ذاته الإسلام . وليس للإسلام مدلول سواه . فمن رغب في الإسلام فقد فصل في هذه القضية ولم يعد بحاجة إلى ترغيبه بجمال النظام وأفضليته . . فهذه إحدى بديهيات الإيمان !