مؤشّرات ومبشّرات مشهودة ، عند الموت ، وبعدَه .. لعلّ فيها ذكرى للذاكرين !
يعلم كلّ مسلم عاقل ، أن ثمّة حالات خاصّة ، تطرأ على بعض الناس ، عند الموت ، قبله ، وفي أثنائه ، وبعده ! ومن هذه الحالات ، ماهو حسن مستحبّ ، ومنها ماهوغير حسن ، ولا مستحبّ.. منها مايُعدّ من المبشّرات .. ومنها مايُعدّ في باب النذر، لمَن حولَ الميْت ، أو المحتضّر!
لن نتحّدث ، هنا ، عن فضائل الشهداء وكراماتهم ، فهي كثيرة ، جدّاً ، منبثّة في الكتب ! لكن الكلام ، سيقتصر، على نماذج من الأتقياء ، الصالحين البررة ، وعلى نماذج من أصحاب الجود، الذين يُكثرون من الصدقات ، وعلى نماذج ممّن اشتهروا ، ببرّ الوالدين ، وبصلة الأرحام ، وببسط اليد للمعروف ـ بسائر أشكاله !
قال ربّنا ، عزّ وجلّ ، في تبشير المؤمنين :
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ .
نماذج مشهودة ..
نموذج : كهل قروي أمّي ، لايعرف القراءة والكتابة ، محافظ على عباداته المكتوبة، وبعض النوافل ، إلاّ أنه كثير الصدقات ؛ فقد كانت عنده بقرة ، تحلبها زوجه ، وتصنع من حليبها لبناً ، يوزّعه على المحتاجين ، في قريته ، وفي قرى قريبة منها ، وقرى بعيدة عنها ! حين حضره الموت ، وبدأ يعاني من سكراته ، ويصحو بينها.. كان يقول ، لمن حوله : كفّوا طرفَ اللحاف ؛ ألا ترون هذا اللبن ، كيف يجري ؟ وقد شهد له بعض المطّلعين على حاله ، أنه كان يرسل اللبن ، إلى قرى بعيدة، لايتوقّعها أحد !
نموذج ثان : رجل جواد ، صبر على محن كثيرة ، أصابته في ماله وولده .. وقد اقترب من التسعين ، ولم ينقص من عقله شيء ! وحين أحسّ باقتراب الموت ، طلب من أحد أبنائه ، أن يحلق لحيته ، وأن يقصّ أظافر يديه ورجليه ، وشعر أنفه ، وشعر أذنيه .. وكأنه كان يودّ لقاء ربّه ، في أفضل صورة ممكنة ! وبعد وفاته ، كان وجهه مشرقاً ، طافحاً بالبِشر!
نموذج ثالث : رجل جواد ، بماله ووقته وجهده ، في الخير ، بارّ بوالديه ، واصل أرحامَه ، مجاهد بماله ، في مقارعة محتلّي بلاده ! بعد وفاته ، أشرقت في وجهه ابتسامة ، لاتُعهد إلاّ عند المؤمنين الصالحين
والنماذج كثيرة ، على مستوى البشائر والنذر، يعرفها كثير من العقلاء ، وريّما ينُكرها كثير من الجهلة . ولله في خلقه شؤون !
وسوم: العدد 860