درس في العقل العلمي.. بين الهجوم على أئمة الحديث ..وبين نقد مناهجهم؟؟!!
وابتدئ بالإقرار عن نفسي فأقول: أنا أؤمن أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوتي الكتاب ومثله معه. وأن السنة النبوية المطهرة التي حفظها لنا المحدثون طبقا عن طبق هي ركن ركين من عقيدة المسلمين وعبادتهم وشريعتهم. وأن منكري السنة، ثبوتا أو مكانة قوم يعيشون أشكالا من الخلل العقلي أو النفسي السلوكي...
ومع إيماني ذاك أضيف أفقول إنني أتفهم - وأتفهم لا تعني أقر وأوافق وإنما تعني أجد مساغا لقول قائل حتى يجادل- أتفهم مواقف أو طروحات الذين يشككون في مناهج المحدثين، جملة أو تفصيلا، ولكن لا أتفهم أبدا، ولا أرضى طرائق الذين يطعنون في أئمة الحديث، أمانتهم أو سلوكهم، وأقول ولا يقدم على مثل هذا إلا فاقد الأخلاق، عديم الضمير ، منحط عن أفق الإنسانية القويم، مترد إلى أسفل سافلين..
من المحتمل العقلي الذي يتجارى فيه الناس ولو بالهوى، أن يقول قائل: إن مناهج المحدثين ومنهم البخاري ومسلم، لم يكن معصوما أو قويما، وأن هؤلاء الرجال -رضي الله عنهم جميعا- أخطؤوا الحق حين طلبوه، فخبطوا وخلطوا رغم حرصهم وجهدهم ومحاولتهم، ولكن لا يقبل أبدا من إنسان سوي العقل والخلق، ولن أذكر الدين، أن يقول عن مثل الآئمة العظام من مثل الإمام مالك والإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبي داود وابن ماجة أنهم كانوا كذابين، أو أصحاب أهواء، أو متعمدين للكذب أو التدليس، أو تمرير الباطل!! ولا يقول مثل هذا القول إلا من يصف نفسه به، ويتحدث عن عقليه الظاهر والباطن فيه. وعلى الرغم من حرصنا على إدارة الظهر لأهل الباطل ودعواتهم المريبة، إلا أنه مما راح يصدم الشعور والحس والعقل، كلمات من صميم الجهل والإثم والسخف والعناد؛ بتنا نسمعها من أقوام لا خلاق لهم ضد الأئمة العظام فيصفونهم تارة بالكذب، وتارة بإرادة الشر، وأخرى بالتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم...!!
خلال ثلاثة قرون من تاريخ الإسلام، التقى جهابذة عقل وفكر وعلم من رجالات المسلمين، على تدوين علوم الإسلام، جمعها وترتيبها والتقعيد لها، والتفريع عليها، وتمييز صحيحها من زائفها...
وكما فعل علماء اللغة والمعاجم والنحو والعروض والبلاغة والمنطق فعل علماء الفقه وأصوله والتحديث ومناهجه وقواعده وعلم الرجال والسند والمتن.
لا يسعك حين تدرك طريقة الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع معجم العين الأول، على قاعدة التقاليب الثلاثية الرياضية البحتة التي لا تغفل ولا تنسى إلا أن تقف مشدوها أمام العقل العلمي الرياضي الذي ساد حياة هذه الأمة منذ 1400 سنة.
أيها العقلاء ...
لقد علم المسلمون بما علمهم ربهم، أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسيم مكين في فقه هذا الدين بكل أصوله وفروعه..
وواجهوا منذ وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حملة منظمة متنامية مطردة بدوافع مختلفة لاختراق بنية الإسلام بالأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وانتدب طائفة من علماء المسلمين أنفسهم، لحماية هذه السنة، والذب عنها، ونفي الخبث عن حياضها. فاقترحوا المنهج والقواعد، فأحكموها قدر استطاعتهم البشرية، واستعانوا بالله بإخلاص النية والجهد له، ثم التزموها بالبحث والتتبع والجمع؛ ثم قالوا للمسلمين: هذا ما أداه إلينا جهدنا واجتهادنا...!!
إن أبلغ خلاصة يباهي بها المحدثون المسلمون الأمم أجمعين، أنهم بعد أن أحكموا المنهج، وحذروا كل الحذر في التطبيق، أنهم قرروا في قواعدهم، أن كل ما صححوه من حديث تحت عنوان حديث "الآحاد"، يورث غالب الظن العلمي، ولا يورث اليقين المعرفي أبدا...وفي هذه القاعدة وحدها ما يغني أولي الألباب حين يتأملون.
من اللغو المهين للعقل وللعلم أن يطعن بعضهم في منهج لم يدركوا منه أثارة من علم. ..ولكن من السقوط الإنساني والانحطاط الأخلاقي أن يبادر بعضهم بتوجيه التهمة إلى واضعي المنهج ومحرريه مطبقيه من الأئمة من علماء الحديث العظام...
ويقول أمامك أو يقول لك : كذب البخاري .. وهو وحده والله الكذاب الأشر,, أولى له فأولى ثم أولى له فأولى,,
أيها المسلمون احذروا...سنة نبيكم قوام دينكم، وهل طعن الرافضة وأشياعهم - قاتلهم الله - في جيل الصحابة إلا ليقطعوا الطريق علينا إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليهم وسلم. ويزعمون أن أقوال المسردبين من أئمتهم تكفيهم.. وقد كثر في عصرنا المسردبون!!
وسوم: العدد 990