صدق النية في القول و العمل
و يستمر الحديث مرسلا حول نجاح المشاريع بتنوع أهدافها و مجالاتها، و قد وجدت في حديث رسولنا الكريم التالي من الفوائد و العبر التي تستحق أن نقف عندها مطولا
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله و
سلم يقول: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه). (رواه إماما المحدثين: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة).
فتحديد وجهة أي مشروع ضرورية ؛ فصدق القصد و عدم الحيد عنه أو صرفه لمقصد غير مقصده تعد عاصمة ذلك المشروع ، فالحيد عن القصد يضعف المشروع ، فقد وجدنا من بعض أصحاب المشاريع الخادمة للنفع العام مقاصد مخفية كحال مهاجر أم قيس الذي هاجر مع رسول الله طلبا للزواج ، و ليس لفضيلة الهجرة النبوية ، فكانت هجرة أم قيس ناقصة ؛ لأن الوجهة كانت لغير ذلك الهدف ، و لغير تلك الفضيلة .
فصدق النية في الحركة لازمة ، بها تتمحور كل حركة في المشروع وقد وقفت عند قول بعض السلف في كتاب أحياء علوم الدين للإمام الغزالي قوله ( إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية حتى في أكلي وشربي ودخولي الخلاء)
فيكون الحرص بمصاحبة النية في كل عمل و قربة ، حتى لا يميل القصد لغير اتجاهه المرسوم .
يقول ابن القيم في (إعلام الموقِّعين :
( إن صحة الفهم، وحسن القصد، من أعظم نعم الله التي أنعمها على عبده، بل ما أُعطي عبدٌ بعد الإسلام أفضل وأجلَّ منهما، بل هما ساقا الإسلام وقيامه عليهما، و بهما يأمن العبد طريقَ المغضوب عليهم، الذين فسد قصدُهم، وطريق الضالين الذين فسدت فهومُهم، ويصير من المُنعَم عليهم الذين حسُنَت أفهامهم وتصورهم) .
نسأل الله أن يرزقنا صدق النية و صدق القصد و صدق العمل .
وسوم: العدد 1016