اجتهادا طول عرش القضاء وعرض ظهراني جهنم أجارانا الله منها

عبد الرحيم بن أسعد

الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، قال الله تعالى "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ"-البقرة210-، "وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا"-الفرقان25-، وقال تعالى "وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا"-الفجر22-، ثم عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالَ: قُلْنَا: السَّحَابُ، قَالَ: «وَالْمُزْنُ» قُلْنَا: وَالْمُزْنُ، قَالَ: «وَالْعَنَانُ» ، قَالَ: فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟» قَالَ: قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ رُكَبِهِنَّ وَأَظْلافِهِنَّ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ» مسند أحمد، وبعد: أولا: قعر جهنم بالسنين:- قال الله تعالى "إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ"-المدثر35-، ثم قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الْآنَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا» صحيح مسلم، فبعد سبعين سنة يهوي الحجر إلى عمق مقداره 5 م/ث مربع {هذه قيمة نصف عجلة الجاذبية، فلا تتغير العجلة بزيادة السرعة فوق سرعة الضوء في جهنم لأنه لا يوجد نور في النار لقول الله تعالى "فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ"(النور:40)} مضروب بمربع الزمن والزمن مقداره (70 مضروب بـ 354.37 و 24 و 3600) ثانية، وهذا العمق مقداره بالسنين الضوئية يساوي العمق بالمتر مقسوم على 300 مليون م/ث {هذه سرعة الضوء} مقسوم على 354.37 وعلى 24 وعلى 3600 ثانية، وبإكمال الحساب نجد أن العمق يساوي ألفين وخمسمائة سنة ضوئية، ولما كانت جهنم سبع دركات لقول الله تعالى "لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ"(الحجر:44)} فإن قعر كل درك منها عمقه 2500 سنة ضوئية، لذا فإن سمك جهنم يعادل 2.373626 أمثال أي تقريبا مثلين وثلث سمك السماوات والأرض أي 2500 سنة ضوئية مضروبة بـ 7 مقسومة على 2 مقسومة على 6500 سنة ضوئية مضروبة بـ 24 ساعة مقسومة على 13.611111 ساعة مسير وهي زمن المسير في اليوم المثالي، قال الله تعالى "إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ"(التوبة:80)، هذا والله أعلم، (وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ طُولَ الصِّرَاطِ مَسِيرَةُ ثَلَاثِ آلَافِ سَنَةٍ، أَلْفٌ مِنْهَا صُعُودٌ، وَأَلْفٌ مِنْهَا هُبُوطٌ، وَأَلْفٌ مِنْهَا اسْتِوَاءٌ) لوامع الأنوار البهية، وهذا العدد قريب من اجتهاد عمق كل درك في جهنم، ثانيا: فالكرسي فوق العرش اجتهاد مبين في الأثر التالي:- (عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ" قَالَ: إِنَّ الصَّخْرَةَ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَرْضُ السَّابِعَةُ وَمُنْتَهَى الْخَلْقِ عَلَى أَرْجَائِهَا، عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ: وَجْهُ إِنْسَانٍ وَوَجْهُ أَسَدٍ وَوَجْهُ ثَوْرٍ وَوَجْهُ نَسْرٍ، فَهُمْ قِيَامٌ عَلَيْهَا قد أحاطوا بالأرضين والسموات، وَرُءُوسُهُمْ تَحْتَ الْكُرْسِيِّ وَالْكُرْسِيُّ تَحْتَ الْعَرْشِ وَاللَّهُ وَاضِعٌ كُرْسِيَّهِ فَوْقَ الْعَرْشِ) تفسير القرطبي، ثم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] قَالَ: «مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا يُقْدَرُ قَدْرَ عَرْشِهِ» المعجم الكبير للطبراني، وعرش القضاء اجتهاد مبين في الأثر التالي:- ("وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ"(الحاقة:17) أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُ الْعَرْشَ ثَمَانِيَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْعَرْشِ الْعَرْشَ الْعَظِيمَ، أَوِ: الْعَرْشَ الَّذِي يُوضَعُ فِي الْأَرْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ) تفسير ابن كثير، لذا فلعرش القضاء ثمانية أركان لقول الله تعالى "وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ"، لذا فهو ثماني الأضلاع، ثم إن مسافة ما بين الأرض والأعراف تساوي مسيرة أربع وعشرين ألف وسبع مائة واثنتين وعشرين سنة، فهذا يساوي طول الصراط المستقيم زائد نصف محيط دائرة قطرها قطر السماء السابعة لتشقق السماوات يوم القيامة وكشطها، لذا فكأن طول ضلع عرش القضاء يساوي عشرة ألاف ومئتين واثنتين وثمانين سنة، ولذا كأن عرض ظهراني جهنم في سقفها يساوي سبع عشر ألف وخمس مائة واثنين وخمسين سنة، وإن مساحة عرش القضاء تساوي مساحة كرة قطرها اثنتا عشرة ألف وسبع مائة وست وأربعون سنة، وحتى يساوي قطرها قطر السماء السابعة فإن ضلعا من كل ضلعين يكون انسيابيا بينه وبين ضلعا مستقيما واصلا بينهما مسيرة ثلاث مائة وخمس وسبعين سنة تقريبا فيكون قطعا من دائرة قطرها مسيرة سبعين ألف وتسع مائة وثمان وستين سنة تقريبا، والله أعلم، ففي تفسير البغوي ما يؤيد الإجتهاد الأخير ففيه (وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" أَيْ سِعَتُهُ مِثْلُ سِعَةِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، فاللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم أن تغفر لنا وترحمنا في الدنيا والآخرة، وأسألك أن تنصرنا والمجاهدين في سبيلك على الروم وجميع أعدائك، فسبحان الله رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وسوم: العدد 1088