شرح وفوائد في الحديث "وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ"

عبد الرحيم بن أسعد

الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، فال الله تعالى "وهذا ذكر مبارك انزلنه افانتم له منكرون"-21الأنبياء50-، ثم عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: "أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ، مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ: رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً، قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ، وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ، وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ، وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ، قَالَ: وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ، قَالَ: وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا، وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ، وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ، وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ «وَذَكَرَ» الْبُخْلَ أَوِ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ" وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو غَسَّانَ فِي حَدِيثِهِ: «وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ» صحيح مسلم، وبعد:- فمعنى "كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ" هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ» صحيح البخاري، ومعنى "تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ" هو في قول الله تعالى "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ"(القمر:17)، أي إن ما قرأته أيها النبي من القرآن المجيد وأنت نائم ويقظان إنما هو كالمسك يطيب روحك لكنه لا ينتزع من روحك أبدا، والدليل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"-البقرة284-، قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ، الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ، وَقَدِ اُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ"، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ، ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي إِثْرِهَا: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ"-البقرة285-، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا"(البقرة:286)" قَالَ: نَعَمْ" ’’رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا‘‘(البقرة:286)" قَالَ: نَعَمْ" ’’رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ‘‘(البقرة:286)" قَالَ: نَعَمْ" ’’وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ‘‘(البقرة:286)" قَالَ: نَعَمْ" صحيح مسلم، (فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ، ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ): كُلَّما قَوِيَتِ الْمُعَرَّفَةُ، صَارَ الذِّكْرُ يَجْرِي عَلَى لِسَانِ الذَّاكِرِ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ فِي مَنَامِهِ: اللَّهُ اللَّهُ ربي و لا أشرك به شيئا، وَلِهَذَا يُلْهَمُ أَهْلُ الْجَنَّةِ التَّسْبِيحَ، كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ، وَتَصِيرُ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" لَهُمْ، كَالْمَاءِ الْبَارِدِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا، والله أعلم، فوائد:- أولا: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي افْتَتَحْتُ سُورَةَ ص حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى السَّجْدَةِ فَسَجَدَتِ الدَّوَاةُ وَالْقَلَمُ وَمَا حَوْلَهُ، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَسَجَدَ فِيهَا» المستدرك على الصحيحين، فالبركة الأولى: تلاوة أبي سعيد الخدري آيات من سورة ص في منامه، والبركة الثالثة: سجود النبي صلى الله عليه وسلم في سجدة ص، ثم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي تَحْتَ شَجَرَةٍ، وَكَأَنَّ الشَّجَرَةَ تَقْرَأُ: ص، فَلَمَّا أَتَتْ عَلَى السَّجْدَةِ سَجَدَتْ، فَقَالَتْ فِي سُجُودَهَا: اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا، وَحُطَّ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَأَحْدِثْ لِي بِهَا شُكْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَ مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ سَجْدَتَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «سَجَدْتَ أَنْتَ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟» فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: «أَنْتَ كُنْتَ أَحَقَّ بِالسُّجُودِ مِنَ الشَّجَرَةِ»، فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ ص حَتَّى أَتَى عَلَى السَّجْدَةِ، فَقَالَ فِي سُجُودِهِ مَا قَالَتِ الشَّجَرَةُ فِي سُجُودِهَا" المعجم الأوسط للطبراني، فالبركة الثانية: سماع أبي سعيد الخدري رضي الله عنه آيات من سورة ص في منامه، والبركة الثالثة: سجود النبي صلى الله عليه وسلم في سجدة ص وتقبل الدعاء، ثم...أَنَّهُ أُخْبِرَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَأَى رُؤْيَا أَنَّهُ يَكْتُبُ ص فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى سَجْدَتِهَا قَالَ: رَأَى الدَّوَاةَ وَالْقَلَمَ، وَكُلَّ شَيْءٍ بِحَضْرَتِهِ، انْقَلَبَ سَاجِدًا، قَالَ: فَقَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَلَمْ يَزَلْ يَسْجُدُ بِهَا بَعْدُ» مسند أحمد، فالبركة الثانية: سماع أو كتابة أبي سعيد الخدري رضي الله عنه آيات من سورة ص في منامه، والبركة الثالثة: سجود النبي صلى الله عليه وسلم في سجدة ص، ثم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَأَيْتُنِي اللَّيْلَةَ وَأَنَا نَائِمٌ كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ، فَسَجَدْتُ، فَسَجَدَتِ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي، فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ، قَالَ الحَسَنُ: قَالَ لِيَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ لِي جَدُّكَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَةً، ثُمَّ سَجَدَ»، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ «يَقُولُ مِثْلَ مَا أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلِ الشَّجَرَةِ» سنن الترمذي، فالبركة الثانية: سماع الصحابي رضي الله عنه آيات من سورة ص في منامه، والبركة الثالثة: سجود النبي صلى الله عليه و سلم في سجدة ص و تقبل الدعاء، ثم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَقْرَأُ سُورَةَ ص، فَلَمَّا أَتَيْتُ عَلَى السَّجْدَةِ سَجَدَ كُلُّ شَيْءٍ رَأَيْتُ، الدَّوَاةُ وَالْقَلَمُ وَاللَّوْحُ، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَأَمَرَ بِالسُّجُودِ فِيهَا" السنن الكبرى للبيهقي، فالبركة الأولى: قراءة أبي سعيد الخدري رضي الله عنه آيات من سورة ص في منامه، والبركة الثالثة: سجود النبي صلى الله عليه وسلم في سجدة ص، الخلاصة: مجموع بركات آيات القرآن المجيد في المنام التي تثبت في الصدر هو ثلاثة: (1) تلاوة أيات تامة من القرآن المجيد، (2) سماع تلاوة أو كتابة آيات تامة من القرآن المجيد، (3) فتح أبواب الخير لسامع تلاوتها أو تاليها في المنام بعمل صالح يظهر بها في الرؤيا أو إغلاق أبواب الشر عن سامع تلاوتها أو تاليها في المنام بصرف سوء يتبين بها في الرؤيا، والله أعلم، وأفضل الخير في سماع وتلاوة سورة الفاتحة في المنام وأعظم الخير في سماع وتلاوة آية الكرسي في المنام، (وقيل من قرأ الفاتحة في منامه أو شيئاً منها أو تليت عليه غلق الله عنه أبواب الشر وفتح له أبواب الخير) كتاب تعطير الأنام في تعبير المنام أو كتاب الإشارات في علم العبارات، ثانيا: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاقُوسِ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ فِي الْجَمْعِ لِلصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى، قَالَ: تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: تَقُولُ: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: «إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ»، قَالَ: فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ، قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي أُرِيَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلِلَّهِ الْحَمْدُ») مسند أحمد، الخلاصة: تكون البركة ثابتة لا تمح من الصدر إذا تكرر سماع وتلاوة آيات تامة من القرآن المجيد في المنام مرتين إن شاء الله للحديث: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ» صحيح البخاري، ثالثا: (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ أَبَا جَهْلٍ أَتَانِي فَبَايَعَنِي»، فَلَمَّا أَسْلَمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ صَدَقَ اللَّهُ رُؤْيَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا كَانَ إِسْلَامُ خَالِدٍ، فَقَالَ: «لَيَكُونَنَّ غَيْرُهُ» حَتَّى أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَكَانَ ذَلِكَ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ) المستدرك على الصحيحين، الخلاصة: يعقب بركة سماع تلاوة آيات من القرآن المجيد في المنام المؤيدة بتلاوة منها أو بحكمة من السنة وبعمل صالح بركتين ثابتتين في اليقظة، والله أعلم، فكأن عكرمة رضي الله عنه كان يشبه أباه أبا جهل لعنه الله، اللهم سلم، ثم اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم أن تغفر لنا وترحمنا في الدنيا والآخرة وأن تجمعنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأن تدخلنا الجنة مع عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وذي قرني الجنة علي والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان والمهديين من بعدهم رضي الله عنهم جميعا، وأسألك أن تنصرنا والمجاهدين في سبيلك على الروم ومواليهم وجميع أعدائك في جميع الملاحم، فسبحان الله رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وسوم: العدد 1090