رحلة العمر

هنادي نصر الله

[email protected]

يُودعُ الفوجُ الأولُ من ضيوفِ الرحمنْ قطاع غزة؛ قاصدين أقدس بقاعِ المعمورة" مكة المكرمة، المدينة المنورة" سبحانَ ربي كيفَ لِمن عاشَ اللحظةَ في السابق آلا يتأثرَ ببدءِ رحلتهم إلى الديار الحجازية، وهم يسعون إلى حجٍ مبرور، وسعيٍ مشكور، وذنبٍ مغفور، وتجارةٍ لا تبور بإذن الله..

ما أجمل رحلة الحج، هي رحلة العمرِ بلا مبالغة، تتمعنُ آياتِ القرآن الكريم التي تتحدثُ عن مناسكه؛ فتستشعر رهبة المكان، وهيبة الزمان، ترتعشْ لا خوفًا، بل سكينةً ووقار؛ مستذكرًا دعاءً يدعوه كل الحجاج وهم يطوفون حول الكعبة" اللهم زد هذا المكان تشريفًا وتعظيمًا ومهابة، وزد من زاره تشريفًا وتعظيمًا ومهابة"..

في الحجِ لا بُدّ وأن تبكي، بكاءَ فرحٍ وشكرٍ لله؛ بأن أكرمك بزيارةِ بيته؛ زيارةٌ تنسى فيها نفسك، أهلك، أحبابك، لكنك لا تنسى أبدًا كم رب العباد كريم، لطيف، رحيم، إذ أكرمك ولطف بك ورحمك؛ فكنتَ ضيفًا من ضيوفه..

لا أملك وقد أصبحت" حاجةً عتيقة" بعد أدائي لفريضة الحج العام الماضي، إلا أن أتضرع لربي في عُلاه، أن يكرم كل المسلمين بنعمة الحج؛ وأن يتقبل حج كل من حجوا من فلسطين وخارجها، وأن يغمرهم بفضله بزيارةِ بيته مراتٍ ومرات..

أستذكرُ كيف كنتُ قبل رحلتي، وكيف أصبحتُ بعدها، أستذكرُ لحظة وداعِ غزة، ثم هبوطنا إلى مطار جدة، ومنه إلى مكة المكرمة، حيث رحلة العمرة، ثم مناسك الحج، ثم زيارة المدينة المنورة، وقبر نبينا الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، والصلاة في المسجد النبوي...

تا الله ما  أسعدنا في يوم عرفة، وما أحلا المبيتَ في مِنا، وما أجمل ذكر الله عند المشعر الحرام، ما أروع السعي والمروة، ما أغلى الطواف، ورمي الجمرات، ما أبهى الكعبة في شموخها، ما أسعد الحجاجِ هناك، بيد أن أمنيةً كانتْ تنقصني وأنا أصلي هناك، فما كانَ مني إلا أن أدعو الله كلما دخلتُ المسجدين الحرام والنبوي" إلهي كما مننتَ عليّ بزيارةِ المسجد الحرام والنبوي؛ فامننّ عليّ وعلى كل الحجاجِ بالصلاة في المسجد الأقصى؛ إلهي أجب دعائي، وحقق آمالي"..

حقًا .. لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، كما أخبرنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي، المسجد الحرام، والمسجد النبوي والمسجد الأقصى..

حجاج بيت الله الحرام؛ قلبي معكم يهفو إلى ركعتين في المسجد الحرام، قلبي معكم ينبضُ بحبِ مكة المكرمة، قلبي معكم يتغنى بماء زمزم التي ترد الروح وتُداوي العليل، قلبي معكم وإن كان جسدي مازال على حاله يسكنُ غزة...