اللهم أعدني للحياة
وقفة تربوية
أبو خلاد
بعد واحد وعشرين يوماً من فقده الوعي، فتح عينيه، وبدأت الحياة تدب في أوصاله، تمكن من أن يحرك رأسه فيرى إخوانه الصالحين يحيطون به، كل منهم يقرأ القرآن.
لقد تحققت الكرامة واستجاب الله لدعائه في السحر: "اللهم أغرقني ثم أعدني للحياة" وما إن شعر بشيء من القوة والوعي حتى رحب بإخوانه، وسلم عليهم بهدوء، ثم نطق بأول شيء بعد الترحيب، فيروي ما رآه من رؤيا صالحة في أثناء فقدانه للوعي.
لقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم: وهو متربع على مبنى مرتفع، وحوله نور، وهو مقبل عليه، باشاً في وجهه، وفي الطابق الأسفل منه رأى نوراً شديداً، في جانبين، وعندما اقترب منه رأى أبا بكر –رضي الله عنه- في ناحية وعمر في الناحية الأخرى، وكلاهما يرفع يديه شابكاً بينهما وهما يقولان له: "أنت معنا.. أنت معنا"! ثم رأى في الطابق الأسفل منه عثمان وعلياً، يقولان له ما قاله الصديق والفاروق: "أنت معنا.. أنت معنا"!
ثم رأى جده في الطابق الأسفل، مقبلاً عليه، ويقول: "كن معهم، واسلك طريقهم".
فرح الجميع بهذه الرؤيا، وأولوها بخير، ثم استمر بالتعافي يوماً.. بعد يوم.. حتى استطاع المشي رويداً رويداً، فذهل الأطباء لمنظره وهو يقوم من الفراش، لقد ظن أكثرهم تفاؤلاً أنه إن يعش، فسوف يعيش مشلولاً فكيف به وهو يمشي أمامهم الآن؟!.
إنها قدرة الله العظيمة، وآياته لعباده المؤمنين ليزداد الذين آمنوا إيماناً.. إنه دعاء السحر، واستجابة الله وسلاح الدعاء الذي لا يفهم مغزاه إلا عاشق الأسحار.. كذلك إنها – رحمة الله ، وتوفيقه، واستجابته التي لا يمنحها إلا لمن يحسن الظن به.
روى الإمام أحمد بإسناد صحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله".