مكانة الحج في الإسلام
ربيع شكير
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وخيرة رب العالمين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فالحج[1] هو قصد البيت الحرام في زمن مخصوص بنية لأداء المناسك من طواف وسعي ووقوف بعرفة وغيرها، والحج من أفضل القربات، وأعظم العبادات، وأجل الطاعات؛ لأنه أحد أركان الإسلام، التي بعث الله بها نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام.
ولكي تكون العبادة صحيحة لا بد لها من شروط ثلاثة:
الأول: صدق العزيمة: فهذا شرط في وجودها، ومعناه ترك التكاسل والتواني وبذل الجهد فيصدق قوله بفعله.
الثاني: إخلاص النية: ومعناها أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى.
الثالث: موافقة الشرع الذي أمر الله به: فلا يعبد الله إلا بوفق ما شرع، وهو دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد سواه، وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
والعبادات تارة تكون باللسان كالذكر والدعاء، وتارة تكون بالقلب كالخوف والرغبة والخشوع، وتارة تكون بالبدن كالصلاة، وتارة تكون بالمال كالزكاة، وتارة تكون بالبدن والمال والقلب واللسان جميعاً؛ كالحج والعمرة والجهاد في سبيل الله...
والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في هذه العبادات كلها واجب لازم، ففـي الحج
يقول صلى الله عليه وسلم:
«خذوا عني مناسككم»،
وقال صلى الله عليه وسلم في شأن
الصلاة: «صلوا كما رأيتمونـي أصلي».
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أهمية الحج فقال: «أيها
الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا؛ فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له».
وللحج مكانة جليلة، وفضائل عظيمة بينتها نصوص الكتاب والسنة، و ممـا يدل على عظم
هذه الفريضة الآتــي:
1- الحج إلى بيت الله الحرام أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ ْبَيْتِ الله الحرام»، وهو فرض بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإجماع المسلمين، قال الله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ »[2].
2-طريق الفـوز بالجنـة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «...والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»[3].
3-الحج إعلان عملي لمبدأ المساواة، التعاون والتعارف بين الناس.
4-الحج فيه امتثال لأوامر الله واستجابة لندائه، وفيه ارتباط بروح ومهبط الوحي.
5-الحج يهدم ما كان قبله من الشرك والكفر وسائر الذنوب والمعاصي.
6-أفضل ضروب الجهـاد: عن عائشة رضي الله عنها فالت: قلت يا رسول الله ترى الجهاد أفضل الأعمال؛ أفلا نجاهد؟ قال: «لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور»[4].
7-الحج تدريب على السلام وعلى المبادئ الإنسانية العليا التي جاء بها الإسلام.
8- أن الحاج يعود من حجه كيوم ولدته أمـه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»[5].
9-الحج مؤتمر المسلمين ودار التوبة للمتطهرين، وراحة يستأنف بها الحجاج حياة جديدة في سبيل تحقيق مرضاة الله وقد صفت أرواحهم وقوي إيمانهم، ومتى صفت الروح وقوي الإيمان صدرت عن الجوارح الآثار الطيبة، والأعمال النافعة للفرد والمجتمع.
نسأل الله أن يوفقنا لاتباع سيد المرسلين وإمام الموحدين؛ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
1- الحاء والجيم أصولٌ أربعة. فالأول
القصد، وكل قَصْدٍ حجٌّ. قال: وأشهَدَُ مِن
عَوْفٍ حُلولا كثيرةً يَحُجُّون سِبّ الزِّبرِقانِ المزَعْفَرا
ثم اختُصَّ بهذا الاسمِ القصدُ إلى البيت الحرام
للنُّسُْك. (مقاييس اللغة)
-سورة آل عمران، الآية: 97.[2]
-البخاري: 2-164.[3]
-مسلم: 4-107.[4]
-البخاري:2-164، مسلم: 3-107.[5]