ألا كَـمْ ؟ جرس التنبيه
ألا * كَـمْ ؟ جرس التنبيه
محمد بركات الأطرش
شيء مهم , وأمر ملح , أن يكون المؤمن كيس فطن في إدراك معادلة الحياة , وسبر أغوارها , وفهم حقيقتها , وهنا معادلة الحياة تعني حسابات الإنسان المتعلقة بمصيره الحقيقي , أرقام الربح والخسارة – كما يفهم أهل التجارة - ؛ لنكون على نور وبصيرة , ونجعل حياتنا كلها محطات نتزود منها , ونستقل قطار الحياة بأمان وحذر قاصدين محطة الآخرة .
من المهم جدا أن يدرك المرء طريقة آمنة , لتحقيق طموحاته , وآماله وأحلامه , دون خسائر فادحة بل ربما تكون قاتلة !!
بينا يعيش الإنسان وسط زحمة الحياة , حاملا آماله البعيدة , وأحلامه العريضة , وطموحاته الكبيرة , آملا في تحقيقها , مستفرغا وسعه في طلبها , أثناء ذلك ووسط صخب الحياة , تظهر معادلة الحياة , في أنه وفي أثناء السير يجد المسلم مشاغل الحياة وملهياتها فيغفل ولا ينتبه لصلاح نفسه وفلاحها , قلّما تجده ينتبه لمصيره الأخرويّ !!
قلّما تجده يضع سلوكياته وأعماله ويزنها بميزان الآخرة !! يغفل بل يتمادى في غفلته , لا يلتفت لطغيان المادة , لا يتورع عن سلوك دروب الهوى , مقاييسه اختلفت , معاملته للناس تغيرت ...
هنا دعونا نقول إن المسلم في أثناء سيره محتاج لعديد الوقفات الصريحة مع نفسه, فيا ترى؟؟
-
ألا كم من الأوقات والأعمار سيقضيها أحدنا سادرا في غيّه , بعيدا عن عقيدته ناسيا حقيقة خلقه وغاية وجوده ؟؟-
ألا كم من الأجراس تقرع لنتذكر حقيقة : أن حياتنا الدنيا – كلّها – من بدايتها إلى نهايتها ستكون موضع سؤال في امتحان الآخرة , ولا مهرب من إجابته !!-
ألا كم من الأجراس نحتاج في حياتنا الهادئة نستيقظ ونرد بحقيقة فحواها :أن الدنيا سريعة الانقضاء , تنقضي فجأة كسحابة صيف ما تلبث أن تنقشع .
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ... ويذهب هذا كله ويزول.
السؤال عن ( كم ) يشكل جرس تنبيه , ومصدر هم وقلق دافع للتحرك والعمل , ويصنع نقطة تحول في مسيرة حياتنا , فنطرح السؤال بعد السؤال على أنفسنا لنحيها من موات , ونبعثها من خمود , ونوقذها من غفلة .
الفطناء هم وحدهم يدركون حقائق الأمور ونهاياتها , ولا يكفون عن طرح الأسئلة , ومن تلك الأسئلة :
-
ألا كم من الوقت تقضيه للتعرف على خالقك ؟ وكم تأخذ هذه القضية من وقتك ؟-
كم من الجلسات تقضيها للتعرف على عيوبك ومعاصيك ؟؟ فتثر فاتورة الحساب وتدفع ثمنها استغفارا وتوبة وحزنا ..-
كم تستشعر رقابة خالقك قبل العمل وفي أثنائه وبعد نهايته ؟ كم تعيش معنى أن الله يراني في كل سكناتي وحركاتي ... وتذكر ذلك عند جلب قوت عيالك ... .-
ألا كم تتحرك وتعمل من أجل دينك؟؟ كم تترك من أجل الله سبحانه وتعالى ؟ كم تساعد الآخرين من أجله ؟ كم تغضب من أجله؟ كم تفرح من أجله ؟؟ ...-
ألا كم خاطبته ودعوته , الساعة , اليوم , الأسبوع ,.. بالثناء عليه , وناديته بلسان حالك ومقالك , يا الله أشهدك .. وأشهد حملة عرشك وملائكتك , وجميع خلقك أني أحبك .. أني أرجو رضاك ... يا إلهي سبحانك خلقتني فلك الحمد والشكر لأني أحبك الآن سأعمل وأتوب وأخلص وأغير حياتي للأحسن .-
ألا كم – اصدق وانتبه – كم اعتذرت له اليوم عن تقصيرك معه ؟؟ آه.. قلها من قلبك وتذكر حبيبك محمدا صلى الله عليه وسلم حين كان يعتذر لربه سبعين مرة متذللا خاشعا .. والسبب ( وإنه ليغان على قلبي ) .-
كم تمرغ جنبك في التراب من أجله ؟؟-
ألا كم تدع لإخوانك المسلمين المضطهدين في شتى بقاع المعمورة ؟ كم تذكر أمهات وزوجات وأبناء الأسرى فتدعُ الله بفكاك أسيرهم وعودته ؟؟-
وعند تمريغ جنبك لخالقك في الأرض .. كم تدع للأقصى الأسير وفلسطين السليبة ؟ كم تدع للعراق .. وأفغانستان ... ؟؟-
ألا كم يلذعك قلبك, وتعاتبك نفسك , ويؤنبك ضميرك , وأنت تقف حائرا ذاهلا , تمس بتصعيرك , وتحترق لقلة حيلتك , وضعف إمكانياتك , عن نصرة إخوانك المسلمين الثائرين هناك في سوريا البطولة والتضحية والفداء , فإذا بك تتألم فتندفع متحركا متحريا وقت نزول الله سبحانه وتعالى في الثلث الأخير من الليل هاتفا سائلا السميع البصير – يا خير الناصرين , يا عزيز يا مقتدر .. انصر عبادك المؤمنين , فإنك تعلم ما حلّ بإخواننا في سوريا وليس لها من دونك كاشفة .. يا الله .أسئلة كثيرة من هذا القبيل تحتاج إلى إجابات واضحة ودقيقة ..
فهل من مجيب؟؟
* ألا : أداة للتنبه تستخدم في اللغة .