حال المسلم بعد الفراغ من العبادة

حسن قاطرجي

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله عز وجل )والذين يُؤتُون ما آتَوْا وقلوبُهم وَجِلة( قولُه عليه الصلاة والسلام: "هم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون أن لا تُقبل منهم". وهو حديث حسن أو صحيح، رواه الإمام الترمذي في السنن (برقم 3175) في أبواب التفسير، وابن ماجه (برقم 4198) في الزهد، والحاكم في «المستدرك» 2: 393، عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: )والذين يُؤتُون ما آتَوْا وقلوبُهم وَجِلة(، قالت: أهم الذين يشربون الخمر ويَسْرقون؟ قال: "لا، يا بنتَ الصدِّيق، ولكنهم الذين يصومون ويُصلّون ويتصدقون ويخافون أن لا تُقبل منهم...".

ورواه الإمام أحمد في المسند (25263 و25705) ولكنه بلفظ: «ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل» كما في الموضع الأول من الموضعَيْن المشار إليهما من المسند، وفي الموضع الثاني بلفظ: «وهو يخاف أن لا يُقبل منه».

والحديث صححه الحاكم النَّيْسابوري ووافقه الذهبي، وهو وإن كان يوجد في سنده انقطاع بين الراوي عن السيدة عائشة (عبد الرحمن بن سعيد بن وهب) وبينها رضي الله عنها، إلا أن العلاّمة الإمام ابن جرير الطبري وصله في تفسيره عن أبي هريرة (18: 26)، وأورد الترمذي سندَ هذه الطريق بعد سياقه للحديث بالسند الأول، وبالتالي ينجبر الانقطاع لذا قال المحدّث الشيخ عبد الله التَّليدي من كبار علماء عصرنا في تهذيبه لسنن الترمذي (3: 271): فالحديث لذلك حسن أو صحيح.

الفائدة الأساسية من الحديث

أن لا يكون المسلم بعد فراغه من العبادة أو لما أعطاه الله عز وجل من المواهب أو ما حققه من نجاحات وإنجازات مُعجَباً بعمله، بل عليه أن يستشعر عظمة الله فيخاف من عدم القَبول، ورحم الله من قال: آفة العلم والمواهب العُجب. وما أروع موقف سيدِنا أبي بكر الصديق في رسالته إلى الصحابي خالد بن الوليد بعد نجاحاته الباهرة في الفتوحات في العراق إذ كتب له رضي الله عنه ناصحاً: "إيّاك أن يَدْخُلنَّك عُجْبٌ فتخسَرَ وتُخْذَل، ولا تُدِلّ بعمل...". ـ تُدل من الإدلال وهو المنّ بالإنجاز ونسبته إلى النفس ـ فنسأل الله أن يتقبّل منا وأن يحفظنا من العُجْب، وأن لا يَرُدّ أعمالنا فنَخْسَر ونُخْذل نعوذ به سبحانه من ذلك.