قصص أخلاقية من حياة رسول الله
عليه أفضل الصلاة والسلام
السيد هادي المدرسي
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "أنا أديب الله، أمرني بالسخاء والبر ونهاني عن البخل والجفاء، وما شيء أبغض إلى الله عز وجل من البخل وسوء الخُلق... وأنه ليُفسد العمل كما يُفسد الطين العسل".
ولقد كانت الأخلاق الكريمة مجسدة في أعماله ومواقفه وعلاقاته؛ فإذا بكل خطوة يخطوها تُعبر عن مفردة من مفردات الخُلق الرفيع، مما يجعله الشاهد على من عاصره ومن يأتي بعده يوم القيامة، ألم يقل عنه ربنا في محكم آياته:
(((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً))
وإليكم بعض الشيء عن أخلاق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورة مواقف له هنا وهناك:
ـ التعاون مع الصديق:
يقول حُذيفة بن اليمان: ذهبت مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى بئرٍ وأردنا أن نغتسل، ولكن لم يكن عندنا ساتر، فأخذت له الثوب فسترته حتى اغتسل، وحينما أكمل أخذ لي الثوب فأبيت وقلت: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنت رسول الله". ولكنه أبى إلا أن يفعل، ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ما اصطحب اثنان قط إلا وكان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه".
ـ حُسن العهد:
رُوي أن عجوزاً دخلت على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فألطفها، فلما خرجت سألته عائشة عنها فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إنها كانت تأتينا في زمن خديجة، وإن حُسن العهد من الإيمان".
ـ الوفاء بالوعد:
عن أبي الحمساء قال: "بايعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل أن يُبعث، فواعدنيه مكاناً فنسيته يومي والغد فأتيته اليوم الثالث، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "يا فتى لقد شققت عليَّ أنا ها هنا منذ ثلاثة أيام".
وعن أبي عبد الله قال: "إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعد رجلاً إلى صخرة، فقال: "أنا لك ها هنا حتى تأتي." فاشتدت الشمس عليه، فقال له أصحابه: "يا رسول الله لو أنك تحوّلت إلى الظل!؟" فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "وعدته إلى ها هنا، وإن لم يجئ كان منه المحشر".
ـ الحياء:
عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد حياء من العذراء في خِدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه".
وقال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيياً لا يُسأل شيئاً إلا أعطاه".
ـ لا يُخجل أحداً ولا يُعاتب:
عن أنس بن مالك قال: كانت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شِربة يفطر عليها وشِربة للسحر وربما كانت واحدة... فهيئتها له ذات ليلة فاحتبس ـ تأخر ـ النبي فظننت أن بعض أصحابه دعاه، فشربتها، فجاء بعد العشاء بساعة فسألت بعض من كان معه هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد؟ فقال: لا! فبتُ بليلة لا يعلمها إلا الله من غمٍ أن يطلبها مني النبي ولا يجدها فيبيت جائعاً، فأصبح صائماً وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة".
وعن أنس أيضاً قال: خدمت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشر سنين فوالله ما قال لي"أُفٍ" قط، ولا قال لي لشيء: لِمَ فعلتَ كذا؟ و"هلا فعلتَ كذا؟"
ـ الاحترام المتبادل في حدودها المعقولة:
دخل رجل المسجد والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جالس وحده فتزحزح له، فقال الرجل: في المكان سعة يا رسول الله! فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له".
ورُوي عن أبي عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا دخل منزلاً قعد في أدنى المجلس حين يدخل".
ـ التواضع:
كان رسول الله ـ صلى الله وسلم ـ يتواضع مع الجميع ويقول: "إن الله تعالى أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد".
ولقد أتاه جبرائيل ـ رضي الله عنه ـ بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرات، يُخيره من غير أن ينقصه الله تبارك وتعالى مما أُعد له يوم القيامة شيئاً فيختار التواضع لربه جل وعز.
وعن يحيى بن كثير أن رسول الله ـ صلى الله وسلم ـ : "آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد".
ـ إيثار بالمال والنفس والأهلين:
من كتاب لأمير المؤمنين ـ رضي الله عنه ـ إلى معاوية: "كان رسول الله ـ صلى الله وسلم ـ إذا أحمرت البأس وأحجم الناس قدم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة، فقُتل عُبيدة بن الحارث يوم بدر وقُتل حمزة يوم أحد وقُتل جعفر يوم مؤتة"...
ـ الغضب لله تعالى:
روي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يغضب لربه ولا يغضب لنفسه، وجاء في وصفه "ما انتصر نفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله فيكون حينئذٍ غضبه لله تبارك وتعالى".
ـ الصبر وتحمل الأذى:
يقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ما أوذي أحد مثل ما أوذيت في الله".
وعن إسماعيل بن عياش قال: "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصبر الناس على أوزار الناس".
ـ السخاء والكرم:
قال أمير المؤمنين ـ رضي الله عنه ـ: "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس كفاً وأكرمهم عِشرة، من خالطه فعرفه أحبّه".
وعن أبي عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: "إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئاً إلا أعطاه، فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت: "انطلق إليه فاسأله فإن قال لك: "ليس عندنا شيء"، فقل: "أعطني قميصك". ففعل ابنها ما طلبت منه ولم يكن عند رسول الله شيء فأخذ قميصه فرمى به إليه".
ـ الانتصار للمستضعفين:
كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحب المستضعفين ويدعو لهم ويجلس معهم ويُساوي بينهم وغيرهم... وقد روي أنه لما قسَّمـ صلى الله عليه وسلم ـ غنائم بدر، قال سعد بن أبي وقاص: "يا رسول الله، أتُعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تُعطي الضعيف؟ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ثكلتك أمك، وهل تُنصرون إلا بضعفائكم؟"
ـ الظرافة المحدودة:
لم يكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجّاً، كما لم يكن غليظ القلب، فلقد كان يمزح مع أصحابه فلا يقول إلا الحق. كما كانوا يمزحون معه فلا يقولون ما يُغضب الله. فمرة قال له رجل: أحملني يا رسول الله. فقال: "إن حاملوك على ولد ناقة". فقال: ما أصنع بولد ناقة؟ فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ "وهل يلد الإبل إلا النواق".
واستدبر ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلاً من ورائه وأخذ بعضده وقال: "من يشتري هذا العبد؟" يقصد أنه عبد الله.
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لشخص "لا تنسى يا ذا الأذنين".
وعن زيد بن أسلم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأمرأة ذكرت زوجها: "أهذا الذي في عينيه بياض؟" فقالت: "لا ما بعينيه بياض".
وحكت لزوجها ذالك فقال: أما ترين بياض عيني أكثر من سوادهما.
وعن ابن عباس: أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كسا بعض نسائه ثوباً واسعاً فقال لها: "ألبسيه واحمدي الله تعالى وجري منه ذيلاً كذيل العروس".
من كتاب: قصص أخلاقية من حياة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.