في حب الله (10)

عبد المعز الحصري

عبد المعز الحصري

[email protected]

كيفية تربية أبنائنا على الاعتدال في الحب (1)

المقدمة  :  الاعتدال في الامور كلها هو المطلوب شرعا فان " المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى  " ونحن معاشر المسلمين امة وسطا وكان سيدي الوالد  رحمه الله  يضرب مثلا لتوضيح ذلك – أمة وسطا -  في دروسه بأن الجوهرة الثمينة تكون في وسط العقد من الجواهر

قلت كذلك في وسط ومقدمة التاج تكون اكبر وأثمن الجواهر

  فأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خير الامم ،  بأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وايمانها بالله    قال الله تعالى "  كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ "  110 - (آل عمران)‏

اذا صدمنا الواقع المرير بهفوة أو ذلة  من الاخوان  نطلق عليهم  حمما من سعير صدورنا وكأنّ الاخوة التي جعلها الله بين المسلمين ننسفها من قاعها فنجعلها قاعا صفصفا  ،  وهذا عين الفشل في التربية فتتمزق الاسرة الواحدة اربا اربا ويطيش العقل وتنسلخ الاخلاق  الاسلامية  عن حاملها سلخ الشاة المذبوحة ويموت الضمير ويصبح القلب منكوسا لايرعى العرف والقيم والمبادىء وكأنّ الاخ انقلب الى عدو مبين يريد أن يشرب من دم أخيه ، والاولاد صغارا وكبارا تنطبع في انفسهم هذه التصرفات الطائشة وقد تنقلب المفاهيم والثوابت لديهم  ومثال ذلك كالاسد الجائع  الهائج والمتعطش للدماء حين يرى سيفا عليه دماء متجمدة منظرها يوحي اليه أنها كبدة أوطحال فياخذ بلعق الدماء ويجرح لسانه والدماء تسيل من لسانه وهو لايدري فيقتل نفسه بهيجانه وشهوته الجامحة  ( وهذا المثل سمعته من سيدي الوالد الشيخ احمد الحصري رحمه الله  في احد دروسه في الجامع الكبير – معرة النعمان - )

الحب في الله نمارسه أعمالا أمام أولادنا لا أقوالا ويكون

بالقدوة الحسنة ومعالجة الامور حسب مقتضيات الشرع لاحسب الهوى والعادات والنفس الامارة بالسوء

تعليم أولادنا المدح المعتدل والحب باعتدال  والذي دعى الى الشرع الحنيف وعدم الذم القادح والخوض في الغيبة والنميمة   قال صلى الله عليه وسلم " أحبب حبيبك هونا ما  ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما " . ( رواه الترمذي  والطبراني والبيهقي )

1-  اظهار البشاشة والحفاوة للاحباب من الاصدقاء والارحام  وزيارتهم و اكرامهم

2-  بناء علاقات محبة شعارها - أو  تندرج تحت  - قوله تعالى " ...وتواصوابالحق  وتواصوا بالصبر "  أساسها التقوى وهدفها رضا الله واسوارها الصدق والاحترام تبدأمن المسجد وتنتهي اليه

3-  اعطاء كل ذي حق حقه فلا يطغى الحب على الواجبات وحضور الجماعات وخدمة الدين  وهذا يقتضي  عدم التقصير في أداء الحقوق والواجبات – كالافراح والاتراح -  مهما تكن الظروف كسفر أو مرض وارسال من ينوب عنا لأن البعد جفى أوحجاب 

4-  نضع للزيارات بين أولادنا وأصدقائهم مقياس الشرع فان شطوا عنه نعالج ذلك بماهو مناسب كالرحلات ضمن الأسرة الواحدة والانقطاع لفترة قصيرة

5-  نعطيهم درسا عمليا في وزن الحب في الله بميزان دقيق ألا وهو رضا الله تعالى فان كانت العلاقة ترضي الله وتزيد من عمل الخير في ميزان حسناتك فهي لله وان كانت لا فهي لغير الله

6-  نشرح لاولادنا معنى الحب في الله وأنه من أعظم القربات وأن " المرء مع من أحب " الحديث 

                

( 1)  ملاحظه : تمارس بنود هذه المقالة  اعمالا لا أقوالا وذلك بصحبة أولادنا ومناقشتهم والاستماع الى آرائهم وتصحيحها.